في الوقت الذي يتجه فيه المغرب إلى قطع التطبيع مع الاحتلال الإسباني للثغرين السليبين سبتة ومليلية من خلال منع كليا دخول وخروج السلع إليها، لا يعرف إن كانت السلطات ستستمر في تَسَلُم مئات المهاجرين المرحلين شهريا من مدينة سبتة من قبل الأجهزة الأمنية الإسبانية في إطار سياسية “الإعادة الفورية” المعتمدة بين البلدين، والتي جرّت على البلدين انتقادات حقوقية جمة. هذا علما أن هذه القضية أصبحت تحرج القضاء الأوروبي بعد أن أصدرت الغرفة العليا بمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية، مؤخرا، حكما نهائيا يبرر الإعادة الفورية، رغم أن الحكم الابتدائي رفضها كليا. في هذه الصدد، كشفت وثيقة رسمية سربها المستشار البرلماني الإسباني، كارليس ميليت، إلى الصحافة، أرقاما مهولة تفيد أن السلطات المغربية تسلمت آلاف المهاجرين من الأجهزة الأمنية الإسبانية في ظرف 3 سنوات و6 شهور عبر المعابر الحدودية بعد ولوجهم إلى الثغر المحتل في إطار الهجمات الجماعية التي ينفذها المهاجرون غير النظاميين الآتين من إفريقيا جنوب الصحراء على السياجات الحدودية. وتوضح الوثيقة الحكومية التي هي عبارة عن رد كتابي على سؤال برلماني، أن أمن سبتة رحل فورا إلى الجانب المغربي ما بين يونيو 2016 ودجنبر 2019 نحو 21 ألفا و676 مهاجرا. وتبرز المعطيات ذاتها أن سنة 2018 لوحدها عرفت تسليم 7023 للمغرب، وهو رقم لم يسبق أن سجل، متبوعة بسنة 2019 التي عرفت تسليم 6476 مهاجرا، بينما عرفت 2017 تسليم 5272 مهاجرا، بينما سجل الأسدس الثاني من 2016 تسليم 2725 مهاجرا. وتظهر الوثيقة الرسمية، كذلك، أن عمليات الترحيل الفورية للمهاجرين من سبتة إلى الجانب المغربي تتم شهريا، إذ، مثلا، تم ترحيل 817 شخصا في يناير، و581 بفبراير، و485 بمارس، و412 بأبريل، و579 بماي، و491 بيونيو، و367 بيوليوز، و253 بغشت، و636 بشتنبر، و790 بأكتوبر، و556 بنونبر، و509 بدجنبر من سنة 2019. وبررت وزارة الداخلية الإسبانية تسليم هؤلاء المهاجرين للمغرب قائلة: “في هذا السياق، العمليات التي قام بها الأمن لترحيلهم من سبتة إلى المغرب تمت وفق ما ينص عليه القانون”. وأضافت أن “هؤلاء الأشخاص كانوا في وضعية غير نظامية، ومن أجل تحديد هويتهم، تم الاعتماد في البداية على المعطيات التي قدموها، ومن أجل الحصول على ضمانات كبيرة ومن أجل الكشف الكلي، تم أخذ بصماتهم والتقاط صور لهم، طبقا للبرتوكولات المعمول بها في مثل هكذا حالات”. وقالت الوزارة، أيضا، إنهم استفادوا من خدمات المحامي والترجمان أثناء استنطاقهم. نشر هذه الأرقام يأتي، كذلك، بعد القرار الصادم وغير قابل للطعن للغرفة العليا بالمحكمة، يشرعن عملية الإعادة الفورية للمهاجرين المقتحمين للسياجات إلى المغرب. واستطرد الحكم أن الدولة الإسبانية لا تتحمل مسؤولية إعادتهم لأنها نتيجة “للسلوك الشخصي للمهاجرين” والمخالف للقانون. في المقابل، رفضت الجمعيات الحقوقية هذا القرار واعتبرته انتكاسة في مجال حقوق الإنسان. ويتخوف الحقوقيون من أن يتحول الحكم النهائي هذا إلى “ضوء أخضر” لإرجاع فورا إلى الجانب المغربي كل من يقتحم السياجات في الأيام المقبلة.