قال إدريس بنعلي، الباحث والمحلل الاقتصادي، إنه رغم تفشي الريع في الأوساط الاقتصادية في المغرب، فإنه لا يعتبر «بلدا ريعيا»، كما هو الحال مع بعض الدول، التي تتوفر على مجموعة من الموارد الطبيعية، والتي تستغل عائداتها من أجل «شراء» السِّلم الاجتماعي. وأضاف بنعلي، الذي كان يتحدث في ندوة من تنظيم «الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان»، تحت عنوان «اقتصاد الريع وحقوق الإنسان»، أن «ثقافة الريع، التي كانت منتشرة في الدول العربية، كانت من بين الأسباب الرئيسية في قيام الثورات في هذه الدول»، مستشهدا بحالة تونس، التي كانت تشهد أقوى مظاهر الريع، رغم تقدمها الاقتصادي، وأيضا بمصر، التي كان فيها نجلا الرئيس مبارك يسيطران على مقاليد الاقتصاد. وأكد بنعلي أن ثقافة الريع كانت جزءا من أساليب التحكم لدى «المخزن» قديما، مستشهدا بالأراضي التي كانت تحصل عليها قبائل «الكيش» مقابل القتال إلى جانب قوات «المخزن»، وهو النظام الاقتصادي الذي تكرس أكثر بعد حصول المغرب على الاستقلال، من خلال ترسيخ الامتيازات الممنوحة لبعض الأشخاص، مقابل ضمان ولائهم للدولة. وقد استفادت من هذا النظام بالدرجة الأولى -حسب بنعلي- الأحزاب السياسية، إذ إن «بعض الأحزاب الإدارية التي أحدثتها الدولة كانت تسيطر بالكامل على مجموعة من المؤسسات والمقاولات التابعة للدولة، مقابل ضمان ولائها ل»المخزن»، قبل أن يدخل جنرالات الجيش على الخط، عقب المحاولتين الانقلابيتين اللتين استهدفتا الملك الحسن الثاني، والذي حاول إلهاءهم بجمع الثروات مقابل التخلي عن شؤون السياسة».. وأوضح بنعلي أنه رغم تدخل صندوق الدولي لفرض تغيير قواعد الاقتصاد القائمة على مبادئ الريع، فإن «السلطة وجدت حلولا أخرى للحفاظ على نفس البنية الاقتصادية، من خلال التوجه نحو سياسة الخوصصة، التي مكّنت من تفويت قطاعات مهمة لأشخاص مقربين من دوائر القرار، وأيضا تسخير البورصة لإغناء البعض بطريقة سريعة وغير مشروعة». وختم بنعلي تدخله بالتأكيد على أن المغرب دخل في مجموعة من الإصلاحات لنظامه الاقتصادي، التي «وإن جاءت بشكل متأخر واستغرقت وقتا أكثر مما كان متوقعا لها، فإنها جعلته في خضم سوق عالمية لا ترحم الضعفاء، وهو ما يفرض عليه تبنّي حكامة اقتصادية جيدة ومحاربة اقتصاد الريع، من أجل تحسين موقعه التنافسي في الأسواق العالمية».