التقدم والاشتراكية: الحكومة تدافع عن اختلالاتها بالاستعلاء والتهجم وبرفض الخضوع إلى المراقبة    أتشيربي.. لاعب عاد من الموت مرتين ليقهر برشلونة    الدرجة الثانية: الموسم يقترب من الاختتام والصراع متواصل في مقدمة الترتيب وأسفله    بركة: إحداث 52 ألف فرصة شغل بقطاع البناء والأشغال العمومية    مطار البيضاء يطلق إنجاز محطة جديدة    قتلى وجرحى في قصف متبادل بين الهند وباكستان    500 مليون دولار خسائر مطار صنعاء    باكستان: 26 قتيلا في هجمات هندية    الكرادلة يبدأون عصر الأربعاء أعمال المجمع المغلق لانتخاب بابا جديد    الذكرى الثانية والعشرون لميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن .. مناسبة لتجديد آصرة التلاحم المكين بين العرش والشعب    دكاترة الصحة يذكرون بمطالب عالقة    قمة دوري الأبطال تستنفر أمن باريس    لامين يامال يقدم وعدًا إلى جماهير برشلونة بعد الإقصاء من دوري أبطال أوروبا    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    تصاعد التوتر بين باكستان والهند يدفع إسلام أباد لدعوة لجنة الأمن القومي لاجتماع طارئ    بورصة الدار البيضاء.. أداء إيجابي في تداولات الافتتاح    صيحة قوية للفاعل الجمعوي افرير عبد العزيز عن وضعية ملاعب القرب بحي العامرية بعين الشق لالدارالبيضاء    بايدن يتهم ترامب باسترضاء روسيا    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    المغرب يدخل خانة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة وفقا لمعايير برنامج الأمم المتحدة للتنمية    دورة تكوينية حول التمكين الاقتصادي للشباب وريادة الأعمال والثقافة المقاولاتية    انتر ميلان يتغلب على برشلونة ويمر إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    القوات المسلحة الملكية: ندوة بالرباط تسلط الضوء على المساهمة الاستراتيجية للمغرب خلال الحرب العالمية الثانية    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    كيوسك الأربعاء | لفتيت يكشف الإجراءات الأمنية للتصدي للسياقة الاستعراضية    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    غوتيريش: "العالم لا يمكنه تحمّل مواجهة عسكرية بين الهند وباكستان"    الرؤية الملكية لقضية الصحراء المغربية من إدارة الأزمة إلى هندسة التغيير والتنمية    من النزاع إلى التسوية.. جماعة الجديدة تعتمد خيار المصالحة لتسوية غرامات شركة النظافة التي تتجاوز 300 مليون سنتيم    وهبي: نقابات تكذب... وقررت التوقف عن استقبال إحدى النقابات    مستشفى ورزازات يفتح باب الحوار    عاملات الفواكه الحمراء المغربيات يؤسسن أول نقابة في هويلفا    وفد مغربي سعودي يستقبل وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في مطار الدار البيضاء    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تفتتح بباكو المعرض الرقمي "الزربية الرباطية، نسيج من الفنون"    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    نيروبي: افتتاح أشغال مؤتمر دولي لليونيسكو حول التراث الثقافي بإفريقيا بمشاركة المغرب    موسم طانطان ينطلق في 14 ماي.. احتفاء بتقاليد الرحل وبالثقافة الحسانية    "قفطان المغرب" يكرم التراث الصحراوي    وزير إسرائيلي: "غزة ستدمر بالكامل"    ارتفاع أسعار الذهب إلى أعلى مستوى    افتتاح فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة    الفريق الاستقلالي يطالب بإحالة محمد أوزين على لجنة الأخلاقيات    منطقة الغرب.. توقع إنتاج 691 ألف طن من الزراعات السكرية    استراتيجية حكومية لضمان تكاثر القطيع الحيواني تغني عن اللجوء للاستيراد    زوربا اليوناني    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القدرة الإيرانية والعجز الأمريكي
نشر في المساء يوم 06 - 10 - 2008

بينما تنشغل الأوساط العربية بتصريحات الشيخ يوسف القرضاوي حول التشيع، تواصل إيران تطوير قدراتها العسكرية والنووية منها على وجه الخصوص، وترسخ مكانتها كقوة إقليمية عظمى مهابة الجانب.
بالأمس كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية المرموقة عن رفض الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن طلبا لإيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي للسماح لحكومته بتوجيه ضربات جوية للمنشآت النووية الإيرانية خوفا من فشلها أولا، وردود الفعل الانتقامية الإيرانية ضد القوات والمصالح الأمريكية في العراق والمنطقة العربية، بل وداخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، الإدارة الأمريكية ترتعد خوفا من النظام الإيراني، وتحسب له كل حساب، ولهذا اضطرت مكرهة إلى لجم حليفها الإسرائيلي، ومنع أي مغامرة عسكرية له يمكن أن توقعها في حرب استنزاف جديدة لا قدرة لها على تحمل كلفتها البشرية والاقتصادية.
فأمريكا تخوض حاليا حربين خاسرتين في العراق وأفغانستان، وتواجه أزمة مالية طاحنة تهدد النظام الرأسمالي الذي تتزعمه برمته، وتبطل نظرية اقتصاد السوق فخر هذا النظام وأساس وجوده وانتصاره على منافسه الاشتراكي.
إيران خاضت حربا طاحنة ضد النظام العراقي السابق استمرت ثماني سنوات، خسرت فيها مئات البلايين من الدولارات وأكثر من مليون قتيل، ومع ذلك لم يرفع قادتها الراية البيضاء، ويقولون إن 99 من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية، ويذهبون بعدها زاحفين إلى واشنطن أو بغداد طالبين السلام بأي ثمن مثلما فعل القادة العرب، والرئيس المصري أنور السادات بتشجيع من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية.
أحمدي نجاد رئيس إيران يذهب إلى نيويورك، ويعتلي منصة الأمم المتحدة، ويهاجم الولايات المتحدة في عقر دارها، ويتنبأ بزوال قوتها، وانتهاء هيمنتها على مقدرات العالم بأسره، وينتقد جرائمها ومجازرها ودعمها للعدوان الإسرائيلي على الأمتين العربية والإسلامية، والأكثر من ذلك لم يتردد لحظة واحدة في الحديث عن «المجازر الإسرائيلية المستمرة في الأراضي المحتلة، وقيام الكيان الإسرائيلي على الكذب والخديعة والإجرام، وأن هذا الكيان يسير بسرعة نحو نهايته ولا توجد طريقة لإيقاف هذه النهاية».
الرئيس الإيراني ما كان يمكن أن يمتلك هذه الجرأة لولا أنه يستند إلى قدرة عسكرية فائقة، وعقول سياسية جبارة استطاعت أن توظف كل الأخطاء الكارثية الأمريكية والعربية في فلسطين والعراق وأفغانستان لمصلحة بلادها، بحيث تخرج هي المستفيدة الأكبر دون أن تطلق طلقة واحدة أو تخسر دولارا واحدا.
الزعماء العرب يتقاطرون سنويا لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن أيا منهم لا يستطيع أن يوجه كلمة نقد واحدة إلى أمريكا، وإدارتها الفاشلة، أو الحديث عن المجازر الإسرائيلية في حق العرب والمسلمين، بل على العكس من ذلك يهرولون للقاء المسؤولين الإسرائيليين ومصافحتهم للتأكيد على حسن نواياهم تجاه الدولة العبرية.
صحيفة «الغارديان» البريطانية قالت إن الرئيس بوش رفض السماح لإسرائيل بضرب إيران، ورفض إعطاءها الإذن بالطيران فوق الأراضي العراقية حيث تسيطر حكومته على المسارات الجوية، ليس حرصاً على سيادة العراق، وإنما خوفاً من الانتقام الإيراني من قوات بلاده المرابطة على أرضه التي يزيد تعدادها عن 150 ألف جندي، وتحريك الخلايا الإيرانية النائمة في منطقة الخليج وداخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
القوة هي التي تتكلم هنا، وتغير كل المعادلات السياسية، وليس المسكنة، والتذلل، واستجداء السلام، مثلما تفعل 22 دولة عربية حالياً في تعاطيها مع الولايات المتحدة وإسرائيل والقوى العالمية الأخرى. فلا مكان للضعيف في السياسة الدولية، والقوى العظمى تنطلق من مصالحها في تحديد علاقاتها، وطرق تعاملها مع الآخر، أي أنها ليست مؤسسات خيرية.
العرب امتلكوا كل أسباب القوة، ولكنهم تعمدوا إهدارها بتلذذ غير مسبوق، عندما تآمروا جميعاً على العراق، وتواطؤوا مع الولايات المتحدة في حصاره وتدمير أسلحته الكيماوية والبيولوجية، وبرامجه النووية ثم احتلاله بعد ذلك، دون أي مقابل، والآن يرتعشون خوفاً من القوة العسكرية الإيرانية المتنامية، واختلال موازين القوى الاستراتيجية في المنطقة لمصلحة طهران.
الشيء المؤكد أن هذه الأنظمة العربية تشعر بالحسرة والغضب من الرفض الأمريكي للضربات العسكرية الإسرائيلية لإيران وبرامجها النووية، لأنها بدأت لتوها تتقرب إلى إسرائيل وتفتح قنوات معها، وتمد لها يد السلام من خلال مبادرة عربية، على أمل أن تخلصها من البعبع النووي الإيراني، مثلما خلصتها الولايات المتحدة من البعبع العراقي.
تريليون (ألف مليار دولار) تدخل الخزائن العربية سنويا كعوائد نفطية، ومع ذلك لا يملك العرب مصانع تنتج دبابة أو صاروخا، وعندما تنتج عبقرية الجوع والحرمان في قطاع غزة المحاصر صواريخ بدائية تصل إلى أطراف العمق الإسرائيلي، ينتفض العرب غضباً، ويتآمرون مع إسرائيل والولايات المتحدة لإجهاض روح المقاومة هذه، وعزل الذين يقفون خلفها.
نحن لسنا مع الحروب، وندين كل أنواع الإرهاب، ولكن من حقنا أن نسأل عن الإنجازات التي حققها الخيار السلمي العربي منذ تبنيه قبل 34 عاماً، وبالتحديد بعد حرب أكتوبر (رمضان) التي نقترب من الاحتفال بذكراها الرابعة والثلاثين، فهل استعادوا الأرض المحتلة، والمقدسات العربية والإسلامية فيها، وأقاموا الدولة الفلسطينية العتيدة والمستقلة، وطوروا أنظمة تعليمية وصحية نموذجية، وقضوا على البطالة والأمية؟
إيران تستثمر في صناعة عسكرية قوية، وتقيم علاقات قائمة على المصالح مع القوى العظمى الناشئة في الصين والهند وروسيا، وتعزز نفوذها السياسي والإيديولوجي في دول الجوار والعالم الإسلامي. فماذا تفعل قياداتنا في المقابل، تستثمر في المشاريع التجارية، وبناء «مدن الملح» وشراء الأسهم الغربية، وخسارة مئات المليارات من الدولارات في الأزمة الحالية التي تعصف بالاقتصاد الأمريكي.
نحن لا نكتب هذا الكلام إعجابا بالتجربة الإيرانية، وإنما حسرة على حالة الانهيار العربي ووصولها إلى درجات من الحضيض لم تخطر ببالنا على الإطلاق. وبقي علينا أن نؤكد أننا لسنا من المتشيعين، وإن كنا نجل آل البيت مثل كل نظرائنا.
نحن مع خلق توازن استراتيجي عسكري عربي راسخ مع إيران، وبما يؤدي إلى تحصين المنطقة العربية في مواجهة أي تهديد إيراني، ولكننا لسنا مع استغلال بعض حوادث التشيع الصغيرة من أجل تأجيج العداء ضد إيران والأشقاء الشيعة، وبما يخدم المصلحتين الإسرائيلية والأمريكية، مثلما نشاهد حالياً من خلال الحملات الإعلامية المكثفة التي تجتاح المنطقة بشكل مدروس هذه الأيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.