سقطة برشلونة صدق من قال أنه مربع من ذهب، الأمر هنا يتعلق بذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الذي جمع ثلة من أعتد الأندية الأوروبية، مدارس كروية مختلفة ونجوم تساوي الملايير، فريقان من إسبانيا وممثل من إنجلترا وفارس ألماني، ذلك هو الطبق الذي أخلص لوعوده ومنحنا الإثارة المرجوة، لكن الأهم من ذلك أنه منحنا أيضا عدة دروس كروية من فن الكرة، دروس تقنية بدنية وتكتيكية. والأكيد أن أكثر ما أثار الانتباه في هاتين المبارتين هي الخسارة التي مني بها برشلونة والكيفية التي سقط بها الفريق الكطلاني، قد تكون هزيمة ريال مدريد عادية باعتبار أن الهدف كان قاسيا وسُجل في الأنفاس الأخيرة من المباراة ولو أن الكل يتفق معي أن خسارة الريال كانت منطقية بحكم أن الأخير لم يكن في يومه وعانى كثيرا أمام الفريق البافاري، لكن سقطة البارصا ولو أنها صغيرة لكن لها أكثر من دلالة، لعل أبرزها أن تشيلسي ربما وجد الدواء لداء أصبح مستشريا في أروربا اسمه برشلونة.. هذه المرة لم تنفع الأسلحة الهجومية لبرشلونة ولا ذلك المد الهجومي الذي بصم عليه تلاميذة المدرب غوارديولا من باب المباراة إلى محرابها، حيث تابعنا كيف عانى الفريق الكطلاني في المباراة رغم أنه نجح في خلق بعض الفرص الخطيرة. وقد نتساءل عن هذا الذي جعل برشلونة يعاني على المستوى الهجومي بعد أن تعذر عليه إيجاد الحلول، وقد نتساءل عن أي سلاح فتاك تسلح به تشيلسي لكي يحد من خطورة أصدقاء ميسي، مع أن كل الأندية التي تواجه برشلونة تستنجد بالدفاع، ومع ذلك تفشل جميع محاولاتها وتتلقى شباكها الأهداف. تشيلسي عرف أن هناك سبيلا واحدا للحد من خطورة نيازك برشلونه الدفاع، لكن ليس أي دفاع، فعندما نلقي نظرة على دكة احتياط تشيلسي سنجد مدربا إيطاليا متشبعا بالثقافة الإيطالية ويعرف ما معنى الدفاع وكيف تدافع ومتى تدافع. ديماتيو هذا المدرب الإيطالي الذي كان مساعدا للبرتغالي بواش المدرب السابق لتشيلسي والذي تسلم المشعل بعد إقالة الأخير يبقى متشبعا بثقافة الكاطيناشيو، وهي الخطة أو الماركة المسجلة باسم الإيطاليين الذين يتفنون فيها ويطبقون الدفاع بحذافيره، أدرك أن الضغط على لاعبي البارصا سيحد من خطرهم، لكن هذا الضغط كان بثلاثة لاعبين على حامل الكرة إلى درجة خنق وإتعاب لاعبي البارصا في البحث عن الحلول، ديماطيو أدرك أيضا كيف يسد جميع الفراغات والمساحات، فكان تشيلسي يشتغل في الدفاع مثل خلية النحل، فلا يكاد لاعب من البارصا يراوغ لاعبا من تشيلسي إلا ويجد لاعبا ثانيا وثالثا، وهكذا مرت المباراة خاصة الشوط الثاني عصية على لاعبي برشلونة، وعصية أيضا على المدرب غورديولا الذي تعذر عليه فك طلاسيم الدفاع التشيلساوي. والأكيد أن أسلوب الهدم قد تفوق على أسلوب البناء وإلا لما خرج الفريق الإنجليزي فائزا بهدف للاشيء، ولو أني أعتبر أن مهام تشيلسي رغم ذلك كانت سهلة، لأن ما هو متعارف عليه هو أن الهدم سهل مقارنة بالبناء، خاصة عندما يتوفر المدرب على لاعبين لهم نزعة دفاعية وبدنية وبروح قتالية، لذلك وجد ديماتيو في لاعبي البطولة الإنجليزية عنصرا يسهل عليه هضم أسلوب الكاطيناشيو الذي نهجه أمام برشلونة وتفوق فيه على غوارديولا قلبا وقالبا، ولو أن لاعبي برشلونة يعضون على أيديهم لأنهم ضيعوا فرصا رغم أنها قليلة ولكنها كانت مواتية للتسجيل. والأكيد وأمام هذه المعطيات سننتظر إيابا حارقا في ملعب نيوكامب معقل برشلونة، إياب أكيد ستُستعمل فيه نفس الأسلحة الفتاكة التي نهجها الفريقان في مباراة الذهاب، فريق إسباني سيدخل بسعار هجومي من أجل تسجيل الأهداف وفريق إنجليزي سيدخل المباراة بألغام دفاعية، فهل تنتصر الكرة الجميلة لبرشلونة، أم أن المستديرة ستخضع لمنطق القوة الدفاعية، وقتها سنقول أن الكرة ظلمت حقا برشلونة في زمن قلت فيه الكرة الجميلة.