بنكيران يتقدم باعتذار لمدينة بركان    إعلام عبري: شركة إسرائيلية تفتح مصنعا لإنتاج الطائرات الانتحارية المسيرة في المغرب    في بروفة تنظيمية مبهرة.. الكونغو تخطف بطاقة العبور أمام نيجيريا في الملحق الإفريقي    "الماط" ينفرد بالصدارة على حساب رجاء بني ملال وشباب المحمدية يواصل نزيف النقاط    درك بني ملال يدخل على خط "اغتصاب متكرر" لفتاة في وضعية إعاقة    المغرب يعبئ أزيد من 78 مليار درهم لتحديث النقل العمومي بحلول 2029    اندلاع حريق داخل منزل بشارع بمدينة الحسيمة يثير حالة هلع بين السكان    خبير: قدرة المغرب على التوازن الاقتصادي تكمن بإدارة الأزمات وسرعة الاستجابة للصدمات الخارجية    حركة ضمير تدعو إلى نموذج سياسي جديد يعيد الثقة للمغاربة    هالاند يقود النرويج لإسقاط إيطاليا والتأهل لكأس العالم بعد غياب دام 28 عاما    إطلاق إجازة في السينما داخل السجون لتعزيز إدماج النزلاء بالمغرب    مجلس ‬المنافسة ‬يكشف ‬بالأرقام ‬عائدات ‬الشركات ‬الكبرى ‬للمحروقات ‬بالمغرب ‬    ملفات ‬سرية ‬وامتيازات ‬اقتصادية: ‬مدريد ‬تعود ‬إلى ‬أرشيف ‬الصحراء ‬والمغرب ‬يرفع ‬سقف ‬شروطه    قطاع الفلاحة يتصدر جلسة مسائلة الحكومة بمجلس النواب ب13 سؤالاً    عائشة البصري تكتب: القرار 2797 يعيد رسم معالم نزاع الصحراء.. وتأخر نشره يزيد الغموض المحيط بصياغته    قضاء بنغلادش يحكم بالإعدام على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة    انهيار أرضي يحطم حافلة ويخلف قتلى في فيتنام    وقفة احتجاجية في طنجة تندد بالحصار الإسرائيلي وتجدد التضامن مع السودان    ‬المغرب ‬يمنح ‬10 ‬تراخيص ‬جديدة ‬لمشاريع ‬صناعية ‬دفاعية ‬    بن سلمان يجري زيارة لأمريكا لبحث التطبيع مع اسرائيل    مخيمات ‬تندوف ‬تتحول ‬إلى ‬مسرح ‬يومي ‬لأحداث ‬مأساوية ‬و ‬اعتقالات ‬عشوائية ‬    انعقاد ‬الدورة ‬العادية ‬الثالثة ‬للمجلس ‬الوطني ‬لحزب ‬الاستقلال    الأعياد ‬المجيدة ‬تنبعث ‬في ‬الصيغة ‬الجديدة    اتهامات بالشعوذة تُفجّر التوتر بعد تأهل الكونغو الديمقراطية على حساب نيجيريا    تصفيات مونديال 2026.. توخل يحذّر بيلينغهام المستاء من ضرورة احترام قراراته    حكيمي وصلاح وأوسيمن في اللائحة النهائية لجوائز الكاف 2025    دعم الحبوب… "أرباب المخابز": تصريحات لقجع "غير دقيقة ومجانبة للصواب"    تراجع أسعار الذهب مع صعود الدولار وترقب بيانات أمريكية    القضاء يؤيد حكما ابتدائيا يلزم مصحة بأكادير بأداء أزيد من 2.3 مليون درهم لصندوق الضمان الاجتماعي    وزير الفلاحة يترأس افتتاح النسخة 32 للمعرض الجهوي للزيتون بجرسيف    حقوقيو تيزنيت يطالبون بالتحقيق في تسمم 25 تلميذا بداخلية ثانوية الرسموكي    أدين ابتدائيا ب5 سنوات بسبب النشر.. وقفة احتجاجية تضامنا مع الشاب محمد بزيغ و"جيل زد" تطالب بحريته    أكادير تحتضن المعرض الدولي للتصوير الفوتوغرافي    الإذاعة والتلفزة تُقرّب الجيل الصاعد من كواليس عملها في التغطية الإخبارية للأحداث الكبرى    الطالبي العلمي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    إرسموكن : "بصحة جيدة وقميص جديد"… أملال إرسموكن لكرة القدم يُطلق موسمه ببادرة مزدوجة    طقس ممطر في توقعات اليوم الإثنين    أحكام ثقيلة في الحسيمة ضد متهمين بالاتجار في المخدرات القوية والاعتداء على موظفين عموميين    "جمهورية نفيديا".. سباق التسلّح التكنولوجي يبدّد وهم السيادة الرقمية    تفاصيل جديدة في قضية سرقة "مجوهرات التاج" من متحف "اللوفر"    لقد ونمَ الذبابُ عليه..    تشكيلنا المغربي..    التواصل في الفضاء العمومي    العرب في معرض فرانكفورت    حكيمي وصلاح وأوسيمين يتنافسون على لقب أفضل لاعب إفريقي 2025    جمعية بتيفلت تستنكر طمس جدارية فنية وتطالب بتوضيح رسمي ومحاسبة المسؤولين    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض 20 فيلماً قصيراً في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات العراقية والناخب الإيراني
نشر في المساء يوم 11 - 05 - 2014

كان مفيدا أن تجري انتخابات تشريعية في العراق بعد أربع سنوات وشهرين تقريبا من آخر انتخابات جرت في البلد. هذا لا يمنع من الاعتراف بأنّه إذا كانت الانتخابات الأخيرة أثبتت شيئا، فهي أثبتت أن الديمقراطية لا تهبط من السماء. الديمقراطية ليست سوى تتويج لعملية طويلة يمرّ خلالها المجتمع بتجارب عديدة تصبّ في اتجاه تطويره وصولا إلى مرحلة يصبح فيها ممكنا تنظيم انتخابات حرّة بالفعل.
في عام 2010، تقدّمت في الانتخابات، وإن بفارق ضئيل، قائمة كان على رأسها الدكتور إياد علاوي الذي توفر له دعم عربي معلن. فشل علاوي لأسباب، عائد بعضها إلى شخصه، في تشكيل حكومة. كان هناك اعتراض إيراني عليه، وكان الجانب الأمريكي متفهّما لهذا الاعتراض. أدّى ذلك إلى تولّي نوري المالكي تشكيل حكومة لم تبصر النور إلا بعد مضي عشرة أشهر على الانتخابات. لم يستطع المالكي استكمال تشكيل الحكومة. بقيت حقائب أساسية فيها، بما في ذلك الداخلية والدفاع، في عهدته. كانت تلك إشارة إلى مدى النفوذ الإيراني في العراق. لكنّها كانت أيضا إشارة إلى وجود قوى، خصوصا بين الشيعة، مازالت تقاوم هذا النفوذ وإن بحياء وخفر.
في الانتخابات السابقة، كما في الانتخابات الأخيرة، تبيّن أن لا معنى لأي انتخابات في غياب الوعي الاجتماعي والحريات العامة المضمونة عن طريق الممارسة، وليس فقط عن طريق الدساتير والقوانين. لا معنى للانتخابات في بلدان تتحدّث فيها الدساتير عن الحريات العامة في حين يمارس الحاكم أبشع أنواع التسلط متذرّعا، في معظم الأحيان، بحماية «الأمن القومي» كما هو الحال في سوريا. لا معنى للانتخابات مادام لا تداول سلميا للسلطة ومادام الهدف من الانتخابات تكريس أمر واقع. يتمثل الأمر الواقع في العراق في أن نوري المالكي، أو من ينوب عنه من حزب «الدعوة»، شخص لا غنى عنه لإيران، لذلك يجب أن يبقى في موقع رئيس الوزراء.
عرف نوري المالكي كيف يمارس اللعبة الانتخابية وقبلها اللعبة السياسية، وليس اللعبة الديمقراطية. سيعود، على الأرجح، رئيسا للوزراء في العراق لولاية ثالثة بعدما صار رجل إيران في البلد. لم يعد في العراق مكان لزعيم سياسي لا يرفع شعار الدفاع عن طائفته بدل الدفاع عن العراق ووحدة أراضيه وعن الشراكة الوطنية في صنع مستقبل أفضل للعراقيين بغض النظر عن الدين والطائفة والمنطقة.
كشفت الانتخابات العراقية، التي انتهت بتقدّم قائمة المالكي «دولة القانون» بأكبر عدد من المقاعد، أن العراق ليس مهيّأ بعد للانتخابات. إنّه مهيأ فقط للعب الدور المطلوب منه لعبه، أي دور «الساحة» بالنسبة إلى إيران، على غرار ما هو عليه لبنان.
في سياق لعب العراق لهذا الدور المفروض عليه، لم يتردّد المالكي في إثارة الغرائز المذهبية التي زادت من عمق الشرخ بين الشيعة والسنّة. هذا على الصعيد الداخلي، حيث صارت المناطق التي فيها أكثرية سنّية متهمة بإيواء الإرهاب والإرهابيين. هناك حملات عسكرية على المناطق التي تعتبر سنّية من أجل إسكات أي معارض سياسي. صار مطلوبا من كل سنّي أن يفحص يوميا دمه لتأكيد أنه ليس إرهابيا وعنصرا من عناصر «القاعدة» وتوابعها.
على الصعيد الخارجي، لم يعد يمر يوم دون حملة على دول الجوار في منطقة الخليج العربي، على رأسها المملكة العربية السعودية، من أجل تبرير الحملة التي تشنها السلطات العراقية على المناطق السنية.
فجأة، صارت دول الخليج العربي مصدر كلّ الشرور. كاد المالكي أن يتهم هذه الدول بكونها وراء انعدام الأمن في كلّ العراق، باستثناء المنطقة الكردية طبعا، وانقطاع الكهرباء وأزمة المياه والصرف الصحي في كل مدينة وبلدة وقرية.
ترافق ذلك مع انضمام النظام في العراق إلى الحرب التي يشنها النظام السوري على شعبه من زاوية مذهبية. صارت هناك ميليشيات عراقية تقاتل إلى جانب «كتائب الأسد» وميليشيا «حزب الله» في مختلف المناطق السورية. كل الشعارات المرفوعة في هذه الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري ذات طابع طائفي ومذهبي للأسف الشديد. يحدث ذلك بمجرّد أنه بات مطلوبا إيرانيا إنقاذ نظام بشار الأسد من منطلق أن «سوريا إما أن تكون لإيران أو لا تكون لأحد».
من بوابة الحملة على الدول العربية الخليجية، إلى الدخول طرفا مباشرا في الحرب على الشعب السوري، مرورا، بطبيعة الحال، بتلبية المطالب الإيرانية في الداخل العراقي، لم يعد هناك بديل عن نوري المالكي أو من يمثله في «حزب الدعوة». هناك دفتر شروط إيراني استطاع الرجل تلبية بنوده. لم يعد هناك من خيار آخر أمام العراقيين غير الولاية الثالثة للمالكي أو لمن ينوب عنه من «حزب الدعوة».
لم يكن الشعب العراقي مهيأ لانتخابات. الانتخابات تحتاج إلى حدّ أدنى من الوعي السياسي. ليس بمجرّد الانتهاء من نظام صدام حسين، الذي لعب دورا أساسيا في القضاء على نسيج المجتمع العراقي، يمكن أن يصبح العراق، بموجب التمنيات الأمريكية، دولة ديمقراطية تصدّر تجربتها إلى المنطقة. كان الأمريكيون في عهد بوش الابن يعتقدون أن العراق سيكون نموذجا لدول المنطقة، قبل أن يظهر أنه لم يعد سوى نموذج لما يمكن أن تكون عليه الدول الفاشلة في الشرق الأوسط وما يتجاوز الشرق الأوسط.
ما تبيّن، نتيجة الاجتياح الأمريكي للعراق ووصول من وصل إلى السلطة على دبابة أمريكية، أن البلد الذي سلمته الولايات المتحدة إلى إيران على صحن من فضّة في حاجة إلى إعادة بنا
ء نفسه.
لا يمكن لميليشيات طائفية وأحزاب لا علاقة لها، من قريب أو بعيد، بما هو حضاري في هذا العالم المساهمة في إغناء التجربة الديمقراطية في أي بلد من بلدان العالم؛ فكيف الأمر في بلد مثل العراق لم ير يوما أبيض منذ ذلك اليوم المشؤوم من صيف عام 1958 حين حصل انقلاب دموي أطاح بالنظام الملكي؟
ما ظهر جليّا في العراق أن الناخب الأول، وربما الوحيد، كان إيران التي ستعيد المالكي، أو شبيها له، إلى السلطة بمجرّد التزامه بدفتر الشروط المطروح. وهذا يفسّر الحذر الكردي المشروع والمخاوف السنية التي تبدو، للأسف، مبرّرة أكثر من أي وقت.
خير الله خير الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.