نساء يستيقظن مبكرا يرافقن الرجال في رحلتهم في اتجاه سوق الجملة للخضر والفواكه في البيضاء، يلبسن ما رث من الثياب، يضعن أحزمة على خصورهن، يغطين وجوههن حتى لا يظهر منهن إلى أعينهن. نساء يتجولن بخفة بين هياكل الشاحنات ودكاكين سوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء، تتسلل أجسادهن بين صناديق الخضر، ليجمعن بقايا ما يسقط من الحمالين، المنهمكين في تحميل سلع بشاحنات أحجامها مختلفة، والتي يتم توزيعها في الأسواق، في إصرار منهن، لأجل تحصيل قوت يومي، ومساعدة زوج أو حتى منهن من يعلن أسرا بأكملها. نساء تعلو وجوههن نظرة أسى، تتطلع من وراء أسوار المعاناة إلى الإنعتاق والخلاص من مكتوب سطر على الجبين إما عن طيب خاطر أو إكراها، مشمرات عن السواعد ليجبن السوق طولا وعرضا، يلتقطن حبة طماطم هنا وحبة بطاطس هناك، ويسارعن إلى أخذ تفاحة، موزة أو برتقالة، انعتقت من يد تاجر أو زبون. لا يعرف الملل الطريق إلى عادتهن، فسد الرمق ثمنه باهظ، حيث يلبثن في بحثهن الحثيث صباح كل يوم. ووفق إلحاح الحاجة كثيرا ما يجدن جرأة كافية لشحذ بعض حبات الخضر والفواكه من التجار أو الزبناء، فمن زاجر غليظ القلب إلى رقيق قلب رحيم، ليحسم الحظ ويجود بعضهم ببعض الخضر. مسؤولية وهموم
نساء، المعاناة خطت جبينهن، قدر لهن عيش حياة فقر، فجلهن يعلن أسرا ويحملن أعباء أثقلت كواهل الرجال، على رقابهن مصاريف الكراء، الماء والكهرباء ، أغلبهن لا تتوفرن على أبسط وسائل العيش الكريم. عائشة، إحدى هؤلاء النسوة، تغادر بيتها باكرا في اتجاه سوق الجملة للخضر والفواكه في البيضاء، وبيدها كيس يمتلأ مع مرور الوقت بما تيسر من خضر وفواكه، بعد أن اللف عشرات المرات وبعد النبش في كل الأمكنة، بحثا عن خضر وفواكه من مخلفات الآخرين. تجر خطاها المثقلة بهموم ثقيلة، كونها تعيل أسرة، مكونة من زوج مريض وخمسة أبناء، يعيشون في غرفة واحدة، اكترته عائشة ب 700 درهم بأحد الدور الآيلة للسقوط في المدينة القديمة بالبيضاء. كسب هزيل ومجهود جبار
وحين تجمع نسوة سوق الجملة ما تستطعن حمله من الخضر والفواكه، يسرعن في اتجاه الأسواق الشعبية لأجل عرض ما استطاعت أيديهن جمعه من الخضر والفواكه، ، لتبدأ مساومة الزبناء الذين يساومون مع أسعار المنتجات الرخيصة، فلا تجد النسوة بدا من القبول لأجل العودة مساء بما تيسر لهن من المال لأجل إعالة أبنائهن الصغار، حيث توفر النسوة للزبون في الكومة الواحدة خضرا وفواكه مختلفة، وأحيان تجمع النسوة كومات من خضر محددة، تتراوح سومة الكومة الوحدة من درهمين إلى 5 دراهم، حسب حجم الكومة والخضر المتوفرة لدى البائعة، إذ أن زبائنهن يستفيدون من خليط خضر أو فواكه أو هما معا بثمن زهيد . هن أكيد نساء وجدن في سوق الجملة للخضر والفواكه في مدينة البيضاء إلى جانب الرجال، مكانهن للاسترزاق وتوفير لقمة عيش لهن ولمن يعلن من الأبناء.