"المسطرة الجنائية" تصدر بالجريدة الرسمية .. وتدخل حيز التنفيذ بعد 3 أشهر    الخراطي يواصل قيادة جامعة المستهلك    الرجاء يستهل البطولة بالفوز على الفتح    مدرب جزر القمر: مواجهة المغرب في افتتاح الكان شرف كبير لنا    كأس ديفيز.. المغرب يتقدم على جنوب إفريقيا بنتيجة(2-0)    "باراماونت" تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة مؤسسات سينمائية إسرائيلية    بنهاشم: الوداد سيواجه اتحاد يعقوب المنصور دون تغييرات كبيرة    ابن الحسيمة الباحث عبد الجليل حمدي ينال شهادة الدكتوراه في الكيمياء العضوية    بسبب أشغال مشروع القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش.. السكك الحديدية تعلن تعديلات جديدة على شبكة رحلات قطاراتها    بنكيران: اشعر بخطر قصف اسرائيل لمقر حزبنا.. وعدم حماية الأنظمة العربية لمواطنيها يعني نهاية "البيعة"    مجلس حقوق الإنسان.. منظمات غير حكومية تحذر من استمرار العبودية في مخيمات تندوف    قمة عربية وإسلامية في الدوحة.. حزم مع فلسطين وصرامة حيال إسرائيل    اعتقال شابة متورطة في شبكة إجرامية لسرقة وتحويل الأموال رقميا    شفشاون.. البحرية المغربية تنتشل جثة شخص قبالة شاطئ الجبهة    المغرب يستقبل 723 حافلة صينية استعدادًا لكأس أمم إفريقيا    توقعات بارتفاع انتاج الزيتون وانخفاض أسعار الزيت    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    رئيس مجلس النواب يجري بهلسنكي مباحثات مع مسؤولين فنلنديين    كولومبيا: جمعية الصحافة والإعلام توشح سفيرة المغرب بأرفع أوسمتها    الجامعة المغربية لحقوق المستهلك مستاءة من الاختلالات في العلاقة التعاقدية بين الأبناك والمستهلكين    بطولة العالم: سفيان البقالي وصلاح الدين بنيزيد إلى نهائي 3000 متر موانع    كأس إفريقيا للأمم 'المغرب 2025': الكاف ولجنة التنظيم المحلية يحددان موعد انطلاق بيع تذاكر المباريات    الخطاب الناري في العلن... والانبطاح في الكواليس: الوجه الحقيقي للنظام الجزائري    بنكيران يُقر بامتلاكه ضيعة فلاحية بالعرجات وينفي إخفاءه أغنام الإحصاء            العثماني: تصريحات أخنوش تضمنت "معلومات خاطئة"        "العدالة والتنمية" يتهم رئاسة مجلس جماعة سلا بالتحايل في ملف "التعاونية القرائية"    أمريكا تؤكد مطابقة المصايد المغربية لمقتضيات القانون الأمريكي الخاص بحماية الثدييات البحرية (MMPA)    نادين أيوب أول فلسطينية تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون: لنا أيضا أحلامنا    زلزال بقوة 7,4 درجات يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    الفوضى وسوء التنظيم يطغيان على العرض ما قبل الأول لفيلم "كازا كيرا"    أمن طنجة يحجز 260 قطعة من الشهب الاصطناعية قبل مباراة اتحاد طنجة وحسنية أكادير    منظمات حقوقية تفضح بجنيف استمرار عبودية الصحراويين في مخيمات تندوف    إسرائيل تقدر عدد النازحين من مدينة غزة    وفد صحفي إيطالي يستكشف مؤهلات الداخلة... الوجهة الصاعدة للاستثمار والتعاون الدولي    10 أشهر حبسا لمهاجر مغربي نشر صور أمنيين على مواقع التواصل    سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    ميداوي: "تعديلات الماستر" تتيح اختيار طريقة الانتقاء وزيادة المسجّلين    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    حجز 260 وحدة من الشهب الاصطناعية المحظورة    كيوسك السبت | إحداث لجنة مشتركة لتتبع توفير الكتاب المدرسي في نقاط البيع    كولومبيا.. جمعية الصحافة والإعلام توشح سفيرة المغرب بأرفع أوسمتها            أولمبيك مارسيليا يعير حاريث لباشاك شهير التركي        إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق    دراسة: التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري        بوفال يضع حدا لشائعة وفاة والدته: "كفاكم كذبا واحترموا حياتنا الخاصة"    فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاوي.. حارس مرمى موهوب فضل فريقه المراكشي على أندية عالمية
لعب مباريات حاملا إصابات خطيرة وتألق في العديد من الدوريات على الصعيد الدولي
نشر في المساء يوم 05 - 08 - 2012

رجال صدقوا ما عاهدوا الله والشعب عليه، منهم من لقي ربه ومنهم من ينتظر. أسماء دوى صداها في أرجاء المدينة الحمراء وخارجها وشمخوا شموخ صومعة «الكتبية» أو أكثر،

وبصموا بأناملهم وكتبهم تاريخا ظل عصيا على المحو. لكن فئة قليلة من الجيل الحالي من تعرفهم أو تعرف إنجازاتهم. غير أن الذين عاصروهم أو الذين تتلمذوا على أيديهم يعتبرون أن هذا الرعيل صنع ما لم يصنعه أحد ممن سبقوهم كل في تخصصه. «المساء» نبشت في ذكرياتهم في مراكش وخارجها، وجالست من بقي منهم على قيد الحياة، واستمعت إلى تلامذتهم، الذين لا زالوا يعيشون جمالية تلك اللحظات التي لازالت منقوشة في أذهانهم وقلوبهم.
ما زال المراكشيون إلى حد الآن يتذكرون أحمد بلقرشي المشهور ب«الشاوي»، حارس مرمى فريق الكوكب المراكشي والمنتخب الوطني في السبعينيات، إذ كلما أمتعهم حارس مرمى بارتماءة جميلة أو قفزة محكمة أو شاهدوا لقطة من اللقطات البارعة للحراس رددوا عبارة: «فين أيامك آلشاوي». سجل الشاوي حضوره كظاهرة وموهبة في حراسة مرمى كرة القدم منذ طفولته بالمدرسة الابتدائية «القنارية»، وبحي «درب ضباشي»، لدرجة أنه كان يلعب أكثر من مباراة في اليوم الواحد مع فرق متعددة أحيانا تكبره سنا، مما جعله حديث عشاق كرة القدم المراكشية. إلا أن ذلك أثر بالمقابل على مساره الدراسي، حيث كان يتغيب باستمرار عن حصصه الدراسية كلما دعي إلى مباراة، فكان يدع محفظته لدى بقال الحي ويذهب لممارسة هوايته المفضلة. وفي سنة1960 ترك بلقرشي الدراسة وهو في قسم «الملاحظة» المؤهل للإعدادي، وقرر التفرغ للكرة المستديرة.
إن لم تأت بالقلم ستأتي بالقدم
يتذكر الشاوي بهذا الخصوص أن أستاذه الشرايبي نصحه بإكمال دراسته، والموازنة بين العلم والرياضة، لكونه كان يتمتع بذكاء وتركيز شديدين في الدراسة، كما كانت له أيضا موهبة خارقة في حراسة المرمى. إلا أن الشاوي رد عليه قائلا: «إن لم تأت بالقلم ستأتي بالقدم». كان الشاوي يذكر أستاذه بعد ذلك بهذه المقولة عندما كان يلتقيه في أحد الأبناك، الذي كان الأستاذ أحد زبائنه، فيما كان الشاوي موظفا فيه.
في سنة 1966، نجح كل من لاعبي الكوكب المراكشي السردي، والقزويني، وبومليحة في إقناع الشاوي بحضور حصة تجريبية مع فتيان الفريق، استطاع خلالها نيل ثقة كريمو، الذي كان لاعبا ومدربا بالفريق المراكشي، حيث تفوق على 13 حارسا حضروا الحصة، فأصبح بذلك الحارس الرسمي لفتيان الكوكب المراكشي، الذين لم يقض معهم أكثر من موسم، حتى نودي عليه لفئة الشبان، حيث وجد منفذا للإشعاع الوطني والدولي، إذ اختير حارسا للمنتخب الوطني للشبان والأمل سنة 1969، وفاز مع هذا الأخير بدوري فرنسا سنة 1972، إلى جانب كل من بتي عمر، والظلمي، وامحمد، وبابا، ولعلو، وجبارة، وعبد الحنين كحيلي، ولشهب (سفير المغرب بروسيا حاليا)، وهي المناسبة التي قررت فيها الفيفا إجراء بطولة كأس العالم للشبان.الكوكب المراكشي أو لاشيء
تألق الشاوي بدوري فرنسا، الذي توج خلاله كأحسن حارس، إلى جانب اللاعب بتي، مما فتح أمامه مجموعة من العروض الاحترافية من قبل لوهافر، وفريق مارسيليا، الذي كان يلعب به البرازيليان سيزار وجرفينيو، ثم الفريق الثالث لميونيخ الألماني، والفريق الثاني لأوتريخت الهولندي، إضافة إلى فريق تموشنت الجزائري. عروض وصفها «سيدي احمد»، كما يناديه زملاؤه، بالمغرية، إلا أنه رمى بذلك وراء ظهره، وعاد إلى مدينة البهجة مشحونا بحنين جارف لوالديه، وأصدقائه، ولساحة جامع الفنا، وحدائق «الكتبية»، قبل أن يعلق على إضاعته مثل هذه الفرصة: «ما كان عقل».
رفض أحمد بلقرشي قبل ذلك اللعب لغير الكوكب، بعد عروض كل من الرجاء والوداد البيضاويين، والجيش الملكي، والمغرب التطواني، وحسنية ورجاء أكادير، وهو تعصبُ جر على الشاوي غضبة بعض مسيري الرجاء والوداد والجيش بالخصوص، الذين يقول الشاوي انتقلوا من صيغة الإغراء المالي إلى صيغة المساومة بانتقاله إلى أحد هذه الأندية مقابل المناداة عليه للمنتخب الوطني. وأوضح الشاوي أن رفضه الاحتراف نتج عن صورة سوداء قاتمة شكلها في ذهنه المسيرون والمقربون من كون بلاد المهجر غير آمنة والصراع المغربي الجزائري في أوجه. أما الانتقال إلى فريق وطني آخر فقد اعتبره الشاوي خيانة لجمهور متعلق به. ويذكر الشاوي أن مسيري الرجاء البيضاوي استدرجوه مرة إلى مدينة الدار البيضاء حيث استضافه المرحوم عبد اللطيف السملالي للمبيت بمنزله مع وضع حراسة مشددة عليه في الطريق أو المطعم، حتى لا يسرقه المراكشيون، لدرجة أنه كلما كان الحراس يشاهدون شخصا يرتدي طاقية أو ذا سحنة مراكشية كانوا يلازمونه. لكن إلحاح الجمهور المراكشي، الذي طالب بتدخل الأمير المرحوم مولاي عبد الله، أعاد الشاوي إلى فريق الكوكب المراكشي.
الهروب من المستشفى
كان الشاوي يقاس بقيمة نصف الفريق آنذاك، وباعتراف اللاعبين من جيله، الذين ساندوه في مطالبته مكتب الحاج ميلود، رئيس الفريق، بثلاثة ملايين سنتيم كمنحة توقيع بداية الموسم، رغم كونهم لا يتقاضون نصفها. كما كان اللاعبون، خاصة المسيرين، لايحتملون غياب الشاوي عن التشكيلة الرسمية للفريق، ولو كان مصابا. وهنا يتذكر الشاوي إحدى طرائف مساره الكروي، وهو يخوض لقاء ضد فريق الجيش الملكي، لقاء وعدهم الوزير عبد الله غرنيط بتشغيل العاطلين إذا حققوا الفوز، حيث ارتمى الشاوي على كرة من تسديدة محكمة لباموس ليسقط خطأ ويصاب بكسر مزدوج في فكه السفلي. والغريب أن لاعبي الكوكب المراكشي رفضوا من لاعبي وطاقم الجيش الملكي حتى الاقتراب منه للإطمئنان عليه، مرتابين، يقول الشاوي، من الغواية. والأغرب منه هو إقحامه أساسيا بعد أسبوع واحد على إجراء عملية في فكه، لدرجة أن الشاوي كان يتواصل مع مدافعيه بالتصفيق والحركات. ويسرد الشاوي وهو يضحك عملية هروبه من المستشفى العسكري بالرباط عقب إجرائه العملية، وامتطائه القطار المتوجه إلى مراكش، حيث صادف وصوله مباشرة وصول الحاج ميلود والعمراني اللذين ساقاه إلى القاعدة العسكرية، التي يقيم بها الفريق برئاسة الكولونيل بامعروف، ليلعب اللقاء القادم ضد فريق سيدي قاسم. ويؤكد الشاوي أن لاعبي سيدي قاسم، بقيادة المهاجم عزيز العمري، كانوا يتجنبون الاحتكاك به رأفة به. ومرة أخرى، يقول الشاوي، سرقه المسيرون من مصحة بمراكش منتصف الليل ليلعب أمام رجاء بني ملال.
مشوار مغبون
كل هذه التضحية والنجومية والوفاء ما شفعت للشاوي كي يخرج، بعد مسار 19 سنة كحارس رسمي بالكوكب المراكشي، بتتويج وطني أو دولي، حتى أن البعض يقول إنه جاء قبل وقته، باستثناء كأس دوري فرنسا، وبلوغ الدور الثاني لأولمبياد ميونيخ بألمانيا. كما أنه لم يكن من محظوظي «الكريمات»، التي لم يكن يسعى إليها. ويقول بلقرشي إنه لو بقي المسيرون القدامى بالكوكب المراكشي لكان الوضع أحسن، مضيفا أن من تعاقبوا على الكوكب المراكشي منشغلون بأحوالهم وأحوال الفريق اليومية فقط .
ما زال أحمد الشاوي مرتبطا بملاعب كرة القدم حتى اليوم، لكن من زاوية مؤطر حراس مرمى الفئات الشابة للكوكب المراكشي، وهي المهمة التي تلقى بشأنها تكوينا، اعتبره ضروريا لصقل المواهب، مؤكدا على الموهبة أولا في حراسة المرمى، قبل الصقل. وهو يبرر قلة حراس المرمى بالمغرب لافتقارهم إلى الموهبة، والعمل على صنع الحارس.
وقد أشاد أحد المؤطرين الأجانب بالشاوي في محفل رسمي بعد حضوره إحدى حصصه التدريبية مع الفتيان، قائلا: «إن ما جاء به نظريا يفعله الشاوي تطبيقيا». اشتغل الشاوي، ذو المستوى الابتدائي، مصرفيا بمراكش منذ1974.وهي كل ما فاز به في مشواره الرياضي، حيث تدخل أحد مرافقي المنتخب الوطني بعد رحلة بالكامرون ليشغله بإحدى الوكالات البنكية بمراكش، التي كادت تقيله جراء رفضه الانتقال إلى مدينة الدار البيضاء لأجل التكوين، حيث كان قد عاد لممارسة الجزارة بدكان والده بالحي، الذي يسكنه، لولا استعطاف زملائه والمحبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.