حملة الاعتقالات التي أعقبت توقيف «الشريف» لم تتوقف، وهو ما جعل الرأي العام يتندر بأن هذا الملف سيعصف بجميع المسؤولين في المنطقة، خاصة بعد المعلومات التي أسفر عنها التحقيق مع عدد ممن تم اعتقالهم. هذه المعلومات عبدت الطريق لسقوط المزيد من أصحاب الرتب العالية بالجيش والبحرية والقوات المساعدة، قبل أن يعرف الملف تطورا جديدا مع قيام السلطات بحملة تمشيط واسعة النطاق بسواحل الناظور، وظفت فيها طائرات مروحية بعد أن اتضح أنها كانت تستغل كقواعد للتهريب، قبل أن يتم الإعلان عن الإطاحة بستة بارونات للمخدرات تم التحقيق معهم وإحالتهم على الوكيل العام للملك باستئنافية الدارالبيضاء في ملف منفصل. التحقيقات كشفت أن شبكة الناظور كانت تتمتع بمجال جغرافي شاسع، مكنها من تنويع نقط انطلاق علميات التهريب بالسواحل الممتدة من مرفأ راس الما إلى جماعة بني شيكر. عدد المعتقلين في هذه القضية كان يرتفع يوما بعد يوم ليصل إلى 109 من الأشخاص، بينهم 72 ينتمون إلى مختلف الأجهزة الأمنية، و32 شخصا محسوبون على الشبكة، وجهت لهم تهم الاتجار في المخدرات والتهريب على الصعيد الدولي، والإرشاء والارتشاء، واستغلال النفوذ، والتستر على مجرم مبحوث عنه من قبل العدالة، وتهجير أشخاص إلى الخارج بطرق غير مشروعة وبصفة عادية، والمساعدة في الهجرة السرية. بعد ذلك تم الإعلان عن معتقلين جدد ومن عيار ثقيل. ويتعلق الأمر بقائد جهوي للقوات المساعدة، وقائد مخزن متنقل، ومقدم في القوات المساعدة، وعنصر من البحرية الملكية، قبل أن تمتد شرارة التحقيق في هذا الملف إلى إسبانيا مع مباشرة البحث من قبل فرقة أمنية إسبانية مع عدد من رجال الأمن الإسباني ومشتبه فيهم من جنسيات مغربية وإسبانية، من بينهم رجال أعمال. التحقيق الذي فتح في الجانب الإسباني جاء بعد تحريات كشفت أن الشبكة كان تستفيد من تواطؤ مفضوح من الجانب الإسباني، وهو ما سهل عمليات نقل أطنان من المخدرات بسهولة بعد أن كانت القوارب تشحن بالمغرب لتفرغ حمولتها في الضفة الأخرى وتعود أدراجها دون أن يعترضها أحد. بعد ذلك بأيام ستعلن السلطات المغربية عن الإطاحة بشخص يلقب ب«السبع»، ويعرف بأنه الذراع، التي كانت تستخدم لتبييض أموال المخدرات التي تديرها الشبكة والمقدرة بالمليارات. «السبع» كان ينشط بين المغرب وإسبانيا وهولندا قبل أن تتم الإطاحة به في عملية أمنية تطلبت تعاونا استخباراتيا، وتنسيقا بين «الديستي» والفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وكان سقوطه مقدمة لاستصدار قرار بتجميد جميع الممتلكات العقارية والمنقولة والحسابات البنكية للمتهمين وأقاربهم مع افتحاص الحسابات البنكية لعدد من العناصر المشبه بها بالجيش والدرك والقوات المعاهدة والأمن الوطني العاملة في مناطق نفوذ شبكات التهريب الدولي للمخدرات. الغاني وكعادة بارونات المخدرات ممن يعلمون أن رحى الزمن تدور، وقد تسحقهم في يوم من الأيام، حاول الخروج بأقل الخسائر من ورطته، مستعينا بما تعلمه من قضايا من سبقوه، لذا تمسك بحبل الإنكار، وبدا هادئا خلال إجابته عن الأسئلة الكثيرة التي حاصرته من كل جانب. وقد نفى علاقته بموظفي الدولة الذين اعتقلوا في هذا الملف، مشيرا إلى أنه يدير مطعما للسمك بميناء الناظور، وأن بعض هؤلاء من زبنائه، وقال إن المحل يعرف توافد رجال الدرك والشرطة والجمارك، إضافة إلى عدد من العاملين بإدارة الميناء، وأنه بيع السمك ولا علاقة له بالمخدرات.