جمعية "التحدي" تدعو إلى إقرار المناصفة الكاملة في انتخابات مجلس النواب المقبلة    الصحافي الراحل أنس الشريف الذي قتله الجيش الإسرائيلي ترك وصية مؤثرة عن حياته وعائلته وغزة    السكتيوي يرحب بالانتقادات بعد خسارة المغرب أمام كينيا ويكشف أسباب تراجع الأداء    وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة        توقيف مشتبه به في حريق غابة "كرانخا" بشفشاون    رحيل الأديب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما    الذكرى ال46 لاسترجاع إقليم وادي الذهب: ملحمة بطولية في مسيرة استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية    إطلاق الصاروخ الأوروبي أريان 6 إلى الفضاء    هل ‬دخلنا ‬المرحلة ‬ما ‬قبل ‬الأخيرة ‬لتطبيق ‬مقترح ‬الحكم ‬الذاتي ‬؟ ‬    في ‬اللقاء ‬الذي ‬جمع ‬الوزير ‬برادة ‬وقيادات ‬النقابات ‬التعليمية :‬    مدريد ‬تتصدى ‬لقرار ‬يميني ‬يمنع ‬الشعائر ‬الدينية ‬ويستهدف ‬الجالية ‬المغربية ‬في ‬مورسيا    راشفورد ينتقد يونايتد: "يفتقر إلى الخطط"    أسعار الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء تسجل تفاوتاً كبيراً بين المنتجات    مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة تجري بنجاح أول عملية زراعة كلية مع عدم توافق فصائل الدم ABO على المستوى القاري    في ‬مذكرة ‬وزير ‬الداخلية ‬إلى ‬الولاة ‬والعمال ‬حول ‬الجبايات ‬المحلية ‬ورؤساء ‬الجماعات ‬الترابية:‬    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    فرنسا.. توقيف مراقب جوي بعد قوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    تراجع الدولار مع ترقب خفض أسعار الفائدة الأمريكية في شتنبر    فهم باش تخدم.. مهندسة شابة طموحة تروي رحلتها بين مقاعد الدراسة وآفاق الاقتصاد الفلاحي (فيديو)    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء شبه مستقر    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    القوات المسلحة تحقق في تعنيف أحد المهاجرين    دول أوروبية تتوعد النظام الإيراني بإعادة تفعيل آلية العقوبات    بوتين يشيد بالقوات الكورية الشمالية    اعتقال شخص بعد إطلاق نار داخل مطار سيدني    فوضى "الجيليات الصفراء" ببني ملال        تسكت تتألق في أمسية "رابافريكا"    الجبهة المغربية لدعم فلسطين: سيون أسيدون وُجد فاقدا للوعي داخل منزله وعليه آثار إصابات على رأسه وكتفه "غير طبيعية"    دورة سينسيناتي لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل لثمن النهاية    تقرير: المغرب في المركز السادس إقليميا بعدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في 2024    منير القادري يتخلى عن مشيخة الزاوية البودشيشية لفائدة أخيه معاذ القادري    غزة: صندوق الثروة السيادية النرويجي يسحب استثماراته من 11 شركة إسرائيلية        أنفوغرافيك | 25.84 مليون درهم.. لتمويل 40 مهرجان وتظاهرة سينمائية    حملة أمنية بوزان تطيح بمروجي مخدرات وتوقف مطلوبين للعدالة    توجيه الدعوة ل 26 لاعبا من المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 20 سنة للمشاركة في وديتي مصر    المقاصة.. انخفاض النفقات الصادرة بنسبة 19,2 في المائة عند متم يوليوز الماضي    المحلي يواصل التحضيرات للقاء زامبيا    "الكاف" يوجّه إنذارا لكينيا بسبب خروقات أمنية في بطولة "الشان"    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بارتفاع طفيف    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الولايات المتحدة وليبيا توقعان أول اتفاقية ثنائية رسمية بينهما والقذافي يعلن للمرة الأولى رغبته في زيارة أميرك وما لم يُنشر عن خفايا زيارته لفرنسا
نشر في أسيف يوم 08 - 01 - 2008

وقعت الولايات المتحدة وليبيا في 3 يناير الحالي إتفاقية تعاون علمي وتكنولوجي هي الإتفاقية الثنائية الرسمية الأولى بينهما منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وطرابلس الغرب في سنة 2004. ووصف بيان صحفي أصدرته وزارة الخارجية بهذه المناسبة الإتفاقية بأنها "خطوة مهمة في تقدير نبذ ليبيا التاريخي لأسلحة الدمار الشامل وانخراطها مجدداً بشكل إيجابي مع المجتمع الدولي. كما تشكل جزءاً أساسياً من الجهود الأميركية لتعزيز السلام والاستقرار في منطقة المغرب الإفريقية وتوسعة العلاقات الأميركية-الليبية الثنائية."
وأشار البيان إلى أن الإتفاقية "تتضمن آلية يمكن من خلالها للولايات المتحدة وليبيا توسعة التعاون بينهما في جميع الحقول العلمية والتكنولوجية، والمضي قدماً في مجالات التعاون الراهنة كالصحة العامة والموارد المائية وعلم الفضاء وطبقات الجو العليا." في ما يلي نص البيان صحفي لمكتب الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية في الموضوع بعنوان:" الولايات المتحدة وليبيا توقعان اتفاقية تعاون علمي وتكنولوجي"والصادر في3 يناير 2008:" وقعت حكومة الولايات المتحدة الأميركية وحكومة الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى اليوم اتفاقية ثنائية للتعاون العلمي والتكنولوجي في احتفال خاص أقيم في وزارة الخارجية الأميركية. وقد وقعت الاتفاقية عن الجانب الأميركي، وكيلة وزارة الخارجية لشؤون الديمقراطية والعالمية بولا دوبريانسكي، في حين وقعها عن الجانب الليبي أمين قسم الشؤون الأميركية في اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، أحمد الفيتوري. وتشكل اتفاقية التعاون العلمي والتكنولوجي الأميركية-الليبية أول اتفاقية ثنائية رسمية توقع بين البلدين منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 2004. وتتضمن الاتفاقية الجديدة آلية يمكن من خلالها للولايات المتحدة وليبيا توسعة التعاون بينهما في جميع الحقول العلمية والتكنولوجية، والمضي قدماً في مجالات التعاون الراهنة كالصحة العامة والموارد المائية وعلم الفضاء وطبقات الجو العليا. والغرض من الاتفاقية الثنائية هو دعم التبادل بين الحكومتين والشراكات العلمية بين الكيانات الخاصة والأكاديمية وغير الحكومية وإنشاء صناعات ترتكز إلى أساس علمي وتعزيز الوظائف. كما تقيم الاتفاقية إطاراً لتيسير تبادل النتائج العلمية وتوفير إجراءات صيانة حقوق الملكية الفكرية بين البلدين، وسوف تساعد أيضاً في إقامة حوار إقليمي حول القضايا العلمية المهمة كحماية البيئة وإدارة الموارد المشتركة. وتشكل اتفاقية التعاون العلمي والتكنولوجي خطوة مهمة في تقدير نبذ ليبيا التاريخي لأسلحة الدمار الشامل وانخراطها مجدداً بشكل إيجابي مع المجتمع الدولي. كما تشكل جزءاً أساسياً من الجهود الأميركية لتعزيز السلام والاستقرار في منطقة المغرب الإفريقية وتوسعة العلاقات الأميركية-الليبية الثنائية.".علما أن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، قد أعرب مؤخرا عن رغبته في زيارة الولايات المتحدة على غرار الجولة التي قام بها لبعض الدول الأوروبية. ولم يحدد القذافي موعدا زمنيا لإتمام زيارته المرتقبة إلى واشنطن، كما لم يفصح عما إذا كان تنتظر دعوة من بوش للقيام بها. وكان يفترض أن تقوم وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بزيارة إلى طرابلس نهاية السنة الماضية كأول مسؤول أميركي رفيع المستوى على هذا النحو منذ نحو 32 عاما. وقالت مصادر عربية وليبية إن القذافي يضغط بشكل مكثف ليتمكن من زيارة البيت الأبيض قبل أن يغادره بوش الذي ستنتهي ولايته العام المقبل. وقال مصدر ليبي مطلع إن القذافي يتوقع أن تحمل له رايس خلال زيارتها المقبلة إلى ليبيا دعوة رسمية للقيام بأول زيارة عمل رسمية له إلى الولايات المتحدة تدشينا لمرحلة جديدة من العلاقات بين طرابلس وواشنطن. وأضاف: «إذا لم يحدث ذلك فسيصاب بخيبة أمل، لكن يحدونا أمل كبير في أن تمضي الأمور بشكل جيد رغم بعض العراقيل». وكان المسؤول الليبي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، يلمح إلى معارضة بعض الدوائر الأميركية خاصة في الكونغرس مساعي ادارة بوش للمضي قدما في تعزيز علاقتها مع ليبيا من دون تصفية وحل الملفات العالقة. وعين بوش سفيرا أميركيا جديدا في طرابلس، لكن ضغوط بعض أعضاء الكونغرس لازالت تمنع الكونغرس من تمويل هذه الخطوة. وقال القذافي في حديث صحفي بفرنسا، إن العلاقات بين ليبيا وفرنسا مطردة باستمرار، واصفا زيارته المثيرة للجدل إلى العاصمة الفرنسة باريس بأنها تاريخية أعطت دفعة قوية في هذه العلاقات وفتحت الباب على مصراعيه مع أوروبا كلها وليس مع فرنسا فقط. وأضاف: «ان العديد من الزعماء الأوروبيين زاروا ليبيا وزيارتي الحالية هي فى إطار الرد على بعض هذه الزيارات». وأكد القذافي أن معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية لا يمكن أن تتم بقرار سياسي أو إداري، مشددا على ضرورة الحوار وبذل كل الجهود مع المواطنين الأفارقة المهاجرين العاديين لأنهم يهاجرون بقرارات فردية لا بقرارات من دولهم أو حكوماتهم أو من منظمات دولية. ولفت إلى دور أوروبا نفسها في تشجيع هجرة الأفارقة من خلال تصويرها لأفريقيا على أنها أوروبية بتصنيفها للأفارقة ما بين فرانكفونيين وانجلوفونيين وكذلك ما كانت تدعيه روما بأن ليبيا هي الشاطئ الرابع لها، إضافة للتسهيلات غير المحددة التي تقدمها أوروبا لمدعي اللجوء السياسي دون ضوابط تحدد مفهوم اللجوء السياسي. وفيما يخص مقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بشأن الاتحاد المتوسطي، اعتبر القذافي أن البحر المتوسط محطة وصل بين أفريقيا وأوروبا ومسؤولية ربط القارتين في اتحاد تقع على الدول المطلة على هذا البحر، ولذا شكلت مجموعة 5+5 التي جدد دعوته أن تكون 6+ 6 بإضافة اليونان ومصر. ولاحظ أن انتظام 6+6 في اتحاد بأي شكل من الأشكال الاتحادية مثلما يدعو ساركوزي سيكون أمراً جيداً. وتساءل القذافي: لماذا لا تكون لمنطقة البحر المتوسط عملة واحدة وقوانين متوسطية واحدة وتعاون واحد وتكون حلقة وصل قوية بين أوروبا وبين أفريقيا. وأوضح أن فرنسا لها دور ريادي في الاتحاد الأوروبي وفي أوروبا وإذا تعاونت فرنسا وليبيا من أجل أفريقيا ومن أجل أوروبا فانهما سيلعبان دورا رياديا مهما جدا على حد تعبيره. ومن جهة أخرى،ورغم مضي أسابيع عديدة على زيارة العقيد القذافي الى باريس، إلا أن الفرنسيين ما زالوا يتندّرون وينتقدون ويتداولون النكات اللاذعة حول شخص العقيد وطريقة مشيته وكلامه ونظارته التي لا لزوم لها في الأماكن المعتمة وداخل الاجتماعات، وقد نالت خيمة القذافي التي أقامها في حديقة الفندق المخصص لكبار الزوّار نصيب الأسد من الملاحظات والانتقادات ولم يقم أي مسؤول رفيع بزيارتها، في حين سارع رئيس الوزراء الاسباني السابق أزنار بزيارتها مع زوجته، والسهر فيها مع الزعيم الليبي ليلة وصوله إلى برشلونة قادماً من باريس.أما الوفد الضخم الذي رافق العقيد وقد احتلّ مقاعد خمس طائرات ضخمة فقد نال نصيبه من الغمز واللمز في الصحافة الفرنسية وآراء الناس، الى درجة أن شاعت مقولة تفيد أن القذافي لم يُبق في الجماهيرية أي شخص من الذين يخشى تركهم في غيابه إلاّ وأحضره معه الى العاصمة الفرنسية!لا شكّ أن الزعيم الليبي كان غريباً في شخصيته وتصرّفاته وطريقة كلامه وكل شيء تقريباً، وقد شاهدنا نماذج لذلك في مؤتمرات القمة العربية عندما فاجأ الحكام العرب بإطلاق صفة "عميد الزعماء العرب" على نفسه في القمة ما قبل الأخيرة، وعندما يصرّ على التدخين ونفث الدخان عالياً بطريقة مقصودة أثناء الجلسات مع أنه لا يدخّن في العادة، ثم عندما يشاكس في التفاصيل البعيدة عن أساس الموضوع المطروح للبحث.لكن هذه الخصوصية و"المزايا" كلها لا يجوز أن تدفع أي عربي إلى المشاركة في الهجمة التي تعرّض لها بشكل مركّز، وكان من المقرّر أن تُشن ضده حتى ولو تصرّف بأسلوب لا غرابة فيه، لا سيما وأن اللوبي الصهيوني كان وراءها بكل وضوح، وحتى في دقائق الأمور. لذلك فرضت الهجمة على العقيد أن لا يصاحبها نقد عربي قاسٍ مهما كان محقاً، لأنه سيصبّ في سياق استهدافه من قبل معسكر أعداء أمتنا.فقد لا يعلم الكثيرون أن هذه الزيارة استحوذت على كامل اهتمام اللّيبيين واستنفرت لجانهم الثورية والشعبية قبل فترة من موعدها، ولم تبخل الجماهيرية وأجهزتها في صرف أموال طائلة من أجل الاعداد لها وانجاحها، وقد تشكلت لهذا الغرض لجنتان لترتيب تفاصيل التفاصيل رسمياً وشعبياً إحداهما في ليبيا والأخرى في فرنسا، وشهدت كل منهما سلسلة من الاجتماعات لضبط "التحرك الجماهيري" في عاصمة النور إكراماً لعيون "قائد الثورة".لكنه غاب عن ذهن المسؤولين الليبيّين أن "الجماهير" في بلاد الغرب الاستعماري لا تُدار ب "الروموت كونترول"، ولا يُوعز لها بالنزول الى الشارع احتفالاً بقدوم الزعيم فتهبّ عن بكرة أبيها خوفاً من المحاسبة إذا تخلّفت عن ذلك. لهذا كان اهتمام الفرنسيين الأول لا يتعلّق بمضمون الزيارة أو صاحبها، بل على العكس كان موقف معظمهم سلبياً وضد قيام السلطات الفرنسية باستقباله أصلاً، وقد عزّزت هذه المشاعر الجهود الضخمة التي بذلها اللوبي – إياه – وأعطت نتاجها بنسبة أكبر من المتوقع على الصعيدين الرسمي والشعبي، خصوصاً وأنها تركّزت على استنكار استقبال "دكتاتور" يخرق حقوق الانسان في بلده، ولا يوفّر الحرية والديمقراطية المتعارف عليها في "العالم الحر"، وقد مارس الإرهاب واصطياد الطائرات المدنية في السابق. وكأن فرنسا لم تستقبل قبله عشرات الحكام المعروفين بدكتاتوريتهم المميّزة عن العالمين، ولم ترحّب بمن يخترقون حقوق الانسان ويدوسونها بأقدامهم ودبابات جنودهم.وبالمناسبة احتفلت فرنسا باستقبال الطالباني والمالكي والبرزاني وايهود اولمرت وشارون، وكان بنيامين نتنياهو – بالمناسبة أيضاً – آخر ضيوفها "الديمقراطيين" في الوقت الذي كان فيه القذافي بباريس، وقد "صادف" وجودهما في فندق واحد عندما عقد العقيد الليبي إحدى لقاءاته في فندق "ريتز" يوم الثلاثاء 11 دجنبر 2007، الساعة الثالثة والنصف تماماً، كما تقول بطاقة الدعوة الرسمية التي وزعتها السفارة الليبية وهي تحمل – للغرابة – شعار "إتحاد الجمهوريات العربية" الذي انقرض منذ عهود ولم نعد نسمع به أو عنه أي خبر!!.والحقيقة أن الهجمة على العقيد لم تقتصر على هذه الجوانب السياسية فقط رغم التركيز المبالغ فيه عليها، بل تعدّتها الى التركيز على خيمته كما أسلفنا، وتبادل النكات حولها وطمأنة زوّارها بأنها وإن كانت مبرّدة في الصحراء الليبية إلاّ أنها مزوّدة بأجهزة تدفئة في باريس. وباختصار يمكن القول أن بوادر "المعاملة الخاصة" له بدأت من لحظة نزوله إلى أرض المطار الى لحظة مغادرته.ففي البدء، كان من المقرّر أن يكون في استقبال الزعيم الليبي وزير الهجرة بريس هورتفو (المعروف بتشدّده العنصري تجاه الأجانب)، ففوجىء رجال الصحافة والاعلام بوجود وزيرة الداخلية ميشيل إليوت ماري بدلاً منه، كما فوجئوا بأن العقيد كان يستعجل الخطى بعد نزوله من الطائرة دون أن يراعي ضرورة السير الى جانب مستقبلته الرسمية، في حين كانت هي تحاول اللحاق به دون أن يُعطيها اهتماماً!هذا الانطباع الأول على أرض المطار انسحب على معظم تصرفات العقيد طوال الأيام الخمسة التي قضاها في باريس، وكانت النتيجة أن أحداً من المسؤولين الفرنسيين لم يقم بوداعه في المطار عند مغادرته مثلما جرى لدى استقباله، ثم إعراب الفرنسيين عن تنفسهم الصعداء بعد سفره، وفي مقدمتهم رئيسهم نيكولا سركوزي الذي ناله من سهام النقد ما لا يُعدّ ولا يُحصى، كما أُحرجَ أكثر من مرّة، وبالأخصّ عندما أنكرت السلطات الفرنسية وجود صفقة مع ليبيا للإفراج عن الممرضات البلغاريات، كما أنكر ذلك المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية جان ديفيد ليفيت، في شهادة له أمام لجنة التحقيق البرلمانية في ملابسات قضية الممرضات، واستبعد أن تكون زيارة القذافي لفرنسا قد جاءت في هذا السياق، ثم تبيّن العكس بعد ذلك، عندما أكّد الممثل السابق للاتحاد الأوروبي في ليبيا مارك بيريني أن المباحثات الثنائية حول الممرضات انصبّت على فتح حوار فرنسي – ليبي حول الزيارة.بناءً عليه، فرضت زيارة العقيد القذافي نفسها، مع كل ما رافقها من مسرحيات واستعراضات وتهجّم معادٍ ولاذع ضد شخصه وبلده، وفرضت علينا ضرورة التوقف ملياً أمامها كي ندرس هذه "الظاهرة" ونقف على أي صورة أعطاها هذا الزعيم العربي بتصرفاته ولماذا استُقبل وهوجم في وقت واحد وبإيقاع مرتّب سلفاً، وكيف نجح اللوبي الصهيوني في فرنسا بمحاصرته وتضييق الأنفاس عليه، ولماذا هوجم أكثر من المعتاد في الحالات المشابهة من قبل بعض المسؤولين في الدولة ومعظم أعضاء مجلس النواب، وسائر رجال الصحافة والاعلام، الى درجة أن المدعوّين للالتقاء به في أكثر من مناسبة كانوا بالمئات، وقد حشد الليبيون كل جهودهم وسخّروا أموالهم
لاستقبالهم بحضور "القائد"، إلاّ أن عدد الحاضرين لم يتجاوز أل 70 و80 شخصاً في أحسن الأحوال!حصل ذلك في لقاء عقده القذافي مع المثقفين في فندق "ريتز"، وفي محاولة القائه كلمة بالمجلس الوطني (البرلمان) دون أن يمكّنوه من ذلك نظراً لتهرب النوّاب، كما حصل في لقاء عقده بمنظمة "اليونسكو" وتحدّث فيه بانفعال، بعد أن اكتشف حقيقة وأبعاد الهجمة المسلّطة ضدّه ومن يقف وراءها، فكال هجوماً قاسياً وغير مسبوق على فرنسا، واتهمها بعدم احترام حقوق الانسان بدل مراعاتها، وحرّض الأفارقة على رفض أسلوب التعامل الفرنسي معهم وإلاّ فإنه على استعداد لمساعدتهم في العودة الى بلدانهم وتأمين العمل الكريم لهم.لقد اكتشف العقيد بعد مرور يومين على بدء زيارته أن الديمقراطية الفرنسية كذبة كبرى وتوزيع أدوار بين أهل الحكم والمستفيدين السياسيين – على حدّ قول مصدر ليبي داخل الوفد القادم معه – وأيقن أن اسلوب التعامل معهم بلطف وتهذيب لا يُجدي في مواجهة الأجواء المعادية بشكل كامل. كما اكتشف ان كل الإعداد الذي قام به موظفو "الجماهيرية" من تنظيم لجان واستئجار اقلام وشخصيات وأبواق اعلامية لم يعط الحدّ الأدنى من النتيجة التي كانت مأمولة بل انقلب وبالاً على الزيارة وأجوائها بفعل الجهود المكثفة التي بذلها اللوبي الصهيوني وسائر القوى والأحزاب والشخصيات المؤيدة له من اجل "خربطة" الزيارة وافشالها، لهذا ارتأى في نهاية المطاف/أي في النصف الثاني من وقت الزيارة /أن أفضل وسائل الدفاع عن نفسه وجماهيريته هو الهجوم، وهذا ما حصل بالفعل، وما شهدته قاعة اليونسكو تحديداً.فقبل لقاء اليونسكو وجّه الليبيون مئات الدعوات لحضور لقاء "ثقافي" آخر مع العقيد في فندق ريتز، ومع أنهم حدّدوا الساعة الثالثة والنصف موعداً له وحضر عدد محدود من المدعوين قبل الموعد، إلاّ أن القذافي لم يحضر إلاّ بعد ساعة كاملة، أي في الرابعة والنصف، وكان يبدو عليه الإرهاق، ولفت أنظار المحاضرين بمشيته البطيئة وبلباسه الخاص وطريقة تصفيف شعره، ثم جمود حركة وجهه. وبدا للجميع وكأنه قد تناول حبوباً مهدّئة – وهذا هو الحال الذي كان عليه في لقاء اليونسكو أيضاً -!يُذكر هنا أن صداماً كاد يحصل قبل قدومه بدقائق على مدخل الفندق بين حرسه الخاص وحرس بنيامين نتنياهو الذي كان نزيل ال "ريتز"، غير أن تدخل الأمن الفرنسي حال دون ذلك. فبدأت الهمسات بين الحاضرين حول "صدفة" وجود الرجلين في مكان واحد ووقت واحد، وهل أن أحدهما لا يعلم بذلك أم أنهما يعلمان، أم أن الأجهزة الفرنسية رتّبت هذه "الصدفة" ضمن اتفاق فتح الحوار مع العقيد والجماهيرية الليبية؟المهم أن العقيد تكلم أمام الحضور الذين لم يزد عددهم عن السبعين شخصاً حوالي الساعة ثم التفت فجأة الى ساعته بما يُوحي أن الوقت انتهى نظراً لوجود ارتباطات أخرى، مع أن مثل هذا اللقاء كان يتوقع استمراره لعدة ساعات، لكن معظمه انقضى في قيامه بالرد على سؤال واحد معدّ سلفاً، طرحه رئيس الأكاديمية الليبية الذي كان حاضراً بصفته أحد "المثقفين"، وقد كان حول "توازن القوى في العالم"، فكان ردّ العقيد أن لا وجود للتوازن في عالم اليوم ولهذا ستبقى المشاكل والصدامات، لكن "الامبراطوريات" ستزول حتماً، فكما أُطيح بالامبراطورية العثمانية والسوفياتية، وأُطيح بنابليون، فإن أي امبراطورية أخرى ستنتهي لا محالة.أما في اللقاء الذي تم في اليونسكو مع أبناء الجالية الافريقية والعربية الذين تم احضارهم من انحاء فرنسا ومع ذلك كان محدود الحضور أيضاً، فقد تحدّث خلاله العقيد بقسوة عن فرنسا قائلاً: كيف يتكلمون عن حقوق الانسان والمهاجرين بينما حقوق هؤلاء ضائعة، ودخل في تفاصيل الأمثلة وكشف الزيف الديمقراطي، قاصداً بذلك الدخول في صلب السياسة الداخلية الفرنسية، وانتقادها علناً، ثم تطرّق الى مشكلة السودان ودارفور، وأنحى باللائمة على فرنسا التي وضعت اصبعها في القضية وعملت على تدويلها وزيادة تعقيدها مع أنها كانت في سياق الحل القريب.وزاد الطين بلّة – كما يقولون – قيام وزير الخارجية الليبية بالتعليق على سلبية المواقف للبعض تجاه القائد قائلاً أن كوشنير (وزير الخارجية الفرنسي لا يُريد أن يرانا، وهكذا نحن أيضاً لا نريد ان نراه، وذهب في تعليقه الى القول ان الحرية في فرنسا تتمحور حول حرية الجنس والشذوذ، وليس حرية الانسان الحقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.