صحيفة إسبانية: المغرب يفرض نفسه كأبرز المرشحين للقب بعد أداء "لا يمكن وقفه"    ولد الرشيد: حرية الصحافة وسيلة لمحاربة الفساد وشرط أساسي لبناء الثقة بين المواطن والدولة    روسيا–إيران–الجزائر.. صفقات تسليح سرية: وصحيفة إيطالية تؤكّد أن المثلث العسكري الجديد يُقلق الغرب    الإفراج عن 96 معتقلا فلسطينيا في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار    الرئيس الصيني يدعو إلى مسيرة جديدة لتحقيق المساواة وتمكين المرأة عالمياً    الصين: ارتفاع الصادرات بنسبة 8,3 بالمائة في شتنبر رغم التوترات التجارية مع واشنطن    حافلات تقل معتقلين فلسطينيين تصل إلى رام الله في الضفة الغربية    أمطار مفاجئة تحول شوارع الناظور والدرويش إلى أودية ومستنقعات    العمال ‬المغاربة ‬في ‬قبضة ‬الاستغلال ‬بإسبانيا    جولات على مدارس الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    أبو مازن ونتنياهو يشاركان في قمة شرم الشيخ وإسرائيل تتسلم جميع أسراها الأحياء من غزة    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يضرب موعدا مع فرنسا في المربع الذهبي    وهبي: نقاتل من أجل المغرب.. وحلمنا رفع كأس العالم    كيوسك الإثنين | تحذيرات من التواطؤ الثابت بين البوليساريو والجماعات الإرهابية    مصرع عون مساعدة بشركة الطرق السيارة في حادثة سير بالقنيطرة    ترامب: الحرب في غزة انتهت عشية قمة السلام في شرم الشيخ    خبراء ‬وفاعلون ‬مدنيون ‬يحذرون ‬بنيويورك ‬من ‬تبعات ‬التواطؤ ‬الثابت ‬للبوليساريو ‬مع ‬التنظيمات ‬الإرهابية ‬بالساحل    فاعلون ‬خلال ‬مؤتمر ‬الأعمال ‬المغربي ‬الفرنسي ‬بالداخلة:‬    في ‬دلالات ‬الخطاب ‬الملكي:‬ تسريع ‬مسيرة ‬المغرب ‬الصاعد    البرلمان يمطر حكومة أخنوش بأسئلة حارقة حول جودة التعليم ومآل مكافحة الفساد عشية احتجاجات شباب Z    الملك يشرف اليوم على تدشين مصنع لصناعة أجزاء الطائرات بالدار البيضاء    إيطاليا.. العداء المغربي الحسين العزاوي يتوج بطلا للعالم في سباق "غولدن تريل ورلد سيريز"    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يواجه فرنسا في نصف نهائي كأس العالم    الفلبين: زلزال بقوة 5,8 درجة يضرب جزيرة سيبو    تأطير الاحتجاج بحقائق السياسة والدستور    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    ٍ"الأشبال" يواجهون فرنسا في النصف    مونديال الشباب: المنتخب المغربي إلى المربع الذهبي للمرة الثانية في تاريخه بانتصاره على أمريكا    نجيب أقصبي ل "لوموند": حركة "جيل زد" نتيجة مباشرة ل "رأسمالية التواطؤ" في المغرب التي سحقت الفقراء والطبقة الوسطى    "أشبال الأطلس" يصنعون المفاجأة في مونديال الشيلي بهزيمة أمريكا ويقتربون من نهائي الحلم العالمي    نظام آلي جديد يراقب حدود أوروبا    "إكسباند" يستبق انطلاق "جيتكس غلوبال" بربط ألفي شركة ناشئة بالمستثمرين    النظم الجمركية الخاصة    ندوة فكرية بمشرع بلقصيري تستحضر راهنية البحث في الهوية الغرباوية    كيف تغيرت علاقة الأجيال بالسينما؟    العِبرة من مِحن خير أمة..    الخطاب الملكي بالبرلمان.. ثنائية الدولة الاستراتيجية والدولة الاجتماعية    في ظل ركود ثقافي وتجاري... جمعيات المجتمع المدني تحيي الحي البرتغالي بأنشطة تراثية وفنية تستلهم التوجيهات الملكية    مهرجان الدوحة السينمائي يحتفي بالسّرد القصصي العالمي بمجموعة من الأفلام الدولية الطويلة تتنافس على جوائز مرموقة    هل فعلاً انتصرت الحكومة؟ أم أن الخطاب الملكي أطلق جرس الإنذار؟    الإعلام في الخطاب الملكي: دعوة إلى الاستقلال والإصلاح    الكوميديا في السينما المغربية محور ندوة فكرية بملتقى سينما المجتمع بخريبكة    «وسع»: مزيج فني يجمع بين المهرجانات المصرية والروح المغربية    عبد المجيد سداتي يدق ناقوس الخطر .. المهرجان الدولي للمسرح الجامعي مهدد بالإلغاء    دراسة: الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    حاتم البطيوي يسلم الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني جائزة "تشيكايا أوتامسي" للشعر الإفريقي (صور)    سحر الرباط يخطف الأنظار.. صحيفة بريطانية تضع العاصمة ضمن أبرز الوجهات العالمية    الإصابة بضعف المعصم .. الأسباب وسبل العلاج    حفظ الله غزة وأهلها    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع بأداء سلبي    "بورشه" الألمانية تبحث تشديد السياسة التقشفية    السنغال: ارتفاع حصيلة ضحايا حمى الوادي المتصدع إلى 18 وفاة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع الصهيوني في فلسطين بعد 117عاماً على مؤتمر بازل
نشر في الرأي المغربية يوم 09 - 09 - 2014

بعد مرور مائة وسبعة عشر عاماً (1897 -2014) على انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول، في مدينة بازل السويسرية، في نهاية شهر أغسطس/ آب، تبرز أسئلة عديدة بشأن ركائز المشروع الصهيوني في فلسطين، وبالتالي، الحلقات التي أنجزت منه، وتلك التي لم تنجز. وفي هذا السياق، يذكر أن المنطلق الاستراتيجي لسياسة الإحلال والتهويد الصهيونيين في فلسطين ارتكزت على أربعة أسس، تتفرع عنها جملة مبادئ، لأغراض مرحلية التنفيذ، وفق الإمكانات الصهيونية المتاحة. وهي، العمل الصهيوني الدؤوب لقدوم يهود العالم إلى فلسطين، لكونها العامل الحاسم لزيادة مجموع اليهود في فلسطين وتطور أعدادهم، فضلاً عن العمل على تهويد الأرض العربية، بعد احتلالها ومصادرة ما يمكن مصادرته بطرق عديدة، إضافة إلى محاولة تهيئة الظروف السياسية، لطرد ما أمكن من العرب الفلسطينيين، ومن ثم إقامة المستوطنات لتغيير الجغرافيا والديموغرافيا، لصالح المشروع الصهيوني. وقد تم التركيز على إيجاد اقتصاد صهيوني، من شأنه أن يكون عاملاً جاذباً لمزيد من يهود العالم، من خلال تحقيق مستويات معيشة مرتفعة ومعدلات نمو عالية. ماذا تحقق من ركائز المشروع الصهيوني بعد 117 عاماً على انعقاد مؤتمر بال، وماذا عن الحلقات المفقودة للمشروع:
الهجرة والديموغرافيا اليهودية
يلحظ المتابعون أن قضية هجرة اليهود من بقاع الأرض كافة باتجاه فلسطين كانت الهاجس الأكبر لكل من الحركة الصهيونية وإسرائيل، بغرض تأمين المادة البشرية التي تلزم لتنفيذ حلقات المشروع الصهيوني المتصلة والمرحلية، ولوحظ أن الهجرة اليهودية لم تتخذ طابع الجذب والطرد، وفق العوامل الموضوعية، وإنما اتخذت طابعاً منظماً تقف وراءه المؤسسات الصهيونية، ومنذ مؤتمر بال، استطاعت الحركة الصهيونية وإسرائيل استغلال الظروف الدولية، لجذب مزيد من يهود العالم وإسرائيل، فكانت بريطانيا المؤسس الأول لدفع المادة البشرية اليهودية إلى فلسطين، في أثناء انتدابها على فلسطين في الفترة (1922-1948) فحصلت كبرى الهجرات اليهودية، إبان تلك الفترة، حتى وصل مجموع اليهود عشية الإعلان عن إقامة إسرائيل في 15مايو/أيار من عام 1948 إلى نحو 650 ألف يهودي.
الوجه الآخر لقلب المعادلة الديموغرافية
ارتفع نتيجة الهجرة بشكل أساسي ليصل إلى نحو 6.3 ملايين يهودي في بداية العام 2014. وقد كانت السنوات الأولى لإقامة إسرائيل 1948-1960 سنوات ذهبية، بالنسبة لعامل الهجرة اليهودية، وقد ساهمت الهجرة بنحو 69% من إجمالي الزيادة اليهودية في فلسطين خلال تلك الفترة، وتراجعت هذه النسبة بسبب تراجع عوامل الجذب إلى فلسطين المحتلة، كذلك عوامل الطرد من دول المنشأ، إلى أن عاودت الظروف المناسبة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، وتم جذب أكثر من 1،2 مليون يهودي خلال الفترة (1989-2000). وتبعاً لذلك، ساهمت الهجرة خلال السنوات المذكورة بنحو 67% من إجمالي زيادة اليهود في فلسطين. وبعد تراجع أرقام الهجرة ما بين 2000 و2013، واحتمال تراجعها حتى نهاية العام الحالي 2014، كنتيجة مباشرة لقصف المقاومة الفلسطينية العمق الإسرائيلي خلال العدوان الإسرائيلي، أخيراً، على غزة الذي استمر 51 يوماً، ستسعى المؤسسة الإسرائيلية جاهدةً إلى فتح قنوات جديدة لهجرة يهود من الدول الآسيوية وأميركا اللاتينية، خصوصاً مع عدم وجود احتمالات هجرة اليهود إلى فلسطين من أوروبا وأميركا، بسبب ارتفاع مستوى معيشتهم في تلك الدول، وستظل الهجرة اليهودية هاجساً قوياً لأصحاب القرار في إسرائيل، لكونها حجر الأساس في تأمين المادة البشرية اليهودية، لتحقيق أحلامها التوسعية في المنطقة العربية من جهة، وتحقيق التفوق الديموغرافي الدائم على العرب في فلسطين التاريخية، من جهة اخرى .
في مقابل العمل على تهيئة الظروف المناسبة لهجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة، اعتمدت الحركة الصهيونية وإسرائيل على ارتكاب المجازر لحمل العرب على الرحيل عن أرضهم بقوة السلاح، وهناك شواهد كثيرة منذ العام 1948 مروراً بعام 1967 وحتى العام الحالي 2014. وفي هذا السياق، تشير دراسات إلى طرد إسرائيل، بطرق مباشرة وغير مباشرة، نحو 850 ألف فلسطيني عام 1948، أصبح مجموعهم في عام 2014 ستة ملايين لاجئ فلسطيني، منهم نحو خمسة ملايين وثلاثمائة ألف لاجئ مسجلين في سجلات "أونروا". وفي 1967، إبان احتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة، طردت السلطات الإسرائيلية نحو 460 ألف فلسطيني، أصبح مجموعهم نحو 1.6 مليون فلسطيني في بداية العام الحالي 2014؛ وهم من يطلق عليهم مصطلح نازحي العام 1967 .وثمة تصريحات لقادة عنصريين إسرائيليين، في مقدمتهم وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، لتهجير مزيد من العرب في داخل الخط الأخضر ومن الضفة الغربية، وقد توضح ذلك، أيضاً، في توصيات مؤتمرات هرتسيليا السنوية، والندوات المنعقدة في مراكز البحث الإسرائيلية المختلفة، والقوانين العنصرية المتلاحقة التي تخدم التوجه الصهيوني المذكور.
أما الركيزة الصهيونية الأهم، أي تهويد الأرض الفلسطينية، فإن تلك العملية تطلبت السيطرة على الأرض الفلسطينية بشتى الطرق والوسائل، وقد وضعت لها آليات منظمة ومؤسسات تنفيذية، تعمل بدقة عبر وسائل عديدة، منها المجازر والإجلاء القسري والاستيلاء على الأرض الفلسطينية، وقد لعبت المؤسسات الصهيونية المختلفة، مثل الصندوق القومي اليهودي، والوكالة اليهودية، ومنظمة ألييكا، فضلاً عن الانتداب البريطاني، لعبت دوراً مهماً في نقل ملكية الأراضي العربية الفلسطينية لليهود. وقد امتلك اليهود، حتى قرار التقسيم في 1947 نحو 1820 ألف دونم، اشتراها الكيرن كابميت (800 ألف دونم) و450 ألف دونم من منظمة الييكا، أما الباقي وهو 570 ألف دونم، فقد اشترتها شركات عامة لأفراد. وفي 15 مايو/ أيار من عام 1948، أنشئت إسرائيل على مساحة قدرها 22920000 دونم، منها 425 ألف دونم مساحات مائية، والباقي كانت ملكية موزعة بالشكل الآتي:
77%أملاك أميرية، 3،5% أملاك مملوكة للصندوق القومي اليهودي (الكيرن كابميت)، 2% من الأراضي المحتلة عام 1948 مملوكة لمنظمة "ألييكا"، 3،6% مملوكة لأفراد وجمعيات يهودية. 13،9% من الأراضي الفلسطينية التي هجر أهلها العرب خلال عامي 1947 و1948.
والثابت أنه على الرغم من نشاط مؤسسات الحركة الصهيونية المحموم، لم تستطع السيطرة سوى على 9،1% من مجموع مساحة الأراضي الفلسطينية التي أنشئت عليها إسرائيل في 1948، في حين ساهم الانتداب البريطاني بالقسط الأكبر من التسلل اليهودي إلى الأراضي الفلسطينية والسيطرة عليها.
وقد استمرت إسرائيل بالاستيلاء على الأراضي العربية بطرق وقوانين جائرة، فتوسعت تبعاً لذلك ملكيات الصندوق القومي اليهودي في فلسطين، وتابعت السلطات الإسرائيلية خطواتها التهويدية، بعد احتلالها الضفة الغربية، فكانت القدس مركز التهويد لأهداف سياسية معروفة، في مقدمتها اعتبارها العاصمة الأبدية لإسرائيل. ومنذ 1967، استطاعت السلطات الإسرائيلية مصادرة نحو 60% من مساحة الضفة الفلسطينية، وإقامة 151 مستوطنة فيها تستحوذ على 350 ألف مستوطن يهودي، ناهيك عن 180 ألف مستوطن في الأحياء
والاطواق الاستيطانية حول مدينة القدس المحتلة. وعلى الرغم من مرور 117 عاماً على المؤتمر الصهيوني الأول، فإن السلطات الإسرائيلية والمؤسسات الإسرائيلية النافذة لا تزال تعتبر الأرض العربية المحتلة ركيزةً أساسيةً، لتحقيق حلقات المشروع الصهيوني في المدى البعيد، وقد توضح ذلك من خلال التصورات المشتركة للأحزاب الإسرائيلية بشأن قضايا الحل النهائي التي تتضمن الحدود والسيادة والمستوطنات والقدس.
فرض الأمر الواقع بالاستيطان
أما الركيزتان، إقامة المستوطنات وتطور الاقتصاد الإسرائيلي، فإن الحركة الصهيونية وإسرائيل اعتبرتاهما الوجه الآخر لعملية الاحتلال، والمكملة للتهويد والتفريغ والسيطرة الديموغرافية، وهي الحزام الأمني والاقتصادي للمجتمع الإسرائيلي، فمنذ العام 1948 وقبله، أقامت الحركة الصهيونية وإسرائيل مستوطناتٍ تستحوذ على المهاجرين من اليهود من جهة، وتحقق عملية العزل والحصار للقرى العربية من جهة ثانية. ومن أجل ذلك، هدمت السلطات الإسرائيلية 478 قرية من أصل 585 قرية عربية، وأنشأت على أطلال كثير منها، أو قربها، مستوطنات. وما زلنا نلحظ، حتى اللحظة، أن للمستوطنات، وكذلك الأمر بالنسبة للنشاط الاستيطاني بشكل عام، أهمية قصوى في إطار نشاط المؤسسات والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لكونه من ركائز المشروع الصهيوني، وانطلاقه لتحقيق خطوات لاحقة. ما توضح في السنوات الأخيرة في ظل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، حيث انصبت غالبية تصريحات الوزراء من كل الأحزاب المشكلة للحكومة على أهمية الاستمرار في النشاط الاستيطاني وقضم الأرض في الضفة الغربية، لصالح الاستمرار في بناء الجدار العازل، ويبقي في الوقت السيطرة الإسرائيلية المطلقة على 81% من حجم المياه الفلسطينية لصالح المستوطنات الإسرائيلية، الجاثمة على أرض الفلسطينيين في عمق الضفة الغربية.
كاتب وباحث فلسطيني
العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.