تكثر الأعياد في حياة المسلمين في المدينة، وخاصة الأعراس، وتشكل الأعراس فرصا مواتية للقاء بين المحبين. والعرس في المدينة يعني سبعة أيام متتالية من الاحتفال، يفصل النساء عن الرجال، يشكلون مجموعتين كل مجموعة تستمتع لوحدها، لذلك وخلال الاحتفالات قد تبتعد الزوجة عن نظرات زوجها، وفي حال طلبها لا تكون هناك، وإن سأل عنها يقولون له إنها ستأتي في لحظة وينتهي أن ينتظرها لساعات، لكن هل هي هناك حقا؟ هو لا يمكنه أن يخترق صفوف الحريم ليبحث عن زوجته، كما أن النساء فيما بينهن يغطين عن بعضهن البعض، والتعيس الحظ ما عليه إلا أن ينتظر بينما الزوجة الخائنة تعود إلى مكان العرس عبر شرفة المنزل المجاور، بعدما تعلمها زنجيتها بسؤال زوجها عنها. لكن أين كانت؟ في غالب الأحيان تكون مختبئة مع عشيقها في إصطبل للخيل، في الدور العلوي، وإصطبل الخيل مكان معروف في فاس على أنه ملجأ للعشاق يختبئون فيه من النظرات. ورغم أنه لا تتناسب طبيعة المكان مع لباس الزوجة العشيقة وما تلبسه من لباس فخم، إلا أن ذلك لا يمنع العشيق وعشيقته من أن يستقران فوق أحد الأسرة الموضوعة هناك، وينخرطان في لعبة الكلام والإشارات الموحية، وهي لعبة متشابهة في كل الأحوال، يقول العشيق للعشيقة المتزوجة، « إنه أفضل يوم في حياتي، ومنذ وضعك الحظ في طريقي لم اقترب من امرأة أخرى، حتى زوجتي الشرعية، وهكذا،» ويطلب منها أن ترفع غطاء الصوف الذي يغطيها بالكامل، فترفع المرأة «حيكها» لكن فقط لشرب كأس شاي. ويحدث أن يخاطبها «بحق الله» ومولاي إدريس» ما إن تعدي لي كأس الشاي يمكنك المغادرة، فتقول لنفسها ماذا يظنني؟ هل يعتقد أنني مغنية أقدم كؤوس الشاي بالذهب. فيحاول تهدئتها» أعرف سيدتي أنك فتاة بيت محترمة، لكنك ستقومين بذلك لي وحدي. وكل « بنات دارهم» يعرفن تقديم كأس شاي، وأنت أيضا يمكنك القيام بذلك، فعندما التقيتك أحبك قلبي، خلال هذا يقدم للمرأة صينية فيها كل لوازم إعداد الشاي، فتعد الشاي وتقدم لعشيقها كأسا منه، لكن ذلك لا يروقه، فيتشبث بطلبه، فهو يريد كأس شاي من الذهب، وذلك لإجبارها على تقديم معروف له، يحمل يدها ترفع بصرها، فيطلب منها أن تنظر إلى الأسفل، يحمل يدها اليسرى ويتابعها ببصره، يتعاظم منظر كحل في عينها، ترفعهما وتخفضهما وتنظر من جانب إلى جانب، فيجلس العشيق على ركبتيه، يسجد بجبهته على الأرض، ويقول كلمات تقال لتحية السلطان، الله يبارك في عمر سيدي»، وبعدها يمسك الكأس ويشرب، بعدها تستقدم من الإسطبل صينية بها قنينة خمر من الملاح وكأس، يكون الخمر من النوع القوي، لأنه كلما كان الخمر قويا كلما كان الحب قويا، عندها تتعاظم نظرة ابتهاج في عيني العشيقة، تحتج ظاهريا أنها لا تشرب الخمر، لأن رائحته فقط تدوخها، وأن لسانها يحس بالكحول، لكن العشيق يعرف اللعبة، وكما في قضية الشاي بالذهب، يصر عليها، «كأس من الخمر فقط لالة»، من يديك يساوي لي كل الوجود، وأضحي بكل شيء من أجل ذلك. «فتجيبه «لا تلح علي»، رغم أنها في قرارة نفسها تعرف كيف ستنتهي كذبتها الساذجة هذه، «وتعرف أني في حال بدأت بصب الخمر فلن تنتهي إلا عندما ينتهي ما في القنينة، وأنت تعرف ذلك سيدي». فيرد أنه لن يجبرها على خدمته بصب كل ما في القنينة كلها، فقواعد التسلية منسية في هذا المكان، فترد « اقسم لي» أنه بعد الكأس الثانية، تكون قد اكتفيت وتتركني أعود إلى حال سبيلي» فيقول لها « أعدك بذلك، باسم الله وباسم مولاي إدريس». فتأخذ القنينة وتصب له الكأس، وكما حدث عندما صبت له الشاي، يدير رأسه ويقول لها إن الساقي يجب أن يبدأ بنفسه. أنت تستمتع بي، تقول محتجة، وتلوم نفسها على أنها قدمت هناك بإرادتها، متوعدة أنها لن تعود ثانية، «لكن رغم ذلك فهي تعرف كيف تنتهي اللعبة وتحت إلحاحه وما إن تفرغ الكأس الأول في جوفها حتى يبدأ مفعول الخمر في رأسها.