الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    صحيفة لوجورنال دو ديمانش الفرنسية: الجزائر على صفيح ساخن... شباب "جيل Z 213" يتحدّى نظام تبون    لماذا يتجاهل بعض التونسيين أزمتهم الداخلية ويركزون على المغرب؟    ترامب يعلن عن "يوم كبير" ويشيد بدور دول عربية في خطة إطلاق الرهائن    وقوع ضحايا جدد في غزة رغم دعوة ترامب إسرائيل إلى وقف القصف    وهبي: التتويج باللقب هدفنا والتغييرات ضرورة لضمان الجاهزية    الاتحاد الإسلامي الوجدي يهدد انطلاقة شباب المحمدية والمغرب التطواني يبحث عن تصحيح الأوضاع    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت بالمغرب    صحيفة إلكترونية أمام لجنة الأخلاقيات بسبب نشر محتوى محرض على العنف    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    البرلمان الهولندي يدعو إلى الإفراج الفوري عن ناصر الزفزافي وباقي السجناء السياسيين في المغرب    جينك يعلن خضوع الواحدي لعملية جراحية في الكتف    رئيس "اليويفا": إستبعاد إسرائيل من مسابقات كرة القدم غير مطروح    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تدعو إلى إطلاق سراح النشطاء المحتجزين من طرف إسرائيل و تندد بخرق القانون الدولي    آلاف المغاربة يتظاهرون في عشرات المدن للتنديد بقرصنة أسطول الصمود العالمي    المحامية سوجار تنتقد اعتقال شباب مغاربة على خلفية مظهرهم خلال الاحتجاجات    أكادير: أرباب مطاعم السمك يحتجون الاثنين تزامناً مع دورة مجلس الجماعة    تعيين محمد فوزي واليا على مراكش وخالد الزروالي واليا على فاس    الحكم بالسجن أربع سنوات وشهرين على ديدي    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب    الأمين العام يأسف لوقوع أعمال عنف أثناء المظاهرات في المغرب        فيدرالية اليسار تجمع أحزابا ونقابات وجمعيات حقوقية لدعم حراك "جيل زد"    "حماس" توافق على خطة ترامب بشأن غزة والأخير يدعو إسرائيل لوقف القصف                    البطولة: المغرب الفاسي يفرض التعادل على الرجاء الرياضي في الرمق الأخير من المباراة            تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر    إحالة مخربين في سلا على السجن    شبيبة التجمع تنبه: تجار الانتخابات ومحترفو ترويج التضليل والتهييج مسؤولون عن أحداث العنف                        توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    فرقة مسرح الحال تقدم مسرحيتها الجديدة "لا فاش" بمسرح محمد 5 بالرباط    فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    أمير المؤمنين يترأس حفلا دينيا إحياء للذكرى السابعة والعشرين لوفاة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني    مهرجان الفيلم المغاربي بوجدة: "من شاشة السينما تبنى الجسور وتروى القضايا" عنوان ندوة محورية    احتجاجات "جيل زد" تحدد أولويات جديدة بين وزير الصحة والنقابات القطاعية    مهرجان السينما في هولندا يكرّم ناجي العلي وينتصر لذاكرة شعوب المنطقة    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    اللجنة الوطنية للاستثمارات تصادق على 12 مشروعا بأزيد من 45 مليار درهم        حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السحر الأسود» بالبيضاء.. «خبرة» إفريقية للبيع!
نشر في اليوم 24 يوم 22 - 03 - 2014

مهاجرون من جنوب الصحراء «باعة متجولون» في الظاهر ويعرضون خدماتهم الخرافية في الخفاء
كريمة أحداد
يستغلون اعتقاد بعض المغاربة في قدراتهم «السحرية»، خصوصا في ظل مشاكلهم الاجتماعية العصية على الحل، في نظرهم، بالطرق المنطقية. إنهم شباب وشابات قدموا من إفريقيا جنوب الصحراء، اتخذوا المملكة محطة للعبور إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، فاكتشفوا قبولا لعروضهم الخرافية، من طرف الباحثين عن الحلول السهلة.
« اليوم24» تقتفي أثر «السحرة» الأفارقة الذين يعيشون في الدار البيضاء، وتحصل على شهادات ثلاثة من ممارسي «السحر الأسود» يقولون إنهم يكشفون عن العوالم الغيبية.
هم أفارقة قادمون من جنوب الصحراء إلى المغرب بحثا عما يضمن لهم قوت عيشهم، منهم من لجأ إلى بيع الملابس والحلي والإكسسوارات ذات الصبغة الإفريقية، ومنهم من وجد وسيلة أخرى لكسب المال: السحر، لكن تحت غطاء التجارة! مشعوذون جاؤوا من عالم آخر، يدعون أنهم يأسرون القلوب، ويطردون الجن، ويزوجون الناس، ويقولون إنهم يقرؤون الطالع ويرون المستقبل، هم الذين تبقى أحلامهم المستقبلية في كف عفريت.

على هيئة «فرّاشة»
هنا بالدار البيضاء، وتحديدا في «باب مراكش»، تجلس بائعات متجولات إفريقيات بملابسهن المبهرجة، يعرضن بضاعتهن في قلب العاصمة الاقتصادية. وتتنوع السلع المعروضة بين الإكسسوارات والرموش الاصطناعية والمواد التجميلية ودهانات رجالية ونسائية.
إفريقيات يعتمدن على الإلحاح في استقطاب زبائنهن، حيث يتبعن المارة ويستوقفنهم، وخصوصا البنات، عارضات عليهن شراء المنتوجات التي يبعنها، وهن يرددن لازمة مفادها أن الزبونة ستحظى بسعر أقل إن قامت بشراء منتوجين معا، وأن هذه المنتوجات كفيلة بأن تجعلهن يصبحن مثيرات جدا، في استفادة واضحة من فنون التسويق. تستعمل هؤلاء الإفريقيات اللواتي اتخذن من «باب مراكش» بؤرة للقيام ببيع بضاعتهن، لغة فرنسية بسيطة مع عامية مغربية تغلب عليها اللكنة الإفريقية للتواصل مع زبائنهن. أصواتهن المرتفعة وملابسهن الفاقعة الألوان تمنحهن حضورا لافتا جدا للانتباه. ويبدو أنهن لا يكترثن لعدم اهتمام الناس بمنتوجاتهن، فقد اعتدن على ذلك، حسب عيشة، النيجيرية التي تعيش في المغرب منذ أربع سنوات. «أحيانا نسمع عبارات عنصرية، لكن هذا لم يعد يؤلمنا كثيرا»، تقول بحسرة تشي بها نبرة صوتها وملامح وجهها.
هكذا يبدو هؤلاء الأفارقة في الظاهر، رغم أن بعضهم اتخذ من «باب مراكش» بمدينة البيضاء مكانا لممارسة «السحر الأسود» !

«ماما زينب».. المحترفة
«ماما زينب»، كما يناديها الأفارقة الموجودون بباب مراكش، معتبرين إياها «محترفة السحر الأسود» في هذا المكان، هي امرأة في الخمسينات من عمرها، وبائعة مواد تجميلية. جاءت من السنغال عام 2006. «ماما زينب» تدعي أنها تقرأ الطالع وتقوم بأعمال السحر «لحل المشاكل المرتبطة بالعلاقات بين الجنسين»، وتقول، بابتسامة لا تفارق شفتيها، إنها استطاعت بفضل هذه الأعمال أن تزوج الكثير من الناس، منهم مغاربة وأفارقة من جنوب الصحراء.
«يتردد علي الناس كثيرا، لأن السحر الذي أقوم به فعال جدا»، تقول «ماما زينب» بثقة كبيرة، مضيفة أنها «تصلح ذات البين بين الأزواج، وتزيد شغفهما ببعضهما، كما تؤكد، وهي تبتسم واثقة من قدراتها، أنها زوجت الكثير من البنات اللواتي جئن يشتكين لها العنوسة أو اللواتي عبرن لها عن رغبتهن في الزواج من شخص ما، بفضل ما وصفته ب«قدرتها الخارقة للعادة».
وعن المواد المستعملة في مثل هذه الأعمال السحرية، تقول «ماما زينب» بفرنسية بسيطة تغلب عليها اللكنة الإفريقية: «على الزبون إحضار الاسم الشخصي والعائلي للشخص المستهدف وكذلك صورته، بالإضافة إلى قطعة من لحم البقر أكتب عليها اسمه وأقوم بإحراقها بالنار». وتضيف بنبرة واثقة: «أستعمل أيضا القرآن الكريم والسحر الأسود، لكنني لا أؤذي به أحدا. أجمع فقط بين القلوب وأُسعد الناس».
أما الأثمان التي تطلبها «ماما زينب»، فتتراوح بين 1000 و2000 درهم للعملية الواحدة. تتوقف شابة تسأل عن ثمن أحد المنتوجات المخصصة لتكبير الصدر، ولا تتردد «ماما زينب» في أن تعرض عليها قدراتها الخارقة، وهي تقول مبتسمة دائما: «كل شيء موجود هنا. إذا أردت حتى أن تتزوجي، يمكنك أن تقصديني، وسأساعدك».
وتقوم «ماما زينب» بأعمال «السحر الأسود» في منزلها الكائن ب«عين السبع»، مؤكدة أنها قد تقوم بذلك في أي مكان آخر، حسب رغبة زبائنها، حتى في المقاهي!

«سلاّ».. 2000 درهم للزواج
قائمة الخدمات التي يشملها السحر الذي يقوم به «سلا»، النيجيري القادم إلى المغرب للبحث عن كسب قوت يومه عن طريق بيع الملابس والإكسسوارات، وكذلك عن طريق القيام بأعمال السحر، تتعدى العلاقات بين الجنسين إلى معالجة الأمراض الجنسية والعقم وطرد الجن.
بحذر تقترب زبونة مغربية من سلاً لتسأله عن الخدمات التي تقدمها أعماله السحرية، واضعة نظارات سوداء، متظاهرة بالرغبة في شراء ما يبيعه من ملابس وحلي. تخبره بفرنسية ممزوجة بالدارجة بأن «زينبو»، إحدى البائعات، هي التي أرشدتها إليه. يسألها «سلاّ» عما إن كانت ترغب في الزواج من شخص ما، فتجيب بالإيجاب.
«تعالي غدا في الساعة العاشرة صباحا، وأحضري معك 2000 درهم، وستتزوجين خلال أسبوع»، يردف سلاَ بنبرة توحي بالجدية.

«حليمتو السعدية».. المال مسبقا
هي قادمة من السنغال منذ سنوات، جاءت ككل الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء هربا من الفقر، وبحثا عن عمل تكسب به قوت يومها. كانت تعمل في البداية بائعة للملابس والحلي ذات الطابع الإفريقي، لكنها اليوم فتحت صالونا للتجميل وتصفيف الشعر في باب مراكش، وبالإضافة إلى ذلك تمارس أعمال السحر والشعوذة.
حليمتو السعدية يبدو وجهها ضاحكا وغير مكترثة بأي شيء. تقول وهي تمضغ علكة في فمها: «أكثر الزبائن الذين يترددون علي مغاربة، خصوصا فئة النساء اللواتي يرغبن في الزواج أو انكسر قلبهن بسبب الحب»، هكذا تصف حليمتو نوعية زبائنها. تضيف بلكنة إفريقية: «لا أقوم بأي عمل قبل أن أحصل على المال مسبَقا، ولا يهمني بعدها إذا نجح السحر أم لا، هي مسألة حظ، وأنا لست مسؤولة عما قد يحصل. أقوم فقط بمجهودي».
وتؤكد حليمتو، وهي تضحك بنوع من السخرية، أن زبائنها يعرفونها جيدا، ويقصدونها متظاهرين بالرغبة في تصفيف الشعر، «لكنهم يقصدونني في الحقيقة لأغراض أخرى». وتضيف: «لن تجد النساء أفضل من النساء لمساعدتهن على حل مشاكلهن، أما السحرة الأفارقة الرجال، فهم لا يقومون بشيء.. فقط يستغلون زبوناتهم جنسيا»، تردف باستنكار ظاهر.

من أجل عيون الرجال
يبدو أن بعض المغاربة مازالوا يؤمنون بأعمال السحر والشعوذة، خصوصا في ما يتعلق بحل المشاكل العاطفية وأسر القلوب والزواج. حيث تقصد المشعوذين كل من فقدت الأمل في الارتباط، أو «فاتها قطار الزواج»، فتتعلق بهذا الخيط كأمل أخير لها في إيجاد شريك الحياة والحصول على الاستقرار. لكن رغم إيمان هؤلاء الزبائن بالقدرة الخارقة لذوي البشرة السوداء على التقريب بين القلوب وخلق الألفة بينها، يبدو أنهم يحاولون القيام بهذه الأمور سرا. وهو ما تبينه تصرفات زبونتي «سلاً» و«ماما زينب» اللتين جاءتا مستترتين حيث كانتا تغطيان وجهيهما وعينيهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.