حموشي يرسم خارطة أمنية جديدة مع فرنسا لمحاربة الجريمة العابرة للحدود (صور)    المغرب يُبقي سعر الفائدة دون تغيير    الأداء الإيجابي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    تركيا تنجز في المغرب مشاريع إنشائية بقيمة 4.3 مليار دولار وتعد بمزيد من الاستثمارات .. تفاهم مغربي تركي على إزالة العقبات التجارية ورفع المبادلات فوق 5 ملايير دولار    استئناف رحلات لارام إلى الدوحة ودبي بعد تحسن الأوضاع بالشرق الأوسط    المملكة المغربية تعرب عن إدانتها الشديدة للهجوم الصاروخي السافر الذي استهدف سيادة دولة قطر الشقيقة ومجالها الجوي    استمرار حملات الإغاثة المغربية لفائدة العائلات الفلسطينية الأكثر احتياجا في قطاع غزة    فيلدا رودريغيز يكشف معايير اختيار لائحة "لبؤات الأطلس" لكأس الأمم الإفريقية 2024    صحيفة ليكيب تشيد بأسد الأطلس أشرف حكيمي    بودريقة يقدم للمحكمة صوراً مع الملك محمد السادس    نزيل بقسم الأمراض النفسية بالمستشفى الجهوي لبني ملال يتسبب في وفاة زميله    راغب علامة : المغرب بلد عظيم ومشاركتي في موازين محطة مميزة في مسيرتي    بعد مسيرة فنية حافلة.. الفنانة أمينة بركات في ذمة الله    مجلس الحكومة يتدارس 4 مراسيم    "ظاهرة الشركي" تعود إلى المغرب .. وموجة حر جديدة تضرب عدة مناطق    فشل تهريب مخدرات بشواطئ الجديدة    العراق يعلن إعادة فتح مجاله الجوي    ترامب: إسرائيل وإيران انتهكتا الاتفاق    مهرجان "موازين" يتخلى عن خدمات مخرجين مغاربة ويرضخ لشروط الأجانب    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    الإكثار من تناول الفواكه والخضروات يساعد في تحسين جودة النوم    هل تعالج الديدان السمنة؟ .. تجربة علمية تثير الدهشة    الموت يُغيّب الممثلة أمينة بركات    في برنامج مدارات بالإذاعةالوطنية : وقفات مع شعراء الزوايا في المغرب    المغرب ينافس إسبانيا والبرازيل على استضافة مونديال الأندية 2029    هيئات مدنية وحقوقية تطالب بفتح تحقيق في مالية وتدبير وكالة الجنوب    قبيل حفله بموازين.. راغب علامة في لقاء ودي مع السفير اللبناني ورجال أعمال    بركة يكشف للبرلمان: 7.9 مليار درهم لربط ميناء الناظور        "مرحبا 2025" تنطلق من الحسيمة.. استقبال حافل لأولى رحلات الجالية من إسبانيا    الناظور.. السجن والغرامة في حق المتهم الذي كذب بشأن مصير مروان المقدم        تعزية في وفاة الرمضاني صلاح شقيق رئيس نادي فتح الناظور    وزيرة الطاقة تكشف في البرلمان مشاريع الناظور لضمان الأمن الطاقي للمغرب    الهولوغرام يُعيد أنغام عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    نادر السيد يهاجم أشرف داري: "إنه أقل بكتير جدًا من مستوى نادي الأهلي"    زغنون: في غضون شهرين ستتحول قناة 2m إلى شركة تابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    لفتيت مطلوب في البرلمان بسبب تصاعد ظاهرة "السياقة الاستعراضية" بالشواطئ المغربية    بوغبا يترقب فرصة ثمينة في 2026    إسرائيل تعلن رصد إطلاق صواريخ إيرانية بعد إعلان وقف إطلاق النار وطهران تنفي    مصر تعلن استئناف حركة الطيران بشكل تدريجي بينها والكويت وقطر والسعودية والإمارات    الوداد يطمئن أنصاره عن الحالة الصحية لبنهاشم وهيفتي    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    ترامب يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    كأس العالم للأندية .. الأهلي خارج المنافسة وإنتر ميامي يصطدم بباريس    وفد من مؤسسة دار الصانع في مهمة استكشافية إلى أستراليا لتعزيز صادرات الصناعة التقليدية المغربية على الصعيد الدولي    ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    "بي واي دي" الصينية تسرّع خطواتها نحو الريادة العالمية في تصدير المركبات الكهربائية    رمسيس بولعيون يكتب... البرلماني أبرشان... عاد إليكم من جديد.. تشاطاراا، برويطة، اسعادات الوزاااار    بركة: انقطاعات مياه الشرب محدودة .. وعملية التحلية غير مضرة بالصحة    الهلال السعودي يتواصل مع النصيري    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توضيحات حول التجربة الحكومية للعدالة والتنمية
نشر في المساء يوم 16 - 08 - 2012

تدفع تجربة حزب العدالة والتنمية، وهو يقود الحكومة الائتلافية في أشهرها الأولى، إلى إبداء مجموعة من التوضيحات قد تفسر جزءا من الانتقادات الموجهة إلى هذه التجربة الجديدة؛ وهي توضيحات تروم التذكير ببعض الوقائع التي قد تشكل عوائق بنيوية تتناقض مع مجمل الشعارات التي كان يرفعها الحزب إبان ممارسته للمعارضة، من جهة، وتحول دون انخراطه في ثقافة تدبير الشأن العام، من جهة أخرى.
يتعلق التوضيح الأول بكيفية الانتقال من العمل الدعوي إلى العمل السياسي؛ فعندما نحاول رصد «بروفيلات» الوزراء الذين تعاقبوا على المغرب قبل تشكيل الحكومة المنبثقة عن اقتراع 25 نونبر 2011، نلاحظ أننا كنا أمام وزراء صامتين أو يفترض فيهم أن يكونوا وزراء صامتين.. فأغلب الوزراء كانوا لا يجيدون التواصل، وكانوا أحيانا يعيشون في أبراج عاجية أو في مكاتب مغلقة، وبالتالي كانوا يعتبرون أن من بين الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الوزير التزامُه الصمت، حيث كان هناك توظيف مبالغ فيه لواجب التحفظ المهني. نحن الآن أمام «بروفيلات» جديدة في ما يتعلق بوزراء العدالة والتنمية، حيث إن أغلبهم كانوا «مناضلين» عبر ممارسة «الدعوة» التي لا تميز بين الوعظ السياسي والوعظ الديني؛ وهؤلاء الذين باشروا العمل السياسي من داخل الحركة الإسلامية، في المغرب وفي غيره، كانت لهم عمليا صلات وثيقة بالمجتمع، وكانوا يشاركون في الندوات بكثافة، وظلوا دائما محتفظين بصلات وثيقة بوسائل الإعلام، خاصة المكتوبة، وبالتالي فقد وجد من استوزر منهم صعوبة في التزام الصمت، فهم يعتبرون أنه لا ينبغي للوزير أن يكون مختبئا في مكتب بعيدا عن الناس، خصوصا وأن الانتقادات الموجهة إلى الحكومات السابقة كانت بسبب غياب التواصل مع الرأي العام، فنحن الآن أمام وزراء اعتادوا عمليا التواصل مع وسائل الإعلام والرأي العام، وبالتالي فإنهم يعتقدون أن الصورة الجديدة التي ينبغي أن ترسم للوزير أو المسؤول السياسي تتمثل أساسا في التواصل مع الرأي العام، هذا بالإضافة إلى المقتضيات الدستورية التي تشدد على حق المغاربة في المعلومة، إضافة إلى أن حزب العدالة والتنمية خاض حملته الانتخابية على أساس محاربة الفساد والاستبداد، وبالتالي فمن الضروري أن يعمل الوزراء الجدد على الأقل على تمكين المغاربة من الاطلاع على بعض المعطيات المتعلقة بما يجري، خاصة وأن رئيس الحكومة وعد منذ البداية بإخبار المغاربة بكل ما يحدث، إلا إذا حتمت الظروف خلاف ذلك.
يرتبط التوضيح الثاني بتداخلات العلاقة بين الأحزاب السياسية والحركات الدعوية، فهناك إشكال كبير يتجلى في ممارسة حزب سياسي للمعارضة وهو يقود أغلبية حكومية، بحيث يجد نفسه غير قادر على الذهاب بعيدا في التعبير عن مواقفه التي يؤمن بها، إما لأنه غير حاصل على أغلبية مطلقة تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده، وبالتالي فهو أحيانا يضطر إلى تبرير تراجعاته بكونه مضطرا إلى اللجوء إلى تحالفات من أجل تشكيل أغلبيته الحكومية. وبالرجوع إلى حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، فإنه يجد نفسه على ارتباط بحركة دعوية كحركة التوحيد والإصلاح تعتقد أن الحزب لم يف بما وعد به. وبشكل عام، فإن الأحزاب السياسية عندما تكون في المعارضة تستخدم خطابا شعبويا وتطرح برامج في غاية الطوباوية؛ وهذه وظيفة الأحزاب المعارضة لأنها تعتبر ذلك الوسيلة الوحيدة للتعبئة؛ لكن عندما تنتقل هذه الأحزاب إلى موقع المشاركة في الحكومة تتخلص من تلك الطوباوية لتسقط في الإيديولوجية..
ينبغي التذكير بأن الحركات الدعوية تتعامل مع الأشياء من منطلق أخلاقي على خلاف الأحزاب السياسية التي تتعاطى مع القضايا من منطلق براغماتي، حيث إن الحزب الذي يوجد في الحكومة تصبح لديه القدرة على تبرير الشيء ونقيضه، لكن عندما يكون حزب سياسي مرتبطا بحركة دعوية تتضاعف إشكالاته. وهذا ما ينطبق على الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية، فهي تدرك أن قوتها تكمن في الخطابين الهوياتي والأخلاقي، وبالتالي فهي تجد صعوبة في التخلص منهما، خاصة وأن الخطابين الأخلاقي والهوياتي لا يمكن أن يفضيا إلا إلى السقوط في النزعة الشعبوية، لذلك يتهم حزب العدالة والتنمية بالشعبوية، كما يتهم بكونه لم يتحرر من ثقافة المعارضة.
يكمن التوضيح الثالث في وضوح المواقف من الخيار الديمقراطي، فرئيس الحكومة يوجد في موقف لا يحسد عليه، باعتبار مواقفه الملتبسة أولا من حركة 20 فبراير، حيث كان ضد نزول شبيبة وأعضاء الحزب للتظاهر، وكان يؤكد باستمرار أن حركة 20 فبراير تهدد المؤسسة الملكية واستقرار البلاد، ولكن بعد خطاب الملك في 9 مارس 2011، تغيرت لغته نسبيا; وباعتبار مواقفه الملتبسة ثانيا من صياغة مشروع الدستور الجديد، حيث كان يهدد بالنزول إلى الشارع إذا ما تم التنصيص على حرية المعتقد، كما كان دائما يتخذ مواقف رافضة للملكية البرلمانية، وأعلن مرارا أنه يفضل نظام الإمامة عليها، وحتى عندما تم تقديم مذكرة الحزب بشأن التعديل الدستوري، أصر بنكيران وفرض رأيه على أن يتم الحديث عن ملكية ديمقراطية بدل ملكية برلمانية.
يتجلى التوضيح الرابع في كيفية تدبير تحالفات الأغلبية، فرئيس الحكومة المكلف وجد نفسه في مواجهة العديد من الإكراهات، تمثلت أساسا في البرنامج الحكومي الذي تمت صياغته بشكل بعيد كل البعد عما تضمنته البرامج الانتخابية للأحزاب الأربعة المشكلة للحكومة، أو على الأقل بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية، كما لوحظ أن مشروع قانون المالية الذي تمت المصادقة عليه غير متطابق حتى مع ما جاء في التصريح الحكومي. يجد الإنسان كثيرا من الحرج ليفهم كيف لحزب العدالة والتنمية الذي خاض معركة المعارضة انطلاقا من انتقاده لمجموعة من السياسات التي انتهجتها الحكومات السابقة -وخاصة حكومة عباس الفاسي التي كانت تتكون من حزب الاستقلال بالأساس ومن الحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، وقدم برنامجا انتخابيا يعتبره نقيضا للبرامج الانتخابية لتلك الأحزاب التي كان يعتبرها المسؤولة عن تردي الأوضاع بالمغرب- أن يتحالف معها، بل الأكثر من ذلك أن يبرر هذا التحالفَ بأن برامجها الانتخابية لا تختلف عن برنامجه الانتخابي وأنها (أي الأحزاب التي تحالف معها) متقاربة في تصوراتها.
يتمثل التوضيح الخامس في القدرة على تنزيل الدستور والوفاء بالالتزامات، فقد سجل ارتفاع في نسبة عدم احترام حرية التظاهر... كما تطرح علامات استفهام كبرى حول شعار محاربة الفساد، فرئيس الحكومة يؤكد أنه أتى لمحاربة الفساد، غير أنه لا أحد يعرف نوع هذا الفساد الذي سيحاربه، بل الأدهى من ذلك أن بنكيران بدأ يكتشف مع مرور الوقت أنه لا يمكن الذهاب بعيدا في ما يتصوره، لأنه يصطدم بما أسماه هو نفسه بالقلاع المحصنة التي تحول دون التغيير. ولعل عدم القدرة على تنزيل الدستور وعلى الوفاء بالالتزامات جعل رئيس الحكومة يختبئ وراء الملك؛ وهنا نتذكر ما قاله الملك في افتتاح الدورة البرلمانية في 14 أكتوبر 2011 عندما دعا الحكومة إلى صياغة برنامجها والإشراف على تنفيذه. وخطاب الملك كان يفيد معنى محددا، وهو أن الحكومة التي ستفرزها صناديق الاقتراع لا ينبغي أن تستمر في الاختباء وراء الملك.
يتجسد التوضيح السادس في انسجام مكونات الأغلبية الحكومية، فالسؤال الذي كان قد طرح منذ البداية انصب على التحدي الحقيقي الذي يواجه حكومة بنكيران، والذي لم يكن شيئا آخر غير مدى القدرة على «صهر» مكونات الحكومة الائتلافية، لكن بعد مرور أكثر من نصف سنة يكتشف الرأي العام غياب هذا الانسجام، حيث اضطر رئيس الحكومة إلى عقد أكثر من لقاء بين رؤساء الأغلبية، فالوعد بخلق الانسجام شيء والقدرة على خلقه شيء آخر، خاصة عندما لا نمتلك آليات خلق هذا الانسجام. وفي اللحظة التي كان ينتظر فيها أن يحدث فرز واضح بين الأغلبية والمعارضة في ظل التجربة الحكومية الجديدة فوجئنا بأن المعارضة توجد داخل الأغلبية الحكومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.