مسؤول بوزارة العدل: 35 ألف سجين سيستفيدون من العقوبات البديلة    قيوح:المكتب الوطني للمطارات يطمح لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات إلى 80 مليون مسافر في أفق 2030    لماذا لا تصل إلى الغزيين مساعدات يحتاجون إليها بشدة؟    ماكرون يعلن أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين        المحكمة بكندا تدين هشام جيراندو بالسجن النافذ وغرامة مالية    ماكرون: فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة تناهز 60 ألف شهيدا وأكثر من 144 ألف مصابا    عدد البطاقات البنكية المتداولة في المغرب بلغ 22,6 مليون بطاقة سنة 2024    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. تعيين الناميبية أنسينو توانانيكوا لإدارة المباراة النهائية بين المغرب ونيجيريا    انقطاع مفاجئ للكهرباء يُغرق إمزورن وبوكيدان في الظلام ويثير استياء السكان    تحويلات مالية وساعات فاخرة وشركة عقارية تصادم الناصري مع برلماني "البام"    المدرسة الوطنية العليا للإدارة: بوابة المغرب لتعزيز الشراكة الأكاديمية مع الصين    وسيط المملكة حسن طارق يقدم تقريره السنوي: تزايد التظلمات ومطالب بتجويد البرامج العمومية    المنصوري تقاضي مروجي "تسريبات"    سيارة الدولة في خدمة السنبلة.. أوزين يرد على موجة الغضب الرقمي    وزيرة الاقتصاد تكشف التوقعات المالية للسنوات الثلاث المقبلة… نمو ب4.5% وعجز 3%    خريطة تدعم صادرات الصناعة التقليدية    "مجموعة العمل": الضم الصهيوني للضفة المحتلة جريمة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية    من دخل "سور المعكازين" فهو آمن!                افتتاح ناجح لمهرجان إفران الدولي .. أحيدوس وفنانون كبار في أولى سهراته    نادية فتاح .. الحكومة عازمة على مواصلة تنزيل برنامجها الإصلاحي    النهضة البركانية تحتفي بلقب البطولة    ميلان الإيطالي يتعاقد مع الدولي الإكوادوري بيرفيس إستوبينيان    الحكومة تصادق على مرسوم تنظيم نشاط الإنتاج السينمائي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    الرادارات الروسية تفقد طائرة ركاب    حماس ترد على مقترح الهدنة في غزة    "غوغل" تعلن عن أرباح فوق سقف التوقعات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    القنيطرة.. تفكيك شبكة لتصوير ونشر محتويات إباحية مقابل تحويلات مالية    إقليم العرائش.. انتشال جثة أربعيني غرق في سد وادي المخازن    نتائج إيجابية في "اتصالات المغرب"    نادي الرجاء يبحث عن ألف منخرط    صاحب أغنية "مهبول أنا" يفتتح غدا فعاليات الدورة ال11 للمهرجان المتوسطي للناظور    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف    28 لاعبا لخوض نهائيات أمم إفريقيا للاعبين المحليين    بطولة القسم الممتاز لكرة السلة سيدات.. الكوكب المراكشي يتوج باللقب عقب فوزه على اتحاد طنجة    طنجة تحتفي بالثقافة الأمازيغية بافتتاح معرض الكتاب والمنتوجات التقليدية ضمن مهرجان ثويزا    البرلمان البريطاني يقضي على دوري السوبر    من الأمومة إلى الأضواء.. "غالي" يعيد ماريا نديم للواجهة    العيطة المرساوية تتواصل بمديونة            زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    جامعة الدراجات تنظم منافسات الكأس    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    









«الخرقوم البلدي» من التوابل المهملة رغم قوته الحافظة للجسم
نشر في المساء يوم 15 - 12 - 2013

إن المجتمعات لا ترقى إلا بقيمها وأصولها، ولا تكتمل سعادتها إلا باحترام تقاليدها وهويتها. والأمة التي تستنبط نمط عيشها من غيرها، تبتعد عن أصالتها وحقيقتها وتفقد القدرة على الوجود بنفسها، ولن تعود إلى أصلها لجهلها بمكوناتها. لهذه الأسباب جميعها، توجب على الإنسان المغربي أن يهتم بثقافته وتاريخه على كل المستويات، ومن بينها، إن لم يكن من أهمها، ثقافته الغذائية؛ لذلك سنحاول، في هذا المقال الأسبوعي، التطرق إلى أهم التحولات الغذائية التي يعيشها الإنسان المغربي وما تحمله بين طياتها من أمراض فتاكة تشكل خطرا حقيقيا على صحته.
الكركم أو ما نسميه في المغرب ب»الخرقوم البلدي»، وكان يسمى كذلك الزعفران، يعتبر من التوابل القوية التي تتعدد استعمالاتها، نظرا إلى مذاقه ولونه ونظرا إلى خصائصه الحافظة. والكركم يصنف مع التوابل الجذرية كالزنجبيل والخولنجان، ويمتاز بلونه الذي جعله يستعمل في تلوين بعض المواد الغذائية لتحسين جودتها الحسية، ويمتاز بكونه نباتا طبيا أكثر من كونه منكها للمأكولات، خصوصا المطهُوَّة. ويعرف الكركم في الطب الهندي والصيني في علاج كثير من الأمراض، وكان يسمى الزعفران الهندي، وقد استعمل لصباغة الصوف والقطن إلى جانب الحناء والزعفران؛ ولم يعد يستعمل حاليا إلا مع التوابل، كمنكه أو كملون طبيعي. ويجب ألا يخلط الناس بين الكركم الطبيعي وبين بعض الملونات الغذائية الصناعية التي يطلق عليها نفس الاسم.
ويعدُّ الجزء المبخر أو الطيار من الكركم أقوى من المكونات الأخرى، وهو الجزء المسؤول عن تهدئة الألم. ويحتوي الكركم على مادة ملونة بالأصفر، وهي من المركبات الطبية الهائلة، وتدعى هذه المادة الكيوركيومين Curcumin، وهذا المركب يزيل الألم بنفس الفاعلية التي تعطيها العقاقير الكيماوية المزيلة للألم، وقد تمت مقارنته بالهايدروكورتيزون والفاينيلبيتازون، وببعض المهدئات الأخرى كالمورتين. لكن مزية الكركم أنه طبيعي، وليست له أعراض جانبية، على عكس العقاقير التي لها أعراض جانبية.
وتجعل مادة الكيوركيومين المضادة للأكسدة من الكركم أقوى نبات صحي. وبما أن الجذور الحرة هي المركبات التي تنتشر في الجسم، لتسبب التهابات على مستوى المفاصل وأماكن أخرى، فإن حبسها أو إيقافها يكبح أو يزيل هذه الأعراض، ومادة الكيوركيومين تكبح هذه الجذور الحرة، لتبطل كل الآفات التي تترتب عن انتشارها في الجسم. ونحن نعلم بأن الجذور الحرة تسبب كثيرا من الأمراض والأعراض، بما في ذلك السرطان، لأنها تصيب غلاف الخلايا، وتثقل النشاط التبادلي بين الخلايا وتبادل الأنزيمات وجل الأنشطة الفايزيولوجية.
تكلمنا سابقا عن تصدي الكيوركيومين للجذور الحرة على مستوى خلايا القولون، والجذور الحرة هي التي تخرب الحمض النووي. ونظرا إلى تردد الانقسام والطفرات في الحمض النووي لخلايا القولون، فإن ظهور خلايا سرطانية يكون سهلا جدا. وتقوم الكيوركيومين بتخريب الخلايا المتطفرة في الجسم وتحول دون انتشارها في أعضاء الجسم، علاوة على تنشيط الكبد، وتقوية الأنزيمات المكلفة بإزالة السموم Cleanse. ويدخل الكركم ضمن لائحة المنتوجات الطبيعية التي تدخل في تغذية المصابين بالسرطان. وللكركم خصائص صحية هائلة لا يمكن أن تنكر، وتناوله يوميا يجب أن يكون بانتظام مع الأغذية.
ومن الالتهابات التي أصبحت خانقة وخطيرة في العصر الحالي تلك التي تنتج عن تقرح كروهن، والتقرحات المعوية عامة. ورغم الأبحاث الكثيرة التي أجريت على الحيوانات المخبرية، فإن التفسير العلمي لفاعلية الكركم على الأمعاء لم يعرف بعد، ولا تزال العلوم في طور دراسة الكيفية التي يقي بها الكركم الأمعاء من التقرحات، وكيف يبقي الخلايا المعوية نشطة، وهناك اقتراح أن يكون الحادث ليس لوجود الكيوركيومين المضاد للأكسدة، وإنما لكبح العامل المسبب للالتهاب والذي يسمى NF kappa-B، وهو العامل الذي يجعل الخلايا المعوية تصاب بالالتهاب من جراء الجذور الحرة، والمواد السامة الأخرى المنحدرة من الاستقلاب Metabolism، ومما يعطي للكركم الضمانة في الاستعمال هو إمكانية تناوله بكمية كبيرة دون أي
ضرر.
إن استهلاك الكركم بانتظام يخفض من احتمال الإصابة بسرطان الثدي والبروستاتا والرئة والقولون. وقد وضحت التجارب المخبرية أن الكركم يمنع الخلايا السرطانية من النمو، لتصبح تورمات، ويساعد كذلك على الحد من انتشار السرطان في الحالات التي يكون فيها في طور متقدم أو في طور الورم.
ويعمل الكيوركيومين الموجود في الكركم على كبح نشاط العامل NF-kappa B، وهو المركب الذي يأمر الجينات المسؤولة عن الالتهاب في الخلايا بإفراز المركبات الالتهابية، بما في ذلك TNF وCOX-2 وIL-6، وهي العوامل التي تمهد لنمو الخلايا السرطانية. وجاءت نتائج علمية تزكي وتبين كذلك أن الكركم يمنع نمو التورمات السرطانية، ويكون هذا الحادث عبر رفع الأبوبتوزيس Apoptosis بالنسبة إلى سرطان الرئة. وهناك أبحاث جارية حول كبح سرطان البنكرياس والحلقوم وبعض التورمات الجلدية.
من الخصائص الإيجابية للكركم أنه ينشط فايزيولوجية الكبد. ويعزى هذا الأمر، حسب الدراسة التي أجريت على النماذج المخبرية، إلى رفع مستوى الأنزيمات التي تحول دون تسمم الكبد بالمركبات السامة Xenobiotic chemicals، ومن هذه الأنزيمات أنزيم UDP glucuronyl transferase وأنزيم Glutathione-S-transferase. وعلاوة على هذه الخصائص، فإن الكيوركيومين مركب مانع للأكسدة ويحول دون تكون هذه السموم في الخلايا الكبدية، ويعمل الكيوركيومين على حبس الجذور الحرة على مستوى القولون. وقد تكلمنا عن عامل Cyclooxygenase-2 (COX-2)، وهو ما يجعل الكركم من المانعات لسرطان القولون.
وبما أن الكركم يحتوي على مكون قوي مضاد للأكسدة، فإن تأكسد الكوليستيرول لن يقع مع وجود هذا المكون، وبالتالي فإن الأوعية الدموية ستبقى محفوظة، وكذلك خفض مستوى عامل الهومسيستاين الذي يتسبب في تخريب الجدار الداخلي للأوعية. ومن خصائص الفلافونويدات والبوليفينولات أنها تحفظ الأوعية الدموية، وتحول دون تأكسد الكوليستيرول. ويساعد استهلاك الكركم كل الأشخاص المصابين بتصلبات الشرايين، أو الذين تكونت لديهم لوحات داخل الأوعية وأصبحت ضيقة، بما جعل جريان الدم ضعيفا. ويمكن أخذ شراب الكركم من جملة الأشياء التي يجب تناولها، ويمكن تقوية مفعول الفلافونويدات والبوليفينولات باتباع حمية خالية من اللحوم والألبان. ويسهل تناول الكركم بالنسبة إلى المصابين بأمراض تتعلق بالقلب والشرايين، لأن الكركم على شكل شراب يجعل الجسم يأخذ
كمية عالية من الفلافونويدات الواقية.
ربما تكون هناك مكونات أخرى لا تزال العلوم بصددها، أو مركبات تتعامل مع بعضها ليكون مفعولها أكبر من مفعول المركبات لوحدها أو متفرقة. ويلاحظ أن الكركم يمنع تآكل الخلايا الدماغية ويحد من ظهور الأمراض المتعلقة بشيخوخة الجهاز العصبي، أو بفقدانه لخاصية التنسيق وانتشار التيارات العصبية. ومن أهم هذه الأمراض مرض ألزايمر والباركينسن والتصلب اللويحي والصرع وكثير من الأمراض الأخرى التي تفقد الجسم تناسقه وتوازنه. ولا تزال هذه الخاصية غير مفهومة من الناحية العلمية، ولو أن هناك بعض المحاولات لمعرفة الكيفية التي يحفظ بها الكركم الجسم من هذه الأمراض، وحسب بعض التفسيرات فربما يكون ذلك لأن الكيوركيومين يكبح عامل IL-2، وهي جزيئة تلعب دورا أساسيا في تخريب مادة المايلين Myelin التي تقوم بتوصيل الإحساسات العصبية.
د. محمد فائد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.