الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    البطولة: اتحاد طنجة المنقوص عدديا ينتصر على نهضة بركان    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حانات الأندية الرياضية فضاء تتعايش فيه الرياضة مع كؤوس الخمر
حين يؤمن مسؤولو الرياضة بأن «البار يداوي لمرار» وينهي أزمة الموارد
نشر في المساء يوم 24 - 09 - 2009

تعتمد العديد من الأندية الرياضية على عائدات بيع الخمور كمورد أساسي في ميزانيتها، بالرغم من التعارض الحاد بين الرياضة والخمر، بل إن «المورد الكحولي» قد تحول إلى مبرر لتمسك رؤساء الأندية بمناصبهم، فيما أصبح تدبير الحانة لدى بعض المسيرين أهم من تدبير الفريق الذي تضاءل حجمه أمام عائدات حانة لا تربطها بالرياضة إلا لوحة عليها شعار النادي، مع ما يوفره التعايش بين الخمر والرياضة من امتيازات.في هذا الروبورطاج نتوقف عند أهم الأندية الرياضية التي يعتبر الخمر وقود ميزانيتها، ونرصد بعض المواقف الطريفة في تعايش الرياضيين مع السكارى.
فوجئ رئيس فريق لكرة القدم ينتمي إلى القسم الثاني، أثناء جلسة التفاوض مع أحد المدربين، بطلب غريب من المدرب المغربي اعتبر بمثابة بند غير مكتوب في العقد، حين أصر المدرب الجديد على منحه تأشيرة دائمة لولوج حانة النادي لتناول الوجبات الغذائية في هذا الفضاء مبللة طبعا بالنبيذ. قبل الرئيس الملتمس على مضض وتبين أن المدرب الجديد «محترم جدا» حيث يقضي سحابة يومه من البيت إلى الملعب ومن الملعب إلى حانة النادي التي لا يغادرها إلا بعد أن تنفلت عقارب دماغه من محيطها ويشرع النادل في جمع الكراسي من حول مائدته.
تبين أن المدرب يشرب أكثر مما يأكل، فبادر المكتب المسير إلى فسخ التعاقد، بعد أن ساءت النتائج وارتفعت فاتورة ما استهلكه من خمر ومشتقاته. ولحسن الحظ أن الطلاق تم بعد شهر من الارتباط مع مدرب مدمن على النبيذ في حانة النادي وعلى الهزائم على أرضية الميدان، إذ تحول لاعبوه إلى سكارى وما هم بسكارى.
العديد من المدربين «المبليين» يفضلون التعاقد مع أندية تملك حانات مفتوحة في وجوههم، تمكنهم من تناول أنواع الخمور بأقل تكلفة إلا من بضعة دراهم تدفئ جيوب النادلين، تكفي توصية من الرئيس لمنح المدرب وضيوفه صفة زبون شرفي.
حانات موروثة عن فترة الحماية
تملك مجموعة من الأندية الرياضية حانات تدر عليها أموالا تساعدها على تدبير «أنشطتها». بعضها يفضل التدبير المباشر لهذا المرفق والبعض يلجأ إلى مسطرة التدبير المفوض للحانة، من خلال عقد استغلال قد يطال أو لا يطال كل الندامى.
لا يقتصر الأمر على نوادي كرة القدم، بل إن أندية التنس والكرة الحديدية هي الأكثر استقطابا لرخص بيع الخمر للمسلمين وغير المسلمين، حيث تنتشر في العديد من المدن حانات لا فرق بينها وبين الحانات الخصوصية إلا «يافطة» تؤكد انتماء المرفق إلى الجسم الرياضي بالرغم من أن الرياضة والخمر نقيضان.
يقول عمر بوخلال، نادل سابق في حانة تابعة لنادي الياسام بالبيضاء قبل إغلاقها بعد وفاة مسيرها، «أغلب رواد الحانة من الرياضيين وكثير منهم يشتغلون في عالم الصحافة، وبعض النافذين في السلطة. في هذا الفضاء ينسى المرء انتماءه إلى ناد رياضي ويعيش أجواء حانة خصوصية بكل مواصفاتها».
كانت الحانة في البداية مقرا لنادي الياسام أبرز فريق رياضي في عهد الاستعمار الفرنسي، لذا يمكن للزائر أن يستنشق عبق التاريخ وهو يتوقف عند خزانة كؤوس وتذكارات تؤرخ لزمن كان فيه نادي الياسام بطلا للمغرب رغم أنف الجميع، إذ لم يكن ينافسه على الزعامة الكروية سوى الوداد الرياضي بحمولته الوطنية.
توقف كثير من السكارى عند صور بالأبيض والأسود لفريق الاتحاد الرياضي المغربي، الشهير بالياسام، وهم يحاولون اختبار ذاكرتهم الغارقة في النبيذ، والتعرف على بعض اللاعبين المغاربة الذين حملوا قميص الفريق الاستعماري، لكن الذاكرة لم تسعفهم.
عائدات الخمور بفاس
قبل سنتين عقد عمدة فاس اجتماعا مع أعضاء المكتب المسير للمغرب الفاسي، خصص للبحث عن موارد مالية قارة للفريق. اقترح العمدة إعادة هيكلة الحانة التي توجد في ملكية النادي، وتحويلها إلى مشروع تجاري ضخم، خاصة أن موقعها وسط المدينة يضمن نجاح العملية الاستثمارية التي عهد إلى مؤسسة العمران بترجمتها على أرض الواقع. يقول عبد الحق المراكشي، عضو المكتب المسير للماص في تلك الفترة، «إن مساحة حانة المغرب الفاسي تصل إلى 3 آلاف متر، مما يشجع المستثمرين على الانخراط في المشروع الذي كان يوفر للنادي مدخولا قارا يفوق بكثير 3 ملايين درهم سنويا، وهو المبلغ الذي تضخه الحانة في ميزانية فرع كرة القدم، لكن مع مرور الوقت صرف الجميع النظر عن الفكرة».
كانت حانة المغرب الفاسي في ملكية فريق استعماري تم حله بعد حصول المغرب على الاستقلال، ويسمى النادي الرياضي الفاسي. وبفضل محمد بنزاكور، أحد مؤسسي المغرب الفاسي، تم تحويل ملكية الحانة إلى الماص الذي يوزع عائداتها على جميع فروعه، مع تخصيص حصة الأسد لفريق كرة القدم.
في العاصمة العلمية يستفيد الوداد الفاسي، وهو الفريق الثاني للمدينة، من العائدات المالية لحانة يعود الفضل في تحويل اتجاهها صوب نادي فاس الجديد إلى وزير الدولة الأسبق مولاي أحمد العلوي الذي أراد أن يسدي خدمة إلى فريق مسقط رأسه. وتصل مداخيل حانة «الواف» إلى 3 ملايين درهم سنويا، وهو مبلغ يشكل نسبة ثلث المداخيل في مالية النادي.
بين فاس ومكناس كيدوخ الراس
لم يردد مشايخ العيطة هذا المقطع الغنائي بشكل اعتباطي، بل إن السياق التاريخي يؤكد وجود سلسلة من الحانات على الطريق الثانوية الرابطة بين فاس ومكناس، تجعلها محطة للسائقين الذين يملؤون حقينتهم بما تيسر من نبيذ قبل استكمال المسير من وإلى مكناس، لاسيما وأن المنطقة تشتهر بإنتاج أفضل أنواع العنب الذي يتحول إلى مصانع الخمور.
في مدينة مكناس، استعان والي جهة مكناس تافيلالت في بداية الألفية الثانية بحانتين لوقف حالة التسول التي اجتاحت النادي المكناسي وفروعه. أسس مجلسا إداريا للنادي ضم في تركيبته فسيفساء من الفعاليات الرياضية والاقتصادية والاجتماعية، ووضع قانونا داخليا ينظم العلاقة بين مختلف الفروع، بعد أن انتهى المشكل المالي بتمكين النادي من حانتين، الأولى بحي المنظر الجميل تم تأجيرها بعقد لفائدة أحد الخواص مقابل مبلغ شهري قدره 12 مليون سنتيم، والحانة الثانية بحي المنزه وتدر 80 مليون سنتيم سنويا، وهو ما جعل الفريق في منأى نسبيا عن عاديات الزمن، لكن بالقدر الذي تحسنت الأوضاع المالية للنادي بالقدر الذي تأخرت فيه فروع النادي المكناسي عن الركب الرياضي، مع استثناءات ضئيلة يرسلها بين الفينة والأخرى فرع كرة اليد.
غير بعيد عن مكناس، وبالتحديد في مدينة خنيفرة يساهم الخمر في «الدفع بعجلة الرياضة بالمدينة»، حيث يستفيد المكتب المديري لشباب أطلس خنيفرة من العائدات المالية لحانة تدر على فروع النادي مبلغا ماليا لجعل الممارسين أحياء يرزقون.
الكرتيلي يغلق حانة الخميسات
قال محمد الكرتيلي ل«المساء» إن الحانة التي في ملكية الاتحاد الزموري للخميسات مجرد مرفق عديم المردودية، لذا قرر باتفاق مع أعضاء المكتب المسير للفريق إغلاق الحانة في انتظار تحويلها إلى مقهى أو مطعم. «وجود حانة في ملكية النادي يولد الاعتقاد لدى الكثير من الناس بوجود مداخيل خرافية، لكن حقيقة الأمر غير ذلك، فالحانة تسدد بالكاد رواتب العاملين فيها، لذا تقرر في آخر جمع عام تحويلها إلى مرفق آخر، بعد كان بإمكاننا إغلاقها لولا التفكير في مستقبل أسر العاملين بها، الذين سيتضررون من قرار الإغلاق».
وجود حانات عديدة في مدينة الخميسات ورغبة السكارى في البحث عن فضاء شاعري لاحتساء الخمر، كلها عوامل ساهمت في تراجع رقم معاملات حانة الفريق الأشبه بقلادة من معدن مزيف على صدر النادي.
يفكر أعضاء المكتب المسير للفريق في تحويل الحانة إلى مطعم، لكن كل المؤشرات تؤكد أن المرفق لن يشكل رافدا هاما في ميزانية النادي التي تعتمد بالدرجة الأولى على بيع اللاعبين بدل بيع قنينات الخمر.
مفارقة سطاد المغربي
يعيش فريق سطاد الرباطي مفارقة غريبة، فالنادي الأكثر امتلاكا للحانات في المغرب لا يقتات من عائدات حاناته الثلاث، بل إن فريق كرة القدم يضطر إلى أداء فاتورة وجباته الغذائية بالنادي كلما قرر تنظيم غداء جماعي للاعبيه، لأن الحانات في ملكية الفروع، رغم تدبيرها من طرف الأصل.
يرى السنوسي عضو المكتب المسير لفريق سطاد المغربي كرة القدم أن الضرورة تستدعي إعادة توزيع «الثروة الخمرية» بشكل معتدل بين الفروع، و«يعتقد الكثير من المتتبعين أن سطاد المغربي ثري بعائدات الحانات، لكن واقع الحال عكس ذلك، حيث تضخ الحانة الأولى عائداتها في الحساب الجاري لفرع التنس والحانة الثانية لفرع الكرة الحديدية، لاسيما أن الحانتين تتضمنان مطاعم وفضاءات تجلب الزبناء، لذا نعول على بنحساين، رئيس المكتب المديري لإعادة توزيع المداخيل على الفروع من أجل ازدهار شمولي للنادي ككل».
وكانت حانة نادي سطاد الرباطي فرع الرياضات البحرية تسجل أعلى نسبة من المداخيل، قبل أن يمسح مشروع إعادة هيكلة ضفتي نهر أبي رقراق حانة البرتغالي جان بيير من خريطة الحانات.
فريق بولعوان بلا مستشهر
في العمق الدكالي وبالتحديد عند قصبة بولعوان التاريخية تجثم على هضبة مطلة على نهر أم الربيع بولعوان الشهيرة التي لطالما نافست «كروان» و«بولبادر»، في سوق الخمور الحمراء التي كان يستهلكها مخمورون من الدرجة الثانية. فريق المنطقة المنتمي إلى القسم الشرفي لا نصيب له من عنب المنطقة الذي يحال على مصانع الخمور، بل يعتمد على منحة سنوية من جماعة قروية لا مورد لها إلا أشجار الغابات المجاورة.
أما فريق المنطقة الأول، الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم، فقد وهبه البحر في منتصف الثمانينيات أطنانا من الخشب، بعد أن غرقت باخرة تحمل العلم البانامي في عرض السواحل الجديدية، واستفادت المدينة من خشب رفيع ساهمت مداخيله في بناء مقر للدفاع الجديدي، في شارع بغداد بالقرب من كورنيش المدينة.
كان لا بد من تحويل النادي إلى مورد للرزق، فقررت سلطات المدينة منح ترخيص ببيع الخمور في عهد العامل الأسبق محمد شوقي الذي سجلت دكالة في عهده توزيع أكبر عدد من رخص بيع الكحول.
تدر حانة الدفاع الحسني الجديدي على فرع كرة القدم 7 ملايين سنتيم شهريا، مع إعفاء خاص خلال شهر رمضان الأبرك الذي تتحول فيه الحانة إلى ناد للطرب. يقول خليل برزوق، العضو السابق في المكتب المسير للنادي الدكالي «إن الاعتماد على مداخيل المشروبات الكحولية لدعم مالية فريق ينتمي إلى قسم الصفوة، يتنافى والحديث عن الاحتراف، لأن الضوابط القانونية تمنع الفرق الرياضية من التعاقد مع مستشهرين يمثلون شركات الخمور، بالمقابل يسمح بدعم الحانات لمالية الأندية، لذلك هناك مانع من التعامل مباشرة مع شركة براسري دون لف أو دوران».
ومن الطرائف التي ارتبطت بحانة النادي الدكالي أن مسؤولي الفريق وجهوا سنة 1998 دعوة إلى فريق التعاون القطري، الخور حاليا، لخوض مباراة ودية ضد الدفاع الجديدي بملعب العبدي. وبعد اللقاء دعي القطريون إلى حضور حفل شاي على شرفهم بمقر النادي، لكن ما إن دخل أفراد الفريق الخليجي حتى غادروا النادي بعد أن تبين لهم أن الفضاء مجرد حانة جلس فيها السكارى يقارعون الخمر غير مهتمين بكائنات ترتدي لباسا رياضيا موحدا. لم تنفع محاولات المسؤولين المغاربة في ثني الضيوف عن قرارهم ليتسلم عميد الفريق التذكار خارج بوابة النادي.
الدعوى القضائية إلى الجحيم
حين استوت نوال المتوكل في جلستها على كرسي وزارة الشباب والرياضة قررت فتح ملف شائك، اسمه حانات الأندية، ووقفت في عين المكان على استغلال فضاءات رياضية في بيع الخمور لغير الرياضيين. وقد طالب رئيس الجمعية الرياضية البيضاوية، التي يوجد مقرها بالمركب الرياضي محمد الخامس بمحاذاة القاعة المغطاة، بإفراغ المكان لكن الحانة ظلت مفتوحة في وجه الزبناء دون أن يكترث أحد بإشعار الوزيرة، التي رفعت دعوى قضائية تطالب النادي بإغلاق أبوابه في وجه السكارى، لكن يبدو أن الشكاية نامت في رفوف المحكمة من فرط الثمالة.
أغلب أندية الكرة الحديدية تمتلك حانات ومطاعم، رغم أن اللعبة تحتاج إلى تركيز ذهني لا وجود له في فضاء الحانة الصاخب.
ما يحصل في الجمعية الرياضية البيضاوية، يحصل بشكل مشابه في أندية أخرى كنادي مرس السلطان الذي يشرف عليه مكتب عائلي، أو ما يعرف في أوساط السكارى بنادي البراكة بالوازيس وفي لاساس بعين السبع أو بالراسينغ والأولمبيك، وفي فضاءات أخرى يغتني أصحاب الحانات وهم يمارسون تجارتهم المربحة تحت غطاء الرياضة، حيث تتجاوز المداخيل اليومية 30 ألف درهم. قال أحد الظرفاء وهو يمعن النظر في مدخل حانة لناد للكرة الحديدية كتب عليه باللغة الفرنسية «نادي لي بول»: «لا وجود للنادي فقط هناك بُولْ».
إعفاء رمضاني وأداء بالتقسيط
أغلب الأندية التي لجأت إلى التدبير المفوض لحاناتها غالبا ما تتعامل بمرونة مع أصحاب الحانات، حيث يتم إعفاؤهم من أداء الرسوم الشهرية خلال شهر رمضان الأبرك، بل إن البعض يحاول الاستفادة من إعفاء لمدة شهرين أي شعبان ورمضان، حيث تتوقف الحركة التجارية في شقها الكحولي. الدفاع الجديدي وشباب خنيفرة والنهضة السطاتية وعدد من الأندية تتنازل عن واجبها الشهري خلال الشهر الفضيل، بل إن بعض المسيرين غالبا ما يلجؤون إلى الحانة عند كل طارئ مالي. أغلب الحانات تستغل الراحة الروحية لترميم مرافقها أو منح إجازات لمستخدميها، وفي أحسن الأحوال تتحول إلى فضاءات للفرجة من خلال تنظيم سهرات ينشطها فنانون من مختلف الألوان الموسيقية.
رحل البصري فتقلصت المداخيل
حين كان إدريس البصري وزيرا شرفيا لنهضة سطات منح فريق الشاوية الأول حانة لدعم المداخيل القارة للفريق. تهافت الخواص على النادي من أجل استغلال المرفق الكحولي، ووصلت عائدات الفريق السطاتي إلى 13 مليونا شهريا. لكنْ ما إن مات الرجل القوي وتراجعت «كوطته» في بورصة السلطة، حتى تراجعت مداخيل الحانة التي أصبح عائدها الشهري لا يتجاوز 40 ألف درهم، رغم أن الشخص الذي يستغلها لم يتغير وعدد السكارى لم يتقلص.
لا يتجاوز المدخول الشهري القار للنهضة السطاتية 50 ألف درهم، 40 ألفا من الحانة و10 آلاف من واجبات كراء بعض المحلات التجارية، وفي عهد البصري بلغت العائدات السنوية للفريق مليار سنتيم.
عائدات خارج الافتحاص المالي
توقفت اللجنة التي عهد إليها بافتحاص مالية أندية كرة القدم في عهد المجموعة الوطنية السابقة كثيرا عند هذه الحانات، وسجلت في تقاريرها ملاحظات حول التدبير المالي لهذه المحلات، لاسيما بالنسبة إلى الأندية التي تصر على التدبير الذاتي لحاناتها، كالمغرب الفاسي الذي يملك حانتين، الأولى مخصصة لفرع كرة القدم وتبلغ عائداتها السنوية 300 مليون سنتيم، والثانية توزع مداخيلها على فروع النادي الفاسي وتصل إلى 150 مليون سنتيم.وفي مكناس خصص المكتب المديري نسبة 62 في المائة للنادي المكناسي فرع كرة القدم، بينما تظل فروع أندية أخرى خارج القسمة، حين يتعلق الأمر بأندية الدفاع الجديدي وسطاد المغربي، أما الأندية الكبرى كالرجاء والوداد والجيش فلا خمر لها ولا ميسر.
خمر حلال في ملاعب الكرة أمام استمرار منع إشهار المنتوجات الكحولية في الملاعب وترويجها في الوسط الرياضي، بادر رجل أعمال ألماني بعد سلسلة من التجارب، إلى تصنيع «خمر» حلال يمكن أن يتناوله المسلمون، مشيرا إلى أن هناك اهتماما بالمنتوج في بعض الدول العربية ومنها السعودية والإمارات. وقال رجل الأعمال تينر تاباك إنه تمكن من إنتاج خمر حلال 100%، وحصل على شهادة بذلك من جمعية «مراقبة جودة الحلال»، حيث تأكدت أن المنتوج خال من الكحول. وزعم تاباك أن المسلمين الذين لا يستطيعون تناول الخمر بإمكانهم الآن تناول منتوجه الخالي من الكحول، كما يمكن تنظيم حملات دعائية في الملاعب الرياضية للمنتوج مادام خاليا من الكحول. وأنتج تاباك، بالاشتراك مع شركة ألمانية، عدة أنواع من الخمر، ومنها النبيذ الأحمر والأبيض والفوار باستخدام تقنية جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.