زيادة بالأجور وتخفيض الضريبة وحسم التقاعد..هذه تفاصيل محضر اتفاق الحكومة مع النقابات    سانشيز يُقرر الاستمرار رئيسا للحكومة الإسبانية    التنسيق الميداني للتعليم يؤجل الاحتجاج    رسميا.. اتفاق بين الحكومة والنقابات يهم الزيادة العامة في أجور الموظفين بمبلغ 1000 درهم    التقنيون يتوعدون أخنوش بإضرابات جديدة    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الإثنين بأداء إيجابي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    سانشيز يتراجع عن قرار استقالته بعد مسيرات التضامن الضخمة        غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    عقوبات ثقيلة تنتظر اتحاد العاصمة بعد انسحابه أمام نهضة بركان    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    معلومات دقيقة من "الديستي" تقود السلطات الإسبانية إلى اعتراض عملية ضخمة لتهريب المخدرات    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    الروائي الأسير باسم خندقجي يهزم السجان الإسرائيلي بجائزة "بوكر العربية"    مساءلة وزير الفلاحة أمام البرلمان حول ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء وتوفير أضاحي العيد بأثمنة مناسبة    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    طلاب مغاربة يتضامنون مع نظرائهم الغربيين الداعمين لغزة    نجاح كبير للدورة ال16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    أبرزها الاستبعاد من بطولات إفريقيا.. العقوبات المنتظرة على اتحاد العاصمة بعد انسحابه أمام نهضة بركان    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    النفط يهبط 1% مع استمرار محادثات وقف إطلاق النار في غزة    للمنافسة عالميا.. جهود مغربية لتطوير صناعة الألعاب الإلكترونية    السكوري…المخاطر المهنية يمكن تفاديها بإرساء نظام فعال للسلامة وثقافة وقائية    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    مجلس المنافسة: 40 في المئة من الخضر والفواكه بالمغرب تتعرض للتلف    حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان بالدوري الفرنسي    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز بالرباط    المشتبه فيه فقتل التلميذة "حورية" بصفرو قرقبو عليه بوليس فاس: العملية الأمنية شاركت فيها الديستي وها فين لقاو المجرم    واش يبقى ولا يستاقل. اليوم يتحدد مصير رئيس الحكومة الصبليوني. خدا ويكاند باش ياخد قرارو بعد اتهام مراتو بالفساد    يوسفية برشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني بعد التعادل مع تطوان    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    تقرير: المغرب وإسرائيل يسعيان تعميق التعاون العسكري رغم الحرب في غزة    منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سبعة من عمالها    الصين: "بي إم دبليو" تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جوانب من علاقة العلم بالعمران بالمغرب من خلال الفهارس... (4)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 03 - 04 - 2015

نستفيد من ترجمة ابن التهامي بن عمرو مجموعة علائق نفيسة تهم انتقال العلم وتسلسل الأسانيد والمادة العلمية وانتقال العلماء من بلد إلى بلد.. وهذا مما لاشك فيه بيان واضح لمعطيات العمران التي نُسجت واستوت عبر مسلك العلم والتعلم والرواية والدراية.. يقول العلامة الكتاني في "فهرس الفهارس"[1] عن ابن التهامي بن عمرو: "هو الإمام العالم الأديب اللغوي الأصولي المسند الرحال أبو عبد الله محمد بن محمد التهامي بن محمد بن عمرو من أولاد ابن عمرو الذين ينتسبون للأنصار، الرباطي الدار دفين مكة المكرمة، توفي بها سنة 1244ه. روى حديث الأولية عن الحافظ ابن عبد السلام الناصري عن جسوس، وروى الصحيح بالرباط عن أبي عبد الله محمد بن الحافظ أحمد بن عبد الله الغربي الرباطي عن والده بأسانيدهما، وروى أيضاً عن أبي محمد عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي عن مرتضى الزبيدي، وروى الصحيح أيضاً عن عبد القادر ابن شقرون وأحمد بن وبنيس والشيخ الرهوني بأسانيدهم، وروى فهرسة الشيخ ابن الحسن بناني عن القاضي أحمد بن صالح الحكمي الرباطي عن مؤلفها، وروى عامة عن ابن عبد السلام الناصري الدرعي، ومن طريقه يروي الصحيح مسلسلاً بالمحمدين عن محمد بن الحسن الجِنوي ومحمد بن الحسن بنّاني ومحمد بن قاسم جسوس بأسانيدهم، ويروي الرحلة العياشية عن الناصري المذكور عن أحمد بن محمد الورزازي التطواني المتوفى سنة 1177ه عن الإمام أبي العباس ابن ناصر عن أبي سالم العياشي، ويروي الرحلة الناصرية عن الناصري أيضاً عن الحافظ أبي العلاء العراقي عن أبي الحسن عليّ الحريشي عن أبي سالم.."..
وفي حديثه عن فهرس النجوم المشرقة في ذكر من أخذت عنه من كل ثبت وثقة للإمام المحدث أبي عبد الله محمد بن قاسم بن عبد الرحمن التميمي الفاسي من رجال المائة السادسة، وصاحب كتاب المستفاد، يقول عبد الحي الكتاني[2]، "وكان إماماً بمسجد جامع الخيل المعروف بالجامع الأزهر بفاس، وله عدة تصانيف منها اللمعة في ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده السبعة، وله أيضاً المستفاد بمناقب العباد، وفي حديث عبد الحي الكتاني عن الإمام أبي العباس أحمد الصومعي التادلي يقول[3]: هو الإمام العارف الصوفي البعيد الصيت أبو العباس أحمد بن أبي القاسم بن محمد بن سالم بن عبد العزيز بن شعيب الهروي، صاحب زاوية الصومعة بتادلة، وأحد المكثرين من التصنيف من أهل برّ العدوة وجمع الكتب، لقي الكثير من أصحاب الشيخ التباع واعتمد الشيخ أبا الحسن علي ابن إبراهيم دفين أكَرض بتادلة، وقد أخذ عن الشيخ الخروبي ومحمد بن عبد الرحمن الشريف وغيرهم. ترجمه تلميذه الحافظ أبو العباس المقري ترجمة طنانة وقال: "استجزته فأجازني بكل ما يجوز له وعنه روايته وما أخذ عن شيوخه كالإمام الشهير أبي عبد الله الخرّوبي الطرابلسي وغيرهم ممن يطول تعداده"، وذكر له من التصانيف جزءاً يحتوي على من لقيه من العلماء الأعلام وأرباب التصوف أهل المقام، قال المقّري: "ويوم استجزته أخرج لي ستين مجلداً كلها من تصنيفه، وسألني وأكّد علي أن أستجيز له من مولاي العم أبي عثمان، مع مشاركته له في الخروبي وغيره وقاربه في السن، ومات المترجم له أوائل ربيع الأول عام 1013، ودفن بالصومعة من بني ملال ببلاد تادلا بالمغرب الأقصى، وقفت على قبره. أروي ما له من طريق المقّري عنه"…
فهرس آخر يمدنا بمعلومات ثمينة عن تطور العمران وارتباطه بانتقال العلم هو فهرس أحمد المنجور (ت 995ه)[4]، ونستخلص من دراسته الأوضاع العمرانية بحاضرة فاس، وأماكن تلقي العلم من خلال التجربة العلمية للإمام المنجور الذي يقول عنه محقق الفهرس الدكتور محمد حجي: "نتعرف في الفهرس على أحمد المنجور طالبا مجدا في مدينة فاس، ينتقل من حلقة عالم إلى أخرى في القرويين والمدارس التابعة لها، أو في جامعي الأندلس والأشراف ومساجد صغرى هنا وهناك في العدوتين، من طلوع الفجر إلى ما بعد العشاء الأخيرة، طوال زهاء عشرين سنة، ونجده يقرأ خلال تلك الحقبة علوم القرآن والحديث والفقه والأصلين، والنحو والبلاغة والأدب والمنطق والحساب. وبذلك نلتقي بعالم مكتمل المادة، مشارك بكامل معنى المشاركة تم تكوينه في فاس وحدها، ولم يأخذ عن غير المغاربة إلا بعض الطارئين على فاس من علماء الأندلس وتونس ووهران وتلمسان"[5].
نفهم مثلا من خلال "فهرس المنجور" أن أحمد المنجور قرأ على عبد الرحمن سُقين خطيب جامع الأندلس بعض موطأ مالك عند باب مصرية الخطيب التي بها سكناه، كما قرأ عليه بالعرصة المعروفة باسم "عرصة عبد الرحمن سُقّين" بالزّربطانة من طالعة فاس ( فهرس المنجور ص: 10)، وأنه بمسجد عين الخيل بفاس كان شيخ المنجور محمد بن أحمد اليسّيتني يمضي من داره بعدوة الأندلس إلى المسجد المذكور ليقرأ العقيدة الكبرى على الشيخ أبي القاسم ابن إبراهيم (ص: 29).. وبمدرسة العطارين كان اليسّيتني شيخ المنجور يدرِّس العلوم، وكان يحضر بجامع القرويين يوم الخميس مجلس أبي القاسم ابن إبراهيم في "الدّرر اللوامع"، ويلازم دروس الشيخين أبي الحسن ابن هارون في المدونة ومختصر خليل وغيرهما، وعبد الواحد الونشريسي في فرعي ابن الحاجب والتفسير وغيرهما (ص: 36). ونعرف أيضا من خلال "فهرس المنجور" أن اليسّيتني كان يدرِّس بمسجد منسوب إليه بالأقواس من عدوة الأندلس دولا من فرعي ابن الحاجب، وكان صاحبنا المنجور ينتظره حتى يفرغ منها ثم يقرأ الأصلين، وقد لازم المنجور شيخه المذكور إحدى عشرة سنة…
وفي خبر طريف في "فهرس المنجور" نقرأ أن خبر وفاة محمد بن أحمد اليسّيتني شيخ أحمد المنجور ليلة الأربعاء سادس عشرة من المحرم فاتح تسعة وخمسين وتسعمائة وصل إلى تلميذه السلطان محمد الشيخ المهدي بن عبد الله السعدي، بحمام المريني، حيث وُجد يقرأ وِرده،فخرج من الحمام وهو يبكي بصوت عال (ص: 37). ونعرف أيضا من خلال "فهرس المنجور" أن العلامة محمد بن أحمد ابن غازي لما انتقل من مكناس إلى فاس، نزل بالبليدة من حومة الأصدع، حيث زاره شيخا أحمد المنجور عبد الرحمن سُقّين وعلي بن موسى ابن هارون المطغري الذي قرأ عليه سنين عديدة جملة من الكتب، حيث أجازه عام ستة وتسعمائة (ص: 40-41)، وقد كان ابن هارون المطغري ختم على شيخه ابن غازي ختمتين للموطأ بمجلسه بين العشاءين بجامع القرويين ورسالة ابن أبي زيد القيرواني بالجامع ذاته. وبمدرسة الخسّة قرأ المطغري على شيخه المذكور بعض تفسير القرآن بمجلسه بالمدرسة المذكورة، ابتداء من يوم عاشوراء فاتح سبعة وتسعين وثمانمائة، وبمسجد شوارة بالبليدة ختم المطغري على شيخه المذكور ختمتين من أصول الدين "البرهانية للسلالجي"، وبمدرسة الصهريج قرب جامع الأندلس ختم المطغري على الشيخ نفسه بعض المدونة بمجلسه بالمدرسة المذكورة، وبمدرسة الحلفاويين ختم المطغري على الشيخ ذاته الألفية بالمدرسة المذكورة (ص: 42). وبمدرسة الوادي كان المطغري يدرِّس المدونة لبعض الطلبة بعد الفجر بالمدرسة المذكورة في حياة شيخه ابن غازي، ويصعد كرسي الرسالة بعد فراغ الحزّابين. كما درّس المطغري المدونة بمدرسة العطارين، وكانت تقرأ عليه مقامات الحريري بمسجد الأبّارين…
فنلاحظ هنا الكثافة المعرفية والمعطيات العمرانية والعلائق العلمية والإنسانية، وما يمكننا استخلاصه من مفاهيم وتطبيقات عملية: مثل إعادة كتابة التاريخ العلمي والثقافي لمدينة فاس والمغرب عموما، وإعادة توطين المقابر والزوايا والمساجد والمدارس الدالة على هذه الحركة العلمية المباركة وتوظيفها في البعث الثقافي والعمراني وإقامة السياحة الثقافية والدينية، وتحقيق مشروع جغرافية العلم بالمغرب؛ ومشروع الدراما الوثائقية في استعادة حقيقية وجادة للنصوص والأماكن الجغرافية..
يتبع في العدد المقبل…
—————————
1. فهرس الفهارس. ج:1-ص: 279.
2. فهرس الفهارس. مرجع سابق.
3. فهرس الفهارس. ج: 2، ص: 713.
4. الشكر موصول للأستاذ الباحث مصطفى مختار على إسهامه في استخلاص المادة العلمية المتعلقة بالعمران من فهرس المنجور، فليجد هنا كامل تقديرنا واحترامنا..
5. محمد حجي، مقدمة تحقيق فهرس المنجور، الرباط، 1976. ص: 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.