البرتغال تعبر عن دعمها الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    ولد الرشيد في اختتام الدورة التشريعية: حصيلة مشرفة لمجلس المستشارين وزخم مؤسساتي ودينامية متواصلة    النواب يصادقون بالأغلبية على مشروع قانون إعادة تنظيم مجلس الصحافة    النيجيريات يبلغن نهائي "كان السيدات"    استئنافية طنجة تؤيد الحكم الابتدائي الصادر في حق المتهمين في قضية " مجموعة الخير "+ فيديو +    اتفاقية بين الأمانة العامة للحكومة ووزارة إصلاح الإدارة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية    مشاريع جديدة لتعزيز البنية الطرقية في العالم القروي بإقليم الحسيمة    الكلاب الضالة تسببت في 100 ألف حالة عض سنة 2024... ووزارة الداخلية تبرمج مراكز للإيواء    ارتفاع جديد يسجل في أسعار المواد الغذائية واللحوم في الصدارة    الأمم المتحدة: مقتل أكثر من ألف فلسطيني خلال انتظار المساعدات    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بمهنة التراجمة المحلفين    طنجة.. تدخل سريع للوقاية المدنية يُخمد حريقًا في حمولة شاحنة    اعتقال كنديين بحوزتهما أزيد من 133 كلغ من "الماريخوانا"    على غرار ما يفعل الشاعر    بمشاركة دراكانوف ولازارو ومصطفى ترقاع.. الناظور تحتضن النسخة 11 من المهرجان المتوسطي    فيلدا يكشف عن تشكيلته لمواجهة غانا في نصف نهائي "كان السيدات" (صورة)                أمسية مطرون تحتفي بالتنوع الثقافي    القضاء الفرنسي يحاكم رشيدة داتي    مقدونيا الشمالية تدعم مغربية الصحراء وتبادر نحو تعزيز العلاقات مع المغرب عبر تسهيلات التأشيرة وخط جوي مباشر    لفتيت: نتعرض لهجمات إعلامية ممنهجة هدفها تشويه صورة المغرب    ليالي صيف الاوداية تلتهب على منصة كورنيش ابي رقراق    النواب السلايتية .. الطالبي العلمي يأسف لتكرار الغياب البرلماني    وفاة 21 طفلا بالجوع في قطاع غزة    راغب علامة يبرر صورة "المعجبة": زاوية التصوير خدعت الجميع    تطوير أداة مبتكرة تحدد الأطفال المعرضين لخطر السمنة مستقبلا    بنغلاديش.. ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم طائرة عسكرية إلى 27 شخصا    موقف يربك حسابات الجزائر..مقدونيا الشمالية تتبنى مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لنزاع الصحراء المغربية    خريطة المغرب كاملة في مؤسسة حكومية صينية: إشارة دبلوماسية قوية تعزز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبكين    أسعار النفط تتراجع    في 50 سنة من الخدمة الإنسانية.. الفريق الطبي الصيني عالج 5.8 ملايين مغربي وأجرى أكثر من نصف مليون عملية جراحية    كينيدي لاعب باريس سان جيرمان السابق يبدأ عمله كسائق "أوبر"        ترامب يهدد بتعطيل بناء ملعب فريق واشنطن        السكيتيوي يربك البطولة الوطنية في فترة استعدادات الأندية            مجلس النواب يمرر قانون المسطرة الجنائية بموافقة 47 نائبا خلال قراءة ثانية    ‬مرسوم ‬تحديد ‬أسعار ‬الأدوية ‬يواصل ‬إثارة ‬ردود ‬الفعل ‬في ‬أوساط ‬المهنيين ‬والرأي ‬العام ‬    مارسيليا يرفض عرضا "مهينا" من نادي إسباني لضم أوناحي    الأمم المتحدة.. الجوع وسوء التغذية بلغا مستويات غير مسبوقة في غزة    رسميا.. الوداد يعلن عودة أبو الفتح بعقد يمتد لموسمين    حجيرة يدعو الشركات المغربية إلى التوسع في الأسواق العالمية والاستفادة من الفرص التجارية        بطولة انجلترا: الكاميروني مبومو ينتقل لمانشستر يونايتد        وزير الصحة: التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح بخفض ملموس لأسعار الأدوية    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    









قضاة يسيئون إلى الوطن وإلى القضاء
نشر في الصحيفة يوم 08 - 03 - 2021

خلّف الحكم بشهر نافذ و500 درهم غرامة الذي أصدرته المحكمة الابتدائية بتطوان في حق فتاة ظهرت في فيديو جنسي نشره شريك سابق لها ، موجة انتقادات حادة لهيئة المحكمة التي أصدرت الحكم وللقانون الجنائي المغربي . وسبب الانتقادات شعور الحركة النسائية والحقوقية بالمرارة جراء تحويل الفتاة من ضحية إلى جانية بسبب تغييب روح القانون ونصوصه وانسياق هيئة المحكمة مع ردود الأفعال التي تتحكم فيها الثقافة الذكورة المعادية للمرأة وكذا القيم الاجتماعية الرثة التي تحمّل النساء كل شرور المجتمع . فالهيأة إياها تأثرت بالثقافة السائدة أكثر مما تمثلت وتأثرت بروح القانون . ويمكن إبداء الملاحظات التالية:
1 إن هيأة المحكمة خرقت القانون بمتابعة الفتاة على فعل شاركت في ارتكابه مع مسرّب الفيديو قبل أكثر من أربع سنوات ، أي قبل زوجها وإنجابها لطفلين . وهذه المدة ، كافية من الناحية القانونية، لإسقاط المتابعة بتقادم الجنحة المرتكبة وفق منطوق المادة 5 من ق.م.ج والتي تنص على ما يلي " تتقادم الدعوى العمومية ما لم تنص قواعد خاصة على خلاف ذلك بمرور:
" ... خمسة عشرة سنة ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية،"
".... أربع سنوات ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنحة، "
"... سنة ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب المخالفة،"
فبناء على شهادة أم الفتاة وأبيها ، فإن الفعل ارتكبته ابنتهما وهي في سن المراهقة . وباعتبار الفعل ارتكب في مكان مغلق ، فالمفروض إسقاط تهمة الإخلال بالآداب العامة عن الفتاة وإلباسها إلى شريكها مسرّب الفيديو .
2 إن هيأة المحكمة عطّلت القانون لمّا لم تحرك المتابعة القانونية في حق شريك الفتاة بتهم ينص عليها القانون الجنائي وكذا المنشور الذي أمر الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة السيد محمد عبد النباوي بتوزيعه على الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية في عموم المغرب من اجل التطبيق الصارم للإجراءات الجديدة بخصوص الحماية الخاصة للأفراد. الأمر الذي جعل هيأة المحكمة تحوّل الفتاة من ضحية إلى جانية ضدا على منطوق القانون الجنائي بعد التعديلات التي أدخلت عليه والتي تجرّم
المساس بخصوصية الآخرين من خلال نشر صورهم أو أقوالهم بغرض التشهير . فقانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء أدخل ثلاث تعديلات على الفصل 447 من القانون الجنائي، بحيث أصبحت هذه السلوكات تقع تحت بند انتهاك خصوصية الغير . والتعديلات هي : 1-447 و 2-447 و 3-447 . فحسب الفصل 1-447 فإنه "يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم كل من قام عمدا، وبأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها،
ويعاقب بنفس العقوبة، من قام عمدا وبأي وسيلة، بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقته".
أما الفصل 2 – 447 ف"يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة للأشخاص أو التشهير بهم."
واضح ، إذن، أن هيأة المحكمة ، وهي تنظر في التهمة الموجهة للفتاة ، غيّبت هذه الفصول القانونية ، مما جعلها بدل الانتصار لحق الفتاة بمتابعة المجرم الحقيقي بالتهم التي يحددها الفصل 447 المعدّل من القانون الجنائي، أدانتها . وهي بهذا تكون قد خرقت القانون وعطّلته.
3 إن هيأ المحكمة غيّبت الجوانب الإنسانية والنفسية والاجتماعية وهي تصدر حكمها ضد الفتاة. ذلك أن هذا الحكم لم يتوخ إصلاح الضحية/المتهمة كما هي غاية القانون الجنائي ، بل تدمير الفتاة نفسيا ، بحيث لم تكف هيأة المحكمة الصدمة النفسية التي أصابت الضحية وعائلتها وأبناءها بعد نشر الفيديو على نطاق واسع ؛ ولا راعت الظروف الاجتماعية وصورة الضحية بعد التشهير والإدانة في محيطها العائلي والاجتماعي، فزادتها جرحا على جرح وصدمة على صدمة . فالإدانة ، في هذه الحالة صارت أقسى من التشهير الذي قصده ناشر الفيديو . إذ لو ألغت هيأة المحكمة المتابعة في حق الفتاة الضحية وباشرتها في حق الجاني لكانت خير مواساة ومؤازرة ودعم نفسي واجتماعي لها . فما قامت به الفتاة في لحظة حميمية يمكن أن تقوم به فتيات أخريات إثر التغرير بهن أو وعدهن بالزواج أو خلال فترة الخطوبة ، وهي الفترة التي تعترف فيها مدونة الأسرة بالعلاقات الجنسية بين الخطيبين من خلال إلحاق المولود لأبيه حتى قبل توثيق الزواج. وكان على هيأة المحكمة أن تراعي كل هذه الحيثيات لتسقط التهمة ضد الفتاة الضحية وتعيد إليها الاعتبار بتحريك المتابعة القضائية ضد الجاني تطبيقا للقانون وردعا لكل من تسول له نفسه التشهير والانتقام من الغير.
واقعة إدانة هذه الفتاة قضائيا لم تسئ إلى الفتاة الضحية وأسرتها فقط ، بل أساءت إلى الوطن برمته وإلى الدستور المغربي الذي يعلن في ديباجته الإقرار وتبني منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا ؛ كما تعطي لخصوم المغرب ، وخاصة منظمة "أمنيستي" التي لم تعد تخفِ عداءها للمغرب ولمؤسساته الدستورية ، ملفات مجانية لمهاجمة المغرب والتشهير به .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.