يعرف القانون بكونه مجموعة من القواعد السلوكية و الإلزامية التي تسعي لتنظيم و تأطير العلاقات داخل مجتمع معين. كما أن الإقرار بالوظيفة التنظيمية للقانون لا ينفي التطرق للوظائف الأخرى المنوطة بعهدته' باعتبار و أنا الغايات و الأهداف التي يرمي إليها القانون متعددة و مختلفة بإخلاف محتوي القواعد القانونية التي تضمنها. و ضمن هذا السياق' فإن التحليل القانون يقتضي منا التطرق لمختلف وظائف القانون' حتي نتمكن من إرساء خطاب نقدي لماهو كائن داخل المجتمعات العربية التي سعت لتحديد مفهوم القانون من خلال الاعتماد علي د لا لات تقليدية تجلت بأساس في المفهوم الردعي للقانون . لا يمكن إنكار أن للقانون دور تقليدي تجلى من خلال " الوظيفة الردعية" و المثال على ذلك الأحكام ذات الصبغة الجزائية. و تمثل هذه الوظيفة المنوطة بعهدة القانون أداة لتسليط الجزاء على السلوك المنحرف الذي يهدد الأمن الاجتماعي و النظام العام و الاستقرار داخل المجتمع. ومن هذه الزاوية يقترن مفهوم هذه الوظيفة بوجود آليات للنهي و بمظاهر القوة ذات الطابع الزجري. غير أن التكريس المجحف لهذه الدلالة الردعية للقانون داخل الأنظمة السياسية العربية ، يجعل منه مجالا لللإستنكار و العصيان، باعتبار و أن القانون قد أضحي داخل هذه المجتمعات مجالا للقمع و الاغتراب، و هو ما يؤدي إلي هجر القاعدة القانونية نظرا لعدم تقبلها من قبل الأفراد. كما أن مفهوم القانون أو بالأحرى القواعد القانونية التي يتضمنها لا ينحصر في هذا الجانب الردعي , و إنما يبلور "لوظيفة حمائية " من خلال التدخل في وضع أحكام أو قواعد ينتفع بها الطرف الضعيف ضمانا لمصالحه و حقوقه الأساسية. و من الضروري أن يتدخل القانون لحماية الطرف الضعيف في حالة وجود عدم التكافؤ و هو ما يجعل تدخل القانون مقترنا عموما بمبادئ سامية تتمثل خاصة في تحقيق المساواة و العدل و الإنصاف القانون قادر على تكرسها و تبنها و يسعى إلى تحقيقها و تجسيدها داخل المجتمع. كما لا يقتصر دور القانون على الوظيفة الردعية و الحمائية و إنما له كذلك دور توجيهي تأطيري يساهم في تطور المجتمع و تحقيق طموحه في التحرر من القيود البالية و انتشاله من غياهب الضياع و الحياة الاعتباطية التي لا تتماشي مع لغة العصر و كذلك في الدفع نحو التقدم و الرقي الاقتصادي و الاجتماعي مثلما يساهم في تجسيد التحولات الجذرية في المجتمعات. و عليه من الضروري السعي لتحديد مفهوم عقلاني للقانون و ذلك من خلال إخراجه من شرنقة الردعية و النزعة الاقصائية ، و إدخال بعض المرونة علي محتوي القواعد القانونية حتى تكون ملبية لمتطلبات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية للمجتمع. بمعني أخر تغليب الصبغة الإنسانية للقانون. و تجدر الإشارة في الأخير إلي أنه من الضروري علي مشرعي المجتمعات العربية تغليب الجانب التوجيهية و الحمائي دون تغيب الجانب الزجري عند وضع النصوص التشريعية، لغاية إرساء تناسق و انسجام داخل محتوي القواعد القانونية. *إسماعيل الهدار، باحث في القانون العام بكلية الحقوق بصفاقس