حرم العديد من اللاعبين المغاربة من إجراء اختبارات تقنية وبدنية مع أندية أوربية لعدم اجتياز اختبار التأشيرة، فتوقفت مسيرتهم عند بوابة السفارات والقنصليات، قبل أن يعودوا إلى قواعدهم سالمين وهم يحاولون الاقتناع بتطمينات مسير لا يتوقف عن ترديد مقولة «قطران بلادي ولا عسل البلدان». في شهر شتنبر الماضي أعدمت أحلام لاعبين لم تسعفهم دعوات مكتوبة من أندية أوربية في قطع البحر الفاصل بين القارتين، فقط لأن مصالح التأشيرة ارتأت عدم جدوى السفر وتعاملت مع اللاعب الأعزل كمشروع «حراك» يستحق فقط تأشيرة الخروج من السفارة والقنصلية. تجاوز المنع حدود اللاعبين الراغبين في تطليق الهواية واستنشاق نسائم الاحتراف، بل امتد ليشمل بعض اللاعبين المصابين، الذين كانوا يحملون توصية بإجراء عمليات جراحية دقيقة في بعض المصحات الفرنسية، رغم أنهم يتأبطون ملفا تتصدره وثيقة حجز الغرفة وتقرير طبي يؤكد جدوى الجراحة خارج الوطن. المدربون أكثر تعرضا للمنع، فكثير منهم غادروا المصالح الديبلوماسية مكسوري الخاطر والوجدان، بعد أن حرموا من الحصول على تأشيرة العبور إلى الضفة الأخرى لاستكمال التكوين، حينها ابتلعوا مرارتهم و«كونوا» أي اختاروا الصمت بالمفهوم الدارجي لكلمة «كون»، بتشديد الواو طبعا. يمكن للمغاربة أن يسافروا إلى 16 دولة دون الحاجة إلى تأشيرة سفر، وهي الجزائر رغم إغلاق الحدود، تونس، ليبيا، سوريا، أندونيسيا، ماليزيا، تركيا، مالي، النيجر، السينغال، بوليفيا، كوت ديفوار، غينيا، هونغ كونغ، كوريا الجنوبية، البرازيل، وطبعا المغرب. ويمكن البحث في «كاطالوغات» هذه الدول عن فرصة احتراف أو علاج أو تكوين، شريطة ألا يتعدى المقام ثلاثين يوما كما تنص شروط العبور نحو هذه الدول التي لازالت تتساهل معنا جزاها الله عنا خيرا، وكأن المغربي مجرد مشروع حراك أو انتحاري. ومن المفارقات الغريبة، أن يحرم رئيس فريق ينتمي إلى دوري الدرجة الأولى من الحصول على تأشيرة السفر إلى الديار الفرنسية، بالرغم من توفره على دعوة استضافة من ناد فرنسي تربطه وإياه علاقة شراكة، لأن الوثائق الإدارية للرئيس لا تحمل إلا صفة رئاسة نادي لكرة القدم، ولأن النواد في المفهوم القانوني المغربي مجرد جمعيات فقد رفض الطلب وعاد الرئيس إلى المدرجات بعد أن اكتشف أن صفته لا تتعدى حدود الجامعة. وأكثر المواقف طرافة، حين رفضت مصالح التأشيرة بالسفارة البريطانية منح الناخب الوطني المغربي حسن مومن تأشيرة السفر إلى إنجلترا واسكتلندا لمتابعة بعض اللاعبين المغاربة المحترفين في بلاد الصقيع والضباب، وامتنعت عن إعطاء توضيحات مكتفيا بعبارة «عدم استيفاء الملف للشروط المطلوبة»، بالرغم من كون مومن مصنف في خانة الأطر العليا لقطاع الشباب والرياضة في بلادنا، ولأن دم الإنجليز بارد فقد كان الموظف يتابع عبر شباك صغير فورة غضب موفد الجامعة دون أن يهتم بجدبة الممنوعين من دخول التراب البريطاني. للأمانة فقط، فإن السفارة الإنجليزية لا تصفي أي حساب قديم مع جامعة كرة القدم، لأنها بررت الرفض بعدم توفر بيانات تابتة حول المعني، أي مدرب المنتخب، فحين لجأ المسؤول عن التأشيرات إلى الموقع الرسمي للجامعة المغربية اكتشف أن مدرب المنتخب الوطني هو روجي لومير، فقرر رفض الطلب دون الحاجة إلى متابعته بتهمة انتحال صفة. نحمد الله لأن مغربيا اسمه ابن بطوطة، قد جاب العالم قبل العمل بنظام التأشيرة.