المفضلون في فضالة لم يكن يخطر ببال رشيد الطوسي صاحب المثلث الذهبي هذا الموسم أن سبعة أيام الإحتفال ستطول، بل سيصبح الرجل علامة في كل مدن المغرب المتلهفة لتكريم الإطار الذي رد بصيغة الفشل على غيرتس وبالدارجة المغربية القحة هذه المرة. لم تعمر كأس الكاف التي على عيسى حياتو أن يخجل داخل إتحاده من حالتها المتردية، ومن درجة الضياع والتلف الذي أصاب محيطها داخل خزانة نادي المغرب الفاسي طويلا، لأن هذه الكأس أصبحت ملازمة لحقيبة الطوسي في كل تحركاته العمودية التي يقطعها داخل المدن المغربية، والتي إختار رموزها السياسيين تكريمه بفضلها، جاعلين من لقب الكاف واحدا من الرموز الإنتخابية لمرحلتهم المقبلة لكسب الأصوات الملغاة، واختارها أيضا بعض من رموز الرياضة للإنبعاث من جديد ودائما بصيغة تكريم المدرب السوبرمان. بين سيدي قاسم معقل رأس رشيد الإدريسي وهذا هو إسمه الحقيقي، والعاصمة الرباط مرورا بخريبكة تعددت صور التكريم للمدرب الثلاثي الأضلاع، وهو شرف يستحقه المدرب الذي اجتهد كثيرا فنال أجر المجتهد، ليبقى تكريمه بالمحمدية من طرف مؤسسة العلالي الأكثر إثارة للإنتباه. ليس حسدا ولا غيرة من رجل دخل «العز» الرياضي لمدينة فاس كما حكت أسطورة الحكواتيين وشهادات رجال الدرك المروري خلال التسعينيات من القرن الماضي، بل لدلالات التكريم الأخير بالمحمدية ولقراءة العارفين بخبايا ما يجري ويدور بمدينة الزهور. لنتابع الحكاية التي تبرز أنه على نفس درجة التكريم يعيش رياضيون من صلب المحمدية و «وكوايرية» حقيقيون عاشوا في زمن «بلاش» معنى التقزيم.. ففي المحمديةالعالية يعيش كسكوس المدرب الذي جايل المواهب داخل الشباب وعطش لتروى هي في عز جفاف الموارد.. يعيش في ركن قصي دون أن تسأل عنه لا مؤسسة العلالي ولا غيرها، ومؤخرا تم بتر أحد أصابعه لارتفاع مؤشر السكر في دمه، والتقرير الطبيب الذي يحمله كسكوس يحمل طابع إدانة صريحة للكرة التي حرقت أعصاب الرجل. غير بعيد ينزوي با حسين ورفيقه الحسين الملقب ب «اللحية» حالة من الضياع المزمن في زمن الجحود والتنكر لرموز لا تسأل الناس إلحافا ويحسبهم المكرمون بالمحمدية أغنياء من التعفف، فقد جايلا اللاعبان إتحاد المحمدية سنوات السطوة، وحين إلتفتا للساعة على معصميهما، وجدا السنوات قد فعلت فعلتها فرددا ما رددته ماجدة عبد الوهاب «حتى فات الفوت».. كلاوة الذي لم يفز بكأس السوبر، تحسر على ظلم ذوي القربى ولا أحد طرق بابه في يوم من الأيام يسأله إن كان حيا طالما أنه لا يرزق، في وقت يحتضر قجي وعباس وكل زهور الزمن الجميل في صمت ويبتلعون ريق المرار كل صباح مع لعن من صور لهم ذات يوم الجلد المدور على أنه كائن بذاكرة.. عبد الفتاح الخطاري صاحب الصفقة الأغلى ذات يوم في تاريخ البطولة والموهبة التي أجبرت المرنيسي وكل صقور المغرب الفاسي على الإكتتاب لشراء عقده، والنجم الذي لمع رفقة الفريق الوطني قبل أن تغتاله عيون «القواسة» الذين استكثروا عليه المبلغ المدفوع، تابع تكريم الطوسي بدوره بكثير من الحسرة وخلص إلى أن رجال فضالة الذين أمسك الله عليهم من الذين يطبقون نظرية «الله ينصر من أصبح»، وهي نفس وضعية محمد كراط الملقب ب «فراس» والذي تحول للاجئ بين الفرق يعرض خدماته بالتقسيط المريح وبجودة أكبر، ليلعن كراط بدوره كل من أطلق عليه إسم فراس لأنه خلص لحجم الفارق بين فائز بالكرة الذهبية وآخر فائز بالكرة الخاوية المملوءة بالريح التي تتقاذفه بين المدن وفرقها.. كان سيكون رائعا لو ضم العلالي كل هذه الرموز التي تحتضر داخل المحمدية لبادرة تكريمه للطوسي إبن سيدي قاسم، وكان سيكون أروع لو إلتفت ليس للبشر، بل للمنشآت التي تتهاوي في مدينة الزهور، وعلى رأسها حيطان ملعب العالية التي تتآكل وحالة الملعب الذي يحتضن مباريات العصب والفتيان والفرق النسوية بالجملة نهاية كل أسبوع.. ألم يكن من الأجدر الإلتفات لكل هؤلاء ولو من باب وذكر؟ لذلك فهم كل الذين حضروا مأدبة تكريم الطوسي والنصيري لماذا قيل في المثل أن «الدنيا بالوجوه والآخرة بالزراوط»، وفهموا لماذا غرق الشباب في مستنقع الهواة وماتت الموهبة في المدينة. التكريم أشبه في هذه الحالات بالصدقة، وتكريم المقربين أولى.. وإلى أن يثبت العكس ستظل فضالة تفاضل بين الرجال وتفضل بعضهم على بعض في التكريم، وقديما قيل «ظلم ذوي القربى أشد مضاضة»، لهذا يفكر الرعيل الذهبي الذي يعيش على الهامش هذه الأيام جديا في تشكيل جبهة أطلقوا عليها إسم «المظلومون في فضالة».