وجه المستشار البرلماني خالد السطي، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خلال اجتماع لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، يوم الخميس 20 نونبر 2025، سلسلة من الانتقادات للحكومة ومقيّماً أداءها في ملفات اجتماعية واقتصادية وسياسية أساسية. السطي استهلّ مداخلته بالتأكيد على المنعطف الذي تعرفه قضية الصحراء بعد اعتماد مجلس الأمن، في 31 أكتوبر الماضي، مقترح الحكم الذاتي كأساس واقعي للتفاوض، مثمّناً مبادرة جلالة الملك لإشراك الأحزاب والنقابات في تحيين هذا المقترح. كما دعا ساكنة تيندوف إلى التجاوب مع النداء الملكي للمصالحة، مثمّناً انفتاح المغرب على حوار أخوي مع الجزائر. وفي الشق المتعلق بالقضية الفلسطينية، حيّى السطي المواقف الثابتة للمغرب ودور جلالة الملك بصفته رئيس لجنة القدس، مؤكداً أن دعم الفلسطينيين يجب أن يستمر بعيداً عن المزايدات، مجدداً الدعوة لوقف كافة أشكال التطبيع مع "الكيان الصهيوني". وانتقل المستشار إلى قراءة سياسية للمشهد الداخلي، معتبراً أن خطابي العرش (يوليوز 2025) وافتتاح البرلمان (أكتوبر 2025) يشكلان خارطة طريق واضحة للحكومة في ما تبقى من ولايتها، قبل دخول البلاد مرحلة التحضير للانتخابات التشريعية 2026. وانتقد ما اعتبره "أعطاباً بنيوية" في المنظومة الانتخابية، خاصة القاسم الانتخابي الذي قال إنه "يمس بالمعنى السياسي للانتخابات". وعلى المستوى الاجتماعي، قدّم السطي ما وصفه ب"مؤشرات ناطقة" حول تراجع الدولة الاجتماعية، من بينها ارتفاع البطالة إلى أكثر من 21 في المائة، التراجع عن مليون منصب شغل، ضعف مشاركة النساء في سوق العمل، تراجع ترتيب المغرب في مؤشر المعرفة العالمي، وارتفاع التضخم. كما هاجم فشل الحوار الاجتماعي رغم الغلاف المالي المخصص له، معتبراً أن تجارب حكومية سابقة كانت أكثر فعالية في تحسين الدخل. وفي ما يتعلق بالعلاقة مع النقابات، اتهم السطي رئيس الحكومة باتخاذ "موقف عدائي وإقصائي" تجاه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، مبرزاً تفاوت تعامل القطاعات الحكومية مع النقابة وعدم احترام مأسسة الحوار الاجتماعي، إضافة إلى تجميد بعض مقتضيات اتفاقي أبريل 2022 و2023. وفي قراءته للمؤشرات الماكرو اقتصادية، اعتبر السطي أن الوضع الدولي يمنح فرصاً مهمة للمغرب بفعل تراجع أسعار المواد الأولية، استقرار النمو، ارتفاع الصادرات والسياحة، وتراجع عجز الميزانية. لكنه شدد على أن "الفساد والريع" يلتهمان المكاسب الاقتصادية، منتقداً سحب مشروع القانون الجنائي بما فيه تجريم الإثراء غير المشروع، وتجميد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد. كما توقف عند الاستحقاقات الرياضية المقبلة، خاصة كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وهنأ الجامعة الملكية لكرة القدم بعد تتويج المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة. لكنه شدد على ضرورة أن تنعكس هذه الدينامية الرياضية على التنمية المجالية. وأشاد السطي بإحداث صندوق التنمية الترابية بقيمة 20 مليار درهم في أفق 2027، لكنه اعتبر المبلغ غير كافٍ بالنظر إلى حجم الخصاص، منتقداً إقصاء نقابته من المشاورات حول الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية. وفي ختام مداخلته، قدّم السطي سلسلة مطالب، أبرزها: التسريع بإصلاح أنظمة التقاعد، إصلاح منظومة المقاصة، مراجعة مدونة الشغل، تقوية جهاز تفتيش الشغل، ضمان الحريات النقابية، تحسين دخل الشغيلة، تفعيل ما تبقى من اتفاقي 2011 و2019، إخراج قانون النقابات ومدونة التعاضد، ومعالجة اختلالات برنامج "أمو تضامن" الذي مازال خارج التغطية منه حوالي 8.5 ملايين مواطن.