المغرب ومالاوي عازمان على تعزيز شراكتهما الثنائية في قطاعات رئيسية    قطاع صناعة السيارات.. شركة هولندية تختار طنجة للاستثمار    المنتخب الوطني المغربي يتراجع إلى المركز 12 عالميا ويحافظ على الصدراة قاريا وعربيا    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    استئنافية الحسيمة ترفع عقوبة سيدة متهمة باستدراج قاصرات لممارسة الدعارة    أمن طنجة يوقف شابًا متلبسًا بحيازة أقراص مهلوسة بمحطة القطار    دولة المؤسسات لا دولة الشارع والساحات.. دولة المبادرات لا دولة التباكي والتحريض على المنصات    قيوح: تحت قيادة جلالة الملك المغرب جعل من الربط والاندماج القاري خيارا استراتيجيا    شباب أمازيغ يعلّقون مشاركتهم في دينامية "جيل زد" احتجاجا على تصريحات مسيئة للهوية الأمازيغية    حاتم عمور يلتقي جمهوره في أمسية فنية بالدار البيضاء    المانوزي يعلن الترشح لخلافة لشكر وينتظر التراجع عن التمديد لولاية رابعة    "كاف" يحسم الجدل بتعيين الكونغولي أوليفييه سفاري كابيني رئيساً للجنة الحكام خلفاً لدوي نومانديز    احتجاجا على سياسات ترامب.. توقع خروج الملايين للتظاهر في عدة مدن أمريكية تلبية لدعوة حركة "لا ملوك"    الكاف: "تأهل المغرب إلى نهائي مونديال الشباب انتصار رمزي وتاريخي"    سالم الدوسري يُتوج بجائزة أفضل لاعب في آسيا لسنة 2025    توقيع اتفاقيات شراكة تستهدف هيكلة منظومة وطنية للهندسة الصناعية    الذهب يتجاوز 4300 دولار ويتجه لتحقيق أفضل مكاسب أسبوعية في 17 عاما    بورصة البيضاء تبدأ اليوم بصعود طفيف    الأمم المتحدة: 80 في المائة من فقراء العالم معرضون لمخاطر مناخية    المتصرفون التربويون: قرارات الوزارة "متناقضة ومتخبطة" والرؤية غائبة    اليوم في قمة افتتاح مونديال الفتيات.. المغرب يواجه البرازيل بالرباط    انفجار قنبلة أمام منزل أحد كبار الصحافيين الاستقصائيين في إيطاليا    مستشار ترامب: واشنطن تقترب من افتتاح قنصليتها في الصحراء المغربية... والملف يسير نحو نهايته    ألمانيا تجيز استخدام الشرطة للصواعق الكهربائية في جميع أنحاء البلاد    طنجة البالية: توقيف 3 قاصرين تورطوا في رشق الحجارة قرب مؤسسة تعليمية    كيوسك الجمعة | الداخلية تسرع ورش رقمنة خدمات الماء والكهرباء    وهبي والمنصوري يتفقان على إعادة تأهيل سوق "جنان الجامع" بتارودانت بعد الحريق    أستراليا تفرض أول حد أدنى لعمر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    وفاة والدة الفنانة لطيفة رأفت بعد معاناة مع المرض    الفلبين: زلزال بقوة 6,1 درجة يضرب جنوب البلاد    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته للنمو في آسيا رغم التوترات التجارية الصينية الأمريكية    شركات كبرى تحتكر سوق الدواجن بالمغرب والجمعية الوطنية لمربي الدجاج تحمّل الحكومة المسؤولية    إسرائيل ترجح إعادة فتح معبر رفح الأحد وحماس تؤكد "حرصها" على تسليم جثامين بقية الرهائن    أفاية يفصل في محددات المسؤولية وتحولات النقاش العمومي بالمغرب    الهلال يجدد عقد بونو حتى 2028    كرة القدم المغربية .. من شغف الملاعب إلى قوة ناعمة واقتصاد مزدهر    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    المندوبية السامية للتخطيط: تحسن سنوي في ثقة الأسر المغربية    قطاع التعليم بين حركية الإصلاحات وثبات الأزمة    جيل زد في المغرب: بين الكرامة وخطر الهجرة    جيل 2022 فتح الباب .. جيل 2025 يعبر بثقة من مونديال قطر إلى كأس العالم U20... المغرب يصنع مدرسة جديدة للأمل    المؤتمر الاستثنائي الاتحادي العام 1975 مؤتمر متوهج عبر امتداد الزمن    محمد سلطانة يتألق في إخراج مسرحية والو دي رخاوي    عاصمة البوغاز على موعد مع الدورة أل 25 من المهرجان الوطني للفيلم    أبناء الرماد    "الزمن المنفلت: محاولة القبض على الجمال في عالم متحوّل"    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    كنز منسي للأدب المغربي.. المريني تكشف ديوانا مجهولا للمؤرخ الناصري    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد شراك (الكاتب وأستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس) ل«التجديد»: الإعلام الثقافي في المغرب خافت وخجول
نشر في التجديد يوم 28 - 01 - 2013

دافع أحمد شراك كاتب وأستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله عن المثقفين والمشهد الثقافي بالمغرب بصفة عامة، وقال إنه يشكل منارة حقيقية ومركز جذب وقبلة من مختلف الأقطار العربية سواء في المشرق أو الخليج العربي، ولم يتفق المتحدث، مع الأطروحة التي تؤكد وجود ركود ثقافي ببلادنا، واعتبر أن هناك تخوفات فقط من تناقص دور الجامعة الريادي في الميدان العلمي، وربما سيرها إلى حافة الانهيار على مستوى القيمة المعرفية والأكاديمية، وأكد أن الشروط الموضوعية للثقافة شروط مجحفة إلى حد القول بأن الباحث والمثقف المغربي عصامي لا تتاح له شروط مادية ولوجيستيكية من أجل أن يبرز أو يحقق ذاته، إلا بفضل المجهودات الذاتية والفردية لثلة من المفكرين والمبدعين المغاربة في شتى الأجناس الأدبية وأصناف القول ومختلف العلوم والمعرفة.
وعن مفهوم «الأمن الثقافي»، قال شراك في حوار ل«التجديد»، إنه الجسر الذي يمكن أن يصل إليه السياسي، بمعنى أن يمر السياسي إلى تدبير الشأن العام عبر ما هو ثقافي، وهذا المرور يضيف المتحدث يحيط بالهوية (الهوية اللغوية والدينية والعقدية، ثم الهوية اللونية والعرقية والإثنية إن وجدت) وغيرها من الأسئلة الثقافية التي ينبغي النظر إليها ومناولتها ومعالجتها من أجل استتباب الأمن الثقافي في البلد. وأكد المتحدث، أن الثورات العربية رافقها تحولات ثقافية وظهور أسئلة جديدة فضلا عن تعبيرها عن نفسها بشكل بليغ.
● بداية، كيف تقيمون المشهد الثقافي المغربي بصفة عامة؟
●● يمكن أن أزعم أن المشهد الثقافي المغربي اليوم يشكل منارة حقيقية ومركز جذب وقبلة من مختلف الأقطار العربية سواء في المشرق أو الخليج العربي، وهذا المشهد يكاد يكون معمما على مختلف أصناف القول ومختلف المحتويات العلمية والمعرفية والنقدية، حيث يبرز المغاربة في ميدان الإبداع والنقد الأدبي والفكر الفلسفي والعلوم الإنسانية، بل أصبحوا يتطلعون إلى احتلال مراكز ريادية على مستوى الفنون السمعية والبصرية كالموسيقى والغناء والتشكيل وغير ذلك من الفنون.
وهكذا يمكن القول؛ إن هناك تراكما ثقافيا نوعيا يشهده المغرب الأقصى، وحتى لا أكون مجحفا باقي أقطار المغرب الكبير خاصة المشهد التونسي.
● يعني أنكم لا تتفقون مع الاتجاه الذي يقول أن هناك ركودا ثقافيا تعيشه بلادنا؟
●● ليس هناك ركود ثقافي على مستوى الذاتية الثقافية، وأقصد بالذاتية الثقافية الأدباء والمفكرين والمبدعين والباحثين، هناك خط تطوري في اتجاه المستقبل بالنسبة للمشهد الثقافي المغربي، ومن ثم لا يمكن القول إلى حد الساعة بوجود ملامح للركود؛ هناك تخوفات حقيقة من تناقص دور الجامعة الريادي في الميدان العلمي، وربما سيرها إلى حافة الانهيار على مستوى القيمة المعرفية والأكاديمية، رغم أن الجامعة المغربية لعبت دورا رئيسيا -فيما قلناه في السؤال السابق- من حيث ريادة المغاربة ومنارتهم على مستوى المشهد الثقافي العربي بصفة عامة، بل لعبت دورا أيضا في وصول هذا المشهد إلى خارج الحدود، بدليل عدد الجوائز التي يحصدها المغاربة في الإبداع والفكر والأدب والترجمة.
ومما لا شك فيه، أن الآخر كيفما كان نوعه لا يمكن أن يحتفي بالمغاربة لسواد عيونهم، كما أن الاحتفاء بهم يدل بكل عمق أن للمغاربة حضورا لافتا نرجو أن يتطور ويتبلور في أفق المطالبة بشروط موضوعية، خاصة، و أن الشروط الموضوعية للثقافة شروط مجحفة، إلى حد القول بأن الباحث والمثقف والمفكر المغربي عصامي لا تتاح له شروط مادية ولوجيستيكية من أجل أن يبرز أو يحقق ذاته، إلا بفضل المجهودات الذاتية والفردية لثلة من المفكرين والمبدعين المغاربة في شتى الأجناس الأدبية وأصناف القول ومختلف العلوم والمعرفة.
● كشفت تقارير دولية عديدة عزوف المغاربة عن القراءة، كيف تفسرون ذلك؟
●● هذا وجه من أوجه المفارقة في هذا المشهد الثقافي المغربي؛ فبقدر الحضور القوي على مستوى الذاتية الثقافية فإن الشروط الموضوعية مجحفة بما فيها عدم إقبال المتلقي على القراءة، ولعل المجتمع المدني بدأ يتحرك في اتجاه تقوية مشهد القراءة في بلادنا، من خلال دعواته الكثيفة للنهوض بالقراءة كفعل سلوكي وحضاري يومي، علما أن المغاربة مؤهلون لممارسة هذا الفعل.
وجدير بالذكر، أنه رغم العزوف عن القراءة فهناك حضور للقارئ المغربي إذا تعلق الأمر بالسلسلات والدوريات الثقافية القادمة من الخليج والشرق؛ على سبيل المثال، فقد أكدت لي مديرة تحرير سلسلة عالم المعرفة أن السوق القوية لبيع هذه السلسلة هي السوق المغربية، وهذا إنما يدل على أن هناك قارئا نوعيا في المغرب يترصد ويتتبع إيقاع المشهد العربي، كما أن المغاربة يقبلون على اقتناء الكتاب الغربي خاصة الفرنسي، وإلى حد ما الكتاب الإسباني والكتاب الإنجليزي الذي تكون له جودة عالية في الإنتاجية.
إن وجه المفارقة إذن، هو أن الإنتاجية تسير في خط تصاعدي بينما المقروئية في خط تنازلي، وهذا وجه آخر من أوجه تحدي المثقف المغربي، حيث نطمح جميعا إلى ما سميته في مناسبات سابقة اقتصاد الثقافة، أي أن تصبح الثقافة قطاعا منتجا قائم الذات، ويبدأ ذلك بدعم الكتاب الثقافي حتى يستقيم على مستوى التسويق والتوصيل والاقتناء، ومطالبة الدولة بتعميق القراءة العمومية عبر فتح المجال لمختلف الوزارات والقطاعات لاقتناء الكتاب المغربي وتواجده في مكتبات عمومية.
والملاحظ، أن الدولة تحدثت عن استراتيجيات في الميدان السياحي والفلاحي إلى غير ذلك، دون أن تتحدث عن استراتيجيات حقيقية في الميدان الثقافي، ونتمنى من الدولة بمختلف مكوناتها وعلى رأسها الحكومة الحالية أن تعطي للشطر الثقافي ما يستحقه من عناية واهتمام وتقدير.
● وزير الثقافة سبق أن أبدى امتعاضه من الميزانية التي خصصت لوزارته في قانون المالية الجديد، كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟
●● النظر بسيط؛ نرى أن القطاع ترصد له أضعف الميزانيات، ونلحظ عدم وجود تحفيز للإعلام الثقافي. من المؤكد، أن الثقافة شيء ثانوي في مخيلة السياسي وآخر شيء ينظر إليه نظرة تقدير وإعجاب، وهذا أمر بديهي لأن السياسي عبر التاريخ الطويل يخاف من المثقف وينظر إليه بعين الريبة والشك، كما كان يقول بونابرت «عندما يلتقي المثقف يتحسس مسدسه» لأنه يملك الكلمة والتأثير وفعل التحويل السياسي، الذي عادة ما يكون المثقف مشاكسا وناقدا لإيقاع الفعل السياسي.
إن الدعوة إلى الزيادة في ميزانية وزارة الثقافة شأن كل الفاعلين السياسيين والحكومة، ولابد من الإرادة السياسية حتى يعطى للشأن الثقافي ذلك الموقع الذي ينبغي أن يعطى له كما هو الشأن في الدول الغربية التي سبقتنا في هذا الباب.
● تحدثتم في مناسبات عديدة عن مفهوم «الأمن الثقافي»، ماذا تقصدون بالتحديد؟
●● الأمن الثقافي هو الجسر الذي يمكن أن يصل إليه السياسي، بمعنى أن يمر السياسي إلى تدبير الشأن العام عبر ما هو ثقافي، وهذا المرور يحيط بالهوية (الهوية اللغوية والدينية والعقدية، ثم الهوية اللونية والعرقية والإثنية إن وجدت) وغيرها من الأسئلة الثقافية التي ينبغي النظر إليها ومناولتها ومعالجتها من أجل استتباب الأمن الثقافي في البلد.
هناك كثير من الحروب الأهلية والتوترات السياسية والاجتماعية يكون أساسها ثقافي، لذلك يجب أن يدبر الأمن الثقافي بالطريقة المثلى كأن يحسن تدبير التعدد اللغوي والتعدد العقدي، والإحاطة بكثير من الأسئلة المرتبطة بالهوية الجنسية في ظل المناوشات والمطالبات في هذا الشأن.
في اعتقادي، أن الأمن الثقافي هو ذلك الغطاء الذي ينبغي إعطاؤه أهمية كبرى لأن من شأن معالجته بصورة علمية وعميقة أن يبعد عن المغرب الكثير من القلاقل، ويجنبه تضييع الوقت في سجال كهذا بين مختلف الفرقاء المشكلين للمواطنة، باعتبارها متعددة وليست أحادية. ولعل الدستور الجديد قد أنصف اللغة الأمازيغية واعتبرها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، وفي هذا حسن تدبير للأمن الثقافي في الوطن، كذلك مازال مطروحا على المغرب تدبير كثير من الأسئلة بكثير من الحنكة والتنوع والإيمان بصفة الاختلاف واحترام الآخر تفاديا لكل الاحتجاجات المغلوطة، حتى يقضي أكثر الوقت في الجواب عن أسئلة التنمية والتقدم.
● في زمن «الربيع العربي» الذي نعيشه، هناك إفراز لثورات عربية أدت إلى تحولات سياسية عميقة، هل رافق هذا التحول تحول ثقافي؟
●● السؤال فيه كثير من «الأشكلة» لا زلت بصدد البحث فيه؛ إلى أي حد رافق الثورات العربية أسئلة ثقافية جديدة؟ أعتقد أن هناك ظهورا لخطاب ثقافي جديد؛ هو الخطاب التواصلي الرقمي، أيضا هناك تطور على مستوى التواصل الثقافي بين الناس من خلال ابتداع أشكال تواصلية جديدة على مستوى اللغة والصورة والأيقونات والرموز إلى غير ذلك، كذلك من بين الأسئلة الثقافية الجديدة الانتفاض على الخوف الثقافي وعلى كل ما من شأنه أن يجعل الإنسان راكدا، لهذا فإن هذه الثورات حاولت أن تعبر عن نفسها بشكل ثقافي بليغ في شعارات الثورات العربية التي تميزت بلغة عربية سليمة مشبوبة بالسجع وعمق البلاغة، انطلاقا من إحياء الشعر العربي كالشاعر التونسي أبي القاسم الشابي، وبروز تعبيرات شذرية جديدة على رأسها تعبير «ارحل» و»ارحلوا» و»الشعب يريد».
كذلك يلاحظ انتعاش للسؤال المذهبي، وإقرار بالوجود لمختلف التيارات والتوجهات والنزوعات بعيدا عن كل إقصاء أو تهميش لأن المشترك هو محاربة الاستبداد.
من جهة ثانية، لاشك أن هذه التوترات ما زالت في مخاضها الثقافي لأنها تعيد كما نلاحظ أسئلة الماضي من قبيل؛ هل يمكن الحديث عن دولة مدنية أو دولة دينية؟ ثم إلى أي حد يستطيع السؤال الإيديو- ديني أن يجيب عن مختلف الأسئلة التي يترقبها وينتظرها المواطن العربي اليوم؟
نحن إذن في مخاض تغير ثقافة وظهور أخرى جديدة، وأمام ملامح ظهور أسئلة قديمة وقادمة. لعلها مرحلة من مراحل إفرازات الثورات العربية سواء في مصر أو تونس أو اليمن، وحتى في المسار المغربي الذي اختار طريق الإصلاح بدل طريق الثورة، الذي أفرز الأغلبية لتيار إيديو-ديني نتمنى أن يجيب عن مختلف مشاكل وقضايا المواطن المغربي بعيدا عن كل دوغمائية إيديولوجية آو تعصب فكري، وأعتقد أنه لحد الساعة يبتعد هذا التيار عن كل ذلك ويحاول أن يجتهد ما أمكن للإجابة عن قضايا المواطن الملحة في حدود الممكن زمنيا.
●● إلى أي حد يبقى تدبير اللغة أساسي في حماية الأمن الثقافي؟
●● إن اللغة لسان الإنسان ومنبع الهوية والثقافة، ومن تم فالأمن الثقافي هو الذي يراعي التعدد اللغوي ويعمقه، لأن في التنوع خصوبة للهوية وتفاديا لكثير من المشاكل المغلوطة، نحن مدعوون إلى تعميق اللغة العربية وصيانتها، والمطالبة بأكاديمية خاصة تهدف إلى تعميق دوالها ومدلولاتها فضلا عن تعميق تواصلها والرفع من قيمتها العلمية واللسانية. وفي نفس الوقت مطالبون بنفس القدر بتحقيق حضور اللغة الأمازيغية وتنزيل كل القوانين المرتبطة بدسترتها بأسرع وقت، من أجل أن تسود هذه اللغة في مختلف المرافق الإدارية إلى جوار اللغة العربية، دون أن ننسى صيانة الدارجة واللغة المكتسبة لما لها من أدوار في المجتمع، وكذلك الأمر للغة الحسانية، مع الانفتاح على مختلف اللغات الأجنبية.
إن الأمن اللغوي هو الابتعاد ما أمكن عن الدوغمائية اللغوية باعتبار أن ليس هناك لغة أقوى من أخرى . يجب أن ننظر إلى كل اللغات المكونة للهوية بنفس النظرة والقيمة، والعمل على إعطاء كل لغة حقها إلى جانب التواصل والتداول في الثقافة العالمة كما في مجال الثقافة الشعبية ومختلف الثقافات التي تؤثث مشهدنا الاجتماعي.
● هل هناك علاقة بين الثقافة والثورة؟ ثم ما هو دور المثقف في تغذية شعور الإنسان المطالب بالحرية؟
●● لقد أفرزت الثورات مثقفا جديدا هو المثقف الرقمي سواء كخبير أو كمدون، استطاع أن يعبئ ويجند ويحشد الجماهير وينقلها من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي الميداني، لكن هذا المثقف الرقمي الجديد لا يخرج عن إطار المثقف النقدي الذي يرفض الأوضاع القائمة في بلده وعلى رأسها الاستبداد بكل عناوينه، والذي لم يلغ باقي المثقفين كالمثقف الكلاسيكي والمحافظ والإيديو-ديني، حيث انصهر الجميع في بوتقة جديدة من أجل رفض الاستبداد ومحاربته في الوطن العربي.
لقد نجح المثقف في كسب هذا الرهان عكس ما ذهبت إليه بعض التحليلات الكلاسيكية من كون المثقف ظل بعيدا عن الثورات، فما حصل هو ظهور مثقف جديد استطاع أن يغير الناس ويجذبهم إليه أكثر من المثقف الكلاسيكي، هذا الأخير التحق فيما بعد بصفوف الثورة التي استعملت كل الأوجه الثقافية كما بدا في ميدان التحرير بمصر، حيث امتزج المسرح مع الفكاهة والسخرية والأغاني والأناشيد الوطنية وفنون التشكيل والرسم من أجل التغيير، خاصة أن المثقف العربي كان دائما يتطلع إلى التغيير، وهذه الثورات مهدت لها كل فنون القول والأبحاث والدراسات التي سبقت هذه الثورات وهيأت النفوس والعقول من أجل تقبل التغيير الذي كان تغييرا للأنظمة، ونتمنى أن يحدث تغيير في البنيات الثقافية على مستوى الذهنيات والعقليات في أفق الحداثة والعقلانية والتقدم.
● أنتم كباحث في سوسيولوجيا الإعلام، كيف تقيمون الإعلام الثقافي المغربي؟
●● أغلب الفاعلين في الإعلام الثقافي هم من المثقفين والكتاب والمبدعين، أستطيع أن أزعم غياب شعبة تدرس الإعلام الثقافي من الناحية الأكاديمية، وهذا يدل أن الدولة كما قلت سابقا لا تعطي للشأن الثقافي قيمته المنشودة والمستحقة، لذلك ليس مفاجئا كون الإعلام الثقافي في بلادنا خافتا وخجولا، فكثير من القنوات المغربية لا يحضر فيها البرنامج الثقافي إلا في حصة من 10 دقائق أو 25 دقيقة كأقصى تقدير دون أن يتكرر ويتنوع، من تم نلاحظ فقرا إعلاميا على مستوى التعريف بالنسيج والإنتاج الثقافي المغربي، وعلى مستوى البرامج التي تحتفي بالقراء وبرامج المسابقات التي تحفز القراء على اقتناء الكتاب ومطالعته، فكلما اتسعت رقعة القراء إلا وخرج الكاتب من حالة التسكع، ذلك أن كل كاتب متسكع يبحث عن ملجأ، وملجؤه ما هو إلا القراء، وكلما كثر قراء الكاتب ،كلما كان ذلك احتفاء به.
خلاصة الأمر، أن الإعلام الثقافي يبقى خجولا ومعدودا على رؤوس الأصابع في القنوات والإذاعات، مع تواجد مقدر في الصحف المكتوبة من خلال الملحقات الثقافية، وهذا هو العزاء الوحيد للكاتب المغربي.
● هل يمكن إرجاع الحضور الضعيف للإعلام الثقافي في المغرب إلى الحضور القوي للإعلام السياسي والاجتماعي؟
●● لا أعتقد ذلك، لأن الإعلام الثقافي له مساره واستراتيجياته تختلف عن الإعلام الاجتماعي والسياسي، فكل إعلام له مشاهدوه وعشاقه، صحيح أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مثلا تراهن على البرامج التي من ورائها كسب وحضور واسع للمشاهدين بناء على قياسات شركة «ماروك متري»، لكن الحال أن الثقافة ينبغي أن تخرج عن هذا القياس، لأننا في مرحلة دعم الثقافة والبحث عن اقتصاد مستقبلي لها، لهذا لا ينبغي أن نخضع البرامج الثقافية إلى نسبة المشاهدين، فمشاهدي البرامج الثقافية ليسوا كميين بل نوعيين، و إذا اعتمدنا على قياسات «ماروك متري» لنسب المشاهدة فلا شك أن تهميش البرنامج الثقافي سيكون مبررا، لذلك ينبغي ألا نخضع لهذه القياسات وأن نكثف حضور البرامج الثقافية في إطار دعم الثقافة لأن فيها دعما للحضارة المغربية.
● كسؤال أخير، ما هي آخر إصداراتكم وأبحاثكم؟
●● هناك كتاب قيد الطبع بعنوان «الثورات التأسيساتية»، وهو كتاب يحتوي على خمسة أقسام يصل عدد صفحاته إلى 500 صفحة، وبالتزامن مع ذلك أستعد لنشر كتاب حول الأمن الثقافي والثورات، وكتاب آخر حول الرواية العربية، حيث حاولت أن أقرأ بعض الروايات على ضوء التطور الذي تشهده المجتمعات العربية حاليا بعد الثورات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.