اعمارة: أشكال جديدة للتشغيل غير مؤطرة قانونيا وتحرم فئات واسعة من العاملين من التغطية الصحية    محمد رمضان يعلن عن مستجدات بخصوص أزمة نجله علي    المغرب يتجه نحو إحداث "مديرية حكامة أمن نظم المعلومات" لتعزيز الأمن السيبراني بالمملكة    حان ‬الوقت ‬لسحب ‬ملف ‬الصحراء ‬المغربية ‬من ‬اللجنة ‬الدولية ‬الرابعة    احتجاجات مرتقبة أمام وزارة التعليم بسبب الإقصاء من الأثر الرجعي للترقية خارج السلم    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    المغرب ‬خامس ‬قوة ‬اقتصادية ‬في ‬إفريقيا: ‬مسار ‬تحول ‬ونموذج ‬إقليمي ‬صاعد    بعد أزمة القطيع.. مطالب لمجلس الحسابات بافتحاص أموال وبرامج جمعية مربي الأغنام والماعز    جهة "سوس-ماسة" تسهم ب9.5% من التجارة الخارجية للمغرب وتستهدف تعزيز موقعها التصديري    لقجع: 85% من أنشطة المغاربة تشتغل خارج القانون    المغرب ‬يواصل ‬تموقعه ‬بقوة ‬على ‬الخريطة ‬العالمية ‬لصناعة ‬الطيران    سلطات حفتر تفرج عن جميع موقوفي "قافلة الصمود" والأخيرة تعود أدراجها في منتصف الطريق        الجيش الإسرائيلي يعلن بدء موجة هجمات جديدة في منطقة طهران    شكوك حول مشاركة مبابي في مباراة ريال مدريد الافتتاحية بكأس العالم للأندية    الصفقات الجديدة تدعم صفوف مانشستر سيتي قبل مواجهة الوداد في مونديال الأندية    كأس العالم للأندية... الوداد الرياضي يواجه مانشستر سيتي الإنجليزي وعينه على تحقيق نتيجة إيجابية    حجز 8 أطنان من المخدرات بشاطئ أكلو    مجازر الاحتلال تتواصل.. إسرائيل تقتل 32 فلسطينيا بغزة بينهم 11 من منتظري المساعدات    "أزطا أمازيغ" تنتقد سياسات الدولة وتدعو لاحترام التنوع والعدالة الثقافية    الرباط.. المحكمة الإدارية تنظر في طلب افتحاص صندوق تقاعد المحامين بمراكش    ارتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل فلومننزي البرازيلي وبوروسيا دورتموند الألماني دون أهداف    مسؤولو حسنية أكادير يفشلون في الحفاظ على الركائز بعد رحيل الشماخ    الشرعي يدرب "لويسترلو" البلجيكي    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | أزيد من 180 ألف عملية مراقبة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة    المغرب يُسرع وتيرة المشاريع المائية… 16 سدا جديدا وخطط لتحلية مياه البحر لمواجهة الجفاف    إضراب مفتوح ووقفة احتجاجية لعمال النظافة بشركة أوزون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر الأجور    العثور على شاب مشنوق داخل شقة بالحسيمة في ظروف غامضة    تحول "OpenAI" إلى الربحية يشعل الخلاف مع "مايكروسوفت"    الخليج يحث على التهدئة بين إيران وإسرائيل ويؤكد دعم مساعي الاستقرار الإقليمي    من الحرير إلى الشراكة الذكية.. المغرب والصين ينسجان مستقبلًا بحكمة حضارتين    فياريال الإسباني يتعاقد مع لاعب الوسط موليرو لخمس سنوات    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني: تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    مشروع سكني بالغرب يجلب انتقادات    كأس العالم للأندية .. قمة إنجليزية مغربية وصدام إسباني سعودي    المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران .. إشكالات وسياقات ومآلات    تأجيل محاكمة محمد بودريقة إلى الأسبوع المقبل بطلب نافيا "أكل الشيك"    عائلة بودراجة تتوعد بالمتابعة القضائية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    فاطمة الحمامصي… مسار نسائي رائد يُكرَّم في طنجة    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    في المغرب .. الفاشلون يطاردون المتفوقين عبر ساحات التنمر الإلكتروني    طنجة الدولية.. اختبار فرضيتي التحول والتفاعل    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    موازين 2025… أزمة توزيع المنصات تثير استياء الجمهور    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوشعيب هبولي تشكيلي أصيل لا يذاع له سر
نشر في المساء يوم 10 - 04 - 2008

في إطار مهرجان الحدائق الذي يقام بمراكش في دورة ثانية ابتداء من اليوم وإلى غاية 13 من الشهر الجاري، يقيم الفنان التشكيلي بوشعيب هبولي بالمعهد الثقافي الفرنسي معرضا تشكيليا يحتفي فيه بالورد والطير على السواء، في تناسقية لونية قل أن جسدتها إبداعاته..
يستمر معرض هبولي إلى غاية العاشر من الشهر القادم ويصاحب المعرض تجربة في الحلي تحمل رمزية الطائر وستعرض في 12 نموذجا.
في كلمة عن المعرض يحاول الروائي والناقد الجمالي «إدمون عمران المليح» أن يقترب من تجربة هبولي حيث يكتب: تعرف مراكش تقليدا جميلا يتمثل في تربية الطيور وتلقينها تغاريدها الخاصة، هذا الفن الجميل ما يزال مستمرا إلى اليوم في هذه المدينة.
بطبيعة الحال فإن بوشعيب الهبولي ليس مربي طيور، هذا نعرفه جيدا، منذ زمن وحتى الآن، لكن هذا الحكيم الأزموري، والذي لا أعرف تسمية أليق له من هذا الاسم، سيفاجئنا من جديد، إنه ومن أجل إمتاعنا يمنح حياة جديدة للطيور، بحيث نظن أنه يكلمها وأنه يناولها «زوان» متخيله، مغنيا نظره في تحليقة مجنونة وبديعة لغرافيكية طائرة.
ويمضي إدمون في وضع الأصبع على العمل التكويني البديع لهذا الفنان الكبير، المغرم بالوجوه، حيث يحلل رمزية الطير عندما يقول: الطير يعني هذه الحرية الخالصة حين يكون هو رمز الهروب من قفص النزعة التصويرية.
طيور هبولي تذكرنا بالشاعر الفارسي والمتصوف الكبير فريد الدين العطار في كتابه «منطق الطير»، وهذا لا يعني أن هبولي قد وجد مصدرا ملهما لأعماله أو أنه تخلى عن تلقائيته المعهودة في الرسم، ولكن، بالفعل، إنه طقس خاص، ذاك الذي ندخل من خلاله إلى عالم الطير، وهبولي لا يقف عند هذه الحدود بل يجعل طيوره تستلقي في خلفية أزهار منتقاة. كل لوحة من لوحاته تولد اللذة الحارة المبحرة في كتلة من الألوان الحية، الحانية، بكثير من الرشاقة.
وعن هذه التجربة الجديدة لهبولي يقول عمران المليح: إنها المرة الأولى التي أتمكن فيها من رؤية هبولي وهو يلهث خلف اللون.
ملاح قديم
اشتغل هبولي سابقا على «الملامح» والوجوه.
ومن عزلته بمدينة أزمور، حيث محضن ذاكرته، هندس العزلة والظلال والألوان الغامقة، محاولا القبض على الأمكنة وعلى أزمنتها النفسية.
ومنذ معرضه الفردي الأول سنة 1970، عمل بصبر على «خلق» ألوانه الخاصة من مختبره المفتوح على الطبيعة، فهناك الطين من جهة وتدرجاته اللونية وهناك مسحوق قشرة الجوز، وما تمنح من إمكانات لونية لا توفرها الصباغة الحديثة.
وكأن الرسام هنا يتحول إلى مقطر للألوان مثل صانع العطور، له تماما مزجاته السحرية التي لا يذاع لها سر، إنه أمبريقي يطل على الأزمنة الحديثة بوجهه المنحوت الصلد، الشبيه بصخرة الوجود الأولى.
كأن أزمور اخترعته على شاكلته الخاصة دون أن تمنح للفن المغربي الولود إمكانية أن يتكرر أو يتشابه أو يعاد.
الحديث إلى بوشعيب هبولي هو حديث إلى فنان مرح، متفائل، حائر، حرون، حاد، محتفل بالحياة، على غير ما تشي به أعماله وتخطيطاته وهندسته للوجوه والعلامات والأمكنة البعيدة عن اليد في لوحة يرين عليها الصمت ويتنازعها الشك، لوحة تقرع صنوج السائد على غير العادة، وتقول لك: هنا لا مجال لليقين وعليك أن تدرب بصريتك كي تحدس العمق الفني الثاوي في صباغته ولونيته المنحازة، هي تدل عليه وهو يدل عليها.
يتميز هبولي بسخرية «أليفة» من هجوم الأشياء على العالم وعلى حياة الناس وبالأخص حياة المغاربة التي كانت إلى زمن قريب وديعة وأليفة، لكنها الآن غطست في ألوان من البهرجة ومن الافتعال، وناطحت الموضة حتى أصبحت بدون مذاق.
يسخر هبولي من الكائن المغربي الجديد المعلب في رقع العولمة، في بيئة معمارية لا علاقة لها بالتاريخ المغربي ولا بالهوية المحلية، البنايات الجديدة غطت على معمارية المدينة العتيقة والبيت المغربي، والشقق الحديثة المنمطة على الشكل الهندسي الأوروبي أضاعت الكثير من الدعة التي كانت.
لا يكف هبولي عن إنتاج سخريته اليومية من هذه المظاهر المستجدة في حياة المغاربة، يعتقد جازما أن المدينة المغربية إذا سارت في هذا الاتجاه فإن النتيجة على المخيال وعلى الذاكرة الجمعية ستكون كارثية.
بإمكانك أن تفهم وجهة نظر هذا الفنان الذي لم يكن في حاجة إلى «ديبلوم» في الرسم كي يعلن عن نفسه منذ مغرب سنوات الرصاص إلى الآن، بإمكانك أن تستوعب رأيه الفني دونما حاجة إلى ترسانة مفاهيم أو إلى فذلكة أو حذاقة غير موفقة، غالبا ما يعشقها بعض نقاد الفن، الذين يرون في الممارسة الفنية مجرد تروس بأسنان حادة.
يعتبر هبولي نفسه مغربيا «أصيلا»، ولا نعرف ماذا يعني ب«الأصيل»، وأعتقد أن المعنى المقصود قريب إلى حد ما من التعبير الدارج في اللهجة المغربية حينما تنعت شخصا ما بأنه «أصيلي» أي تعني «أصيل» لكن بكثافة وزخم قويين، فالأصيلي لا «يكشف» أي لا يتغير، وذلك هو بوشعيب «الهبولي» بالألف واللام، رجل «أصيلي ماكايكشفش»، شبيه إلى حد كبير بأعماله الفنية التي لا «تكشف حتى هي»، أعمال أصيلة، تجعله نسيجا وحده في المشهد التشكيلي المغربي المتعدد.
المرسم السري
كيف يعيش الهبولي في مرسمه؟ هذا هو المفصل الأهم في حياة هذا الفنان المتفرغ كليا إلى عمله وفنه، في عزلته المبدعة.. لا شك أن له حديثا آخر مع الأصباغ والمواد والتخريجات الفنية وتنويعاته التي اشتغل عليها منذ حبرياته إلى طيوره وأزهاره في المعرض الأخير في مراكش.
وأما أزمور فمقيمة في الفؤاد لا تبارحه، المكان هو المكان، والأصوات هي الأصوات تشرق كل يوم مثل شمس مغسولة في عيني الرسام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.