كما كان متوقعا، ومن دون مفاجآت، أعيد انتخاب الميلودي مخاريق أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل، لولاية جديدة في الساعات الأولى من صباح يوم أمس الأحد، بعد تأخر كبير عرفته أشغال المؤتمر الحادي عشر للاتحاد والذي يصادف الذكرى 60 لتأسيس المركزية النقابية، خصوصا على مستوى لجنة الترشيحات التي شهدت تجاذبات بين أعضائها، استمرت لأزيد من 8 ساعات، من أجل التوافق على لائحة من سيضمنون عضوية اللجنة الإدارية والتي بلغ عدد أعضائها 342 عضوا، ضمنهم 10 أعضاء يمثلون الجماعات المحلية وقطاع الفلاحة، سيتم تفويض أمر اختيارهم للأمانة الوطنية. وهو ما استوجب تعديل المادة 7 من القانون الأساسي للاتحاد التي تنص على أن عدد أعضاء اللجنة الإدارية لا يتجاوز 163 عضوا كحد أقصى. وتميزت الليلة الثانية من المؤتمر بتقديم الأمين العام لمقترح يقضي باستحداث جهاز جديد هو المكتب الوطني، على أساس أن يتراوح عدد أعضائه بين 15 و21 عضوا. وهو المقترح الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع ليستقر العدد أخيرا في 23 عضوا، تم كشف أسماء 19 عضو منهم على أساس أن يتم اختيار الأربعة الآخرين ما بعد المؤتمر وتخصص عضويتهم لقطاع الفلاحة. كما تقدم الأمين العام للاتحاد بملتمس- حظي أيضا بالإجماع- يهم تخصيص 3 مقاعد في اللجنة الإدارية لذوي الاحتياجات الخاصة على أساس أن يتم التوافق بشأنها بين من ينتمون لهذه الفئة من مختلف التنظيمات النقابية والمهنية. وكان لافتا مصادقة المؤتمرين على جميع المقررات التي قدمت للمؤتمر، كما تمت المصادقة بالإجماع على التقرير المالي الذي لم يقدم أي تفاصيل أو أرقام سواء المتعلقة بالمداخيل أو المصاريف، بل تم الاكتفاء بالإشارة إلى أن الحسابات تتم مراقبتها من طرف مكتب للحسابات. وإلى جانب انتخاب الميلودي مخاريق أمينا عاما، ضمت الأمانة الوطنية 14 عضوا آخرين هم أحمد خليلي بن إسماعيل ومحمد زروال وأمال العمري وفاروق شاهير، فضلا عن قرفة إبراهيم أمينا للمال وعز الدين الزكري نائبا له، بالإضافة إلى الأمناء الوطنيين وهم أحمد بهنيس ومحمد العلوي ونور الدين سليك ومحمد الوافي ورشيد المنياري ومحمد حيثوم ثم ميلود معصيف ونجاة سيمو. على صعيد متصل كشف مصدر حضر أشغال المؤتمر- الذي شارك فيه 2196 مؤتمرا أن الأمين العام أعاد التأكيد، في كلمة ألقاها أمام المؤتمرين في ساعة متأخرة من ليلة أول أمس السبت، على «أن الوزراء الذين حضروا افتتاح المؤتمر جاؤوا بصفاتهم الحزبية وليس الحكومية، مضيفا أنه رفض أن يرافق بنكيران أعضاء من حكومته، خاصة لحسن الداودي وزير التعليم العالي وتكوين الأطر وقال للحاضرين: «قلت لرئيس الحكومة، اعذرني إما أن تأتي لوحدك أو لا تحرج نفسك، لأنني لا أضمن كيف ستكون ردة فعل المؤتمرين، وأخشى أن يطردوك من المؤتمر». ولهذا، يضيف مصدر «المساء»، «بدا لافتا غياب وزراء منتمين لحزب العدالة والتنمية عن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر». وكان الاتحاد المغربي للشغل افتتح أشغال مؤتمره الحادي عشر عشية الجمعة الماضية وتميز بمشاركة وفود 60 دولة، ضمنهم المدير العام لمنظمة العمل العربية وممثل كل من المدير العام لمنظمة العمل الدولية بجنيف، والأمينة العامة للاتحاد الدولي للنقابات. وشدد موخاريق، في كلمته الافتتاحية على ضرورة تشجيع المنظمات النقابية عوض محاولة إضعافها أو المساس بحريتها وحقوقها، من أجل ضمان الالتزامات والتعاقدات المتفق عليها، كما دعا الحكومة وأرباب العمل إلى اعتماد الحوار الاجتماعي والتفاوض الجماعي كاختيار استراتيجي لا بديل عنه. وقال في هذا الصدد «إن الاتحاد ظل يرفض تزكية الحوارات الشكلية الصورية التي تنتج المزيد من التوترات والنزاعات الاجتماعية التي لا يستفيد منها أي طرف». مخاريق الذي- بدا جليا أنه تفادى- على غير عادته- التصعيد من لهجته تجاه الحكومة ورئيسها ضيفٌ على مؤتمره- مرر رغم ذلك رسائله إلى بنكيران حيث قال إن «الوضع الحالي تستفيد منه حفنة من الوصوليين ولوبيات الجشع والقهر الطبقي والاستغلال الفاحش، وهي العوامل التي ساهمت في فشل تحقيق التنمية المستدامة» داعيا في كلمته إلى إشراك النقابة العمالية للنهوض بالوضع الاقتصادي، لافتا الانتباه إلى أن الاتحاد المغربي للشغل طيلة فترة تواجده التي امتدت ل 60 سنة، لم يسبق أن أثر عليه أي حزب سياسي أو حكومة. مضيفا أنه حافظ عبر مسيرته الطويلة على هويته وأصالة الحركة النقابية المغربية فلم يتركها مطية لأهواء حكومة أو مطامح أحزاب، أو مصالح رب عمل، بل جعلها دائما وفية لأصولها متشبثة بمبدئها». في كلمته أيضا ط الب الأمين العام للاتحاد، بعدم الاعتماد على قطاعات أظهرت هشاشتها وضعف صمودها أمام التحولات الجيواستراتيجية، كما طالب بضرورة إصلاح صناديق التقاعد. وحث الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والحركة النقابية، على الإسراع بفتح نقاش وطني واسع يشارك فيه الجميع، من أجل التوافق الوطني حول النموذج السياسي لإعادة المصداقية للديمقراطية وللعمل السياسي النبيل». «أمين ومن معه» يدعون لتصحيح الأخطاء عشية افتتاح المؤتمر الحادي عشر للاتحاد بعث كل من خديجة غامري وعبد الحميد أمين وعبد الرزاق الإدريسي وهم أعضاء في الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل المنبثقة عن المؤتمر الوطني العاشر المنعقد في 11-12 دجنبر 2010 بالدار البيضاء، والأعضاء في السكرتارية الوطنية للتوجه الديمقراطي داخل الاتحاد المغربي للشغل، المؤتمرين مشيرين إلى ما وصفوه ب «الإجراءات اللاديمقراطية، والتي وصلت حد الطرد من المنظمة، المتخذة منذ مارس 2012 ضدنا وضد عدد من الأطر النقابية المناضلة الأخرى وعدد من الجامعات الوطنية والاتحادات المحلية حالت دون تواجدنا وتواجد مناضلي التوجه الديمقراطي معكم. في المؤتمر». أعضاء السكرتارية الوطنية للتوجه الديمقراطي شددوا في رسالتهم على أنهم كانوا يأملون، حرصا على مصلحة المركزية وضرورة تقوية وحدتها الداخلية، أن يكون التحضير للمؤتمر 11 والمؤتمر نفسه فرصة لتصحيح الأخطاء المرتكبة ضد مكونات التوجه الديمقراطي وضد المركزية ككل وفرصة لاستعادة وحدتها الداخلية، فضلا عن أنهم كانوا ينتظرون «تصحيح مسار الأوضاع الداخلية على أسس النقط الخمس، وهي احترام الجميع للقانون الأساسي ولنتائج المؤتمر الوطني العاشر؛ وإعادة فتح المقرات أمام كافة مناضلي المركزية دون إقصاء؛ وإلغاء جميع القرارات المتعلقة بالطرد التعسفي من المنظمة، ثم إعادة توحيد القطاعات والاتحادات المحلية والجهوية التي تم تقسيمها بقرارات فوقية؛ وأخيرا دمقرطة الحياة النقابية وتخليقها والالتزام بالشفافية في التدبير النقابي».