يقتحم كتاب «عن طريق الخداع» الأقبية السرية لجهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد»، ويتوغل في عوالمه المثيرة، من خلال الكشف عن عمليات غيرت مجرى التاريخ. ولأن فيكتور أوستروفسكي أكثر من شاهد على الخداع، فإن روايته للحوادث التي ساهم في ترتيبها وحبكتها، تتميز بالدقة في تقديم المعلومة، مما يجعل للكتاب أكثر من قيمة تاريخية وسياسية، خاصة حين يميط اللثام عن الحروب والدسائس التي يعرفها الجهاز، مما يضفي عليه صورة مروعة. تنشر «المساء» أبرز العمليات التي تضمنها هذا الكتاب، وتقدم السيناريوهات الخطيرة التي نسجها جهاز الموساد، على امتداد العمليات التي استهدفت الدول العربية، سيما التي يعتبرها الجهاز «تهديدا» للوجود الإسرائيلي في المنطقة. بعد أن قرر كونتريرايس شراء تلك الكمية من السلاح بدأ يساوم في السعر قليلا، وحاول في إحدى المراحل أن يرشي أمير ببضعة آلاف من الدولارات كي يخفض السعر، إلا أن أمير رفض وأجبر كونتريرايس في نهاية الأمر على قبول السعر. قبل نهاية مرحلة التدريب الأولي من البرنامج طار أمير إلى سانتياغو عاصمة الشيلي لمقابلة كونتريرايس، وقد أخبره أمير بأن «التدريب يسير بشكل حسن جدا»، وقد شارف على اختيار الرجال الذين سيدخلون تدريب الرقباء. وقد سر كونتريرايس الذي اختار الرجال بنفسه للتدريب لذلك وبعد ثرثرة قصيرة حول البرنامج قال لأمير: «اسمع هناك شيء نطلبه منك» فرد عليه: «ماهو؟» رأس صاروخ «اكسوسيت» فرد عليه كونتريرايس «هذه ليست مشكلة « ابق في فندقك لمدة يوم كامل ريثما أجري بعض الاتصالات وسوف أتصل بك». وبعد يومين دعاه إلى لقاء معه وقال كونتريرايس: «لن يعطوك واحدا لقد طلبت منهم لكنهم لم يوافقوا» فأجابه أمير: «لكن هذا شيء نحتاجه لقد قدمنا لكم خدمة بتدريب هؤلاء الرجال وكنا نأمل أن تتمكنوا من مساعدتنا الآن ونحن بحاجة لشيء منكم». فرد عليه: «اسمع سوف أحصل عليه لك شخصيا وأتجاوز القنوات الرسمية ادفع مليون دولار نقدا وسوف تحصل عليه». «يجب أن أحصل على موافقة» فرد كونتريرايس: «افعل ذلك وأنت تعرف أين تجدني» اتصل أمير برئيسه في نيويورك وأخبره عن تفاصيل صفقة كونتريرايس، وكانوا يعلمون أن الجنرال قادر على التسليم لكن مدير الفرع لا يستطيع أن يعطي الموافقة بإتمام الصفقة على مسؤوليته، لذلك تحدث مع ادموني في تل أبيب، وسألت الموساد بدورها الاستخبارات البحرية حول ما إذا كانت مستعدة لدفع مبلغ مليون دولار للصاروخ وكان الجواب أنهم مستعدون. «لقد اتفقنا». قال أمير. «حسنا أحضر رجلا يعرف ما الذي نريده وسوف نذهب سويا إلى قاعدة بحرية هنا ويستطيع أن يريني بالضبط ما الذي تريدونه ومن تم تأخذونه». وطار من تل أبيب خبير صواريخ إسرائيلي قادما من «بارنتام» وهو مصنع صواريخ إسرائيلي في عتليت، ولأنهم يريدون صاروخا عاملا فقد أصر على أخذ واحد من الزوارق مزود برأس جاهز للإطلاق، وبأمر من كونتريرايس أنزل الصاروخ من الزورق ووضع على مقطورة، وكان الإسرائيليون قد دفعوا مقدما مبلغ المليون دولار. «هل هذا ما تريدون»؟ سألهم كونتريرايس. بعد أن تفحص الضابط البحري الإسرائيلي الصاروخ قال أمير: «نعم هذا هو» فرد كونتريرايس: «جيد ما سنفعله الآن هو وضع الرأس في قفص نشده بالأسلاك والملازم ومن تم قبل أن نأخذه إلى غرفة في سنتياغو تستطيعون حراسته إن أردتم، لا يهمني ذلك لكن قبل أن تأخذوه هنا شيء أريده. رد أمير باهتمام: «لقد عقدنا صفقة ونفذنا الجزء الخاص بنا منها» و«هذا ما سأفعله أنا، لكن قبل استدع رئيسك وأخبره أنني أريد التحدث إليه» قال كونتريراس. رد أمير: «لا داعي لأن أفعل كل ذلك أستطيع التحدث إليك، أخبر رئيسك إني أريده هنا أريد أن أكلمه وجها لوجه». ولم يكن من خيار أمام أمير فمن الواضح أن كونتريرايس أيقن أن أمير صغير الرتبة نسبيا وكان يضغط للحصول على ما يستطيعه من مكاسب، وهكذا اتصل أمير من غرفته في فندق برئيسه في نيويورك الذي اتصل مع ادموني في تل أبيب لشرح الموقف وفي اليوم نفسه استقل ادموني طائرة إلى سانتياغو لمقابلة الجنرال الشيلي. وكان طلب كونتريرايس المساعدة على بناء قوة أمن شخصي، فرد عليه أدموني بأن رجالا يؤدون تدريباتهم بشكل جيد، لكنه أجابه بأنه يريد قوة تساعده على القضاء على الأعداء أينما كانوا كما يفعلون مع منظمة التحرير الفلسطينية. وكانت هذه العقبة الجديدة بمثابة صدمة جديدة لأدموني وأمير، ونظرا لطبيعة الطلب فقد أخبر أدموني كونتريرايس بأن عليه الحصول على موافقة رؤسائه قبل أن يلزم نفسه بشيء. ومن أجل ذلك عاد أدموني إلى تل أبيب من أجل مقابلة مستوى عال في قيادة الموساد، وقد غضبت القيادة لإضافة هذا الشرط غير المتوقع، وقالت إن المطلوب قرار سياسي وليس قرارا أمنيا وقد انزعجت الحكومة بشدة لتوريطها في هذا النوع من الصفقات لذلك كان قرارها ما معناه: «لا نريد أن نعرف شيئا عن هذه الأمور». كان لابد من اختيار شخص أمني لإتمام الصفقة واختير مدير إحدى شركات التأمين الإسرائيلية الكبرى هو مايك هراري وهو مدير دائرة الموساد، الذي تقاعد حديثا، وإضافة إلى مساهمته في تثبيت اتفاقية مع الجنرال الشيلي أصبح شريكا مباشرا في عدد من شركات الشحن، وكانت تلك وسيلة ممتازة لنقل رأس الصاروخ بأمن وهدوء إلى إسرائيل. وأعطى هراري تعليمات بأن يخبر كونتريرايس بأنه مستعد لأن يعلم وحدته الخاصة بمكافحة «الإرهاب» كل ما يعرفه، وقد سددت تكاليف هذا التدريب بدفعة أرسلت مباشرة إلى هراري من أموال مخصصة للرشوة تديرها الشرطة السرية الشيلية. وكانت تلك المجموعة الخاصة من أعوان كونتريرايس، ولم تكن مجموعة رسمية على الإطلاق بل ظل يعمل لحسابه.