''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    أخنوش تلاقى وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي وبحثوا التعاون الثنائي والإرتقاء بالشراكة الإستراتيجية بين الرباط وباريس    رئاسة مؤتمر حزب الاستقلال تقترب من قيوح .. واللجنة التنفيذية تشعل المنافسة    الدفاع المدني في غزة يكشف تفاصيل "مرعبة" عن المقابر الجماعية    الاتحاد الجزائري يرفض اللعب في المغرب في حالة ارتداء نهضة بركان لقميصه الأصلي    بطولة مدريد لكرة المضرب.. الاسباني نادال يبلغ الدور الثاني بفوزه على الأمريكي بلانش    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    مهنيو الإنتاج السمعي البصري يتهيؤون "بالكاد" لاستخدام الذكاء الاصطناعي    بعد فضائح فساد.. الحكومة الإسبانية تضع اتحاد الكرة "تحت الوصاية"    بشكل رسمي.. تشافي يواصل قيادة برشلونة    البطولة الوطنية (الدورة ال27)..الجيش الملكي من أجل توسيع الفارق في الصدارة ونقاط ثمينة في صراع البقاء    السلطات تمنح 2905 ترخيصا لزراعة القنب الهندي منذ مطلع هذا العام    بلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية    زنا المحارم... "طفلة" حامل بعد اغتصاب من طرف أبيها وخالها ضواحي الفنيدق    بايتاس ينفي الزيادة في أسعار قنينات الغاز حالياً    الأمثال العامية بتطوان... (582)        بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الخميس على وقع الأخضر    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    بعد خسارته ب 10 دون مقابل.. المنتخب الجزائري لكرة اليد يعلن انسحابه من البطولة العربية    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    الزيادة العامة بالأجور تستثني الأطباء والأساتذة ومصدر حكومي يكشف الأسباب    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



215 جمعية في ائتلاف وطني للدفاع عن «حق الجنين في الحياة»
نشر في التجديد يوم 10 - 04 - 2013

تقدم الائتلاف الوطني للدفاع عن «حق الجنين في الحياة»، بمذكرة مطلبية حول «تعزيز ضمانات حق الجنين في الحياة ومكافحة الإجهاض»، إلى لجنة أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة.
وتتأسس هذه المذكرة التي وقعتها 215 جمعية مدنية، على 5 مرتكزات أساسية، ثم مقترحات وإجراءات مسطرية، من شأنها حسب نص المذكرة حماية حق المغتصبة وتفعيل جانب التبليغ والإثبات، مع تعزيزها بمقترحات وقائية من الحمل الناتج عن جريمة الاغتصاب». وذلك اقتناعا منها «بضرورة تفعيل النصوص المتعلقة بجريمة الاغتصاب عبر وضع آلية لتفعيل التبليغ وتسريع تحريك الدعوى حماية لحقوق المغتصبة، وتطبيقا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب في حق الجاني أو الجناة».
مذكرة حول تعزيز ضمانات حق الجنين في الحياة ومكافحة الإجهاض
مواكبة منها للنقاش الحقوقي الرامي إلى تحقيق قيم العدالة والإنصاف وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان، وتفعيل أحكام الدستور وتقوية الترسانة القانونية لبلادنا بما يحمي قيمنا المجتمعية الراسخة ويعزز الحق في الحياة الذي أقرته الديانات السماوية وحمته التشريعات الوضعية الكونية والوطنية؛ يسعد الائتلاف الوطني للدفاع عن «حق الجنين في الحياة» أن يتقدم بمذكرته المطلبية المتعلقة بالمساهمة في الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة ببلادنا في موضوع تعزيز ضمانات حق الجنين في الحياة ومكافحة الإجهاض ، والتي تتأسس على المرتكزات التالية:
أولا: المنطلقات
ينطلق الائتلاف الوطني للدفاع عن «حق الجنين في الحياة» في تقديم هذه المذكرة وحصر موضوعها في مناهضة الإجهاض والدفاع عن حق الجنين في الحياة تحديدا، من تشخيصه لواقع الحال وما يشهده من انتهاك صارخ لهذا الحق، وما يعرفه من خرق سافر ومستمر لقدسية الحياة البشرية بغير وجه حق بفعل حالات ومظاهر الاعتداء على حق الأجنة في الحياة من خلال ممارسات الإجهاض الذي يقع تحت طائلة التجريم المشدد.
إن الحق في الحياة شكل ولا يزال يشكل قاسما مشتركا بين كل الشرائع السماوية، والفكر الحقوقي الإنساني عبر العصور ممثلا في القوانين والعهود والمواثيق الدولية التي أكدت على أولوية هذا الحق ودعت إلى ضرورة حمايته من كل اعتداء أو انتهاك.
وانطلاقا من ثوابت البلاد المنصوص عليها في دستور فاتح يوليوز 2011 وعلى رأسها الدين الإسلامي، واستلهاما لموروثنا الحضاري والتاريخي الذي احتفل بالحياة والحق فيها لكل كائن بشري، وتأكيدا من بلادنا على الالتزام بضمان احترام حقوق الإنسان وحماية الحقوق والحريات من خلال تضمين بنود الدستور منظومة حقوقية متكاملة ترقى بالحق في الحياة باعتباره أول الحقوق الواجب على الدولة حمايتها بالقانون.
وتأسيسا على مقتضيات الدستور وخصوصا المادة 20 منه، وكذا الخطاب الملكي السامي بتاريخ 20 غشت 2009 بشأن الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة والرامي إلى تحقيق الأهداف التالية :
تحديث المنظومة القانونية؛
تفعيل حقيقي للنصوص القانونية والمسطرية ؛
تأهيل الهياكل القضائية والإدارية لمواكبة التطور التقني والعلمي والطبي...
الرفع من النجاعة القانونية و الحد من الإفلات من العقاب ؛
تأهيل الموارد البشرية؛
تعزيز الوعي بالمنظومة الأخلاقية ؛
تعزيز الوعي بالخصوصية المغربية .
وأخذا بعين الاعتبار الخبرة العلمية الطبية التي تؤكد على انطلاق وجود الجنين بتلقيح البويضة وبداية نبضات قلب الجنين من اليوم الثاني والعشرين من الحمل وهو ما يسمى طبيا بمرحلة الخفقان المنتظم.
وإيمانا من الائتلاف بضرورة إيصال صرخة الجنين «من حقي أن أعيش» لأسماع وأفئدة الهيئات والمؤسسات الحامية لاحترام الحق في الحياة؛ وبهدف إبلاغ الائتلاف لرسالة «حق الجنين في الحياة» إلى مختلف مكونات الحركة الحقوقية قصد تحميلها أمانة طلب الدفاع والمؤازرة لحق الأجنة في الحياة، وهو الحق الذي ينطلق من ضرورة حماية أطوار الخلق مند بدايتها في الأرحام.
اعتبارا لكل ذلك فإننا نسجل في الائتلاف الوطني للدفاع عن «حق الجنين في الحياة» ببالغ الأسى والألم وعبر الرصد والتحري والمتابعة ما يقع في واقعنا من عبث بقيمة الحق في الحياة من خلال تعرض الأجنة لجريمة الإجهاض عن عمد وسبق إصرار وترصد، بل والأنكى من ذلك هو ما نتابعه من ارتفاع لأصوات تدعو جهارا نهارا إلى رفع الطابع الجرمي عن هذه الجريمة النكراء «جريمة الإجهاض»، بعضها بحسن نية لكن بجهل وعدم إلمام بالمعطيات العلمية والتداعيات النفسية والاجتماعية للإجهاض، وبعضها ضحية الأغلاط العلمية التي يتم ترويجها بدهاء من قبل البعض، وبعضها الآخر لأغراض غير بريئة تنادي برفع القيود الدينية والقانونية والأخلاقية عن «الإجهاض» بما يشكل دعوة صريحة لشرعنة فعل مجرم قانونا ومرفوض شرعا وفطرة .
ثانيا: الحق في الحياة في المنظومة الحقوقية الشرعية
يعتبر «الحق في الحياة» «أب الحقوق» والحق الأول الذي تتأسس عليه منظومة حقوق الإنسان كاملة وذلك لارتباطه بحفظ النفس البشرية إذ لا يستقيم التمتع بباقي الحقوق إلا بحماية هذا الحق الأساسي، لهذا اتفقت جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية على التأكيد على حماية هذا الحق. بل وارتقت به إلى واجب حيث تقع حمايته على عاتق الأفراد والمجتمع والدولة والإنسانية على حد سواء. ذلك أن إزهاق روح واحدة بغير وجه حق يعتبره الإسلام بمثابة جريمة ضد الإنسانية كلها، وإنقاذها من الهلاك يعتبر إحياء للناس جميعا قال تعالى :» من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» المائدة 32.
ومن منطلق احترام هذا الحق في الحياة فإن المذهب المالكي الذي تتبناه بلادنا قد حرم الإجهاض بشكل قطعي إلا إذا شكل خطرا محدقا بحياة الام. وتقدير هذه الضرورة القصوى يرتبط أساسا بالخبرة الطبية التي يعود لها وحدها القول الفصل في ذلك وفق ما هو مقرر عن أعلام المذهب وعلمائه.
وعليه، فإن خصوصيتنا الدينية والحضارية وكذا ثوابتنا الدستورية تستدعي الانسجام والتماهي مع النسق الحقوقي الشرعي الذي يحيط المركز الحقوقي للإنسان بضمانات وحماية خاصة وذلك منذ التقاء الحيوان المنوي بالبويضة ويبين هذا الأمر ما يلي :
تمتع الجنين بأهلية وجوب تكتمل بخروجه للوجود، وكل مساس بحياة الجنين يعد حراما من الناحية الشرعية؛
استقلال وجود الجنين عن إرادة أبويه، اذ لا يملك أحدهما أو كلاهما حرية اتخاذ القرار في إنهاء وجوده.
ثالثا: «الحق في الحياة في المنظومة الحقوقية الدولية»
أكدت مجموعة من المواثيق والإعلانات الدولية على أولوية الدفاع عن الحق في الحياة « نذكر منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 دجنبر 1948 حيث أورد هذا الحق في مادته الثالثة، و أوصى في ديباجته على ضرورة تمتيع الحقوق المتضمنة في هذا الإعلان بحماية النظام القانوني لتفعيل تطبيقها على أرض الواقع.
كما أكدت إعلانات أخرى على وجوب توفير الحماية الخاصة الضرورية واللازمة للإنسان في جميع مراحل وجوده الإنساني حيث أكدت صراحة على ضرورة تأمين الحماية القانونية المناسبة لمرحلة «ما قبل الولادة» حيث نصت ديباجة إعلان حقوق الطفل الصادر في 20 نونبر 1959 على ما يلي: «ولما كان الطفل يحتاج بسبب عدم نضجه الجسمي والعقلي إلى حماية خاصة وخصوصا إلى حماية قانونية مناسبة سواء قبل مولده أو بعده .»
وانطلاقا من ذلك يتأكد أن حماية حقوق الإنسان تنطلق من حمايته جنينا، ثم طفلا، فراشدا.
وعليه فإن حقوق البقاء والحماية والنماء الذي تكفله اتفاقية حقوق الطفل يمتد بالضرورة ليشمل الجنين في بطن أمه. وهو ما يقتضي ضرورة إعمال المبدأ الحقوقي العالمي القاضي بأن تكون مصلحة الطفل العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين المرتبطة به أو التي يكون موضوعا لها أو طرفا فيها.
فكيف يستساغ بعد هذا أن نتحدث عن حقوق أطفال إذا سلمنا بإمكانية إجهاض وجودهم الإنساني مع ما يتضمن هذا الطرح من نكوص حقوقي واضح إضافة إلى كونه تمييزا صارخا ضد الذين لم يولدوا بعد .
وأي حديث ذا مصداقية لحقوق الطفل في عالم يريد أن يهدر الحق الأول لهذا الطفل ولمطلق الإنسان وهو حقه في الوجود والخروج إلى الحياة.
رابعا: أولوية الحق في الحياة
في الدستور المغربي
شكل صدور الدستور المغربي الجديد نقلة نوعية في مجال التعاطي مع حقوق الإنسان، ذلك أنه يحمل في طياته منظومة حقوقية متكاملة تحمي الفرد والمجتمع وتتكامل فيها الحريات والحقوق الفردية بالحريات والحقوق الجماعية، وهي منظومة تعتبر بحق ركيزة أساسية للنظام القانوني المغربي تستقي من أحكامه القوانين وتستمد من مواده القواعد القانونية وتنضبط لقيمه المؤسسة والهيئات الدستورية لأن دستوريتها تنبع من عدم مخالفتها لأحكامه ومقتضياته.
وعليه، فإن منطلقنا في تبني الدفاع عن الحق في الحياة هو الدستور نفسه الذي ينص في الفصل 20 على مايلي: «الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان ويحمي القانون هذا الحق».
فإعطاء الدستور الأولوية لهذا الحق مسألة واضحة وصريحة، وحماية هذا الحق التزام دستوري مؤكد يرتب على الدولة أن تتخذ التشريعات والإجراءات لمنع الاعتداء عليه أيا كانت صور هذا الاعتداء ومهما كانت مبررات ذلك.
وحماية الحق في الحياة ينطلق من تأمين الولوج إلى هذا الحق عبر حماية الإنسان في أطوار خلقه وتشكله لأن رفع الحماية عنه في هذه المرحلة حرمان له من الحق في الحياة أصلا. وهو نفس الالتزام الذي انطلقت منه أغلب النظم القانونية المقارنة في تبنيها لتشريعات تتضمن منع الإجهاض وترتب جزاءات مشددة على مخالفة ذلك .
ورغم توفر بلادنا على نصوص قانونية مهمة في هذا المجال يتضمنها القانون الجنائي المغربي ويفرد لها الفرع الأول من الباب الثامن، ويعتبرها حسب تصنيفها القانوني وحسب مآلاتها جنايات وجنح ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة (الفصول 449 إلى 459 من القانوني الجنائي)، فإن عدم تفعيل هذه النصوص على أرض الواقع لم يحد من جريمة الإجهاض ولم يضع مرتكبيها تحت طائلة الامتثال للمقتضيات القانونية.
لهذا، فإننا ندعو الجهات المختصة للقيام بمسؤوليتها كاملة إلى إصلاح هذه النصوص بما يعزز من ضمانات حماية الحق في الحياة ويضمن ولادة طبيعية للأجنة وكذا الحرص على تفعيل النصوص الموجودة بما يكرس مبدأ عدم الإفلات من العقاب، خصوصا وأن معدلات الإجهاض في ارتفاع متزايد، وأن الجريمة لا تكون إلا بفعل فاعل واستمرار التعاطي مع الظواهر الاجتماعية بالتساهل وغض الطرف لا يساهم في حلها وإنما يزيد من تفاقمها وتعقيدها.
خامسا: مقاربتنا لجرائم الاغتصاب
بالنظر إلى الربط غير المنطقي الذي يجعل من مطلب «تقنين الإجهاض» حلا للمشاكل المترتبة عن الاغتصاب وزنا المحارم في حالة حدوث حمل، فإننا في الائتلاف الوطني للدفاع عن «حق الجنين في الحياة» وبعد دراسة وتحليل واطلاع على تجارب دولية في المجال خلصنا إلى أن مقاربة جرائم الاغتصاب ينبغي أن تقوم على فك الارتباط بين موضوعين مختلفين وجريمتين مستقلتين غالبا ما توظف الأولى وهي الاغتصاب أو زنى المحارم لتبرير وشرعنة الثانية وهي الإجهاض، لاسيما وأن بعض الحالات قد تكون اقترافا للزنا وارتكابا لجريمة الفساد أو الخيانة الزوجية ويتم تكييفها عند نقص أو انعدام الأدلة على أنها اغتصاب أو غير ذلك.
إن الاغتصاب كما هو معلوم جريمة يعاقب عليها القانون ويتشدد في التعاطي معها بحسب الوقائع أو سن المجني عليه في حالة كونه قاصرا أو صفة الفاعل أو تعدد الجناة حيث تصل العقوبة السجنية المقررة في حدها الأقصى إلى ثلاثين سنة . (الفصول 486 إلى 488 من القانون الجنائي). لكن رغم وجود هذه المقتضيات القانونية المجرمة لهذا الفعل الشنيع، فإنها تبقى في غالب الأحيان حبرا على ورق نظرا لعدم تفعيلها على أرض الواقع وذلك نظرا لأسباب واعتبارات نذكر منها:
التستر وعدم الإبلاغ عن هذه الجرائم خشية الفضيحة أو لاعتبارات اجتماعية خاصة؛
التخوف من صعوبة الإثبات لوقائع الاغتصاب؛
صغر سن المجني عليه أو رضوخه للتهديد والتخويف من طرف الجاني أو الجناة؛
ضعف الوعي الحقوقي وغياب الثقافة القانونية؛
غياب التواصل الأسري وضعف الثقافة الجنسية.
لهذا نجد أنه في كثير من الأحيان يكون اللجوء إلى الإجهاض بهدف محو أثار الحمل الناتج عنه.
سادسا: مطالب و مقترحات
تأسيسا على المرتكزات الأساسية التي تم عرضها في ما سبق، واقتناعا منا بضرورة تفعيل النصوص المتعلقة بجريمة الاغتصاب عبر وضع آلية لتفعيل التبليغ وتسريع تحريك الدعوى حماية لحقوق المغتصبة، وتطبيقا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب في حق الجاني أو الجناة،
فإننا نتقدم بمقترحات وإجراءات مسطرية تحمي حق المغتصبة وتفعل جانب التبليغ والإثبات، مع تعزيزها بمقترحات وقائية من الحمل الناتج عن جريمة الاغتصاب، نعرضها كالتالي:
على المستوى القانوني و الحقوقي:
1. الوفاء للقيم المؤسسة للدستور المغربي باعتباره ضامنا لتقرير وحماية حقوق الإنسان ؛
2. تعزيز الحماية القانونية والقضائية لحق الجنين في الحياة ؛
3. وضع آليات إجرائية لمكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب في مجال الجرائم المتعلقة بالنظام الأسري ؛
4. تأهيل منظومة العدالة وتحديثها لمواجهة الظواهر الاجتماعية من قبيل: (الاغتصاب، زنا المحارم؛ الفساد والخيانة الزوجية و...، ودراسة أسبابها ومقاربة حلولها في إطار شمولي )؛
5. وضع آليات إجرائية و مسطرية ضمانا لحماية المغتصبة وعدم إفلات الجاني من العقاب دون المساس بالحق العام ومبدأ الردع وعدم الإفلات من العقاب؛
6. تفعيل جانب التبليغ ضمانا لتحريك الدعوى في جريمة الاغتصاب؛
7. استثمار التطور الطبي للحد من آثار الاغتصاب والتدخل القبلي لإيقاف عملية التلقيح لضمان عدم حدوث حمل في حالة الاغتصاب وزنا المحارم (أقراص منع الحمل لإيقاف عملية التلقيح أساسا...).
فبالنظر لما يثيره موضوع الاغتصاب من صعوبات إجرائية ومسطرية تجعل الإثبات شبه مستحيل خصوصا باختفاء معالم الجريمة مع مرور الوقت،
واعتبارا للوقت الطويل الذي تستغرقه المغتصبة من أجل إثبات واقعة الاغتصاب، ونظرا لصعوبة الإثبات أحيانا ولإمكانية اختفاء أهم الأدلة على الاغتصاب من طرف الشخص المعني؛
ونظرا لما يعتري هذه المرحلة من مشاكل تؤدي إلى إتلاف هذه الأدلة التي هي من جهة أولى حساسة ومن جهة ثانية حاسمة.
فإننا نتقدم بمقترح عملي يرتكز على إعمال الخبرة الطبية والاستفادة من التقدم العلمي في مجال الإثبات انطلاقا من الحيثيات التالية:
7-1 تعديل وتتميم المسطرة الجنائية وتفعيلها من خلال ما يتطلبه الإثبات من استعجال، وتطويرها من أجل ملائمتها للتطور العلمي في مجال الخبرة الجينية والحمض النووي...
7-2 ضرورة إخضاع المغتصبة للكشف المستعجل عن طريق الطب الشرعي وتطوير هذا المجال وإمداده بالأجهزة والمعدات الحديثة والمتطورة في الكشف بسرعة، مع إلزامية هذا الكشف ووجوبه تحت طائلة التعرض للمساءلة القانونية ؛
7-3 احترام الآجال المحدودة لاستجماع الأدلة الدامغة؛
7-4 ضرورة الدعوة إلى اللجوء إلى شرطة مختصة تتكون من عناصر نسائية مؤهلة ومتخصصة أو الضابطة القضائية (فرع نسائي) خلال الساعات الأولى لوقوع الاغتصاب من أجل الابلاغ؛
7-5 ضرورة إخضاع الجهة المختصة في تلقي البلاغات بالاغتصاب إلى التكوين الموازي لتطوير الإجراءات والأساليب والتقنيات والاستعانة والاقتباس من القانون المقارن والفرنسي خاصة في هذا المجال؛
7-6 إلزامية أخذ المغتصبة لثلاث أقراص منع الحمل فور الإبلاغ وفي الساعات 12 الأولى من الاغتصاب لتجنب وقوع إخصاب ومنع حدوث الحمل وذلك تحت طائلة المساءلة القانونية
7-7 إلزام الجهة الموكول لها التحقيق بالإشراف على تناول المغتصبة لهذه الأقراص تحت طائلة المسؤولية الشخصية مع تضمين محضر الشرطة بكون المغتصبة قد تناولت هذه الأقراص بحضور الجهة المعنية؛ (مع العلم أن هذه الأقراص كوسيلة للحد تماما من حدوث الحمل بنسبة 100 % عند 12 ساعة الأولى من وقوع الجريمة . وبنسبة 95% عند 24 ساعة الأولى من وقوع الجريمة ثم بنسبة 85 % عند 72 ساعة الأولى من وقوع الجريمة ...).
على المستوى الوقائي والاجتماعي:
نهج مقاربة تشاركية، والرفع من مستوى جاهزية المجتمع وتقوية مستوى التكافل والتضامن المجتمعي لمواجهة الظواهر الاجتماعية السلبية في أفق القضاء عليها من خلال سياسة إعلامية وتربوية وثقافية مندمجة؛
تأمين تربية جنسية هادفة تنطلق من منظومة القيم المؤطرة للسلوك الجنسي المسؤول في إطار علاقة زواج شرعية منضبطة.
دعم منظومة القيم النبيلة من عفة وحياء تفعيلا لمبدأ الوقاية خير من العلاج.
إطلاق دراسات علمية وطنية حول الظواهر الاجتماعية المقلقة من أجل مقاربة الأسباب الحقيقية وضمان النجاعة في السياسات المرتبطة بمحاصرتها.
وختاما
فإن الائتلاف الوطني للدفاع عن «حق الجنين في الحياة»، إذ يتوجه إلى الهيئة العليا للحوار الوطني بهذه المطالب، الرامية إلى إعمال مقتضيات التبليغ والكشف والتحري للقضاء على الإجهاض السري والعلني وزجر مرتكبيه، وتقوية ضمانات عدم إفلاتهم وتقوية ضوابط المسؤولية المهنية والإدارية والشخصية لكل من يتسبب أو تصدر عنه أوامر تنتج عنها جريمة إجهاض، أو عدم تبليغ عن الاغتصاب أو تستر عنه وكذا مواجهة ظاهرة الاغتصاب والزنا والفساد والخيانة الزوجية وحماية الضحايا ومعاقبة الجناة تطبيقا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
فإنه يراهن على كفاءة اللجنة ونزاهتها في تحملها المسؤولية التاريخية من أجل تمكين بلادنا من إرساء عدالة منصفة وضامنة للحقوق ومنسجمة مع ثوابتنا الراسخة، وذلك من خلال مراجعة متأنية وحكيمة للنصوص القانونية التي تحتاج إلى تعديل وكذا بإرساء آليات ناجعة لضمان تفعيل المقتضيات القانونية ككل وبخاصة المتعلقة بجرائم العرض نظرا لارتباطها الوثيق بنظام الأسرة والأخلاق العامة، ولعلاقتها المباشرة بشيوع ظاهرة الإجهاض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.