وكالة الأنباء الإيفوارية: طنجة المتوسط، قطب مينائي استراتيجي للقارة الإفريقية    ريال مدريد يعلن إصابة لاعبه الفرنسي مبابي في ركبته اليسرى    عاصفة "فرانسيس" تقترب من المغرب .. امطار غزيرة وثلوج كثيفة    ضبط 118 شخص متورطين في الاتجار غير المشروع في تذاكر كأس إفريقيا    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    طنجة تستعد لاستقبال أفواج إضافية من الجماهير السنغالية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    تحذير من رياح قوية الجمعة بالمغرب    ابتدائية تارجيست تصدر حكمها في ملف نور الدين مضيان ورفيعة المنصوري    وهبي يكشف ملامح الخلاف مع المحامين ويرحب بالحوار بشأن قانون المهنة    النفط يتجه نحو تسجيل أكبر انخفاض سنوي منذ عام 2020    دعم 56 مشروعا في مجالات الموسيقى والأغنية    كأس إفريقيا للأمم.. الكعبي يؤكد مكانته كلاعب أساسي في صفوف أسود الأطلس (لوفيغارو)    أحكام قضائية في حق 25 متهماً على خلفية أحداث شغب رافقت احتجاجات "جيل زد" بمراكش    جهة الدار البيضاء–سطات.. التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي واعد    " حلاق درب الفقراء" في ضيافة جمعية إشعاع للثقافات والفنون بالعرائش    كأس إفريقيا للأمم 2025 .. نجاح كبير للمنتخبات المغاربية    العام الجديد 2026 يحل بنيوزيلندا    المديرية العامة للضرائب تصدر نسخة 2026 من المدونة العامة للضرائب    المكتب الوطني للمطارات .. حماس كأس إفريقيا للأمم يغمر مطارات المملكة    نمو الاقتصاد المغربي يسجل التباطؤ    نقابة نتقد تعطيل مخرجات المجلس الإداري لوكالة التنمية الاجتماعية وتحذر من تقليص دورها    رحم الله زمنا جميلا لم ينقض بالهم والحزن    وفاة الممثل "أيزيا ويتلوك جونيور" عن 71 عاما    ارتفاع "الكوليسترول الضار" يحمل مخاطر عديدة    التهراوي: نموذج المجموعات الصحية الترابية سجل مؤشرات إيجابية على العديد من المستويات    شغيلة جماعة أولاد أكناو تحتج ببني ملال وتلوّح بالتصعيد بسبب تجميد المستحقات    حصيلة نظام الدعم الاجتماعي المباشر بلغت 49 مليار درهم (فتاح)    "المعاملة بالمثل".. مالي وبوركينا فاسو تفرضان حظرا على سفر مواطني الولايات المتحدة    الدنمارك أول دولة أوروبية تتوقف عن توصيل الرسائل الورقية    سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس    تقرير: تراجع وفيات الأطفال وارتفاع الالتحاق بالتعليم المبكر في الصين        ثمن نهائي كأس إفريقيا.. اختبارات صعبة للجزائر وتونس والسودان وفي المتناول للمغرب ومصر    المغرب يترأس مجلس إدارة معهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة    دياز يخطف أنظار الإعلام الإسباني ويقود أسود الأطلس للتألق في كان المغرب    ارتفاع أسعار الإنتاج الصناعي بالمغرب خلال نونبر 2025 رغم تراجع بعض القطاعات    كأس الأمم الأفريقية.. مباراة شكلية للجزائر ضد غينيا الإستوائية ومواجهة مصيرية للسودان    الجديدة 10 أشهر حبسا نافذا في حق يوتوبر بالجديدة    ألمانيا وفرنسا تؤجلان القتال الجوي    إسرائيل تهدّد بتعليق عمل منظمات    صنع في المغرب .. من شعار رمزي إلى قوة اقتصادية عالمية    قتيل وثلاثة جرحى في حادث إطلاق نار وسط كندا    إطلاق حملة واسعة لتشجير المؤسسات التعليمية بإقليم الفحص-أنجرة    ‬السيادة الديموقراطية…. ‬بين التدخل الخارجي ‬والفساد الداخلي!‬‬‬‬‬    قانون التعليم العالي الجديد: بين فقدان الاستقلالية، وتهميش الأستاذ، وتسليع المعرفة    الاستهلاك المعتدل للقهوة والشاي يحسن وظائف الرئة ويقلل خطر الأمراض التنفسية    فعاليات برنامج مسرح رياض السلطان لشهر يناير تجمع بين الجرأة الإبداعية ونزعة الاكتشاف    المعرض الوطني الكبير 60 سنة من الفن التشكيلي بالمغرب    المغنية الأمريكية بيونسي على قائمة المليارديرات        علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    الحق في المعلومة حق في القدسية!    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال بودومة يكتب: «لا يُمْكن»!
نشر في اليوم 24 يوم 12 - 11 - 2019

كان ميلود ذكيا مع موهبة خارقة في الحساب، لذلك كان أستاذ الرياضيات يفضله علينا جميعا، لأنه يجد حلولا سريعة للتمارين الطويلة التي نخصص لها الجزء الأخير من حصة «الماط» بعد الفراغ الدروس النظرية. بسبب سرعة بديهته، كان يحظى بشرف النهوض إلى السبورة، كي يحل التمرين الأسود بالطباشير الأبيض أمام أطفال تلمع عيونهم من الإعجاب والغيرة. نباهة ميلود المبكرة كان يقابلها اضطراب واضح في السلوك. يمكن أن يغيب عن الدراسة أكثر من أسبوعين دون أن نعرف السبب، قبل أن يظهر مع امرأة عجوز، هي جدته، التي توصله إلى الفصل عقب كل انقطاع. رغم أنه لم يتجاوز الثالثة عشرة من العمر، فقد كان ميلود يدخن، ولم يكن ذلك مدهشا في تلك السنوات السريالية، كثير من الزملاء كانوا ينفثون دخان «كازا سبور» و»ماركيز» أمام أبواب الإعدادية، لعلهم يكبرون قبل الأوان، المدهش في الأمر أن جدته هي من كانت تشتري له السجائر عند صاحب العربة المرابضة أمام الإعدادية، بخلاف معظم التلاميذ الذين كانوا يدخنون وهم مرعوبون، مخافة أن تكتشف عائلاتهم ذلك!
كان ميلود غريب الأطوار، لكن علاماته المحترمة في الرياضيات تشفع له، وتجعله محط إعجاب وغيرة. مرة غاب طويلا، أكثر من ثلاثة أشهر، وحين عاد إلى القسم كنا قد تجاوزناه بعدة تمارين ومعادلات. في غيابه مررنا من المجموعة N إلى المجموعة Z . كالعادة، أوقفه المعلم أمام السبورة كي يحل أحد التمارين، وجد في النهاية 5 ناقص 9، فأجاب «لا يمكن»، ما جعلنا ننفجر ضاحكين، لأن «لا يمكن»، كان جوابا رائجا أيام الابتدائي وبدايات الإعدادي، تدل على أنك مازالت في المجموعة N، التي فرغنا منها منذ الدورة الأولى وكنا على مشارف الدورة الثالثة والمجموعة C. كانت تلك الحادثة إيذانا بنهاية مشواره الدراسي…
حاول ميلود تدارك تأخره، لكنه لم يستطع، ليس لنقص في الذكاء، بل لأنه اضطر مجددا إلى الغياب. كان ضمن العشرة الأوائل في الأولى إعدادي وبعد ثلاث سنوات صار في نهاية الترتيب. كان أستاذ الرياضيات متعاطفا معه إلى أقصى حد، دافع عنه في مجلس الأساتذة، ومع الإدارة كي لا يتم فصله، لأنه كان يملك حسًا أخلاقيا رفيعا، وكان يرى المادة الرمادية تضيع أمام عينيه، ويقول لميلود: مازال يمكن أن تتدارك التأخر، يكفي أن تبذل جهدا إضافيا بعد المدرسة، ويعطيه بعض الكتب كي يحل فيها التمارين… لكن ذلك لم ينفع، واختفى ميلود من الرادارات، لم نعد نراه بعدما غادر المدرسة نهائيًا…
مرت السنوات، كما في الأفلام السينمائية، والتقيته ذات صيف بالصدفة، أثناء زيارة إلى مسقط رأسي. كان يلبس سروالا عسكريا وبرودكان. لم تتغير ملامحه كثيرا. عرفته وعرفني بسرعة. ضحكنا ونحن نستحضر بعض الذكريات. أخبرني أنه صار عسكريا في الصحراء، وهو الآن في عطلة أو ما يعرف في المعجم العسكري ب»البرمسيون». بعد أخذ ورد في الحديث فهمت منه أنه جاء لكي يطلق زوجته… سألته: لماذا؟ رد: لأنها تلد لي أبناء ويموتون. حين طلبت منه شرحا أكثر، قال متحسرا: الولد مات وعمره ثلاث سنوات، والبنت ماتت وعمرها سنة ونصف!
سألته: وما ذنب الزوجة؟ رد: بسببها يموتون؟ قلت له مستغربا: كيف؟
لم يجب. ألححت في السؤال: كيف مات الطفلان؟ ماذا قال الطبيب؟ رد بعدما نفث دخان سيجارته: ماتوا موتة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.