سبق أن نشرنا في ملفات "التجديد" حول الدعارة بالمغرب والعالم مقاطع معبرة من كتاب الأستاذة فاطمة الزهراء ازرويل المعنون "الجسد المستباح"، وننقل اليوم مقتطفات وشهادات أخرى: "ن": "هناك وسطاء كثيرون يقتاتون من القوادة، ولكنني عموما أفضل الاستغناء عنهم والاشتغال لحسابي...إنني أغادر مقري كل ليلة في وقت جد متأخريكون الناس خالدين للنوم فيه، أما أنا فأجازف بنفسي وأخرج وحيدة، وأمنح حارس السيارات في الدرب 20 درهما على الأقل، ليأتيني بسيارة أجرة تنقلني إلى المكان الذي أقصده، وأعاني من أخطار كثيرة، ومنها إمكانية إلقاء القبض علي من طرف الشرطة، أو إمكانية اعتداء أحدهم علي أو تشويه وجهي بسكين...إذا كنت أحتمل كل ذلك، فهل يصعب علي إيجاد زبون؟ ولماذا سأحتاج إلى وسيط؟ اسمعي ما سأقوله لك! في ذلك العالم. كل منا تجد من يرغب فيها، هناك فتيات صغيرات ذوات جمال فاتن، وهناك أخريات متوسطات الجمال، ولكنهن ينلن إعجاب الزبائن المتعلمين والأثرياء، لأنهن لطيفات المعشر ويعرفن التحدث إليهم ويسايرن مستواهم...سأحكي لك قصة وقعت لي مع أحد الوسطاء..ذات ليلة كنت مع صديقة لي في أحد الملاهي، جاء هذا الوسيط وكان شابا شاذا إذا رأيته تخيل إليك أنه امرأة ، ومعه أجنبيان يتحدثان الإنجليزية، نادى على صديقي وأخبرها بأنهما يرغبان فينا، وبالقدر الذي ستحصل عليه كل واحدة منا، وهو قدر نعرف بأنه هزيل بالنسبة لزبونين أجنبيين. عادت إلي صديقتي وأخبرتني بالأمر واتفقنا معا على أن تطلب ما نريد منهما...انتقلنا إلى الجلوس معهم إنني أعرف بضع كلمات من الفرنسية أستعملها أحيانا حينما أضطر إلي ذلك، وقد وجدت بأن أحدهما يعرف هذه اللغة، فطلبت منه أجرا مضاعفا على ذلك الذي أخبرني به الوسيط فقبل، وناولني إياه مسبقا. قمت إلى المرحاض وتركت القدر عند المرأة التي تنظف المكان لأنني كنت أثق فيها، وأحيانا كنت أدع لديها معظم ما أحصل عليه مخافة أن يسرقني أحدهم حين عودتي إلى البيت ليلا..المهم! عدت إلى مكاني وقد تركت في حقيبة يدي 200 درهم فحسب من القدر الذي حصلت عليه من الزبون مسبقا. استشاط الوسيط غيظا وسألني عن الأجر الذي حصلت عليه فكذبت وأريته ورقة 200 درهم، قال لي بأن عليك أن تعطيني إياها، فأنا الذي أتيتك بالزبون، قلت بأنني متأكدة من أنك أخذت حقك منه، احتد معي وهددني واضطررت تحت تهديده أن أمنحه 100 درهم، ومن يومها أقسمت على أن لا أتعامل مع أي منهم ومهما كانت الظروف، لأنه سيبيعني كما يشاء". تقول "ن": "أعرف امرأة تسكن في حي راق، لو رأيتها لما صدقت بأنها تمارس القوادة، تبدو محترمة جدا، وتتنقل في سيارة فخمة وتسكن بيتا رائعا، إنها متزوجة من رجل يعمل سائقا في إحدى الشركات، ولها منه أطفال. الدار نظيفة جدا ومؤثثة بشكل راق، الحمام يلمع وبه كل المستلزمات وكأنك في أحد الفنادق الفخمة...إنها تملك رقمي وتتصل بي من حين لآخر، وكلما اتصلت بي أذهب دون تردد. لماذا؟ لأنني لا أخاف من مداهمة البوليس لمسكنها. هناك دور كثيرة للدعارة، ولكنك لا تكونين أبدا في أمان، وحتى إذا لم يداهمك البوليس فيها فإنك تجدين سيارة الأمن تنتظر خروجك منها في منتصف الليل. أما بالنسبة للمرأة التي أحدثك عنها فالأمر مخالف، دارها فعلا مؤمنة، والبوليس لا يقربها لماذا؟ لأن من يأتون إليها من الكبار، ولأنها تعمل ذلك في السر. تستقبل زبونا واحدا أو إثنين، تعرف الكثير من الأجانب، منهم العرب ومنهم الأوروبيون، ما إن يصل أحدهم حتى يتصل بها ويطلب منها ما يريد. لها طباخة ممتازة وهناك شاب يسهر على خدمة الضيوف، وهي توفر كل شيء يرغبون في أكله أو شربه...ذات يوم قلت لها بأنني أخاف من مفاجأة البوليس، طمأنتني بأنها تعرف كثيرين منهم، ثم إنها لا تستقبل زبائن كثيرين. وإذا ما حصل وأتى رجال الأمن، ماذا بوسعهم أن يفعلوا لها؟ إنها متزوجة وزوجها معها..حينها ستبعث بالبنت الموجودة إلى غرفة نوم أطفالها، وستدعي بأن الزبون صديق للزوج...هذا كل ما في الأمر! بعدها أحسست بالاطمئنان". تتحدث "ن" بأسف عن هذه الفترة "...إن المرأة التي أحدثك عنها كانت تمارس البغاء مع عرب النفط، كانوا يعطون الكثير، ومعظم اللواتي كن في تلك المرحلة "دارو علاش يرجعو"، لقد اشترين الدور والفيلات والسيارات الفخمة والذهب..أما اليوم فالأمر مخالف.. المال الذي تحصلين عليه لا يكفيك! صدقيني! إنني دائما أحمل هم الكراء والكهرباء والماء والتيلفون. أما تلك المرأة، فقد عرفت كيف تؤمن مستقبلها، وهي الآن تحصل على مداخيل مرتفعة جدا...الزبائن يؤدون كل شيء من أكل وشرب وإقامة..أما أنت فعليك أن تطلبي أجرا، وهي لا تأخذ منك شيئا على الإطلاق". تقول "ن": "إنك دائما في حاجة إلى الحماية، تخافين مما يمكن أن يصادفك وأنت خارجة أو عائدة ليلا، تخافين مثلا من أن يعتدي عليك أولاد الدرب الذين تجدينهم عند عودتك في وقت متأخر يدخنون الحشيش أو يشربون الخمر، ولذلك فأنت محتاجة إلى من يحميك منهم. كيف ذلك؟ الأمر بسيط...يكون هناك شاب من الدرب. معروف بشراسته ويخافه الجميع، وغالبا ما يكون من المتعاطين للمخدرات أو من بائعيها...تعطينه كل يوم 02 أو 03 أو 05 درهما، وحين تعودين لا يجسر أحد على الاقتراب منك...هل هناك كثيرون من هذا النوع؟..لو رأيت بعينك لما صدقت، وخاصة الآن حيث العديد من الشباب عاطلون لا يجدون عملا ومستعدون للقيام بأي شيء في سبيل الحصول على المال. أعرف الآن شبابا أكملوا دراستهم، وعادة ما يكون أحدهم جارا لإحدى النساء اللائي يخرجن، تطلب منه أن يحميها فيرافقها إلى الأماكن التي تذهب إليها، قد يجلس بعيدا منها وتبعث إليه هي ما يحتاجه من شرب أو سجائر على حساب الزبون، وقد ينتظر خروجها في باب الفندق أو الملهى أو أي مكان آخر ترتاده لكي يرافقها في العودة.. هل يتدخل في علاقتها بالزبون؟ لا! إطلاقا! التساوم مع الزبون أمر يخصها هي وحدها، وعموما ما تعطيه للشاب لا يمكن أن يتجاوز 100 درهم لليوم". تقول "ر" (36 سنة): "عندما بدأت أخرج لم أكن أدري شيئا، اقترحت علي صديقة لي بأن أخرج معها ذات ليلة، وأخبرتني بأنها ستذهب بي إلى المكان وعلي أن أتدبر أمري، ما إن وصلنا إلى الشارع المعني حتى ابتعدت عني وتركتني وحيدة...وأنا واقفة أتاني أحدهم، منظره مخيف لأن آثار ضربات السكين بادية على وجهه، أخبرني بأنه مستعد لحمايتي من كل ما يمكن أن يصيبني بما في ذلك البوليس، واشترط علي أن أمنحه النصف مما أحصل عليه مسبقا من الزبون، وأنه مستعد للتفاوض معه، وأنه سيكون بمثابة أخي ويحافظ علي.....ماذا فعلت؟ وهل كان لي الخيار؟ ألا تعرفين الليل ومخاطره؟ هل أنت قادرة على الخروج ليلا بدون حماية؟ الرجال الذين تصادفينهم يكونون كالوحوش.. والشرطة؟ نعم! أخاف أن يلقى علي القبض، ولكن ذلك لم يحصل لحد الآن لأن "أ" يحميني، وحين يوى سيارة الشرطة تقترب مني يسرع إليهم ويتفاهم معهم لأنهم يعرفونه...علاقتي به؟ إنني أخاف منه ولكنني لا أستطيع الخروج بدونه، إنني أعرفه منذ ثلاث سنوات...هل مارست معه الجنس؟ أحيانا يخبرني بأنه سيأتي عندي في الغد، فأفهم بأن علي أن لا أخرج وأنتظره في البيت ونمضي الليلة معا".