مباشرة بعد استقلال المغرب سنة 1956 بدأ سكان الحسيمة الأسبان في الرجوع إلى موطنهم الأصلي أسبانيا. أقول الأصلي لأنهم يؤكدون أنهم حسيميين و ريفيين أسبان و يعتزون بذلك... و عند زيارات المغفور له الملك محمد الخامس لمدينة الحسيمة من 1957 إلى 1961 كان يُستقبل من طرف الجالية المتبقية منهم بكل ما يليق بمقامه من احترام و إجلال كما تبيٌن ذلك الصور، نظرا للمعاملة الطيبة التي كان رحمه الله يعاملهم بها. و آخر من غادر المغرب منهم كان سنة 1988. غير أن البعض منهم فضٌل البقاء في الحسيمة حتى آخر أيامه، و أخصٌٌ بالذكر "خوان رومان سيمبيري" الذي وافته المنية بمستشفى مليلية المحتلة، غير أنه كان قد ترك وصيٌة ليُدفن بالحسيمة، و ذلك ما كان، حيث حُمل جثمانه من هناك ليُوارى التراب في 24 يناير 2000، في المدينة التي أبصر فيها النور لأول مرة.
ظهور "الجمعية الثقافية الأسبانية لقدماء ساكنة الحسيمة" كان أول اجتماع لهؤلاء الأسبان يوم 13 أبريل 1988 في مقهى "برج أوروبا" بمدريد حظره ثلاثة رجال و إحدى عشرة امرأة. و في يوم 23 من شتنبر 1988، اجتمعت بعض النساء في مقهى "قمم أوروبا" بمدريد قصد الفطور، حيث راودتهن فكرة إنشاء جمعية تحمل صبغة قانونية، و يكون لديها مقر خاص و دائم. اخترن لها اسم "الجمعية الثقافية لقدماء ساكنة الحسيمة- فييا سانخورخو".
تلا ذلك عشاء حظره أكثر من 50 شخصا. و في اليوم الموالي بدا الجميع في البحث عن الصور و الوثائق و التذكارات و أشياء أخرى لها علاقة بالحسيمة و وضعها في إحدى المتاجر الذي سوف يصبح نواة لمتحف الحسيمةبمدريد.
بدأ المنخرطون فيها بالاجتماع كل سنة، أولا في مدريد، ثم في مالقة ثم ألمرية فبرشلونة. بعد ذلك بدأ خبرها ينتشر في كل الأرجاء الأسبانية و خارجها. بدأ عدد المنخرطين في الجمعية يكبر حتى تعدى الألف و خمسمائة.
في البداية دأب الأعضاء في الاجتماع في منازل بعضهم بمدريد، أو في المقاهي، لينتقلوا إلى مختلف الفنادق في مختلف المدن. استقر بهم الأمر إلى لقاءين سنويين: الأول في بلدة "بينالمادينا" السياحية، إقليم مالقة بالجنوب الأسباني بفندق "ألاي"، و ذلك في الأسبوع الأول من فبراير، (و ذلك ابتداء من 06 / 02 / 1993). و الثاني بالمدينة الساحلية "بلايا دي آرو"، عمالة خيرونا، التابعة لإقليم كاتالوتيا بشمال أسبانيا، و ذلك في نهاية أبريل أو بداية مارس من كل سنة.
محمد الخامس يستقبل بالحسيمة الدكتور "فيديريكو مولينا"، أشهر طبيب في الإقليم آنذاك سنة 1961 خلال هذه اللقاءات تتم صلة الوصل ما بين أصدقاء أو جيران الأمس، و تلقى كلمات مختلفة، و يتم عرض صور تذكارية لمدينة الحسيمة و المناطق المحيطة بها، و تُعرض كذلك صور زيتية أو قطع فنية للنحت تمجٌد إقليمالحسيمة، سواء أثناء الفترة الاستعمارية أو بعدها.
و ابتداء من فبراير 2006 دأبت الجمعية على استدعاء بعض المواطنين القاطنين بالحسيمة للمشاركة معهم. و منذ ذلك الوقت، و بعد كل لقاء، يرسل رئيس الجمعية إلى الديوان الملكي برقية احترام و ولاء لصاحب الجلالة محمد السادس، مُنوٌها بالعطف المولوي على الحسيمة و إقليمها. و تُصدِر الجمعية مجلة نصف سنوية تسمى "إيرالدو الحسيمة"، تستحضر ذكريات الماضي مع المستجدات الحالية لهم. و في السنوات الأربع الأخيرة، تنشر المجلة الأنشطة و التدشينات التي يقوم بها جلالة الملك محمد السادس بمدينة الحسيمة و إقليمها. كيف لا و العاهل الكريم استقبل رئيس الجمعية مانويل بالومو روميرو يوم 21 يوليو 2007 بمدينة امزورن، و وشٌحه بالوسام العلوي من درجة فارس. و خلال كل سنة، و خصوصا في الصيف، تقوم مجموعات من أعضاء الجمعية بزيارات قصيرة لمدينتهم الأم قصد الاطلاع على التغييرات الحسنة التي تحدث فيها. غير أن رجاءهم الذي ينتظرون تحقيقه في يوم من الأيام هو متى سيعقدون أحد ملتقياتهم السنوية بالحسيمة بدل أسبانيا، و ذلك رهين بوجود عدد الفنادق الكافية التي سوف تأويهم كلهم.