كشف التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات عن اختلالات في تنفيذ النفقات ببلدية تملالت، بإقليم السراغنة، فقد صرفت الجماعة تعويضات سنوية عن الساعات الإضافية لبعض الموظفين الموضوعين رهن إشارة إدارات أخرى، بدل أن تقوم بذلك الإدارة العمومية المستقبلة لهم وليس جماعتهم الترابية الأصلية، في مخالفة للمادة 8 للمرسوم المحدد لكيفية تطبيق الفصل 46 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية، والتي تنص على أنه “يظل الموظف الموضوع رهن الإشارة متمتعا في إدارته أو جماعته الترابية الأصلية بجميع حقوقه في الأجرة والترقي والتقاعد. ويمكنه أن يستفيد من التعويضات والمصاريف الأخرى التي تمنحها الإدارة العمومية المستقبلة بصفة عرضية لموظفيها المنتمين إلى نفس الدرجة أو الإطار الذي ينتمي إليه المعني بالأمر أو إلى درجة أو إطار مماثل…”. ردُّ رئيس المجلس على هذه الملاحظة كان مثيرا، فقد أكد بأن الجماعة توقفت عن صرف التعويضات لجميع موظفيها الموضوعين رهن إشارة إدارات أخرى، قبل أن يعود ويستثني من ذلك موظفا جماعيا واحدا يعمل بباشوية تملالت، لازال يستفيد من التعويضات عن الأشغال الشاقة والملوثة، موضحا بأن هذا الاستثناء جاء بناءً على طلب من الباشا، أكد فيه بأن المعني بالأمر لا يتلقى أي تعويض آخر من الباشوية. المهمة الرقابية التي قام بها المجلس الجهوي للحسابات بمراكش لهذه الجماعة، التي أحدثت في 1972، وارتقت خلال التقسيم الجماعي لسنة 1992 إلى جماعة حضرية، عرّت اختلالات شابت تدبير المنح المقدمة للجمعيات، والتي تجاوزت 300 مليون سنتيم خلال أربع سنوات، بين 2012 و2015، وتراوحت بين 3000 درهم و35 مليون سنتيم للجمعية الواحدة، وقد سجل التقرير بأن حصة الأسد من هذه المنح عادت لثلاث جمعيات، وهي النادي الرياضي “قصبة تملالت”، جمعية مهرجان ربيع تملالت، وجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي البلدية نفسها. ناهيك عن التوزيع غير العادل للمنح، أشار التقرير إلى أن رئيس المجلس ونائبه بالتفويض كانا لا يعتمدان على معايير واضحة لاختيار الجمعيات المستفيدة، كما كانا يتخذان قرارات انفرادية في تقديم هذه المنح، دون اللجوء إلى مصادقة المجلس عليها. أكثر من ذلك، فلم تتأكد الجماعة من مدى تنفيذ الجمعيات لالتزاماتها برسم السنة الماضية، قبل تقديم منح جديدة إليها، كما لم تلتزم الجمعيات المستفيدة من الدعم بالإدلاء للبلدية بحساباتها، وفقا للفصل 32 المكرر مرتين من الظهير المتعلق بالجمعيات، والذي تلزم الجمعيات التي تتلقى من الجماعات الترابية إعانات تتجاوز مليون سنتيم، بأن تقدم حساباتها للهيئات المانحة. وفي السياق نفسه، استفادت جمعيات من توريدات في غياب أي سند قانوني، كحالة جمعية القدس التي استفادت من تجهيزات كهربائية، بتاريخ 8 نونبر من 2014، دون أي سند تعاقدي، وجمعية دوار “التومي” وجمعية دوار “قيبال” للتنمية، اللتين استفادتا من منحة تجاوزت 6 ملايين سنتيم، في إطار صيانة تجهيزات الماء، وجمعية حي التومي، التي استفادت من لوازم رياضية بقيمة تعدت 7000 درهم، وجمعية مهرجان تملالت، التي خصصت لها نفقات، خلال السنة المالية 2012، عبارة عن عتاد كهربائي ومصاريف للإطعام والاستقبال، دون أي مبرّر وفي غياب لأي اتفاقية شراكة بين البلدية والجمعية المذكورة، بالإضافة إلى استفادة ثانويتي “تملالت التأهيلية” و”ابن بطوطة” من لوازم مدرسية بأكثر من 14 مليون سنتيم، بين 2012 و2015، دون أن تبرم معهما الجماعة أية اتفاقيات تحدد الإطار القانوني لهذه المساعدات. تدبير التوريدات الجماعية شابته بدوره الاختلالات، فقد تسلمت الجماعة لوازم معلوماتية ومواد طباعة وأوراق، في إطار سندي طلب تجاوزا 17 مليون سنتيم، بمواصفات أقل كلفة وجودة مقارنة مع المواد الأصلية الواردة في دفتري التحملات، في الوقت الذي كان لزاما فيه على البلدية أن ترفض تسلم هذه النوعية من التوريدات أو أن تغير الممون. ناهيك عن تسلم توريدات ناقصة الجودة، سجل التقرير اختفاء بعض التوريدات، موضوع سند الطلب رقم 36/2016، فقد أشهدت الجماعة على تسلم 800 علبة أوراق، قبل أن يكشف الجرد عن وجود 120 علبة فقط، علما بأن 30 علبة أخرى تم استعمالها، أي إن 650 علبة لم يعد يظهر لها أثر، وهو ما يوازي أكثر من 4 ملايين ونصف المليون سنتيم. ولم يكن ردُّ الرئيس على الملاحظتين الأخيرتين أقل إثارة من جوابه السابق، فقد أكد بأنه توصل برسالة من الممون يوضح فيها بأن أثمان التوريدات مناسبة ومطابقة للمواصفات الواردة في الفاتورة، وبرّر الرئيس اختفاء بعض التوريدات بأن الجماعة لا تتوفر على مخزن كاف تودع فيه 500 علبة من الأوراق، ولذلك لجأت إلى الاحتفاظ ببعضها لدى الممون حفاظا عليها من التلف. التقرير أورد، أيضا، اختلالات مرتبطة بتدبير الممتلكات والمرافق الجماعية، وأخرى تتعلق بتدبير المداخيل الجماعية، من قبيل عدم تحيين السومة الكرائية للمحلات التجارية والسكنية التابعة للجماعة، عدم استخلاص واجبات التعويض عن الاستغلال غير القانوني للملك العام، عدم فرض الرسم المتعلق بشغل الأملاك الجماعية، وعدم إجراء إحصاء سنوي للأراضي غير المبنية.