كوريا والولايات المتحدة تعززان تعاونهما في مجال الأمن السيبراني    البواري يكشف صرف 3 مليارات درهم ل714 ألف كسّاب في أقل من شهر    عودة كابوس الخطف بنيجيريا .. 25 تلميذة في قبضة مسلحين    جنوب إفريقيا تحقق في ملابسات وصول "غامض" ل 153 فلسطينيا وتحذر من أجندة لتطهير غزة    دار الشعر بمراكش .. الموسم التاسع لورشات الكتابة الشعرية للأطفال واليافعين    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    بعد إدانتهم ابتدائيا.. استئنافية الرباط تؤجل محاكمة 13 مناهضا للتطبيع وسط مطالب بتبرئتهم    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    بوانو يجدد مطالبته في البرلمان بإحداث لجنة لتقصي الحقائق حول صفقات الأدوية    سجلماسة.. مدينة ذهبية تعود إلى الواجهة رغم لغز أطلالها الصحراوية    مرصد يطالب بفتح تحقيق في زيادات مفاجئة طالت أسعار أدوية أساسية    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تعيد هيكلة مجلسها التأديبي    عبد الله وزان جاهز لمباراة مالي غدا في ثمن نهائي كأس العالم لأقل من 17 سنة    سباق جهوي في رياضة الدراجات الهوائية بجرسيف    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تطوان.. بنسعيد يتفقد مركباً تربوياً استعداداً لإطلاق برنامج "كان ياما CAN"    الموقع الهولندي المتخصص "فوتبولزون": المغرب "يهيمن" على القوائم النهائية للمرشحين ل"جوائز كاف 2025″    الجيش الملكي يعلن استقبال الأهلي المصري بملعب مولاي الحسن    التنقل النظيف.. تعبئة أزيد من 78 مليار درهم بالمغرب في أفق 2029    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    الأمم المتحدة تشيد بالجهود المغربية في تطهير الصحراء من المخلفات الحربية    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يقدم تجارب سينمائية آسرة لجميع أفراد العائلة    حقائق تهيئة شارع خليل جبران بالجديدة... حين تتكلم الوقائع ويسقط خطاب الركوب على المنجزات    اندلاع حريق داخل منزل بشارع بمدينة الحسيمة يثير حالة هلع بين السكان    بنكيران يتقدم باعتذار لمدينة بركان    "الماط" ينفرد بالصدارة على حساب رجاء بني ملال وشباب المحمدية يواصل نزيف النقاط    إعلام عبري: شركة إسرائيلية تفتح مصنعا لإنتاج الطائرات الانتحارية المسيرة في المغرب    حركة ضمير تدعو إلى نموذج سياسي جديد يعيد الثقة للمغاربة    خبير: قدرة المغرب على التوازن الاقتصادي تكمن بإدارة الأزمات وسرعة الاستجابة للصدمات الخارجية    إطلاق إجازة في السينما داخل السجون لتعزيز إدماج النزلاء بالمغرب    عائشة البصري تكتب: القرار 2797 يعيد رسم معالم نزاع الصحراء.. وتأخر نشره يزيد الغموض المحيط بصياغته    انعقاد ‬الدورة ‬العادية ‬الثالثة ‬للمجلس ‬الوطني ‬لحزب ‬الاستقلال    دعم الحبوب… "أرباب المخابز": تصريحات لقجع "غير دقيقة ومجانبة للصواب"    قطاع الفلاحة يتصدر جلسة مسائلة الحكومة بمجلس النواب ب13 سؤالاً    حقوقيو تيزنيت يطالبون بالتحقيق في تسمم 25 تلميذا بداخلية ثانوية الرسموكي    استغلال جنسي لشابة في وضعية إعاقة نتج عنه حمل .. هيئة تطالب بفتح تحقيق مستعجل وإرساء منظومة حماية    قضاء بنغلادش يحكم بالإعدام على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة    انهيار أرضي يحطم حافلة ويخلف قتلى في فيتنام    الأعياد ‬المجيدة ‬تنبعث ‬في ‬الصيغة ‬الجديدة    أكادير تحتضن المعرض الدولي للتصوير الفوتوغرافي    الإذاعة والتلفزة تُقرّب الجيل الصاعد من كواليس عملها في التغطية الإخبارية للأحداث الكبرى    تصفيات مونديال 2026.. الكونغو الديموقراطية تعبر إلى الملحق العالمي بعد التفوق على نيجيريا بركلات الترجيح (4-3)    إرسموكن : "بصحة جيدة وقميص جديد"… أملال إرسموكن لكرة القدم يُطلق موسمه ببادرة مزدوجة    الطالبي العلمي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    "جمهورية نفيديا".. سباق التسلّح التكنولوجي يبدّد وهم السيادة الرقمية    تشكيلنا المغربي..    التواصل في الفضاء العمومي    العرب في معرض فرانكفورت    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب القنصل الفرنسي يصرخ في وجه أحد بحارة «غاليلي»: لقد خدعتموني
حالة استنفار في القنصلية الفرنسية ليلة الإنزال والقناصل الأوربيون يستدعون مواطنيهم في الثالثة صباحا
نشر في المساء يوم 21 - 08 - 2014


عبد الله عرقوب
في كتابه «التدخل الأجنبي والمقاومة بالمغرب» يقول علال الخديمي إن العديدين يتوهمون بأنهم يعرفون أحداث الدار البيضاء سنة 1907/1908 «لأنهم قرؤوا عنها بعض الأسطر أو بعض الصفحات في المؤلفات التي اهتمت بتاريخ المغرب». ويتعمق الوهم أكثر حين يربط هؤلاء ربطا مباشرا بين مقتل التسعة أوربيين في 30 يوليوز 1907 وبين قصف المدينة وتدميرها يوم 5 غشت من العام نفسه. ربطٌ حاولت الكتابات الفرنسية، التي تناولت الحدث أن تمرره قصدا لإخفاء المبررات الحقيقية لمذبحة الدار البيضاء. في هاته الحلقات سنحاول ما أمكن استرجاع ما حدث في تلك الأيام العصيبة من تاريخ الدار البيضاء، مستندين على شهادات صحافيين عايشوا عن قرب فجائع تلك الفترة أمثال كريستيان هويل وشارل بوردون، وعلى مؤلفات أكاديميين أمثال أندري آدم وعلال الخديمي.
كانت ليلة الإنزال ملأى بالترقب والتوتر. في القنصلية الفرنسية تم تجميع كل ما تبقى من الفرنسيين، ووزعت عليهم الأسلحة، وأخذ كل واحد منهم مكانه في انتظار ما سيحدث في الفجر. كان الجميع يعلم بأمر الإنزال بعد أن أخبرهم نائب القنصل بأن أسطولا مرفوقا بقوات هائلة سيصل في الليل قبالة ساحل الدار البيضاء، وأن هذه القوات سيتم إنزالها في الخامسة صباحا. القناصل الأجانب أُخبروا هم الآخرون بهذه المستجدات عبر رسالة بعثها إليهم روجيه ميكري. أحد مقاطع الرسالة يوضح بأن الأسطول «لديه أمر بالقصف إذا لم يكن باب المرسى مفتوحا في هاته الساعة، وإذا أطلقت رصاصة على رجالنا».
لا يعرف بالتحديد متى أُعلم القناصل بالأمر. إذ وقع تضارب في الروايات حول الساعة التي علم فيها ميكري بالخبر، وكذا الوقت الذي أبلغ فيه باقي القناصل. يحكي كريستيان هويل، وكان وقت الإعلان عن خبر الإنزال في القنصلية الفرنسية، أن ميكري أعلمهم بالأمر عشية رابع غشت. فيما يذهب جورج بوردون إلى أن ذلك وقع في الحادية عشرة ليلا. أما نائب القنصل ميكري فأعلن بنفسه أن الخبر نزل ليلة الرابع والخامس من غشت. وهذا يتوافق مع ما أشار إليه فكتور بيرتي في كتابه «أحداث الدار البيضاء». إذ يذكر أن ميكري «اتخذ بين منتصف الليل والساعة الرابعة صباحا الإجراءات والاحتياطات اللازمة، فقد جمع الجالية الفرنسية بالقنصلية، ثم أخبر القناصل بالقرارات المتخذة، وتأكد من أن مولاي الأمين سيقوم بالضروري لكي ينزل البحارة في أمان إلى القنصلية». واستنادا على الروايتين الأخيرتين، فإن إخبار القناصل الأجانب لم يتخذ إلا بعد منتصف الليل. إذ يشير القنصل البريطاني مثلا إلى أنه لم يعرف بالخبر إلا في الساعة الواحدة والنصف من صباح الخامس من غشت. فيما أشعر القنصل الألماني بالأمر في الساعة الثانية صباحا. وربما يكون هذا هو التوقيت الذي أخبر فيه بقية القناصل وكذا مولاي الأمين وبوبكر بن بوزيد. أما بالنسبة إلى الجالية الأوربية فيبدو أنها لم تخبر إلا في وقت متأخر جدا. إذ يروي دومينغو بيريا، وهو من أصل كوبي وكان يدير آنذاك فندق كونتننتال، أنه في «يوم 5 غشت 1907 بين الساعة الثانية والثالثة صباحا بعث القناصل عملاء إلى مواطنيهم الذين يسكنون بنُزلي، وأمروهم بالانتقال إلى قنصلياتهم الخاصة، فنفذوا الأمر حالا».
في هذا الوقت بالذات كان أهالي الدار البيضاء غارقين في نومهم، وغير واعين بما كان يحدث حولهم. في القنصلية الفرنسية كانت حالة الاستنفار في أعلى درجاتها. كل من كان في القنصلية قضى ليلة بيضاء يترقب ظهور الأسطول الفرنسي الذي تحدث عنه قائد «غاليلي». يروي كريستيان هويل الذي قضى تلك الليلة رفقة الفرنسيين «كنا نملأ السطوح، وأعيننا لا تغادر الأفق حيث كان يجب أن تظهر خيوط الدخان الأولى للأسطول (...) كنا ندخن، نثرثر، نبدل أمكاننا، ونلتقي باستمرار قبالة هذا الأفق، الذي صار الآن غارقا في الظلام، الذي ستنيره أضواء السفن الحربية حين مجيئها (...) ميكري ونوفيل كانا متوترين قليلا، يظهران ويختفيان، ونظراتهما مثبتة مثلنا على اللامرئي». لم يستطع أحد من الموجودين في القنصلية الفرنسية أن يغمض عينيه. النظرات مسمرة في الأفق وتراقب بين الوقت والآخر عداد الساعة. هل كانت القنصليات الأوربية الأخرى تعيش هي الأخرى نفس الترقب؟ ليست هناك شهادات عما حدث تلك الليلة في تلك القنصليات. كما لا توجد شهادات عما عاشه مولاي الأمين وعامل المدينة في تلك الليلة أيضا.
مع بدء تراجع مساحة الظلمة وانسلال الخيوط الأولى من الضوء بدأت حالة من الخيبة العميقة تسيطر على الجالية الفرنسية. لكن في لحظة مفاجئة، ودون توقع من أحد سُمع اهتزاز في سفينة «غاليلي», التي كانت تبدو للعيان من سطح القنصلية، وبدأت القوارب تنزل وتمتلئ بالرجال وتغادر نحو الشاطئ. في هاته اللحظة، يحكي هويل، انتصب نائب القنصل أمام الملازم كوزم، الذي كان بالقنصلية، وصرخ في وجهه:
كيف؟ أنتم تقومون بالإنزال؟ لقد خدعتموني!
فأجابه الملازم:
سيدي، فرنسا ليست لديها سوى كلمة واحدة. لقد أعلنا أن الإنزال سيكون في الخامسة صباحا، وفي الخامسة صباحا قمنا به.
قال هويل وهو يعلق على هذا المشهد: «بعد هاته الكلمات استسلم ميكري». قبل أن يضيف «الآن لا يجب التفكير سوى في فرنسا، التي أهينت طويلا من قبل الهمجيين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.