بلغ الصلف بالبعض درجة غير محتلمة، حيث جعلوا من عبادة الشخصية حجابا للبصيرة يحول دون إدراك البديهيات. لندع التفكير الساذج جانبا، أو لنقل إن اللعب على الوتر الحساس للعواطف ليس دوما ذا فائدة. قالوا إن القيادات الأمنية والعسكرية في البلاد قد وضعت نفسها على طابور قليل العدد يتكون من الأشخاص المستعدين للتضحية بأنفسهم، بتجريب لقاح مضاد لفيروس كوفيد19 قبل تعميمه. تبدو هذه الصيغة مغرقة في الإيثار، وهي خصلة تؤدي إلى تعزيز الارتباط المعنوي بهذه القيادات. هذه بروباغندا جيدة، لكنها في الواقع مضرة بأركان الدولة. يريد القائمون على هذه الدعاية السمجة إخبار الجميع بأن على الآخرين أن يشعروا بالامتنان لوجود قيادات في مناصب على قدر بالغ من الحساسية، تهب نفسها مقدما في هذه المعركة المريرة في مواجهة الجائحة. يشبه ذلك وقوف جنرال في الصف الأمامي لجيشه في ساحة حرب. عندما يحدث ذلك، فإن الجنود يميلون إلى تعظيمه. لكن، ما لم يكن في حساب هذه الدعاية هو ما سيحدث لو كانت نتائج تجريب اللقاح كارثية. سيتعرض نظام أمني بالكامل للتهلكة، فيما يعاني قادته تأثيرات حركة بهلوانية مثل هذه. يمكننا أيضا تصور التفسيرات الجانبية لحدوث ذلك. الأساطير الحضرية تنتعش من وراء انتكاسة مشابهة. سوف نكون أكثر اطمئنانا إذا تبين أن هذه الدعاية قد أسست، في نهاية المطاف، على كذبة، أو كانت، على الأقل، نكتة معتادة. يذكرنا ذلك بالدعاية المصاحبة لتسديد وزير لأجور مساعديه من نفقات شركته. صممت هذه الدعاية لتمجيده، لكنها، في الواقع، تخفي معضلة أن مساعدين يعدون سياسات عامة يتلقون أجورهم من حساب خاص. لقد جرت العادة أن تستثار الحواس الجماعية في مثل هذه الدعايات، لكنها، في نهاية المطاف، لا تستطيع إيقاف الحس العقلي لدينا عن التفكير في العواقب الجسيمة.