"الأبواب المفتوحة" للأمن الوطني تستقطب أكثر من مليوني زائر    الحموشي يوقع مذكرة تفاهم مع نظيره البرازيلي بشأن تعزيز التعاون الثنائي في المجال الأمني    سويسرا تصفع الجزائر وبوليساريو: لا وجود لتمثيلية لانفصاليي البوليساريو لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف ولا على الأراضي السويسرية    2.1 مليون زائر إلى الأبواب المفتوحة للأمن الوطني في أكادير في رقم قياسي    انتشار متحور "بيرولا" يقلق سكان مليلية    تفاوتات لسعر الغاز بالجنوب الشرقي    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأحمر    الاتحاد الأوروبي يقرر الزيادة في رسوم "تأشيرات شنغن" للإقامة قصيرة الأمد    "الكتاب" يعدد نواقص العمل الحكومي        طقس الأربعاء.. أمطار ورياح قوية بهذه المناطق    الملك محمد السادس يأمر بتوشيح ضباط أمريكيين لتعزيز التعاون مع المغرب    دولة أوروبية تهدد باعتقال نتنياهو وغالانت    توني كروس يعتزل اللعب بعد كأس أوروبا 2024    أمن بني مكادة يوقف شخصين متلبسين بحيازة وترويج المخدرات    خلال أسبوع.. 21 قتيلا و2808 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية وتسجيل أزيد من 39 ألف مخالفة    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 12,3 في المائة عند متم أبريل 2024    الأميرة للا حسناء تدشن المنتزه التاريخي لحبول في مكناس بعد تجديده    انعقاد مجلس الحكومة بعد غدٍ الخميس.. وهذه المراسيم التي سيتم تدارسها    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (13)    "الفيفا" يهدد الوداد بالحرمان من المشاركة في "الموندياليتو"    مناورات الأسد الإفريقي.. 20 عاما من الخبرات المتراكمة    عائلات ضحايا المحتجزين في ميانمار تنتظر مخرجات مباحثات الصين والمغرب    الأمثال العامية بتطوان... (604)    نفاذ تذاكر حفل أم كلثوم قبل شهر من انطلاق مهرجان "موازين"    المغرب ورومانيا تحتفلان بعلاقاتهما الدبلوماسية بإصدار خاص لطابعين بريديين    الشامي: الفقيه بنحمزة ساند بالتصويت توصية المجلس لتجريم تزويج القاصرات    من تبريز.. بدء مراسيم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه وسط حشود ضخمة    يامال يتفوق على الخنوس بخصوص جائزة أفضل لاعب شاب في الدوريات الأوروبية    الذهب يقترب من ذروة قياسية وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي    فضيحة الإخراج التلفزي لمباراة الزمالك وبركان تدفع ال"كاف" للاعتماد على مخرج إسباني في نهائي الأهلي والترجي    عملية مرحبا 2024 : اجتماع بطنجة للجنة المغربية – الإسبانية المشتركة    محاكمة أمير ألماني وعسكريين سابقين بتهمة التخطيط لانقلاب    وزارة الإقتصاد والمالية… فائض في الميزانية بقيمة 6,1 مليار درهم    ارتفاع ب 18 بالمائة في أبريل الماضي بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء    "مايكروسوفت" تستعين بالذكاء الاصطناعي في أجهزة الكومبيوتر الشخصية    الحكومة تتوقع استيراد 600 ألف رأس من الأغنام الموجهة لعيد الأضحى    أكثر من 267 ألف حاج يصلون إلى السعودية    الاتحاك الإفريقي يدين الأحداث التي أعقبت لقاء نهضة بركان والزمالك    تصفيات المونديال: المنتخب المغربي النسوي يواجه زامبيا في الدور الأخير المؤهل للنهائيات    في مسيرة احتجاجية.. مناهضو التطبيع يستنكرون إدانة الناشط مصطفى دكار ويطالبون بسراحه    إميل حبيبي    مسرحية "أدجون" تختتم ملتقى أمزيان للمسرح الأمازيغي بالناظور    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: أكنسوس المؤرخ والعالم الموسوعي    صدور كتاب "ندوات أسرى يكتبون"    بلاغ صحافي: احتفاء الإيسيسكو برواية "طيف سبيبة" للأديبة المغربية لطيفة لبصير    هاشم بسطاوي: مرضت نفسيا بسبب غيابي عن البوز!!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رئاسة النظام السوري تعلن إصابة زوجة بشار الأسد بمرض خطير    نقاد وباحثون وإعلاميون يناقشون حصيلة النشر والكتاب بالمغرب    صلاح يلمّح إلى بقائه مع ليفربول "سنقاتل بكل قوّتنا"    رغم خسارة لقب الكونفدرالية.. نهضة بركان يحصل على مكافأة مالية    أكاديميون يخضعون دعاوى الطاعنين في السنة النبوية لميزان النقد العلمي    الأمثال العامية بتطوان... (603)    تحقيق يتهم سلطات بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوث أودت بنحو 3000 شخص    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    لماذا النسيان مفيد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كشف أسرار جديدة عن الأمير

أن لقب الإمارة الذي‮ تم استكثاره على محمد بن عبد الكريم الخطابي‮ لم‮ يكن منة من أحد،‮ ولم‮ يرثه عن أجداده،‮ بل استحقه في‮ الميدان مجاهدا،‮ وبواسطة الانتخاب من طرف برلمان ريفي‮ مصغر‮.‬ وإذا لم‮ يكن الخطابي‮ قد ورث الامارة،‮ فقد ورث الجهاد، لا عن أبيه فقط،‮ بل عن أجداده،‮ وعن التربة التي‮ نشأ فيها،‮ مما‮ يعني‮ أنه لم‮ يكن طارئا على الجهاد..
..‮ فهو راسخ فيه رسوخ تربة الريف فيه‮.‬ ذلك أن بلاد الريف كانت دائما موطنا للجهاد والوطنية،‮ فمنذ آواخر العصر الوسيط،‮ وبعد ضعف الدولة الموحدية وسقوطها،‮ ظلت سواحل الريف تتعرض للغزوات الأجنبية،‮ سواء من القراصنة أو‮ غزاة مختلفين،
‬وبقي‮ تذكار من تلك المرحلة في‮ اسم مدينة الناظورؼ ‮ هذا الاسم الذي‮ يعني‮ مركز المراقبة والرباط الذي‮ يحرس الساحل ليخبر السكان والمجاهدين المرابطين عند ظهور طلائع العدو‮... وكانت سواحل الريف إلى سواحل المحيط تحتوي‮ على شبكة من هذه الرباطات والمحارس وأبراج المراقبة والانذار والتي تشارك أيضا في رد الغزاة، فشكلت نظاما فعالا للإنذار والدفاع. وبعد احتلال مليلة ونقط أخرى على الساحل إلى سبتة أواخر القرن‮15‮ والقرن‮ 16‮ م بسبب التفوق العسكري‮ الاسباني‮ والبرتغالي،‮ ودخول المغرب في‮ مرحلة انحطاط واجه الريفيون محاولات التوسع في‮ بلادهم وردوها،‮ بل قاموا بمحاولات مسترسلة لاسترداد مليلة وسبتة،‮ حتى أن تاريخ المدينتين مابين القرنين‮ 16‮ و‮ 19م‮ يكاد‮ يتلخص في‮ عمليات الحصار والهجمات المتوالية التي‮ تعرضت لها بمساهمة المخزن أو بدونه واستمرت مرابطة المجاهدين الريفيين ومناوشاتهم لترهق الحاميات العسكرية وتضيق عليها الخناق دون كلل،‮ ولم‮ يكن‮ ينقذ أولئك الجنود من الموت جوعا وعطشا الا تزويدرهم بالمؤونة والماء بحرا‮...‬ هذه التقاليد الجهادية في‮ الريف تواصلت عبر الزمكان،‮ وامتدت مكانيا لتشمل التضامن مع الاخوة الجزائريين،‮ فقد كان الريفيون أول من لبى نداء الأمير عبد القادر الجزائري‮ وساهموا بكثافة في‮ قواته واستمرارا لهذا التقليد نجد الريفيين بعد منتصف القرن العشرين‮ يزودون ثوار الجزائر بخبرتهم الجهادية،‮ ويضخون خبراتهم ودماءهم في‮ أتون حرب التحرير الجزائرية‮.‬ وقبل ظهور الخطابي،‮ قاوم الريفيون محاولات الغزو الاسباني‮ قبل إعلان الحماية وبعدها.‮ فقبل اعلان الحماية واجه الريفيون الاسبان ومحاولاتهم الاستيلاء على أراضيهم واستغلال ثرواتهم الطبيعية،‮ بحيث خاضوا‮ 113‬معركة فيما بين‮ يوليوز ونونبر‮9091‮. هذه المعارك قادها الشريف أمزيان الذي‮ استمر في‮ قيادة الجهاد ضد الاسبان وخاض عشرات المعارك الآخرى التي‮ بلغت أكثر من‮ 061‮ معركة إلى أن استشهد في مايو2191 ، فارتاح الاسبان مؤقتا‮.‬ بعد إعلان الحماية واستشهاد الشريف امزيان تمتع الاسبان بفترة هدوء،‮ حاولوا فيها توسيع مناطق الاحتلال، تارة بالقوة وتارة بالدبلوماسية والرشاوى،‮ إلى أن ظهرت قيادة جديدة للجهاد في‮ أسرة الخطابي‮ من قبيلة بني‮ ورياغل ولم‮ يكن عبد الكريم الخطابي‮ الوالد إلا قاضيا عينه الحسن الأول،‮ وظل‮ يمارس مهمته بنزاهة دون أن‮ يخطر بباله أنه سيجاهد ضد الإسبان،‮ بل إنه كموظف مخزني‮ رضخ للأمر الواقع واعترف بالحماية،‮ والأكثر من ذلك أنه في‮ البداية،‮ وبسبب أفقه الواسع، رأى أن من مصلحة الريفيين أن‮ يربطوا علاقات مع الإسبان للاستفادة منهم نظرا لحاجة البلاد إلى مهندسين وأطباء ومعلمين وكل الأسباب التي‮ تساعد على إخراجهم من حالة الفقر والجهل والمرض‮...‬ وقام في‮ هذا الباب بربط الاتصال مع مسؤولين إسبان ليقوم بدور سياسي‮ في‮ المنطقة، وهو ما وافق رغبة الإسبان في‮ التمهيد والتمكين لتوسعهم بوسائل‮ ديبلوماسية‮.‬ وبناء على رأيه في‮ ضرورة التعلم من الإسبان بالاحتكاك بهم والدراسة في‮ مدارسهم، أرسل ابنه امحمد للدراسة في‮ مليلة ثم في‮ إسبانيا حتى صار مهندسا،‮ وأرسل ابنه محمد الذي‮ نال حظا وافرا من التعليم في‮ القرويين للانخراط في‮ سلك التعليم بمليلة،‮ وأرسل أخاه عبد السلام ليتولى منصب كاتب لدى قائد جزيرة نكور‮.‬ هذه العلاقة مع الإسبان جعلت القاضي‮ عبد الكريم الخطابي‮ يفهم أهدافهم واستعجالهم احتلال الريف ومطالبتهم له بالتعاون في‮ هذا الباب،‮ فبذل جهودا لخلق مبررات للتسويف والتأخير، وقد وافق هذا رأي‮ بعض القادة الإسبان الذين‮ ترددوا في‮ خوض مغامرات جديدة بعد حروبهم وصراعهم ضد الريفيين بقيادة الشريف أمزيان،‮ مكتفين بمد نفوذهم السياسي‮ بواسطة الأعيان مثل عبد الكريم الخطابي‮.‬ وقد عرضت العلاقة مع الإسبان القاضي‮ الخطابي‮ لمتاعب كبيرة واتهامات بالخيانة، بل لاعتداءات وإحراق بيته واضطراره للفرار منه،‮ واضطر لبذل جهود جبارة لإقناع المشككين في‮ وطنيته ودينه حتى أبرم صلحا معهم وعاد‮ إلى بلدته أجدير‮.‬ وخلال هذا نفد صبر الإسبان وقرروا الشروع في‮ الهجوم العسكري،‮ فتقدمت قواتهم في‮ أراضي‮ قبيلة تمسمان وقبيلة بني‮ توزين المجاورتين لبني‮ ورياغل قبيلة الخطابي،‮ وآنذاك استدعى عبد الكريم ولديه محمد وامحمد وأخاه عبد السلام للتذاكر حول الوضع واتخاذ قرار الجهاد،‮ فانطلق القاضي‮ عبد‮ الكريم‮ يدعو الريفيين إلى الجهاد ونجح في‮ مسعاه،‮ وأسس مراكز للجهاد في‮ مواجهة العدو،‮ وظل في‮ جبهة القتال حوالي‮ شهرين ، أصيب بعدها بمرض مفاجئ تبين أنه بسبب دس السم له في الطعام على يد خونة بإيعاز من الإسبان، فمات شهيدا وترك لأبنائه مهمة قيادة الجهاد،‮ وهي‮ تركة اضطلعوا بها وقاموا بها خير قيام،‮ وشرفتهم أكثر مما لو ترك لهم لقب الأمير الذي‮ رأى من رأى أنهم لا‮ يستحقونه. )
بقلم : محمد مؤيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.