1. الرئيسية 2. المغرب اليونيسكو يصادق على تسجيل القفطان تراث مغربي على قائمته التمثيلية خلال اجتماعه بالهند الصحيفة - خولة اجعيفري الأربعاء 10 دجنبر 2025 - 12:13 صادقت اللجنة الحكومية لصون التراث غير المادي، التابعة لمنظمة اليونيسكو، اليوم الأربعاء بالهند، على ملف تقدمت به المملكة المغربية لتسجيل القفطان المغربي تراثا عالميا بمنظمة اليونسكو. وتقدم المغرب بملف متكامل يضم عناصر مهمة تبرز غنى وتطور التراث الثقافي غير المادي المرتبط بالقفطان، وسهرت على هذا الملف كل من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، والمندوبية الدائمة للمغرب لدى منظمة اليونيسكو بباريس. ويعد القفطان المغربي أكثر من مجرد لباس، إنه رمز حي للهوية المغربية، يتم تناقله من الأم إلى الابنة، ومن المعلم إلى التلميذ، منذ أكثر من ثمانية قرون، كما يجسد القفطان تراثًا تقنيًا وجماليًا استثنائيًا، يحظى بالاحتفاء في جميع أنحاء العالم. هذا و تم بناء الملف بدقة، حيث يصف بشكل مفصل الحِرف والمهارات، والوظائف الاجتماعية، والمجتمعات الحاملة لهذا التقليد، بمقاربة شمولية وغير مسيسة. وبهذا الاعتراف الدولي، شكرت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، لجميع الحرفيين والصناع التقليديين المغاربة على مجهوداتهم الكبيرة وكذا المجتمع المدني المغربي داخل وخارج أرض الوطن المدافعين عن التراث الثقافي المغربي وجميع المتدخلين في هذا الملف. ولم يكن إعلان منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، اليوم الأربعاء عن تسجيل القفطان المغربي ضمن قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، مجرّد مصادقة تقنية على ملف ثقافي جديد، بل كان محطة فارقة في مسار طويل من الاشتغال المؤسسي، والتراكم الحرفي والاجتماعي، والدفاع الدبلوماسي عن هوية مغربية ضاربة في التاريخ. الاعتراف الدولي جاء ليكرّس جزءا من الذاكرة الحية للمغرب، ويضع القفطان، بكل طبقاته الرمزية والتقنية، ضمن الكنوز الثقافية المحمية عالميا، بعد مسار من الإعداد الدقيق والمرافعة العلمية التي قادتها المملكة المغربية. وقد صادقت اللجنة الحكومية لصون التراث غير المادي باليونسكو، بأغلبية مريحة، على الملف الذي تقدم به المغرب، ملف وصفه المتتبعون بأنه "مكتمل العناصر" لأنه تجاوز المقاربة الاحتفالية بكون القفطان لباسا فحسب ليقدّمه باعتباره منظومة ثقافية واجتماعية وجمالية متكاملة، تمتد جذورها لأكثر من ثمانية قرون. الملف الذي أعدّته وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بتنسيق وثيق مع المندوبية الدائمة للمملكة لدى اليونسكو في باريس، أعاد تركيب الذاكرة التقنية للقفطان انطلاقا من الحرف التقليدية المرتبطة به، وصولا إلى طقوس نقله بين الأجيال، سواء عبر آلية "المعلم والتلميذ" أو عبر الانتقال العائلي من الأم إلى الابنة وهي عناصر تشكّل في حدّ ذاتها، شهادة مادية على استمرارية هذا التراث داخل المجتمع المغربي، بعيدا عن أي استعمال سياسي أو توظيف ظرفي. وترى اللجنة الأممية، في تقريرها المرافق للمصادقة، أن القفطان المغربي يندرج ضمن فئة "التراث الحي" ذلك النوع من الممارسات الثقافية التي لم تخضع للاندثار أو التحوير الجذري، بل احتفظت بهويتها الأساسية رغم تطورها عبر الزمن. كما نوّهت اللجنة بالدقة التي أعيد بها بناء الملف المغربي، بعد أن قدّم وصفا مفصلا لسلاسل الإنتاج التقليدية، وتقنيات الزخرفة كالطرز اليدوي، والسفيفة، والعقيق، والتنبات، وبتوثيق دقيق لأدوار الحرفيين، والمجموعات الاجتماعية الحاملة لهذا التراث، وطقوس استعمال القفطان في السياقات الاحتفالية والدينية والرسمية. وبقدر ما يمثّل القرار اعترافا بالقيمة التاريخية للقفطان، فهو يشكل أيضا انتصارا لورش الصون الثقافي في المغرب، الذي نجح خلال العقدين الأخيرين في تسجيل مجموعة من عناصر التراث اللامادي ضمن لوائح اليونسكو، من فن الملحون إلى الطيور المهاجرة، ومن خبرات الماء إلى الصناعات التقليدية المتعددة. وإذ أكدت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، في بلاغها الرسمي، أن الملف المغربي بُني على أساس "مقاربة شمولية وغير مسيّسة" فقد جاء هذا التأكيد ليبرز الاختيار الاستراتيجي للمغرب في تقديم القفطان كتراث جامع لا كوسيلة للصراع، رغم ما عرفه هذا العنصر في الشهور الأخيرة من محاولات شدّ وجذب إقليمية ذلك أن القفطان المغربي، الذي احتفظ بخصوصياته التقنية المميزة منذ العصر المرابطي والموحدي، ثم أعيد تشكيله في ظل الدولة السعدية والعلوية، وأصبح جزءا من مراسم البيعة والاحتفال السلطاني، ظلّ مرتبطا هوياتيا بالمغرب، سواء في ذاكرة المدن العتيقة مثل فاس ومراكش وتطوان، أو في الوجدان الاجتماعي لكل المناسبات الكبرى. أما على المستوى الدولي، فيعدّ تسجيل القفطان المغربي خطوة نوعية تمنح هذا التراث حماية قانونية ورمزية، وتؤهله للاستفادة من برامج اليونسكو المخصصة للدعم والتوثيق ونقل المهارات فالتراث المدرج في القائمة التمثيلية يُعامل بوصفه تراثا إنسانيا مشتركا، ويصبح محط اهتمام عالمي، وهو ما يفتح الباب أمام مشاريع بحثية، وتحفيزات للحرفيين، وتعاون مع مراكز ثقافية وجامعات، مما يعزّز استمرار المهارات الدقيقة التي يقوم عليها هذا اللباس. وبهذا القرار، يدخل القفطان المغربي رسميا ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية، ليصبح ليس فقط ملكا للمغاربة، بل جزءا من الذاكرة الإنسانية المشتركة قرارٌ يرفع من رمزية هذا اللباس، ويفتح أمامه آفاقا جديدة في الحماية والترويج والتثمين، ويؤكد مرة أخرى أن المغرب، بتنوعه الحضاري وعمقه التاريخي، قادر على تحصين تراثه والاعتراف به عالميا، في وقت تتصاعد فيه أهمية الثقافة كأداة قوة ناعمة ورافعة للسيادة.