أبدت رئاسة النيابة العامة، في تقريرها السنوي الثاني، استياءً شديدا من عدم توفير الموارد المادية، والبشرية، والآليات القانونية لتفعيل استقلاليتها عن السلطتين التنفيذية، والتشريعية. وطالب محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، في تقريره السنوي حول تنفيذ السياسة الجنائية لعام 2018، الصادر، اليوم الأربعاء، بتدخل تشريعي، وتنظيمي يحقق للنيابة العامة استقلالها المادي، والمالي، معتبرة أن الاستقلال المالي المحقق إلى حدود الآن لا يتجاوز توفير “مقر رئاسة النيابة العامة”. وأورد عبد النباوي في تقريره أن الوسائل، والإمكانيات المادية، واللوجستيكية، التي يشتغل بها أعضاء النيابة العامة لاتزال خاضعة بشكل مباشر، وبكيفية كاملة لوزارة العدل، كما سجل وجود نقص كبير في الموارد البشرية، خصوصا قضاة النيابة العامة، ما جعل معدل الإجراءات السنوي لكل قاض يتجاوز 6000 إجراء. وبشأن التكوين، سجل التقرير أنه لايزال يتطلب بدوره الملاءمة مع الوضعية الدستورية، لأن المعهد العالي للقضاء لايزال خاضعا لقطاع العدل في الحكومة، كما أن القوانين الحالية لا تعطي أي موقع لرئاسة النيابة العامة للإشراف على تكوين أعضائها. وأبدى عبد النباوي “أسفه” لهذا الحال، معتبرا أن هذه الصعوبات من شأنها التأثير على تدبير رئاسة النيابة العامة، لاسيما في الجانب المتعلق بالبرامج المعلوماتية، التي لا تتوفر لها إلى حدود الآن الخدمات، التي طالبت بها، ما يصعب تتبع تنفيذ السياسة الجنائية. وتضمنت توصيات التقرير المطالبة بتوفير الإطار القانوني، والتنظيمي المناسب للاستقلال المالي، والإداري، ووضع معهد تكوين القضاة تحت الإشراف المباشر للسلطة القضائية، مع وضع إطار واضح لإشراف رئاسة النيابة العامة على التكوين المتخصص، والمستمر لأعضائها. كما طالب التقرير بتعيين ما لا يقل عن 600 قاض بالنيابة العامة، خلال السنوات الثلاثة المقبلة، من أجل تلافي الخصاص الكبير المعاين بها، مع مراعاة أن يمثل عدد قضاة النيابة العامة في كل الأحوال ثلث عدد قضاة الحكم. كما دعا التقرير نفسه إلى توفير وسائل العمل للنيابات العامة، ضمنها وسائل النقل للقيام بالزيارات التفقدية لأماكن الاعتقال، والإيداع المختلفة، وكذا البرامج المعلوماتية اللازمة، وربطها برئاسة النيابة العامة لتمكينها من تتبع، ومراقبة تنفيذ السياسة الجنائية.