1. الرئيسية 2. اقتصاد تداعيات البريكسيت المستمرة.. بريطانيا ترفع من اعتمادها على المنتوجات الفلاحية المغربية وتوسع من سلاسل الإمداد الصحيفة – بديع الحمداني الثلاثاء 9 شتنبر 2025 - 19:51 تشهد العلاقات التجارية بين المغرب والمملكة المتحدة تحوّلات متسارعة خلال السنوات الأخيرة، خصوصا في مجال الصادرات الفلاحية، حيث أصبحت المنتجات المغربية تحظى بأهمية متزايدة في السوق البريطانية، في ظل تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكسيت". وأظهرت بيانات حديثة أن المغرب أصبح المزوّد الأول لبريطانيا في عدد من المنتجات الفلاحية، آخرها التوت الأزرق، متفوقا على إسبانيا والبيرو، بعدما بلغت الصادرات المغربية نحو 19 ألف طن بقيمة 144 مليون دولار بين يوليوز 2024 ويونيو 2025، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 44% مقارنة بالموسم السابق. كما عزز المغرب مكانته في صادرات التوت العليق، بعدما بلغت الكميات المصدرة 64,400 طن بقيمة 487 مليون دولار خلال الموسم الفلاحي 2024/2025، في رقم قياسي جديد جعل من المملكة لاعبا محوريا في تزويد السوق البريطانية والأوروبية بهذه الفاكهة. وأبرزت تقارير متخصصة أن بريطانيا باتت الوجهة الأولى للتوت المغربي، إذ تستحوذ على أكثر من 30% من صادرات التوت العليق، وأكثر من ربع صادرات التوت الأزرق، متقدمة على دول أوروبية مثل إسبانيا وهولندا وألمانيا وفرنسا. ويرجع خبراء هذا التحوّل إلى تزايد الطلب البريطاني على الفواكه الحمراء بعد "البريكسيت"، حيث باتت المملكة المتحدة تبحث عن بدائل أكثر استقرارا وموثوقية بعيدا عن العراقيل الجمركية مع الاتحاد الأوروبي، مما جعل المغرب يبرز كأحد أبرز الخيارات أمام لندن. توسيع سلاسل الإمداد فرض تزايد الاعتماد البريطاني على المغرب كأحد الخيارات المهمة والمفضلة في استيراد المنتجات الفلاحية والزراعية، ضرورة توسيع سلاسل الإمداد، الأمر الذي فتح الباب أمام شركات النقل واللوجيستيك لإطلاق استثمارات لتوفير مسارات جديدة للمنتجات الفلاحية المغرب نحو بريطانيا. وفي هذا السياق، أطلقت شركات لوجستية دولية خطوطا بحرية جديدة لنقل المنتجات المغربية نحو بريطانيا وشمال أوروبا، بهدف تقليص زمن التصدير وتحسين جودة السلع عند وصولها للأسواق، حيث دشّنت شركة "سامسكيب" في غشت الماضي، خدمة ملاحية تربط أكادير والدار البيضاء مباشرة بالمملكة المتحدة وهولندا، موجهة بالأساس لقطاع الخضر والفواكه الطازجة، مع اعتماد حاويات مبردة صديقة للبيئة تقلل من الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 80% مقارنة بالنقل البري. كما أعلنت مجموعة "DP World" في الأيام الأخيرة، عن إطلاق خدمة جديدة باسم "Atlas" ابتداء من نونبر 2025، لربط المغرب ببريطانيا وأوروبا الشمالية بخط جديد، ما سيساهم في خفض زمن التصدير بنحو يومين، وتخفيض الانبعاثات بنسبة 70 بالمائة. وتأتي هذه الخطوات في وقت يسعى فيه المغرب إلى تعزيز حضوره ضمن سلاسل الإمداد العالمية، عبر التحول من الاعتماد على الطرق البرية نحو النقل البحري، بما يضمن انسيابية أكبر في التدفقات التجارية مع الأسواق الأوروبية. ويشير محللون إلى أن هذه الدينامية الجديدة تضع المغرب في موقع استراتيجي، ليس فقط كمصدر رئيسي للمنتجات الفلاحية، بل كحلقة محورية في إعادة تشكيل شبكات التوريد البريطانية بعد "البريكسيت"، خاصة أن الشراكات مع شركات النقل البحري الكبرى تمنح المزارعين والمصدرين المغاربة قدرة أكبر على تلبية الطلب البريطاني المتزايد، مع ضمان وصول السلع بجودة عالية وكلفة أقل، وهو ما يعزز القدرة التنافسية للمنتوج المغربي. وبالإضافة إلى الفواكه الحمراء، يواصل المغرب تعزيز صادراته من الطماطم والخضروات الموسمية إلى الأسواق البريطانية، مدعوما بسياسات تشجع على تنويع وجهات التصدير وتوسيع حصص السوق. ويرى مراقبون أن هذا التوسع المتسارع في الحضور المغربي داخل السوق البريطانية يعكس نجاح الدبلوماسية الاقتصادية للمملكة، التي استفادت من الفرص التي أتاحها "البريكسيت" لإعادة تموضع صادراتها بشكل أكثر فاعلية. ومع ارتفاع وتيرة الاستثمارات في الخدمات اللوجستية وتنامي الطلب البريطاني على المنتوجات المغربية، يبدو أن الاعتماد المتزايد لبريطانيا على الفلاحة المغربية مرشح لمزيد من التوسع، في اتجاه تكريس المملكة كأحد أهم الشركاء التجاريين لبريطانيا في مجال الأمن الغذائي.