مجلس النواب ينتظر صدور قرار المحكمة الدستورية بشأن دستورية قانون المسطرة المدنية    بورصة البيضاء .. أداء سلبي في تداولات الافتتاح    ميناء الداخلة الأطلسي، ورش ملكي في خدمة الربط بين القارات    الاتحاد الأوروبي يفرض حزمة عقوبات جديدة على روسيا    جيش الاحتلال الصهيوني يواصل مجازره ضد الفلسطينيين الأبرياء    افتتاح مركز الطب التقليدي الصيني بالمحمدية.. سفارة الصين بالمغرب تعزز التعاون الصحي بين الرباط وبكين    رحيل أحمد فرس.. رئيس "فيفا" يحتفي بالمسيرة الاستثنائية لأسطورة كرة القدم الإفريقية    الهلال يتوصل إلى اتفاق مع ياسين بونو لتمديد عقده    لوفيغارو الفرنسية: المغرب وجهة مثالية لقضاء عطلة صيفية جيدة    لبؤات الأطلس على المحك..في لقاء حاسم أمام مالي لحجز بطاقة التأهل إلى المربع الذهبي    بلاغ صحفي تمديد استثنائي لآجال التصريح والأداء عبر بوابة "ضمانكم" برسم شهر يونيو 2025    العثور على جثة طبيبة مقتولة بإقليم تازة    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية    محمد أبرشان كاتبا إقليميا للحزب بالناظور، وسليمان أزواغ رئيسا للمجلس الإقليمي    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    الأمم المتحدة تطلب فتح تحقيق "سريع" في أعمال العنف بجنوب سوريا ومحاسبة المتورطين    مغني الراب سنوب دوغ يدخل عالم الاستثمار الكروي عبر بوابة سوانسي سيتي الانجليزي    ريال مدريد يطرق أبواب المدارس المغربية    مزور: الطاقات المتجددة مفتاح تحول الصناعة بالمغرب    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    الرابطة المغربية تنظم لقاء دوليا بمالقا لمواجهة تصاعد خطابات الكراهية ضد المهاجرين    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    الجنائية الدولية تؤكد القبض على ليبي في ألمانيا لاتهامه بجرائم حرب    المغرب يزداد جفافا.. خبير بيئي يدعو لاستراتيجية تكيف عاجلة    ميناء الحسيمة .. انخفاض طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري    البنك الدولي: 64% من المغاربة تعرضوا لكوارث طبيعية خلال السنوات الثلاث الماضية    ميتا تخطط لتطوير ذكاء اصطناعي يتجاوز قدرات العقل البشري    الكونفدرالية تُشدد على حماية مكتسبات المتقاعدين وتُحذر الحكومة من قرارات أحادية في ملف التقاعد    سانشيز: "الهجرة تساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد الإسباني"    مكناس..توقيف شخص يشتبه في تورطه في قضية تتعلق بحيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    احتفاء بالراحل بن عيسى في الإسكندرية بمناسبة اختياره شخصية الدورة العشرين للمعرض الدولي للكتاب    كيوسك الجمعة | موسم عبور استثنائي للجالية المغربية المقيمة بالخارج    البحر يلفظ جثة رجل يرتدي بزة غطس قبالة سواحل سبتة المحتلة    فرحات مهني يُتوَّج في حفل دولي مرموق بباريس    بطولة إيطاليا: انتر يسعى لضم النيجيري لوكمان من أتالانتا    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    سقوط شخص من الطابق الرابع لمنزل سكني بطنجة    "حزب الكتاب" يدافع عن آيت بوكماز    تسريب بيانات أفغانية يكشف هويات جواسيس ونخبة من القوات البريطانية    وزير الثقافة يعزي في وفاة الفنانين الأمازيغيين صالح الباشا وبناصر أوخويا    اليهود المغاربة يطالبون بإعلان رأس السنة العبرية عطلة رسمية وطنية    ولد الرشيد يستقبل الرئيس السابق لجنوب إفريقيا وزعيم حزب "أومكونتو وي سيزوي" جاكوب زوما    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا للجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية    السلطات السويسرية تدعو مواطنيها إلى أخذ الحيطة من الكلاب الضالة في المغرب    تدشين توسعة مصنع «ستيلانتيس» بالقنيطرة    وداعا أحمد فرس    موقع "الأول" يتوج بجائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025    تزنيت تحتضن ندوة وطنية حول المجوهرات المغربية: تثمين التراث ومواكبة تحديات التحديث والتسويق الدولي    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة الغارقة.. الهجمات البحرية لمليشيات البوليساريو ضد المدنيين
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


محمد الطيار
الأثنين 14 يوليوز 2025 - 15:44
العدالة الغارقة.. الهجمات البحرية لمليشيات البوليساريو ضد المدنيين
شهدت السواحل المحيطة بالصحراء المغربية خلال الفترة ما بين السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي موجة من الهجمات التي شنتها البوليساريو على سفن الصيد، خصوصا الإسبانية منها، التي كانت تستغل الثروات البحرية في هذه المنطقة. هذه الهجمات أودت بحياة العديد من البحارة الإسبان والمغاربة، وأدت إلى اختطاف آخرين واحتجازهم في مخيمات تندوف، ما جعلها من أبرز مظاهر النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
أهم الحوادث:
20 يناير 1987 سفينة Eugenia
تعرضت للهجوم من قِبل ستة كوماندوس تابعين للبوليساريو قرب سواحل الصحراء المغربية على متن السفينة كان هناك ستة مغاربة مسلحين ضمن طاقم الحماية، قُتل منهم ثلاثة وأُصيب رابع بجروح بالغة. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك أربعة بحارة مغاربة مدنيين، إلى جانب 13 بحارا برتغاليا.
وقد أسفر الهجوم عن خسائر بشرية جسيمة، ويعتبر من أبرز الهجمات التي طالت أطقم مختلطة من جنسيات مختلفة.
15 غشت 1980 - سفينة Sindabal 1
تعرضت سفينة الصيد المغربية Sindabal 1 لهجوم مباشر بإطلاق النار من قبل عناصر مسلحة تابعة للبوليساريو، خلال وجودها في نطاق بحري مدني. أسفر الهجوم عن إعدام ميداني لثمانية صيادين مغاربة عزل كانوا على متن السفينة، في واحدة من أكثر الهجمات دموية ضد طواقم الصيد المغربية.
ورغم عدم الكشف الرسمي عن أسماء الضحايا، فإن شهادات الناجين والمعطيات الميدانية أكدت أن البحارة لم يكونوا يحملون أي سلاح ولم يصدر عنهم أي تهديد.
ويمثل هذا الهجوم، من حيث النية المباشرة في القتل وعدم وجود اشتباك مسلح، جريمة قتل عمد ضد مدنيين يجرمها القانون الدولي، وتصنف ضمن جرائم الحرب وفقا للمادة 8 من نظام روما الأساسي. كما قد ينظر إليه ضمن الجرائم ضد الإنسانية كونه جزءا من سلوك ممنهج يستهدف فئة مدنية محددة في إطار النزاع.
20 سبتمبر 1985 - سفينة El Junquito
تعرضت سفينة El Junquito لهجوم عنيف شنته عناصر مسلحة من البوليساريو، باستخدام رشاشات ثقيلة وقذائف مضادة للدبابات، وذلك قرب السواحل الأطلسية المتاخمة للصحراء المغربية.
أسفر الهجوم عن مقتل أحد أفراد الطاقم المدني، واختطاف ستة بحارة، من بينهم مغاربة، حيث تم نقلهم قسرا إلى مخيمات تندوف واحتجازهم هناك خارج أي إطار قانوني.
ويعد هذا الاعتداء، من حيث طبيعة الأسلحة المستخدمة واستهداف طاقم مدني بالكامل، خرقا صارخًا لمبادئ التناسب والتمييز المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، ويصنف ضمن جرائم الحرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي، فضلا عن كونه جريمة اختطاف واحتجاز تعسفي ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية في حال ثبوت الطابع المنهجي لتلك الممارسات.
21 سبتمبر 1985 - سفينة Tagomago
تعرضت دورية إنقاذ إسبانية، كانت تبحر على متن سفينة Tagomago، لهجوم مباشر من طرف عناصر مسلحة تابعة للبوليساريو، وذلك أثناء قيامها بمحاولة إنقاذ ناجين من الهجوم الذي استهدف السفينة El Junquito قبل يوم واحد.
الهجوم استُخدم فيه السلاح الثقيل، وأسفر عن مقتل عنصر إسباني من طاقم الإنقاذ وإصابة آخر بجروح خطيرة. ورغم الطابع الإنساني المحض لمهمة السفينة، تم استهدافها بشكل متعمد، ما يعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي الإنساني، وتحديدا القواعد التي تحمي بعثات الإغاثة والإنقاذ في مناطق النزاع.
سفينة Agadir 2 وAlgargar - ديسمبر 1984
تعرضت السفن المغربية Agadir 2 وAlgargar لهجمات مسلحة نفذتها البوليساريو في عرض السواحل الأطلسية. وأسفر هذا الاستهداف عن مقتل أحد أفراد الطاقم المغربي على متن سفينة Algargar، في حين تؤكد الوقائع أن السفن كانت تؤدي مهام صيد مدني في نطاق غير معادٍ.
ويعد هذا الهجوم مثالا آخر على استهداف أهداف مدنية بحرية دون تمييز، مما يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني، لاسيما القواعد المتعلقة بحماية المدنيين والأعيان المدنية في النزاعات المسلحة غير الدولية.
جرائم حرب بموجب القانون الدولي
الهجمات التي نفذتها البوليساريو على سفن الصيد الإسبانية والمغربية التي تضم بحارة مدنيين تعتبر جرائم حرب بموجب القانون الدولي، لأنها استهدفت بشكل متعمد مدنيين وأعيانا مدنية. وبحكم أن الهجمات والاحتجازات كانت جزءا من سياسة منهجية تهدف إلى استهداف السكان المدنيين أو إرهابهم، فإنها قد تُصنف أيضا كجرائم ضد الإنسانية. كما ان عدم التمييز بين المدنيين والعسكريين، وقتل المدنيين العزل، واختطاف البحارة المدنيين، كلها انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني.
الدولة الاسبانية لازالت مطالبة بفتح تحقيق برلماني رسمي.
اسبانيا مطالبة بفتح تحقيق برلماني شامل حول الهجمات التي شنتها جبهة البوليساريو على البحارة المدنيين المغاربة في عرض البحر خلال الثمانينات، خاصة بالمناطق القريبة من جزر الكناري و داخل مياهها الإقليمية. ولقد أودت تلك الهجمات، الموثقة من خلال شهادات عائلات الضحايا وناجين، بحياة عشرات الصيادين المغاربة الذين كانوا يمارسون عملهم المدني في نطاق بحري قريب من السواحل الإسبانية، وتم استهدافهم بأسلحة ثقيلة في ظروف لا تختلف عن الأعمال الإرهابية المحظورة دوليا.
تطور النقاش الأوروبي والدولي حول معايير تصنيف التنظيمات الإرهابية، يجعلنا نستغرب من عدم إدراج هذه الجرائم في سياق المراجعة الشاملة لسياسات مكافحة الإرهاب، رغم قرب موقعها من التراب الإسباني، وطبيعتها التي تُظهر تعمد استهداف مدنيين عزل خارج أي إطار اشتباك عسكري.
كما أن الصمت المؤسسي الاسباني الذي رافق تلك المرحلة، والغياب شبه الكامل لأي تحقيق رسمي، يُهدد قيم العدالة وحقوق الضحايا، ويعزز الانطباع بوجود ازدواجية في تطبيق المفهوم الإسباني للإرهاب.
وعليه، فالدولة الاسبانية لازالت مطالبة بفتح تحقيق برلماني رسمي وشفاف حول هذه الجرائم، وتحديد المسؤوليات السياسية والقانونية والاعتراف بمعاناة الضحايا وذويهم، وتعزيز التعاون مع الجانب المغربي في هذا الإطار. فضلا عن ضرورة مراجعة موقف إسبانيا من جبهة البوليساريو على ضوء المعايير الدولية لمكافحة الإرهاب.
خاتمة
إن العدالة المؤجلة لضحايا الهجمات البحرية التي نفذتها البوليساريو تشكل مسؤولية سياسية وأخلاقية تقع على عاتق المجتمع الدولي، وفي مقدمته الدولة الإسبانية، بحكم القرب الجغرافي ووجود رعاياها ضمن الضحايا. ولا يمكن لأي نقاش جاد حول مكافحة الإرهاب وحماية المدنيين أن يتجاهل مساءلة المتورطين في هذه الجرائم الموثقة، أيا كانت خلفياتهم، ومهما طال أمد الإفلات من العقاب أو تبدلت التحالفات.
رئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية
الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.