الإسباني ألكاراس يتوج ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة لكرة المضرب            هزة ارضية شعر بها سكان الحسيمة والدريوش    جرحى بإطلاق نار في القدس الشرقية    سانشيز يعلن 9 إجراءات لوقف "الإبادة"        تيزنيت : وقفة احتجاجية غاضبة من تردي أوضاع المستشفى الإقليمي و المراكز الصحية بالإقليم ( فيديو )    طقس اليوم الإثنين بالمغرب    القنوات الناقلة لمباراة المغرب وزامبيا اليوم في تصفيات كأس العالم    زلزال الحوز .. دينامية متواصلة لإعادة الإعمار في جميع الأقاليم المتضررة    تأجيل إبحار «أسطول الصمود» من تونس لكسر حصار غزة إلى الأربعاء    الإصابات تربك حسابات الركراكي    كرة القدم .. المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يتعادل مع نظيره الأمريكي (0-0)    زلزال الحوز .. دينامية متواصلة لإعادة الإعمار في جميع الأقاليم المتضررة    بعثة منتخب الجزائر تصل إلى البيضاء    "منظمة حقوقية تشيد بأجواء جنازة أحمد الزفزافي وتلتمس العفو عن معتقلي "حراك الريف    فيدرالية اليسار بالفقيه بن صالح تتضامن مع أحد أعضاءها وتدين الاستدعاءات المتكررة        برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى الرئيس البرتغالي على إثر الحادث المأساوي لخروج القطار المائل السياحي عن مساره    هيئات مهنية ونقابية تصعد ضد مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    الزفزافي‮:‬ ‬سجين ‬من ‬على ‬سطح‮..‬ ‬الحرية‮!‬    جديد الشاعرة المغربية سعاد الرايس: «لوحات الإبحار» اهتمامات إنسانية وعشق للكتابة بقلق وجودي    أعمال أدبية وفنية مغربية تستفيد من منح الصندوق العربي للثقافة والفنون    أنا وأنا وما بينهما .. رسائل بين عبدالله المتقي ومحمد بوحوش    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    البيئة ليست قضية اختيارية أو محلية بل هي قضية وجود الإنسان والحياة    الفانوس " يضيء ليالي مهرجان المسرح التجريبي والضنحاني يوقع النسخة العربية والإنجليزية للمسرحية    روسيا تعلن جاهزية أول لقاح ضد السرطان    مسؤول أممي يحرج الأنظمة العربية: دعمها للاجئين الفلسطينيين يتراجع 90% ودعوة عاجلة للتحرك    مايكروسوفت تحذّر من بطء محتمل لخدمة الأنترنيت جراء انقطاع كابلات بحرية في البحر الأحمر    فيلم مريم التوزاني يمثل المغرب بأوسكار 2026    إطلاق خط بحري جديد بين المغرب وأوروبا الغربية بإشراف دي بي وورلد    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى الرئيس البرازيلي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب ثالث أكبر منتج للأفوكادو في إفريقيا بإيرادات صادرات بلغت 179 مليون دولار    غزو القضاء يتواصل بإطلاق 24 قمرا اصطناعيا جديدا    "غروب".. مسرحية تفتش في وجع الإنسان وتضيء انكساراته بلوحات شعرية    رصد فلكي غير مسبوق لمذنب يقترب من المجموعة الشمسية    الأمم المتحدة: هلال يختتم بنجاح المفاوضات بشأن الإعلان السياسي للقمة الاجتماعية الثانية المرتقبة في الدوحة    سلا.. تفكيك شبكة لترويج المخدرات وحجز أكثر من 1200 قرص مهلوس وكوكايين    زيادة ملحوظة في حركة المسافرين عبر مطار الحسيمة الشريف الإدريسي        السطو المسلح يقود ستة أشخاص للإعتقال بالدار البيضاء    المغرب يستقبل شحنات جديدة من الأعلاف الروسية    تواصل أشغال الربط السككي بميناء الناظور غرب المتوسط ب111 مليون درهم    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    هزائم تدفع رئيس وزراء اليابان للتنحي    الجمارك تحجز باخرتين بالأبقار البرازيلية وتطالب بملياري سنتيم ضريبة    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    أسعار المحروقات تتراجع دوليا وتباع بضعف قيمتها محليا    فيليز سارسفيلد يحرز لقب كأس السوبر الأرجنتيني بفوزه على سنترال كوردوبا    المهرجان السينمائي الدولي للبندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    نقد مقال الريسوني    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملحاحية بعث أدوات الإنتاج الحضاري الخمس -4
نشر في التجديد يوم 07 - 02 - 2013

إن أي نهوض تاريخي لأية أمة، يستوجب توفير خمس أدوات للإنتاج الحضاري هي: الوطن والأمة والحكومة واللسان والرسالة ( المشروع الثقافي للنهضة). وغيابها أو تفككها في الزمان، يعني تفكك الحضارة وسقوط الأمة والعكس صحيح.
فنظرة في تاريخ مصر وبلاد الرافضين والهند والصين وفي العصرين المقدوني والروماني وفي عصر الخلافة الإسلامية الزاهر، تؤكد تلازماً بين ميلاد الحضارة وميلاد أدوات الإنتاج الحضاري الخمس الكبرى. وإليك مثاليْن عن هذا التلازم: مثال عن تكوُّر الحضارة وانحطاطها في العصر الوسيط المسيحي، ومثال عن تطور الحضارة وارتقائها في العصر الوسيط الإسلامي.
كانت أوروبا قبل العصر الوسيط قائدة للحضارة في العالم القديم. منذ عهد إسكندر المقدوني في أثينا إلى عهد القيصر الروماني في روما. لكنها ستدخل عصر الانحطاط الحضاري مع بداية العصر الوسيط في القرن الخامس للميلاد. قرن غزوات فرسان القبائل البربرية لأوروبا. وقرن اكتمال انتشار الديانة المسيحية في ربوع القارة الأوربية، وأدى تحالف الرهبان والفرسان إلى ميلاد ما يعرف بالنظام الإقطاعي في القارة. فكانت حصيلته العملية تقطيع الوطن الواحد إلى عشرات الإقطاعات المنفصل بعضها عن بعض، وتقسيم الشعب الواحد إلى عشرات المجوعات السكانية المنفصل بعضها عن بعض، تخضع كل واحدة لسلطة النبيل أو السيد الإقطاعي سواء كان من الفرسان أو الرهبان. وحصيلتها سقوط السلطة الحكومية للإمبراطورية الرومانية، ولم يعد اللسان اللاتيني لسان الحضارة بعد هذا السقوط. لقد تفككت أدوات الإنتاج الحضاري القديمة. تفكك الوطن والأمة والدولة واللسان، ولم يكن للمسيحية رسالة للنهضة. فهي عقيدة بدون شريعة. فكانت الحصيلة تكوّر حضاري في أوروبا دام لبداية العصر الحديث، عصر الحداثة الغربية.
في العصر نفسه، كان الإسلام في الشرق يبني تجربة تاريخية تسير في الاتجاه المعاكس لتجربة المسيحية في الغرب، قبل ظهور الإسلام، عكس أوروبا، كانت الجزيرة العربية باستثناء نواة اللسان العربي، بلا وطن موحد، بل أقاليم مشتتة، ولا أمة، بل قبائل متناحرة، ولا دولة أو حكومة مركزية، بل كانت احتلالا فارسيا ورومانيا وحبشيا، ولا رسالة لنهضة الجزيرة.
في أقل من ربع قرن من زمان النبوة تشكلت بالتمام النواة الصلبة لأدوات الإنتاج الحضاري الإسلامية. ففي العصر المكي وُلِدت أداتان للإنتاج هما ،اللسان العربي لسان العبادة والحضارة والإسلام باعتباره رسالة النهضة. وفي العصر المدني وُلِدت باقي أدوات الإنتاج الحضاري دفعة واحدة وهي الوطن والأمة والدولة أو السلطة الحكومية. هذه النواة ستتعمق وتتوسع في عصر ما بعد النبوة. فأصبح الوطن هو دار الإسلام العابر للأقاليم من حدود الصين إلى حدود الأندلس، وأصبحت الأمة عابرة للأقوام والشعوب من حدود الصين إلى حدود الأندلس، تتنقل فيه رؤوس الأموال والرجال والأفكار بلا تأشيرة مرور. واكتمل بنيان الدولة الإسلامية ذات الوحدة الدستورية. فرغم تعدد الكيانات السياسية لأكثر من خلافة واحدة، ومن مملكة وإمارة وإمبراطورية وسلطنة في العالم الإسلامي، فكل الحكام كانوا ملتزمين في إدارة شؤون الناس بمرجعية دستورية مكتوبة وهي الشريعة الإسلامية، باستثناء الكيانات الشيعية الفاطمية والصفوية ذات المرجعية المنحرفة. وأصبح اللسان العربي لسان الإنتاج الحضاري بلا منازع، إضافة إلى كونه لسان العبادة بلا منازع. فكانت لنا -نحن المسلمين- القيادة الحضارية لثمانية قرون من الزمان بلا منازع.
لكننا مع الأسف والألم الشديديْن أعدنا اليوم كأمة إنتاج العصر الوسيط المسيحي فينا.عصرالتكوّر والانحطاط الحضاري.بسبب تفكك أدوات إنتاجنا الحضاري العملاقة. تفكك لسببين:جُوَّاني عنوانه الفساد والاستبداد الذي مارسه حكامنا الطغاة منذ قرون. وبَرَّاني، عدوان الغزاة المدمر من الغرب، فكانت النتيجة منذ أكثر من قرن من الزمان تفكك الوطن الإسلامي إلى أكثر من 56 إقليم، مغلقة الحدود فيما بينها، وزرع الكيان الصهيوني كجسم غريب في البوابة الشرقية للوطن العربي.غايته الحيلولة دون وحدة الجناحين. وتحولت الأمة إلى أشتات من الشعوب والأقوام والقبائل المتناحرة، وسقطت الدولة الإسلامية بسقوط الخلافة والشريعة دستور الأمة، ولم يعد اللسان العربي في وطننا العربي لسان الحضارة والإنتاج الحضاري، ولم يتبق لنا سوى الرسالة أي الإسلام. والغزاة مثابرون اليوم على إسقاط الرسالة وتفكيك المفكك، كما نشهد في السودان والعراق وغيره من مشاريع التقسيم في دار الإسلام القديمة. وكانت الحصيلة سقوط حضاري مدوي للمسلمين في العصر الحديث.
ونهضتنا اليوم تفرض بالضرورة إعادة بناء أدوات الإنتاج الحضاري الإسلامي من جديد. أدوات إنتاج تستجيب بالضرورة لعصر ما بعد الحداثة المبني عالمياً على التديُّن والتكتل والديمقراطية. لا بد من رفع شعار ((السلطة للأمة والسيادة للشريعة)). فالسيادة للشريعة تعني بعث الوحدة الدستورية للأمة رغم تعدد الكيانات السياسية في العالم الإسلامي والعربي اليوم، أي إعادة الاعتبار عملياً لمبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع، وهو أمر التزمت به تاريخياً، قبل إسقاط الشريعة في عصرنا هذا، الحكومات الإسلامية قديماً رغم تعدد كياناتها واستبداد بعض حكامها.والسلطة للأمة تعني الوعي قولاً واحداً وفعلاً واحداً بأن شعوبنا هي مصدر كل السلطات. سواء في تنصيب الحكام أو اختيار مشاريع النهضة والتنمية في أوطاننا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.