أطلق وزير العدل عبد اللطيف وهبي خطوة تشريعية جديدة لتعزيز ورش إصلاح منظومة العدالة، من خلال تقديم مشروع القانون رقم 52.23 المتعلق بتنظيم مهنة التراجمة المحلفين، وذلك في سياق سعي الوزارة إلى تأهيل المهن القانونية والقضائية باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق النجاعة القضائية. أكد الوزير وهبي أهمية مهنة الترجمان المحلف باعتبارها من المهن المساعدة للقضاء، والتي تضمن شروط المحاكمة العادلة من خلال تمكين المتقاضين غير الملمين بلغة المحكمة من التعبير عن حقوقهم عبر ترجمة دقيقة لتصريحاتهم ووثائقهم أمام الجهات القضائية. ذكر الوزير بأن المشرع المغربي أولى اهتماما مبكرا لهذه المهنة، حيث نص الظهير الشريف لسنة 1913 على صفة الترجمان المحلف، وتوالت النصوص المنظمة لاحقا إلى غاية صدور القانون رقم 50.00 سنة 2001 الذي ميز بين مهنة الترجمة والخبرة. وشدد على أن التطورات الواقعية والمهنية أظهرت الحاجة إلى مراجعة هذا القانون لمعالجة نواقصه وتعزيز مكامن القوة فيه. كما نهج وهبي مقاربة تشاركية في إعداد المشروع، من خلال فتح مشاورات مع الجمعية المهنية للتراجمة المقبولين لدى المحاكم، واستطلاع آراء المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، مما أسفر عن إعداد نص قانوني شامل يعيد تنظيم المهنة وفق متطلبات العصر وتطلعات المهنيين. اقترح ضمن المشروع تغيير التسمية الرسمية للمهنة من "الترجمان المقبول لدى المحاكم" إلى "الترجمان المحلف"، انسجاما مع مقتضيات قانون التنظيم القضائي وتاريخ المهنة واستجابة لمطالب الجسم المهني. وسع وهبي شروط الولوج إلى المهنة، بفتح المجال أمام حاملي شهادات الماستر والدراسات العليا في الترجمة، إلى جانب الحاصلين على دبلومات الترجمة التحريرية أو الفورية. وربط مباشرة المهام بأداء اليمين القانونية داخل أجل أقصاه ستة أشهر، مع اعتبار التعيين لاغيا في حال عدم الامتثال دون مبرر مقبول. كما اشترط فتح مكتب في دائرة المحكمة وإبرام عقد تأمين على المسؤولية المدنية، وألزم المترجمين فوق سن السبعين بتقديم شهادة طبية سنوية لإثبات القدرة على الاستمرار في العمل. وفي سياق متصل أحدث وهبي إطارا تكوينيا جديدا، من خلال التنصيص على مؤسسة للتكوين يتلقى فيها المترشحون تدريبا أساسيا لمدة ثلاثة أشهر، وتكوينا عمليا لمدة تسعة أشهر لدى تراجمة محلفين، يختتم بامتحان نهائي. كما فرض التكوين المستمر كالتزام مهني، واعتبر التغيب عنه بدون مبرر مخالفة تأديبية. كرس الوزير وهبي في مشروعه مقتضيات لحماية المهنة، بمنح التراجمة المحلفين نفس الحماية القانونية الممنوحة للموظفين العموميين، واعتماد بطاقة مهنية رسمية وتنظيم كيفية تفتيش مكاتبهم أو إفراغها عند الاقتضاء. كما منع الإشهار والدعاية التي تخل بالمنافسة المهنية النزيهة. أرسى وهبي أساسا تنظيميا جديدا للمهنة، من خلال إنشاء هيئة وطنية للتراجمة المحلفين تتمتع بالشخصية الاعتبارية، لتحل محل الجمعية الحالية. وتم تحديد هيكل هذه الهيئة وضبط آليات انتخاب أجهزتها وصلاحياتها، وضمان تمويلها عبر واجبات الانخراط والاشتراك بما يعزز استقلالها ودورها التأطيري.