ترامب: إسرائيل وإيران وافقتا على "وقف تام لإطلاق النار"    عاجل.. ترامب يعلن الاتفاق على وقف كامل وشامل لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران    أشرف حكيمي يتألق ويقود باريس سان جيرمان لثمن نهائي كأس العالم للأندية بتتويج فردي مستحق    الملك محمد السادس يؤكد تضامن المغرب الكامل مع قطر ويدين الهجوم الإيراني على قاعدة العديد    مفتش شرطة يشهر سلاحه لتوقيف شقيقين في حالة سكر هددا الأمن والمواطنين    شقيق مروان المقدم يدخل في اعتصام وإضراب جديد عن الطعام أمام بوابة ميناء الحسيمة    الحسيمة تترقب زيارة ملكية خلال الأيام المقبلة    جمعية تطالب بمنع دخول السيارات والدراجات إلى الشواطئ بعد حادث الطفلة غيثة        أوروبا الغربية تستقبل موسم الصيف بموجة حرّ مبكرة وجفاف غير مسبوق    نظام أساسي جديد لموظفي الجماعات الترابية    تعليق مؤقت لحركة الملاحة الجوية في البحرين والكويت كإجراء احترازي في ظل تطورات الأوضاع الإقليمية    وأخيرا.. حزب العدالة والتنمية يُندّد بما تفعله إيران    فرنسا تجدد التأكيد على أن حاضر ومستقبل الصحراء "يندرجان بشكل كامل في إطار السيادة المغربية"    عملية "مرحبا 2025".. تعبئة لنقل 7.5 ملايين مسافر و2 مليون سيارة عبر 13 خطا بحريا    مصرع سائق دراجة ناريةفي حادث اصطدام عنيف بضواحي باب برد    الذهب يرتفع وسط الإقبال على أصول الملاذ الآمن مع ترقب رد إيران    رويترز عن مسؤول أمريكي: قد يأتي الرد الإيراني خلال يوم أو يومين    27% من القضاة نساء.. لكن تمثيلهن في المناصب القيادية بالمحاكم لا يتجاوز 10%    حموشي: المديرية العامة للأمن الوطني تولي أهمية خاصة لدعم مساعي مجابهة الجرائم الماسة بالثروة الغابوية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    توقيع اتفاقية شراكة إطار بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لتعزيز الإدماج السوسيو اقتصادي للشباب    دعاية هزيلة.. بعد انكشاف مقتل ضباط جزائريين في طهران.. نظام العسكر يُروج وثيقة مزورة تزعم مقتل مغاربة في إسرائيل    بوريطة يستقبل وزير الشؤون الخارجية القمري حاملا رسالة من الرئيس أزالي أسوماني إلى الملك محمد السادس    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    بوتين: لا مبررات قانونية أو أعذار للعدوان ضد إيران    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    بنعلي: لن نتوفر على دينامية في البحث العلمي في الطاقات المتجددة بدون تمويل مستدام        كأس العالم للأندية.. "الفيفا" يحتفل بمشجعة مغربية باعتبارها المتفرج رقم مليون    إشكالية التراث عند محمد عابد الجابري بين الثقافي والابستيمي    بسمة بوسيل تُطلق ألبوم "الحلم": بداية جديدة بعد 12 سنة من الغياب    صديق المغرب رئيس سيراليون على رأس المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ( CEDEAO)    الشعباني: "نهائي كأس العرش ضد أولمبيك آسفي سيكون ممتعا.. وهدفنا التتويج باللقب"    جلالة الملك يهنئ دوق لوكسمبورغ بمناسبة العيد الوطني لبلاده    ارتفاع حصيلة ضحايا تفجير إرهابي استهدف المصلين في كنيسة بدمشق    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    نقابيو "سامير" يعودون للاحتجاج على الموقف السلبي للحكومة وضياع الحقوق    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    وسط ارتباك تنظيمي.. نانسي عجرم تتجاهل العلم الوطني في سهرة موازين    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالشجاعة" لمعاقبة إسرائيل    المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬خريطة ‬الأمن ‬الغذائي ‬في ‬أوروبا ‬بمنتجاته ‬الفلاحية ‬    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    ألونسو: من الأفضل أن تستقبل هدفًا على أن تخوض المباراة بلاعب أقل    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    طنجة.. تتويج فريق District Terrien B بلقب الدوري الدولي "طنجة الكبرى للميني باسكيط"    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل ينفض الماضي عن كاهله!
نشر في المساء يوم 13 - 10 - 2012

في عمقها الحقيقي، ليست معركة النظام لإنقاذ نفسه وفرض قبوله بالعنف الأعمى على شعب سوريا الذي يرفضه ويقاومه مجرد معركة سياسية في منطلقاتها ونتائجها، رغم أنها تبدو ظاهريا كذلك.. وليست بطبيعة الحال معركة أغلبية ضد أقلية كما يقول لسان طائفي جاهل وتافه.. وليست معركة فقراء ضد أغنياء، ففي صفوف الثورة آلاف الأغنياء الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل استمرارها وانتصارها.. ولم تعد مجهولة قصص من تركوا مستودعاتهم المليئة بالبضائع والسلع مفتوحة للمحتاجين من المواطنين، دون أن يطلبوا قرشا واحدا من أحد، أو يعرفوا أسماء أو هوية من أفرغوها.. إلى هذا، ليست معركة سوريا مجرد صراع بين الحرية والاستبداد، بل هي بعد هذا وذاك معركة المستقبل الذي يناضل للانعتاق من ربقة ماضٍ قاسٍ وظالم ومتخلف يمثله نظام يدعي التقدمية والثورية والعلمانية، هو لا نظام بما أنه يقوم على عبادة فرد بلغ من التخلف حدا جعله يضحي بالشعب في سبيل كرسيه، بدل أن يضحي بنفسه وبكرسيه في سبيل من يسميه شعبه.. إنه نظام يمثل ماضيا اندثر في كل مكان، سمته الرئيسية مخالفته لطبيعة الإنسان السياسية والمجتمعية والإنسانية، ومجافاته لسنن التطور والتقدم، وسيره عكس التاريخ، واحتجازه مواطنيه في قفص ضيق من الرعب والإفساد والعنف والتجهيل والتمييز، وتصميمه على فرض نفسه عليهم بوسائل همجية لا تمت إلى أي تاريخ عرفه الإنسان بأية صلة بناءة..
إنه الماضي يرهب المستقبل ويحول دون قدومه بقتل حملته من مواطني سوريا، الذين يشقون دربهم إليه بأجسادهم وأرواحهم، ويغذون نسغه بدمائهم ويمضون نحوه برؤوس مرفوعة وجباه عالية، رغم تساقط مئات الشهداء وتشرد الآلاف واختفاء العشرات وجرح أعداد يصعب حصرها من بناتهم وأبنائهم يوميا.. وهو الماضي الذي لا يريد أن يمضي رغم رفض أغلبية مواطني سوريا له وقيامهم بنزع الشرعية عنه وعن ممثليه ورموزه، ويصر على مقاومة المستقبل، الذي يناضل في سبيله مجتمع نما وصار حديثا وحرا في غفلة عن سلطة أقلوية/فئوية فقدت جميع مسوغات وجودها، ولعبت أشد الأدوار السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية سلبية في تاريخه، فهي معركة جديد يحمله الشعب وقديم يجسده أعداؤه الحاكمون، فلا مجال لأية تسوية بينهما، مع أن توفر حد أدنى من المنطق لدى أهل السلطة كان سيتكفل بإقناعهم بعبثية موقفهم ومسعاهم التدميري وسيدفعهم إلى قبول خيار الشعب، على غرار ما فعلته النخبة الحاكمة في الدول الاشتراكية السابقة في أوربا الشرقية والوسطى، التي وجدت أن العصبية السياسية التي كانت تربطها لم تعد كافية لضمان استمرار سلطتها، فتخلت عنها وسلمتها طوعيا إلى ممثلي الجديد: المجتمع الذاهب إلى الحرية، الذي كان قد سجن لفترة طويلة في قفص الاستبداد، قبل أن يقوم بثورة سلمية حملها مواطنون هتفوا بالملايين: «نحن الشعب»، فصدقهم حكامهم وردوا إليهم سلطة اعتقدوا دوما أنهم هم الذين يمنحونها شرعيتها، وأنها لا يجوز أن تستمر ضد إرادتهم، فكان سلوكهم أمثولة يجب أن يحذو حذوها كل من يحب شعبه ويحترم إرادته...
ليس الشعب في نظام الأسدية مانح الشرعية ومصدرها، بل إنه يستمد هو نفسه شرعية وجوده من حاكم فرد يحق له القضاء عليه إن هو قاومه أو عارضه وطالبه بالرحيل.. وفي منطق الأسدية لا يوجد انفصال بين السلطة والوطن، ولا مكان للشعب خارج السلطة التي تجسم الوطن، والوطن الذي يتجسد في السلطة، ولا يحق لمواطن الاعتراض على السلطة أو نقدها لأنه يكون بذلك قد اعترض على الوطن وانتقده، وما في هذا من خيانة يستحق مرتكبها القتل: مواطنا كان أو جماعة أو شعبا..
هل تمثل هذه الإيديولوجية، وما تضمره من ممارسة تسوغ قتل الشعب، من الحاضر أم من الماضي؟.. وهل تنتمي إلى عوالم التوافق والتحضر السياسي والمدني أم إلى عالم التصارع الهمجي/الحيواني؟.. وهل يحتاج الشعب، كي يعي ضرورة الخلاص منها، إلى تحريض وتآمر خارجي أم أنها هي التي تدفعه إلى التمرد عليها والعمل للتخلص منها؟ لأن التخلص منها مهمة لا تحتمل الإرجاء، وتحرير للوطن من سلطة احتلال داخلي، سجنه في قفص خانق تسبب في موته البطيء، ولم يترك له من خيار غير الانتفاض والثورة سبيلا إلى الحياة، وحين طالبه شعبه بحريته بادر إلى إبادته، كي لا يبقى في الوطن أحد غيره، بدل أن يتذكر أمثولة النخب التي تخلت عن السلطة وأنقذت وطنها ونفسها، بمجرد أن طالبها شعبها برد السلطة إليه..
ليست معركة سوريا غير معركة مستقبل يريد الإفلات من أوزار ماضٍ ثقيل وعنيف، ومعركة مواطن يريد الخروج من رداء سلطة احتلالية، وعقل يطلب التحرر من سلطان اللاعقل، ومدنية تحاول الخروج من سجن الهمجية، وإنسان حر ينسف أغلال عبوديته، وها هو يدمرها كي يعيش أخيرا حياته كإنسان هو ركيزة وحامل أي نظام سياسي ومجتمعي، وأية دولة تستحق اسمها.
واليوم، يولد الشعب السوري من جديد، رغم آلام المخاض وأخطاء المشرفين على الولادة.. إنه يولد بدلالة مستقبل يتيح له منذ الآن إطلاق صرخة الحرية، التي سيتردد صداها في كل مكان يغلق الماضي فيه درب المستقبل، وتحكم فيه القلة الهمجية الشعب رغما عنه وضد إرادته، ويمتثل فيه المواطن لقولة سيدنا عمر التي تستنكر وتدين استعباد من ولدتهم أمهاتهم أحرارا.. لم تقتدِ الأقلية السورية الحاكمة بأمثولة حديثة وقعت قبل عشرين عاما ونيف، فاقتدى الشعب السوري بأمثولات عرفها تاريخ البشر خلال النضال من أجل الحرية، وفي حين تمثل أمثولة السلطة الماضي تلد أمثولة الشعب المستقبل، الذي ما إن تصنعه إرادة الأحرار حتى يكتسح جميع العقبات والعوائق التي تقف في طريقه، ويبلغ غايته مهما غلت التضحيات وطال أمد الكفاح..
ينفض المستقبل الشعبي أوزار الماضي السلطوي عن كاهل سوريا، ويشق درب الحرية لمن يتوقون إليها ويصممون على بلوغها، مهما طال الزمن..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.