"أزطا أمازيغ" تطالب بترسيم فعلي للأمازيغية ووقف التمييز    الوداد المغربي يتعاقد مع المدافع البرازيلي غيليرمي فيريرا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    وزارة التربية تعلن نتائج امتحانات الكفاءة المهنية    توصيات الفيدرالية الوطنية لتحسين التعليم وضمان نجاح الدخول المدرسي 2025/2026    إسبانيا تكثف جهودها لترحيل مواطنيها السجناء من المغرب    الرئيس الصيني يعيد نسج خيوط طريق الحرير: دينامية صينية جديدة في قلب آسيا الوسطى    المغرب وكأس إفريقيا: ما الذي ينقص المنتخب الوطني ليحسم اللقب القاري؟    إسرائيل.. 10 قتلى وأزيد من 200 جريحا جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية    حادث جوي جديد في الهند.. تحطم طائرة مروحية تقل ستة أشخاص    هبة البناني تحقق أعلى معدل في الباكالوريا وطنيا بمعدل 19.61    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    خطر داهم يقترب من أوروبا: الإعلام الإيطالي يدق ناقوس الخطر حول تورط البوليساريو في شبكات الإرهاب بالساحل    المؤتمر الجهوي للاتحاد العام للفلاحين لجهة الدار البيضاء سطات بالجديدة    الأهلي يتعادل مع إنتر ميامي (0-0) في افتتاح الموندياليتو    ارتفاع حصيلة الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل إلى عشرة قتلى    الدار البيضاء.. توقيف شخص متورط في سرقة بالعنف باستخدام دراجة نارية    ترامب يحذر إيران من رد عسكري إن هاجمت الولايات المتحدة    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    إسرائيل تعلن سقوط قتلى.. وتوجه تحذيرات إخلاء للسكان في طهران بالقرب من منشآت إنتاج الأسلحة    4 قتلى و195 مصابا بموجة قصف إيراني جديدة على وسط إسرائيل    المغرب يعزز موقعه في سباق الطاقة النظيفة: اتفاقية استراتيجية مع شركة صينية لإنتاج مكوّنات بطاريات السيارات الكهربائية    تحطم طائرة مروحية تقل 6 أشخاص شمال الهند    الملك يعزي الهند بضحايا تحطم الطائرة    نشرة انذارية والحرارة تصل 45 بالمغرب    كأس العرش: أولمبيك آسفي يتجاوز فخ الاتحاد الإسلامي الوجدي    ما الأنظمة الدفاعية التي تستخدمها إسرائيل في أي تصعيد؟    الصين تطلق قمرا صناعيا لرصد الكوارث الطبيعية    الأميرة للا أسماء تترأس حفل نهاية السنة الدراسية 2024-2025 لمؤسسة للا أسماء    الجزائر تتهم المغرب بسرقة الكسكس    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    فريدة خينتي تطالب وزير الداخلية بإحداث سوق عصري نموذجي بجماعة بني أنصار    الحجاج يواصلون رمي الجمرات في أيام التشريق، والسلطات تدعو المتعجّلين للبقاء في المخيمات    بنهاشم يثمن تحضيرات نادي الوداد    الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات    من حكيمي إلى بونو .. 31 أسداً مغربياً يشعلون ملاعب مونديال الأندية    16 دولة تدق ناقوس الخطر لمواجهة التغيرات المناخية على خلفية مؤتمر "كوب 30"    30 من نجوم كرة القدم المغاربة يشاركون في كأس العالم للأندية لكرة القدم بأمريكا    الولايات المتحدة تُعد قائمة حظر سفر جديدة تشمل 36 دولة بينها ثلاث دول عربية    تكريم الفنانين أحمد حلمي ويونس ميكري في حفل افتتاح مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي    تخصيص ميزانية 113 مليون درهم لتحديث وتأهيل مطار العروي    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الانخفاض    جيلان تتألق في "ها وليدي": ملحمة فنية مغربية تنبض بالحب والولاء للوطن.. المغرب لا يُغنى عنه، بل يُغنّى له    تامر حسني يكشف تطورات الحالة الصحية لنجله    اجتماع وزاري لتفعيل التوجيهات الملكية حول إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية    مطالب للحكومة باتخاذ إجراءات ملموسة تحفز اندماج القطاع غير المهيكل بالاقتصاد الرسمي        ريال مدريد يضم اللاعب الأرجنتيني ماستانتوونو    مهنيو و فعاليات الصيد البحري بالجديدة يعترضون على مقترحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    ما أحوجنا إلى أسمائنا الحقيقية، لا إلى الألقاب!    مُحَمَّدُ الشُّوبِي... ظِلُّكَ الْبَاقِي فِينَا    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستثمار العمومي.. بين الأرقام والواقع
نشر في اليوم 24 يوم 22 - 11 - 2024

وفقًا للنظرية الكينزية، على المدى القصير، تساهم النفقات العامة من جميع الأنواع (الرواتب، الاستهلاكات الوسيطة، الاستثمارات، التأمين ضد البطالة، إلخ) بالفعل في تحديد مستوى الطلب الكلي، الذي يتوجه إلى الشركات ومن خلاله يتم اتخاذ القرارات المتعلقة بالإنتاج والتشغيل.
على المدى الطويل، تؤثر النفقات العامة أيضًا على العرض: وهكذا تزيد نفقات التعليم والصحة من إنتاجية اليد العاملة، وتساهم نفقات البحث في اكتشاف عمليات جديدة ومنتجات جديدة قد تحسن الرفاهية، وتسمح نفقات الاستثمار بتطوير البنية التحتية المفيدة للنشاط في جميع القطاعات، إلخ.
تلعب النفقات العامة دورًا في كل من الطلب والعرض، أي على مستوى النشاط الاقتصادي، الذي بدوره يحدد الإيرادات التي يمكن للدولة الاعتماد عليها. عندما تتحسن النشاطات وتتمكن الدولة من مكافحة التهرب الضريبي، تزداد الإيرادات مع الدخل الوطني، مما يقلل من الاعتماد على الاقتراض: تزداد الديون العامة ببطء أكبر من الناتج المحلي الإجمالي، وتنخفض نسبة الدين (الدين/الناتج المحلي الإجمالي). عندما تنخفض النشاطات، يتقلص الناتج المحلي الإجمالي أسرع من الدين، ويزداد معدل الدين. هذا النموذج النظري بعيد عن التحقق في حالة المغرب بالاعتماد علىً الاستثمار العمومي كأساس للتحليل..
تُقدّر الاستثمارات العمومية في مشروع قانون المالية لعام 2025 بمبلغ 340 مليار درهم، وتتكون كما يلي: 40% من هذه الحصة تعود إلى المؤسسات والمقاولات العمومية، أي 138 مليار درهم؛ اماً الميزانية العامة ومرافق الدولةً المسيرة بصفة مستقلة والحسابات الخصوصية للخرينةً فتمثل في المجموع 120,5مليار درهمً بعد تحييد تحويلات الخزينة إلى هذه الصناديق أ ؛ وصندوق محمد السادس للاستثمار خصص له مبلغ 45 مليار درهم، أي 13,2%؛ وتساهم الجماعات الترابية بنسبة 6,3%، أي 21,5 مليار درهم؛وأخيرا يستفيد الصندوق الخاص لإدارة آثار الزلزال بمبلغ 15 مليار درهم، أي 4,4%
. يمثل الاستثمار العمومي كما هو معروض على الورق 20.6% من الناتج المحلي الإجمالي. إنها نسبة ضخمة مقارنة بالدول ذات التوجه الليبرالي. في البلدان الأوروبية، لا يمثل الاستثمار العمومي سوى 3 إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي!
ومع ذلك، فإن هذه البيانات تستدعي الملاحظات التالية: أولاً، يتميز الاستثمار العمومي الذي يمثل ثلثي الاستثمار الإجمالي بكفاءة محدودة بسبب سوء الحكامةً وطبيعة تأثير المضاعف المنخفض والذي يلعب دورًا أساسيًا في البلدان الشريكة للمغرب. وهكذا، في كل مرة يقوم فيها بلدنا بإنجاز مشروع يهم البنية التحتية، يتطلب ذلك استيرادات من الخارج على شكل معدات وتكنولوجيا.و هذا الطرح ينطبق كذلك علىً مخططات الانتعاش التي كان لها تأثير ضئيل على كل من النمو والتشغيل .
ثانيًا، يلاحظ ان مبلغ 45 مليار درهم المخصص لصندوق محمد السادس، الذي يندرج في إطار مخطط الانتعاش ما بعد كوفيد، يعود إلى عام 2021 وتم ترحيله من ميزانية إلى أخرى لدرجة أننا لا زلنا نتحدث عن تفعيل هذا الصندوق
ثالثًا، يتم تنفيذ هذا الاستثمار فقط بنسبة تقارب 70%، مما يعني أن الاستثمار الفعلي لن يتجاوز 238 مليار درهم، أو حتى أقل بكثير إذا أخذنا في الاعتبار جميع الملاحظات المذكورة سابقًا.
رابعًا وأخيرًا، فإن الاستثمار العمومي موزع بشكل سيء من الناحية المجاليةً ولا يستفيد منه جميع السكان بنفس المستوىً وبالتالي فإنه يؤدي إلى تفاقم الفوارق المجاليةً كما يتضح ذلكً من خلال المذكرة المتعلقة ًبالتوزيع الجهوي للاستثمارالمرافقة لمشروع قانون المالية. وهكذا، وفقًا لحساباتنا التي أجريت على أساس الأرقام المتاحة، تتفاوت مبالغ الاستثمار العمومي لكل فرد، حسب الجهاتً المختلفة، بين 14400 درهم (العيون الساقية الحمراء) و1693 درهم (فاس-مكناس). بالمقارنة مع المعدل الوطني البالغ 3738 درهمًا لكل فرد، تقع 5 جهات فوق هذا المعدل و7 جهاتً أخرى تحته. ينبغي الإشارة إلى أن هذه البيانات لا تحمل سوى قيمة نسبية حيث أن 137,7 مليار درهم فقط هي المعنية، أي ما يعادل بالكاد 40% من المبلغ الإجمالي المتوقع في مشروع قانون المالية 2025.
بالطبع، يجب إجراء المقارنة على المدى الطويل لفهم الديناميات الجهويةً .وعلى هذا المستوى، يلاحظ بالفعل ان هناك دينامية جهويةً للمناطق ذات المساهمة المنخفضة في الناتج المحلي الإجمالي حيث تشهد معدلات نمو أكبر من غيرها. تتعلق هذه الدينامية بشكل أساسي بأقاليمنا الصحراوية التي استفادت من استثمارات كبيرة وبرنامج تنموي بقيمة تقارب 80 مليارً درهم. لكن في الوقت الحالي، لا تزال الثروة مركزة في ثلاث جهات : الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة التي تتركز فيها حوالي 60% (58,6%) من الكعكة الوطنية.
لايزال إذن تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية أمنية بعيدة المنال. فحتى الجماعات الترابية التي ينبغي أن تساهم في ذلك من خلال تخصيص التحويلات العمومية التي تستفيد منها للاستثمار (51 مليار درهم كحصة الضريبة على القيمة المضافة المحولة إلى الجماعات المحلية و9 مليار درهم الموضوعة تحت تصرف الجهات ) تعبأ فقط 21,5 مليار درهم للاستثمار. والباقي أي 38,5 مليار درهم مخصص لنفقات التسيير ! إنها وضعية غير عادية وغير متوافقة مع العصر، وبالتالي يجب تصحيحها في أقرب وقت ممكن. لقد حان الوقت لتوضيح العلاقات بين الدولة المركزية و »الدولة الترابية » من خلال تنفيذ سياسة جريئة لللامركزية واللاتمركز، سياسة تتماشى مع الهدف الاستراتيجي للجهوية المتقدمة. وهذا البعد نجده مغيبا في الدولة الاجتماعية كما اعتمدته الحكومة .
المغرب مدعو لضمان ثلاثة توازنات أساسية: التوازنات الاقتصادية الكلية، التوازنات الاجتماعية الكلية، والتوازنات البيئية. في الوقت الحالي، وعلى عكس تصريحات السلطات العمومية، نلاحظ أن أيًا من هذه التوازنات الثلاثة لم يتحقق بالكامل. حتى التوازنات المكرواقتصادية تظل هشة وتثير القلق: عجز الميزانية يقارب 5%؛ عجز مزمن في الميزان التجاري؛ عجز في ميزان الأداءات ؛ ديون الخزينة بنسبة 70% والديون العامة بنسبة 84%.
فقط تغيير في المسار سيكون قادرًا على تصحيح توازناتنا الماكرواقتصادية وضمان تحسين مستوى معيشة السكان مع الحفاظ على مواردنا الطبيعية. هذه الأهداف ليست متناقضة. على العكس، هي جزء من نفس الدينامية. شريطةً تغيير البراديكمً والتخلي عن عدد من الوصفات النيوليبرالية التي أبانت عن محدوديتها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.