الدرهم يرتفع بنسبة 0.55 % أمام اليورو    سوق الطرشة بصفرو ملاذ الباحثين عن الأضاحي ذات الجودة العالية    الأردن تعلن "عموتة" أسطورة المدربين في تاريخ النشاما    ارتفاع محسوس في درجات الحرارة باقليم الحسيمة    "مكتب الكهرباء والماء" يدعو لاستعمال معقلن للمياه خلال عيد الاضحى    ميناء الحسيمة يستقبل أول باخرة في إطار عملية "مرحبا 2024"    "لبؤاتU17" يفشلن في بلوغ المونديال    مدرب الجيش الملكي يرد على تدوينة زينباور    سابقة.. الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند يترشح للانتخابات التشريعية    "مكاتب متنقلة" لرؤساء جماعات تغضب الداخلية .. ضيعات تتحول إلى مقرات عمل    درجات الحرارة المُرتقبة يوم عيد الأضحى بهذه المناطق من المغرب    فتح المجزرة الجماعية لفاس لنحر الأضحية    صعقة كهربائية تنهي حياة شاب بتاوريرت    زهير البهاوي يرد على تصريحات إيهاب أمير    "فيفا" يعلن عن الموعد الرسمي لكأس العالم للأندية 2025 في نسخته الجديدة    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟        الرصاص يلعلع بالفنيدق بتوقيف شخص عرض حياة المواطنين للخطر    الوداد البيضاوي يستنكر قرار استبعاده من كأس الكونفدرالية الإفريقية    الحجاج يؤدون "طواف الإفاضة" في أول أيام عيد الأضحى    إدريس لشكر كابوس يزعج بنكيران وتابعيه في الحلم واليقظة    المغرب يغيب عن مؤتمرين لدعم أوكرانيا ضد روسيا ويواصل دبلوماسية الحياد    في عيد الأضحى.. تحضير التوابل المتنوعة تقليد عريق لدى المغاربة    في خطبة العيد.. السديس يدعو للفلسطينيين من الحرم المكي    تقرير: المغرب ليس ضمن أسوأ بلدان العمالة لكنه يشهد انتهاكات مُنتظمة للحقوق الأساسية للعمّال    خطيب عرفة يثير جدلا بعد اعتباره أن "الحج ليس مكانا للشعارات السياسية"    بلا أضاحي ولا أفراح.. سكان غزة يحيون عيد الأضحى بين الركام وتحت القصف    الحزب المغربي الحر يندد بسياسة الحكومة ويحملها مسؤولية ترك المواطنين عرضة لعصابات السمسرة في الأضاحي    عطلة عيد الأضحى تملأ مؤسسات فندقية بمراكش بنسبة 100 في المائة    مرض "الإنهاك الرقمي" .. مشاكل صحية تستنزف الذهن والعاطفة    منظمة الصحة العالمية تشخص أعراض التسمم بالكافيين    الجيش الإسرائيلي يعلن "هدنة تكتيكية" في جنوب قطاع غزة    سعد لمجرد وحاتم عمور يثيران حماس جمهورهما ب"محبوبي"    قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج    الحجاج يتوافدون على مشعر منى لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي في أول أيام عيد الأضحى    الحجاج يرمون "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    تطبيق "واتسآب" يضيف خصائص جديدة إلى خدمة مكالمة الفيديو    حجاج بيت الله يرمون الجمرات في منى    لندن.. خبراء بريطانيون يشيدون بجهود المغرب لحل النزاع حول الصحراء    3 أندية تتنافس للظفر بخدمات وليد شديرة    عيد الأضحى بالصور من غزة إلى موسكو    مَهزَلة محمد زيان.. يَستجدي التضامن من المُتمرنين والمُبتدئين    الأكاديمي شحلان يبعث رسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة .. "ما هكذا تؤكل الكتف"    عودة فريق الدفاع الحسني الجديدي للدوري المغربي الاحترافي الأول لكرة القدم : تألق وإصرار يجسدان العزيمة والإرادة    فيدرالية اليسار تستنكر إغلاق ممرات عمومية تؤدي لشواطئ المضيق    للنهوض بمستقبل رقمي شامل ومنفتح وآمن في القارة الإفريقية.. المغرب يعلن عزمه تقليص الفجوة الرقمية    القنصلية العامة للمملكة المغربية ببروكسل تحتفل بالذكرى الستين لتوقيع الاتفاقية الثنائية لليد العاملة بين المغرب وبلجيكا    المواشي المستوردة تضعف الإقبال على أسواق الأضاحي بالجنوب الشرقي    أطروحة بالإنجليزية تناقش موضوع الترجمة    أزيد من مليون و833 ألف حاجا وحاجة ضيوف الرحمن هذا العام    الملك محمد السادس يهنئ عاهل المملكة المتحدة    "الجسر الثقافي بين المغرب وإيطاليا"، معرض للصور الفوتوغرافية يحتفي بالخصائص الثقافية بين البلدين    خضع لحصص كيميائية.. تفاصيل جديدة حول وضع الفنان الزعري بعد إصابته بالسرطان    بورصة البيضاء تنهي تداولات الأسبوع على وقع الانخفاض    صديقي: المغرب اعتمد سياسة استباقية لتحسين النجاعة المائية في خدمة السيادة الغذائية    الحجاج يقفون على جبل عرفة    حفلٌ مغربي أردني في أكاديمية المملكة يتوّج دورات تدريبية ل"دار العود"    الفنانة بطمة خالة للمرة الثالثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخرشوف لا يحظى بالاهتمام اللازم وربما ينقضي موسمه دون الاستفادة منه
نشر في المساء يوم 05 - 01 - 2014

إن المجتمعات لا ترقى إلا بقيمها وأصولها، ولا تكتمل سعادتها إلا باحترام تقاليدها وهويتها. والأمة التي تستنبط نمط عيشها من غيرها، تبتعد عن أصالتها وحقيقتها وتفقد القدرة على الوجود بنفسها، ولن تعود إلى أصلها لجهلها بمكوناتها. لهذه الأسباب جميعها، توجب على الإنسان المغربي أن يهتم بثقافته وتاريخه على كل المستويات، ومن بينها، إن لم يكن من أهمها، ثقافته الغذائية؛ لذلك سنحاول، في هذا المقال الأسبوعي، التطرق إلى أهم التحولات الغذائية التي يعيشها الإنسان المغربي وما تحمله بين طياتها من أمراض فتاكة تشكل خطرا حقيقيا على صحته.
الأصل في تسمية الخرشوف هو اسم الأرضي الشوكي، وهو اسم عربي محض، نقله العرب إلى الأندلس لما فتحوا إسبانيا، فتحول الاسم من الأرضي الشوكي إلى Artichaut بالفرنسية، وإلى Artichoke بالإنجليزية. والخرشوف يكاد يكون خضرة ذات جنسية متوسطية، لأن منطقة المغرب العربي هي المعروفة بإنتاجها على المستوى العالمي، حيث عرفه الفرنسيون في عهد الاستعمار فنقلوه إلى فرنسا، واشتهرت به منطقة بربينيان التي ازدهرت فيها زراعة الخرشوف، حتى إن ألمانيا عمدت قبل الحرب العالمية الثانية إلى استيراده من فرنسا. ولم يكن الخرشوف يزرع في المغرب آنذاك، بل كان ينبت طبيعيا إلى درجة أن أكله كان يقتصر على المزارعين، ولم يكن يباع في البوادي، بل كان الناس يجمعونه من الحقول ليبيعوه في المدن. وبدأت زراعته مع الاستعمار الفرنسي، حيث تغير مع التقنيات الزراعية. وبقي الخرشوف الطبيعي أو البري إلى أواخر الستينيات في المناطق الكبرى كمنطقة الشاوية وزعير وتادلة ودكالة وحوض ملوية والغرب وسهول سايس، ولم يبق منه إلا القليل الآن في مناطق محدودة جدا، وقد ساعد على هذا الانقراض الحرث بالجرارات، واستصلاح الأراضي الزراعية، وكذلك الحفارون الذين يجمعون الأعشاب لبيعها كمنتجات علاجية في المدن. والخرشوف كان مثل جميع النباتات الغابوية أو الطبيعية التي تنبت تلقائيا بدون زراعة، وكان هناك العديد من المنتوجات الطبيعية الخضراء التي كان الناس يجمعونها بالمجان من الحقول، كما يجمعون الكلأ للماشية. ومن بين الخشاش الذي كان يجمع ويستهلك، نجد البقولة (الخبيزة) والتبش والزرنيخ والسلك والكرنينة والعسلوج والسكوم والبرمرم والبوحمو، وكانت هذه الأنواع من الخشاش تطهى إما مع الكسكس أو تطهى بالبخار ويصب عليها زيت الزيتون، لتكون من أعلى المواد الغذائية من حيث الفايتمينات والأملاح المعدنية، كالحديد وكذا مكون حمض الفوليك.
لا يختلف اثنان على أن المنتجات الطبيعية أو البرية تختلف عن المنتجات العصرية، أو ما يصطلح عليه بالرومي. والراسخ عند المستهلك المغربي أن البري أو الطبيعي، أو ما يصطلح عليه بالبلدي، يكون دائما أعلى جودة من العصري أو الصناعي، ولو أن كثيرا من الأوساط أخذت تستعمل بعض الأساليب لطمس هذه الفكرة وتضبيبها في عقول الناس؛ فالبطاطا الحلوة، مثلا، ليست هي البطاطس التي نستهلكها فقط لأنها سيدة الوجبات السريعة؛ والخرشوف البري، أيضا، ليس هو الخرشوف البستاني، فالخرشوف البري كان يبقى في التربة ويخرج البذور لوحده، وهذه البذور كانت تنتشر وتعطي نبتة أخرى بطريقة تلقائية طبيعية، وكان يأكله المزارعون فقط لأنهم يجدونه في الحقول، ولم يكن يزرع كما كان المزارعون يستحيون من أن يبيعوا الخرشوف لأنه لم يكن يزرع وإنما كان ينبت طبيعيا، ولم يكن يعتبر خضرة عادية، كما لم يكن يخطر على بال الفلاح أن يجمع الخرشوف ليبيعه، ثم من سيشتريه منه حتى لو فعل؟ إذن، فالخرشوف كان خضرة الفلاحين فقط، ممن يجمعونه من الحقول أثناء الحرث في فصل الشتاء، ولهذا كان الخرشوف خضرة الشتاء بامتياز.
وكما تعودنا تلقين القارئ الميزات الخاصة لكل خضرة، كذلك سنفعل في ما يلي؛ فإذا كان البصل يمتاز بالسولفايدات التي تسيل الدموع والطماطم بمادة اللايكوبين، فإن الخرشوف يمتاز بوجود مادة الساينرين، هذه المادة مرة المذاق، وهذا ما نلاحظه ونحن نمضغ قطعة خرشوف طازجة، فهذه المادة تكون أكثر تركيزا في الخرشوف بانتظام طيلة موسمه الشتوي، وهي التي تعطي للخرشوف مذاقه المر، في حين تفقد مذاقها المر هذا عند سلق أو طهو الخرشوف، حيث يتغير شكل جزيئتها، بينما تحافظ على نفس مكوناتها الطبية. وبوجود هذه المادة، فإن الخرشوف يحد من تكون الكوليستيرول الخبيث في الدم ويحفظ الكبد من الالتهابات ويساعد على إفراغ الصفراء ويخفض تركيز السكر في الدم، ولهذا فهو منصوح به للمصابين بداء السكري؛ كما يحتوي على مادة البوليفينول المسؤولة عن اللون الأسود للخرشوف لما يقطع ويصيبه الهواء. ويدخل الخرشوف في تغذية المصابين بالتهاب الكبد B وC، لأن مركب الساينرين يحفظ الكبد من التسمم، ويفضل استهلاكه طازجا في هذه الحالات.
ويحتوي الخرشوف، كذلك، على سكر الإنولين الذي يغذي فلورا القولون أو البكتيريا الصديقة، ويعتبر سكر الإنولين من الألياف الذائبة أو المتخمرة التي بدونها لا تنمو البكتيريا الصديقة. وللخرشوف خاصية ترطيب الجهاز الهضمي، ويحتوي على أنزيم الأوكسيديز الذي يحارب شيخوخة خلايا الجسم. والخرشوف يعتبر من المصادر المهمة لحمض الفوليك والفايتمين K، وهي الفايتمينات التي تقل في النظام الغذائي الحديث الذي يعتمد على الوجبات السريعة والحلويات والمقليات.
ويستهلك الخرشوف على شكل أوراق في طوره الإنباتي، كما قد يستهلك بعد إخراج الرؤوس المزهرة. وهذه الرؤوس تظهر عندما يترك الخرشوف ينضج ويصل إلى طور الإزهار، ويكون هذا بعد نهاية شهر يناير، حيث تبدأ أوراق الخرشوف في إخراج هذه القضبان التي ستحمل الأزهار أو الرؤوس، ولا يمكن أن يستهلك لأنه حتى السيدات لا يرغبن في طهوه كذلك، فيبقى في الحقل حتى يكتمل نضج الرؤوس، وذلك في شهر أبريل، ولحسن الحظ أن نضج هذه الرؤوس يتزامن مع نضج الجلبان، حيث يصبح الطبيخ بهذه الرؤوس مع الجلبان متداولا جدا في هذه الفترة.
وعلاوة على استهلاك هذه الرؤوس كخضرة، فإن هناك مزايا أخرى يمكن أن تثير انتباه المستهلك، وهي خاصية يمتاز بها الخرشوف في تقنيات صناعة الألبان، لأن الشعيرات الموجودة في لب هذه الرؤوس لها مفعول فوري في عملية تجبين الحليب بوضع القليل منها في لتر أو لترين من الحليب ليتجبن بسرعة، وخاصية تجبين الحليب هي خاصية موكولة إلى الأنزيمات المصنفة من نوع محللات البروتينات وأشهرها المنفحة، وتعتبر الأنزيمات النباتية من أحسن المكونات الطبيعية التي يمكن أن تستعمل في صناعة الألبان.
وننفرد بهذا التنبيه حول عدم استهلاك الخرشوف الذي يطهى ويخزن، لأن الملاحظ هو اسوداد الخرشوف لما يبقى لوقت طويل، وذلك لأن المركبات تتأكسد وتصبح سامة، ولذلك يرجى استهلاك الخرشوف طازجا، أو مباشرة بعد سلقه أو طهوه، ولا يخزن بعد طهوه ولو في البرودة.
د. محمد فائد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.