مصطفى السحيمي *أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس لماذا طلب الملك محمد السادس في خطاب العرش كفاءات جديدة في التعديل الحكومي المقبل؟ فعلا، طلب الملك محمد السادس من رئيس الحكومة تقديم كفاءات جديدة سواء بالنسبة إلى الحكومة أو بالنسبة إلى الإدارة العليا. إنها بمثابة دعوة إلى تقديم ترشيحات جديدة. وهذا يعني أن الملك يريد تغيير “الكفاءات” الموجودة لأنها لم تنجح. إنه تشخيص يفيد الفشل. ومن المفيد التعليق على مسلسل التغييرات التي خضعت لها الحكومة، فقد خضعت حكومة العثماني لتغييرين سابقين، الأول، كان بعد تقرير المجلس الأعلى للحسابات بشأن مشاريع الحسيمة منارة المتوسط، والتي تم التوقيع عليها في أكتوبر 2015 أمام الملك نفسه. وفي 24 أكتوبر 2017، تم التخلي عن أربعة وزراء. هل تعلق الأمر فقط، بنتائج افتحاص سلبي بشأن تدبير هؤلاء الوزراء؟ أما الثاني، فقد مس الوزير محمد بوسعيد، وزير المالية من الأحرار، في غشت 2017. وبعده تم إعفاء كاتبة الدولة شرفات أفيلال، من التقدم والاشتراكية. واستمر تقييم الوزراء المتبقين، لنصل إلى التعديل الذي طالب فيه الملك بكفاءات جديدة. لكن، هناك أمرا جديدا في التعديل المرتقب، وهو أن الملك أعلن عنه مسبقا وطلب من رئيس الحكومة أن يقدم مقترحاته في هذا الصدد، تطبيقا للفصل 47 من الدستور. ثانيا، خصوصية التعديل المرتقب لا تكمن في المسطرة التي اتبعت، وإنما أيضا، في الرهانات والأبعاد السياسية التي سيتخذها هذا التغيير. كيف ذلك؟ لأن هيكلة الحكومة الحالية ستخضع لتغيير في اتجاهين: الأول، تقليص كبير في عدد الوزراء من 38 إلى 25، أي بنحو الثلث، وحذف معظم كُتاب الدولة. والاتجاه الثاني، وضع هيكلة جديدة، أكثر فعالية تتمحور حول عدد من الأقطاب، لإضفاء مزيد من الانسجام والفعالية للسياسات العمومية للحكومة. وهذه هي المبررات الكامنة وراء طلب كفاءات جديدة. كيف؟ ومن سيختار الكفاءات؟ الأحزاب بدأت تتوصل بعشرات السير الذاتية للمرشحين. فكيف سيقع الاختيار؟ رئيس الحكومة لا يملك إمكانية تقييم المرشحين وتوجيه لائحة للقصر، بل سيحتاج أولا، إلى موافقة كل زعماء الأحزاب الخمسة في الأغلبية، ومن هنا فإن المفاوضات قد تكون عسيرة. أيضا وبصفته أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، فإن العثماني سيكون بحاجة إلى مصادقة أعضاء الأمانة العامة على الوزراء الذين سيتم التخلي عنهم، والذين سيتم اقتراحهم، وهذه المهمة ليست بالسهلة. وهناك خطر في أن ينتفض ضده الوزراء وكتاب الدولة المتخلى عنهم، ويعمقوا الشرخ القائم داخل الحزب بالتحاقهم بخط عبدالإله بنكيران، وتشكيل جبهة رفض. لكن تبقى أهمية هذه الحكومة تكمن في أنه لن يبقى فيها أو ينضم إليها سوى من تم الاعتراف له بالكفاءة. ما هي الإكراهات التي ستواجه الحكومة الجديدة؟ جميع الوزراء الذين سيكونون جزءا من الحكومة الجديدة، ويستمرون إلى انتخابات 2021، هم مطالبون بالالتزام بالنتائج. إذ سيكون عليهم تحقيق نجاحات. الملك هو من سيعينهم بناء على اقتراح رئيس الحكومة الذي يشاور حلفاءه. ومع نهاية ولايتهم خلال سنتين سيخضعون للمحاسبة ولتقديم الحصيلة، حيث سيسعى كل حزب إلى إبراز منجزات وزرائه، وسيكون صعبا على العثماني أن ينسب المنجزات إلى حكومته، بدعوى أنهم “وزراءه”. وسنرى كيف أن وزراء الأحرار، بقيادة عزيز أخنوش، سيسعون هم، كذلك، إلى تبني منجزاتهم، خاصة أنه منذ ثلاث سنوات يزداد التنافس بين البيجيدي والأحرار. هل تتوقع سياسة جديدة مع التعديل الحكومي هذا سؤال هم يجب أخذه بعين الاعتبار. ماذا سنفعل بالكفاءات جديدة؟ وفي إطار أي سياسة؟ وبأي برنامج؟ إن أي حكومة جديدة لا يمكن إلا أن تنخرط في إطار الاستمرارية، لأن القانون المالي 2020، تم إعداده وسيحال على البرلمان قبل 20 أكتوبر، وفي هذا التاريخ، ستكون التعيينات الجديدة قد تمت قبل بضعة أشهر فقط. لكن سيكون من المفيد أن تعمل الحكومة التي سترى النور على إعادة الثقة وتوضح الرؤية بشأن السياسة الاقتصادية والاجتماعية. كما أن حصيلة هذه الحكومة، ستجعل الملك في موضع مساءلة بخصوص نتائجها، لأنه هو من طلب هذه الكفاءات وعينها.