الجيش الملكي يواجه نهضة الزمامرة لتعبيد الطريق نحو ثنائية تاريخية    جلالة الملك يستقبل مبعوث خادم الحرمين الشريفين حاملا رسالة لجلالته    بنموسى يشدد على التزام الحكومة بتحسين ظروف اشتغال الأسرة التعليمية    طيران كوت ديفوار يطلق خطا مباشرا بين الدار البيضاء وأبيدجان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مشروع قانون يتعلق بمناطق التسريع الصناعي يحظى بمصادقة مجلس المستشارين    سلا تشهد ولادة عصبة جهوية للألعاب الإلكترونية    "سندويش" يودي بحياة 6 أشخاص في مراكش    لوحة الجمال والعار    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    واشنطن تعلّق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل بسبب "مخاوف" بشأن رفح    التقنيون يواصلون احتجاجهم ويستنكرون تغييب ملفهم عن جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    2026 هو موعد تشغيل محطة تحلية المياه بالدارالبيضاء    مشاركة البطل الطنجاوي نزار بليل في بطولة العالم للقوة البدنية بهيوستن الأمريكية    الركراكي مدربا جديدا لسريع واد زم    منتخب الصغار يواجه كرواتيا وإنجلترا وأمريكا    تشكل موردا ماليا ل 13 مليون فرد وتشغل 40% من اليد العاملة.. الفلاحة في المغرب أمام تحديات كبيرة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    تأهيل ملاعب فوق عقار تابع لصوناداك يثير الخلاف داخل مجلس جماعة البيضاء    أمن طنجة يوقف شابين بتهمة حيازة وترويج المؤثرات العقلية    ‮ ‬من أجل توفير الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، اتفاقية‮ ‬شراكة بقيمة ‮ ‬69مليون درهما    قرار تحويل "درب عمر" يصطدم بتمرد أصحاب "الطرافيكات"    التعاون الوطني بتطوان يختتم فعالياته المخلدة للذكرى 67 لتأسيسه بحفل بهيج    النفط يتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية    ياسمين عبد العزيز تصدم الجميع بحديثها عن طليقها أحمد العوضي (فيديو)    السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية    "أسترازينيكا" تعلن سحب لقاحها لكوفيد من الأسواق ل"أسباب تجارية"    بعد ضجة آثاره المميتة.. "أسترازينيكا" تعلن سحب لقاح كورونا من الأسواق    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    نادية فتاح تبحث مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية تمويل الحماية الاجتماعية بالمغرب    مجلس الوزراء السعودي يوافق على مذكرة تفاهم مع المغرب في مجال الثروة المعدنية    الصين: انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في أبريل إلى 3,2 تريليون دولار    حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة المقترحة؟    بطولة انجلترا: رفض استئناف نوتنغهام بشأن عقوبة خصم 4 نقاط من رصيده    المعتقل السياسي نبيل أحمجيق يتضامن من داخل زنزانته مع انتفاضة الطلاب العالمية لنصرة غزة    بطولة انجلترا: ثياغو سيلفا ينضم إلى نادي بداياته فلومينينسي في نهاية الموسم    نور الدين مفتاح يكتب: ثورة الجامعات    بنموسى…الوزارة ستحترم قرارات المجالس التأديبية التي ستتخذ في حق الأساتذة الموقوفين    مجلس جماعة فاس يقرر إقالة العمدة السابق حميد شباط من عضوية مجلسه    دالاس.. منصة "إفريقيا 50" تشيد بالتزام المغرب لفائدة التنمية بإفريقيا    "من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن"    وقفة تضامن في الرباط تحذر من إبادة إسرائيلية جديدة متربصة بمدينة رفح    سائقو سيارات نقل البضائع بامزورن يؤسسون مكتبهم النقابي    تفاصيل اختيار الكاف لحكم مباراة بركان والزمالك    غلاء دواء سرطان الثدي يجر "السخط" على الحكومة    وفد من حركة "حماس" في "القاهرة"    حملة بيطرية تختتم "مهرجان الحمار"    وزارة الداخلية السعودية تعلن تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    متلازمة رومهيلد .. مشاكل في القلب تحدث بسبب تراكم الغازات    تقرير رسمي: معدل الاكتظاظ بالسجون يبلغ 159% والسجناء قدموا 5153 شكاية خلال 2023    تارودانت ربيع المسرح في نسخته الثانية يكرم نزهة الركراكي    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخيرا اعترفتم.. سورية ليست ليبيا
نشر في المساء يوم 28 - 06 - 2013

المشهد السوري قبل عامين وشهرين كان سهل الفهم لوضوح تفاصيله وأحداثه: شعب يطالب بالحرية والعدالة واحترام حقوق الإنسان والإصلاحات السياسية، و
يعتمد أساليب الاحتجاج السلمي مثل المظاهرات والاحتجاجات، مقابل نظام يستخدم الحلول الأمنية بشراسة ويتحدث عن إرهابيين ومؤامرة خارجية.
المعارضة السورية، وبتحريض عربي وأمريكي وتركي، طوّرت مطالبها إلى الدعوة إلى إسقاط النظام واللجوء إلى السلاح تحت عنوان الدفاع عن نفسها، في مواجهة شراسة النظام وتصاعد أعداد الضحايا، ولعبت الفضائيات العربية دورا في تضخيم الأحداث وانتصارات المعارضة وخسائر النظام.
مناطق بكاملها تساقطت في أيدي الجيش الحر ورجاله، وتفجيرات انتحارية استهدفت مؤسسات أمنية في قلب العاصمة دمشق، وباتت الحدود السورية مع العراق وتركيا خارجة عن سلطة النظام، وتتدفق عبرها شحنات الأسلحة وأعداد كبيرة من المتطوعين للانضمام إلى الجماعات الإسلامية المتشددة.
فجأة يبدأ هذا المشهد في التغير سياسيا وعسكريا، وبشكل دراماتيكي غير مسبوق، وخاصة بعد معركة القصير التي تدخل فيها حزب الله بفاعلية وقلب بتدخله كل موازين القوى على الأرض.
سقوط القصير تلاه سقوط قلعة الشيخ احمد الأسير في صيدا، واستسلام مدينة تل كلخ قرب حمص للنظام بعد صفقة عقدها مع المقاتلين والجماعات العسكرية المدافعة عنها، كان عنوانها إلقاء السلاح مقابل العفو.
لأول مرة ومنذ بداية الأزمة يقول لنا المرصد السوري، الذي كان المصدر الرئيسي لأخبار القتلى والجرحى والمقرب من المعارضة، إن هناك قتلى في الجانب الآخر، ومن المدنيين أيضا، بعد أن كان مجرد الحديث عن هؤلاء جريمة وخروجا عن الملّة.
المرصد السوري قال لنا «إن مائة ألف قتيل سقطوا منذ بداية الصراع في الجانبين، من بينهم 36661 مدنيا، و18072 مقاتلا معارضا، و25407 عناصر من قوات النظام».
لماذا نشر هذه الأرقام الآن على وجه التحديد، ولماذا تصاعد الحديث فجأة عن جرائم الجيش السوري الحر ونشر أشرطة مصورة لجماعات متشددة تقتل مراهقا أمام أهله، وتبقر بطن آخر وتأكل كبده، وذبح اثنين من قبل جهاديين غير سوريين بالسكين بتهمة التعامل مع النظام؟
الإجابة أعطانا إياها واضحة صريحة يوم الأربعاء المستر جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، عندما قال في مؤتمر صحافي عقده في الكويت إنه «لا يوجد حل عسكري في سورية».. وأكد أن «سورية ليست ليبيا» في رده على سؤال حول سبب عدم التدخل عسكريا في الأولى مثلما حدث في الثانية.
المستر كيري أصبح حريصا على سورية ووحدتها الترابية ومؤسسات الدولة عندما قال: «إن استمرار القتال سيؤدي إلى دمار الدولة، وانهيار الجيش، واندلاع نزاع طائفي شامل يستمر سنوات يعزز المتطرفين ويزيد من احتمالات الإرهاب».
عندما كنا نقول إن سورية ليست مثل ليبيا وإن النظام يتمتع بدعم أصدقائه وحلفائه، علاوة على دعم الجيش وقطاع عريض من الشعب، كانت اللعنات تنصبّ علينا من جهات الكون الأربع مرفوقة بالعديد من الاتهامات من كل الأوزان والأحجام، لكن عندما يقولها المستر كيري فلا تثريب عليه لأنه وبكل بساطة أمريكي بعيون زرقاء، وتحولت بلاده إلى صديقة وفيّة في أعين الكثير من العرب، هدفها هو تخليص العرب من الأشرار العرب والمسلمين.
عندما تغيب المعارضة السورية بزعامة الائتلاف الوطني، أو بالأحرى عندما تُغيّب عن اجتماع «أصدقاء الشعب السوري» الأخير في الدوحة، وعندما يعود 65 ألف لاجئ سوري من الأردن إلى بلادهم، وعندما تعود مدينة تل كلخ إلى سيطرة النظام، فهذا يعني أن تغييرا كبيرا يحدث على الأرض علينا الانتظار للتعرف على
كنهه.
لا نعرف ما إذا كان الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، الذي أطلق يوم الأربعاء تصريحات نارية أكد فيها أن سورية أرض محتلة (من النظام) وأن إبادة جماعية تجري على أرضها، يدرك تسارع هذه التطورات على الصعيدين الميداني والسياسي في البلاد أم إنه مغيّب تماما و«يذهب إلى الحج والناس راجعة» مثلما يقول المثل الشعبي؟
المؤكد أن الأمير السعودي على اطلاع على هذه الحقائق وغيرها الكثير، وربما تكون عضبته هذه راجعة إلى ذلك، خاصة أنه اجتمع قبل يومين فقط مع وزير الخارجية الأمريكي واستمع إلى ما في جعبته من تقويمات للوضع في سورية، والموقف الأمريكي تجاهها. لا بدّ أن الأمير الذي تعلم في الجامعات الأمريكية شعر بخذلان أصدقائه لبلاده والتخلي عنها في منتصف الطريق.
ما يرعب الأمير السعودي، والكثير من أقرانه الخليجيين، هو النتائج التي يمكن أن تترتب عن التحريض الطائفي الذي شجعته حكوماتهم لتبرير تدخلها العسكري والمالي في سورية، واحتمال عودة «المجاهدين» الذين ذهبوا بحسن نية وحماس إلى سورية لإسقاط النظام.
عندما تتراجع الانتقادات للنظام السوري في الإعلام الغربي خاصة، وتتصاعد الانتقادات للمعارضة وجيشها الحر، ويكثر الحديث عن قطع الرؤوس أمام الكاميرات، فهذا «فأل سيىء» لكل الذين اعتقدوا أن الغرب مستعد للتضحية بأبنائه من أجل العرب وإحلال الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان في بلادهم.
نعم سورية ليست مثل ليبيا، لأن الأولى بجوار فلسطين المحتلة، والثانية تبعد عنها ب4000 كيلومتر، وتحتوي على نفط وفير، ولا يحظى النظام فيها (أي ليبيا) بدعم إيران وحزب الله وروسيا والصين.
انتظروا الآن مجازر تستهدف الجماعات الإسلامية المتشددة برضاء أمريكا وروسيا، ومباركة دول عربية، بعدها يأتي الحل السياسي السلمي الذي تحدث عنه كيري في الكويت.
سورية تدمرت، وجيشها أنهك، وشعبها كفر بالعروبة، والعراق ممزق، وتركيا أردوغان في الطريق إلى الدمار، ومصر على فوهة بركان، فماذا تريد إسرائيل أفضل من كل هذا.
انتهى الدرس أيها العرب.




عبد الباري عطوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.