نظمت بالخزانة الوسائطية مؤسسة الحسن الثاني، مؤخرا مائدة مستديرة حول محور: المسرح الجامعي بين مطلب الحضور والاستمرارية.. مواكبة لشعار الدورة التي انتهت فعالياتها مؤخرا ، «قوس قزح: تعبيرات وتجارب مسرحية متنوعة». المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، وهو يحتفل بالذكرى الفضية، حاول أن يقف عند هذا التداخل والتلاقح بين التعبيرات والتجارب المسرحية لخلق أعمال مسرحية هادفة، تجمع بين الجزئيات والتيمات التي تكون الخطاب المسرحي وتبني هرمه، بشكل يوازي ويشبه قوس قزح الذي يجسد جماله وتداخل ألوانه وتناغم شكله الهندسي الظاهرة المسرحية في جمالها وتناغمها وانسجام عناصرها الفنية ومكوناتها التقنية. وفي هذا الإطار، تم تقديم أوراق هي عبارة عن إثارة للموضوع لتتناسل الأسئلة والتفكير الجماعي بين الفعاليات التي تحمل هم وقضية هذا المسرح المرتبط بالفضاء الأكاديمي ومطالب في نفس الوقت بأن ينفتح على مجال الممارسة الاحترافية وأن يتواصل بالأساس مع متلقيه، ليس من الطلبة فقط، بل عموم المثقفين والمهتمين، مع حضور مطلب ورهان الجمهور.. سيما وهو مسرح له سمته التجريبية والشبابية. في هذا الإطار، قدمت مداخلات لكل من الباحث الجمالي والأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك موليم لعروسي، ومدير مركز ثقافي بألمانيا كريستوفر زوغو، وأستاذ الفلسفة بكلية الآداب بنمسيك عبد المجيد جهاد، والباحثة الأمريكية كريستينا، وعبد الباقي بلفقيه منسق ماستر الهندسة الثقافية، وميلود بوشيد منسق الإجازة المهنية في المسرح بكلية الآداب بنمسيك، ومدير مسرح هانوفر بألمانيا عبد الفتاح الديوري، سير اللقاء الأستاذ عبد السلام الشتيوي. خلصت مداخلات المائدة المستديرة إلى أن العمل المسرحي هو نتيجة لتداخل وتفاعل مجموعة من المكونات الفنية والتقنية والفضائية التي تضفي عليه رونقه وجماله وتأثيره وتجسد دوره النبيل داخل المجتمعات، وأن مقاربة العمل المسرحي لا يمكن أن تتجاوز التداخل الذي يمس الفكرة والفرجة والتفاعل مع الجمهور والتأثير فيه والتأثر برد فعله... كما أن السيرورة التي عرفها المسرح في العالم شرقا وغربا بينت أن المسرح فضاء لتلاقح التجارب المسرحية التي تجمعها الرغبة في تقديم أفكار وتصورات في أشكال تعبيرية لها خصوصياتها الفنية، التي تتلاحم فيها الفكرة والحركة والتعبير الجسدي والإضاءة واللغة والصورة المتحركة والثابتة وغيرها من العناصر في تناغم تام. إذ أن العرض المسرحي كان ومازال كيانا يجسد القدرات الإبداعية لكل من الدراماتورج والكاتب والمخرج والممثل من جهة، ويعكس الرغبة والمتعة التي يستشعرها الجمهور من جهة أخرى، لتكون النتيجة اتصالا وتلاحما فنيا موضوعه الإنسان، أينما وجد في هذا العالم، وهمومه ورغباته وطموحاته... بالفعل، كانت لحظة هذه المائدة المستديرة مناسبة لمساءلة العمل المسرحي الجامعي عن هويته ومكوناته وعن طرق اشتغاله وطبيعة مقوماته الفكرية والجمالية طيلة السنوات التي عاشها المهرجان وهو يستضيف ويحتضن التجارب المسرحية والتعبيرات الفنية من كل بقاع العالم شرقا وغربا. كما أنها فرصة أيضا للوقوف والتأمل فيما تم إنجازه واستشراف المستقبل وما ينتظر الممارسة المسرحية من تحديات في إطار ما يعرفه العالم من تحولات وتطورات. بالفعل، إنه مكسب لكل التجارب لتتصاهر وتتواصل وتسمع صوتها وتستقبل صدى الأصوات، وفرصة للتجريب على مستوى النص والإخراج وباقي التقنيات، ولما لا تكسير كل الطرق التقليدية وبناء علاقة جديدة مع العرض بطرق جديدة، هو رهان قريب جدا مع المسرح الجامعي، الابن الشرعي لمختبرات التجريب والبحث من وجهات نظر وفكر أكاديميين.