الحكومة تصادق على مشروع قانون جديد لتعويض ضحايا حوادث السير... 7.9 مليار درهم تعويضات خلال 2024    الملك يعزّي الرئيس البرتغالي على إثر الحادث المأساوي لخروج القطار المائل السياحي عن مساره    المغرب: عفو ملكي عن 681 شخصاً بمناسبة عيد المولد النبوي    صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن يدشن ملعب 'الأمير مولاي عبد الله' بالرباط بعد إعادة تشييده    أمير المؤمنين يترأس بمسجد حسان بالرباط حفلا دينيا إحياء لليلة المولد النبوي الشريف    رفضا للتغول الحكومي والسعي للمساس بالمهنة ولتهديد الأمن الدوائي للمغاربة .. الصيادلة الاتحاديون يدعون للمشاركة المكثفة في وقفة «الكرامة» أمام مقر وزارة الصحة الثلاثاء المقبل    نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس علماء إندونيسيا يشيد بالالتزام التاريخي للمغرب، بقيادة جلالة الملك، في دعم القضية الفلسطينية    استعراض الصين : نظام عالمي جديد يتشكل..بأسلحة تلامس الخيال العلمي    الجامعة تعلن عن فتح أبواب ملعب الأمير مولاي عبد الله غدا الجمعة انطلاقا من الساعة الرابعة عصرا    الأمير مولاي الحسن يدشن ملعب "الأمير مولاي عبد الله" بالرباط بعد إعادة تشييده    «الفيفا» تطلق عملية بيع تذاكر مونديال 2026    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تقيم حفلا تكريميا لقدماء لاعبي المنتخب الوطني من عصبة الرباط-سلا- القنيطرة    الكوكب المراكشي يستعد للدوري الاحترافي الأول بطموحات كبيرة وآمال عريضة    ناصر الزفزافي: لا شيء يعلو فوق مصلحة الوطن..وأشكر إدارة السجون    جنازة أحمد الزفزافي تتحول إلى استفتاء شعبي يضع الدولة أمام خيار المصالحة أو استمرار الجراح    ذكرى المولد النبوي .. الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية تدعو كافة مستعملي الطريق إلى اتخاذ كل الاحتياطات والتدابير اللازمة    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    حكاية لوحة : امرأة بين الظل والنور    بعد هوليوود… الذكاء الاصطناعي بدأ يغزو بوليوود    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    المغرب يسعى للحفاظ على سجله الخالي من الهزائم أمام النيجر    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    ارتفاع طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري بميناء طنجة    آلاف المشيعين يودعون أحمد الزفزافي والد قائد حراك الريف    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    الصناعة التحويلية: أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية التخطيط)    مغربي ضمن 11 مصابا أجنبيا في حادث القطار السياحي بلشبونة البرتغالية    غاستون باشلار: لهيب شمعة    بوريطة يجري مباحثات مع وزير الخارجية المصرى على هامش مجلس الجامعة العربية    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    الدخول المدرسي.. عودة التلاميذ إلى المدارس تعيد الزخم للمكتبات    نقابة موظفي التعليم العالي تندد ب"خروقات" خلال الإضراب الوطني وتعلن عن خطوات احتجاجية جديدة    شقيق ناصر الزفزافي في أول تصريح بعد وفاة والدهما: كان أمله الأخير أن يرى المعتقلين أحراراً (فيديو)    سنتان ونصف حبسا نافذا لمتهمة بالإساءة للذات الإلهية            مجزرة جديدة إثر قصف خيام نازحين    الصين ترد على واشنطن: مكافحة المخدرات أولوية وطنية ولسنا مصدر الفوضى العالمية    لحماية الأطفال .. "روبلكس" تعطل ميزة المحادثات في الإمارات    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    المنتخب البرتغالي مرشح لمواجهة المكسيك في إعادة افتتاح ملعب "أزتيكا" (وسائل إعلام مكسيكية)    29 قتيلا في غرق قارب بنيجيريا    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية    الاستثمار الدولي... وضع صاف مدين ب 693,1 مليار درهم في 2024    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    "آبل" تتيح نموذجي ذكاء اصطناعي مجانا    "ميتا" تطلق إصدارا جديدا من "إنستغرام" لأجهزة "آيباد"    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة            دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لو عدت لاتهمك الذين اتبعوك بالردة
نشر في المساء يوم 29 - 06 - 2009

المغرب تقاطع شارعين على جسد..، هنا التاريخ ينبئنا بأن الجغرافيا لا تشبه السياسة، تفاصيل الجغرافيا متساكنة دون استحياء، بحار ومروج.. وصحراء، أما السياسة ففي حل من هذا، هنا السياسة نزوة.. تمارس بذهنية العائلة الممتدة، والمعارضة تقترف بذهنية التحريم، أما التاريخ ف»ذاكرة يثقبها الرعب» بتعبير أدونيس، يمكر بنا هذا التاريخ دون رحمة عندما ننظر إلى هؤلاء الساسة اليوم، وهم يطمسون هذه الذاكرة ويكابرون في الظهور كما لو أنهم أسياد قراراتهم وأرباب مشيئاتهم..
إنه الآن التاريخي يخترق إراداتهم بأصابع خفية تتعدى حتميتُها أفهامَنا.. يعدون ويكذبون، يتناطحون ويتصالحون، يتوافقون ويتشاتمون.. ويتواطؤون على التشابه، فهم واحد موزع على تنظيمات للوصول السريع.. جنسهم، عرقهم، أعمارهم، تكوينهم الأكاديمي، هي معطيات لا اعتبار لها.. إنما هم قناع بشري موحد لفكرة واحدة: ساسة للطابور الخامس، وكم يمكر بنا التاريخ أكثر إن صدقنا ابتهاجهم عندما توسم أحزابهم ب«الوطنية» أو «التقدمية»..
ضدا على كل هؤلاء، يحيل هذا البيت الشعري للرائع مظفر النواب: «لوعدت لاتهمك الذين اتبعوك بالردة»، إلى مخاطب صريح، سياسي من طينة رجال الدولة، أسس على عاتقه تيار المعارضة في مغرب السنوات الدامية.. فاستطاع ضدا على كل هذا أن يصنع حزبا للشعب، وصوتا نقيا وواضحا لكل مغربي في أقصى الثغور المنسية والعميقة..، هذا عندما كانت باقي الأحزاب مجرد دكاكين تسير بالوكالة عن الأب وتحت وصايته الكاريزمية، إنه عبد الرحيم بوعبيد.. يختصر في شخصه إرادة شعب في التحرر من الاستبداد بكل أقنعته.. فإذا كان الطابور الخامس لا يلقي بالا للتاريخ.. فنحن في حضرة رجل مسكون بوعي تاريخي يقظ، فسجل له التاريخ مواقف تعتبر انتحارية في زمننا المغربي المرعب، بشكل يعجز عنه صغار القوم اليوم، ممن يكابرون ويمنون علينا «التناوب» المقلب..
ولما كانت المقارنة ممتنعة مع وجود الفارق، أخلاقيا على الأقل، خصوصا عندما نقارن السي عبد الرحيم بوعبيد بأتباعه اليوم، فإن تذكر بعض مواقف الرجل تجعلنا على بينة من حجم هذا الفارق؛ الرحلة الأسطورية للهمة من السلطة إلى السلطة، الانقلاب المأساوي للوديع من سجين رأي إلى ناطق رسمي باسم حزب أحادي الرأي، الانقلاب المرفوض أخلاقيا للراضي عن وعود ما قبل انتخابات حزبه، الاستئثار غير «الأممي» «للشيوعيين السابقين» بمهمة الناطق الرسمي بالحكومة مهما كانت هوية رئيسها، إلا «شباط» فهو الدليل على أن مكر التاريخ أصبح ماجنا..
خلال انتخابات 1977، قرر الملك الراحل إلحاق رؤساء عدد من الأحزاب بالتشكيلة الحكومية كوزراء دولة «لتمكينهم من متابعة ومراقبة تطور المسار الانتخابي»، حسب المبرر الرسمي، وبعد إغراق هذه المحطة بالتزوير السافر والمفضوح، استبق المناضل عبد الرحيم بوعبيد بإعلان استقالته، ورفض الاستمرار في موقع وزير الدولة، منتفضا ضد الأعراف القائمة، التي تمنع خطوة «إرجاع الهبة إلى صاحبها»، فنقارن هذه الخطوة، اليوم، بعدم قدرة الراضي على الوفاء بالوعود «الشجاعة» في مؤتمر «التزكية» الأخير.. غير أن الشجاعة ملحمة لا يكتبها إلا رجال من طينة السي عبد الرحيم.. وها هي سمعة الحزب في الحضيض.
فها هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اليوم، مقبرة جماعية، تنظيم جماعي لهواجس شخصية، أحلام شعبية موؤودة على جدران المقرات، ومطالب أتقن الكتبة تعبئتها في شعارات، فكانت مجيشة لمشاعر التمرد والثورة في زمن السي عبد الرحيم، وأضحت مصدرا لمشاعر الشفقة اليوم.. الاتحاد، اليوم، ذكرى تنظيم، أطلال حزب يخشى المعارضة، دكان لتنشيط الانتخابات، ترأس حكومة التناوب لما كان المخزن يحتضر بالسكتة القلبية، وهاهو الطابور الخامس متشبث بالاستوزار حتى لما تم الانقلاب على المنهجية الديمقراطية، ومهما كانت هوية الحكومة.. فالسكتة القلبية أيضا مرض معدٍ.
إنه مكر التاريخ، فعندما يذهب الكبار إلى نومهم يصحو الطابور الخامس ليعلن للملأ يا رفيق لازلنا على الطريق.. فيما لو عاد الرفيق لاتهموه بالردة والعوز إلى الواقعية السياسية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.