عبر عدد من ممثلي الأحزاب السياسية في البرلمان عن رفضهم لقرار المجلس الدستوري الرافض لتعيين إمين عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي من طرف الحكومة عبر عدد من البرلمانيين من فرق مختلفة من الأغلبية والمعارضة عن تشاؤمهم من الاجتهادات الأخيرة للمجلس الدستوري، وخاصة منها: قراره اعتبار ما ينص عليه مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي من تعيين الأمين العام للمجلس بمرسوم، تصدره الحكومة بمثابة «نص غير دستوري»، واقتراحه أن يتم تعيين الأمين العام بظهير من طرف الملك. البرلمانيون من أعضاء لجنة العدل والتشريع التي أحيل عليها نص المشروع في إطار قراءة ثانية، لمراجعته إثر قرار المجلس الدستوري، انتقدوا، أمس، بشدة قرار المجلس الدستوري، ومنهم من ذهب إلى حد اتهامه بالتطاول على اختصاصات البرلمان، وبالسعي إلى إبعاد البرلمان عن الرقابة عن هذه المؤسسة. بالنسبة لحسن طارق، برلماني الاتحاد الاشتراكي، فإن المجلس الدستوري يتجه إلى تحويل «المجلس الاقتصادي إلى مؤسسة للحكامة، في حين أن دوره استشاري»، وقال: «لا نفهم معنى الاستقلالية التي يتحدث عنها المجلس الدستوري، وإذا كنا نفهم استقلاليته عن الحكومة، فإننا لا نفهم أن يكون المجلس حصنا منيعا من رقابة البرلمان»، وأضاف: «إن هذا التصور الذي يكرسه المجلس الدستوري لا نجد له مثيلا في التجارب الدولية المقارنة». أكثر من هذا، عبر طارق عن انزعاجه لكون المجلس الدستوري ذهب إلى حد اقتراح ما يجب أن يفعله مجلس النواب، وتساءل: «هل كان على المجلس أن يذهب حد الاقتراح وألا يقف عند حدود القول بعدم دستورية المقتضيات القانونية؟». هذا الموقف أيده سليمان العمراني، برلماني العدالة والتنمية، حيث اعتبر بأن المبررات التي استند إليها المجلس الدستوري للقول باستقلالية المجلس الاقتصادي «غير كافية». وبخصوص اعتبار المجلس أن تعيين الأمين العام للمجلس من طرف الحكومة يمس باستقلالية المجلس، قال العمراني: «الأمين العام موظف يعمل تحت سلطة الرئيس الذي يعين بظهير ملكي، وإذا سايرنا اجتهاد المجلس بتعيين الأمين العام بظهير أيضا، فإننا سنكون أمام سلطتين معينتين بظهير؛ مما قد يؤدي إلى تنازع بينهما»، واقترح العمراني، أن تتم معالجة الأمر بجعل تعيين الأمين العام يتم من طرف رئيس المجلس الاقتصادي، أو من طرف رئيس مجلس النواب. من جهته، لاحظ محمد حنين برلماني التجمع الوطني للأحرار، أن «المجلس الدستوري يؤسس للإستقلالية المطلقة لبعض المؤسسات»، وعلق: «هذا أمر يزعجنا كنواب، خاصة عندما قال المجلس الدستوري، إنه لا يجب على المجلس الأعلى للحسابات أن يمثل أمام البرلمان». وميز حنين بين استقلالية القرار داخل هذه المؤسسات، وبين تدبيرها المالي الذي يجب أن يخضع لرقابة البرلمان. وقال: «لا يمكن أن تعطى صلاحيات مطلقة لهذه المؤسسات في تدبير المال العام «. وبدوره عبر حنين عن عدم تفهمهم لما وصفه: «تدخل المجلس الدستوري في اقتراح صيغة من يعين الأمين العام»، وقال: «هذا تدخل في صلاحيتنا كمؤسسة تشريعية». وفي نفس السياق، دعا محمد بن عبد الصادق، برلماني البيجيدي، أعضاء لجنة العدل والتشريع، إلى عدم التطبيق الحرفي لقرار المجلس الدستوري، والرد على المجلس الدستوري، وقال: «نحن نحترم انتهائية قرار المجلس، لكن لا يجب أن نخضع له حرفيا، ولا يمكن أن نتحول لغرفة تسجيل». وفي هذا الإطار، اقترح أن يتم اللجوء إلى صيغة تعيين الأمين العام من طرف رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وليس من طرف الملك كما اقترح المجلس الدستوري. عبد اللطيف بن يعقوب برلماني العدالة والتنمية ذهب أبعد في التعليق على قرار المجلس، معتبرا «أن هناك انزياحا عن اختصاصات المجلس الدستوري»، واصفا اجتهادات المجلس بأنها «جامدة ومتحفظة في التنزيل الديموقراطي للدستور». وقال إن: «اجتهادات من هذا القبيل تعوق تطبيق الدستور ديموقراطيا». من جهته، اعتبر محمد الحجوجي، من الأصالة والمعاصرة، أن المجلس الدستوري «أصبح مؤسسة تشريعية عندما اقترح صيغة النص الذي يجب اعتماده»، لكنه دعا الى اعتماد الصيغة التي اقترحها المجلس، واللجوء إلى تعديل النص بقانون جديد. وبدورها اعتبرت سليمة فرجي برلمانية البام، أن «المجلس الدستوري يتطاول على اختصاصات البرلمان»، وحذرت من أن هذه التوجهات قد تؤدي إلى «تقزيم المؤسسة التشريعية أكثر في المستقبل». واعتبرت رشيدة الطاهري، برلمانية فريق التقدم الديموقراطي، هذه «لحظة تاريخية يجب الوقوف عليها لأنها تتعلق بتطبيق الدستور»، وقالت إن: «هناك قوى تريد إرجاعنا إلى ما قبل دستور 2011». ومن جهته، علق عبد اللطيف وهبي، رئيس لجنة العدل والتشريع، على هذه المواقف بالقول، إنه لا يجب على البرلمانيين التعليق على قرار المجلس الدستوري، وقال: «نحن ملزمون بإلغاء الفصل السابع الذي ينص على تعيين الأمين العام بمرسوم، أما اقتراح المجلس الدستوري فهو لا يلزمنا»، في إشارة إلى اقتراح أن يتم تعيين الأمين العام من طرف الملك، وقال: «نحن مستقلون في اتخاذ قرارنا». ورد محمد الوفا، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، على هذه الانتقادات بنفي وجود أي شيء يمس اختصاصات مجلس نواب في مجال المراقبة والمساءلة، وقال إن المادة 32 من قانون المجلس الاقتصادي تنص على أن تسجل الاعتمادات المرصودة للمجلس الاقتصادي في الميزانية العامة للدولة، مما يسمح بمناقشتها في البرلمان. وبخصوص مقترح تولي الملك التعيين في منصب الأمين العام فقد دافع عنه الوفا، وقال: «جلالة الملك يعين لأنه ضامن المؤسسات حسب الدستور». وميز الوزير بين ما ينص عليه القانون وبين الممارسات، وقال: «فعلا هذه المؤسسات تم التنصيص على استقلاليتها، ولكن هناك ممارسات تريد أن تجعلها مؤسسات عبارة عن دولة داخل الدولة». وانتهت جلسة الاربعاء بمقترح لبعد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية، بأخذ مهلة للتشاور مع الفرق البرلمانية والحكومة، حول التعديلات التي يمكن أن يتم إدخالها على هذا النص ليكون متوافقا مع الدستور، حيث تم تأجيل الحسم بشأن ذلك إلى اجتماع الأسبوع المقبل.