ركز طارق البشري في مداخلة بندوة " تجديد مدركاتنا الجماعية في الخطاب الفكري المعاصر" بكلية الآداب بالرباط يوم الخميس 24 مارس 2016 على كيفية الاختلاف دون أن نفترق من خلال أساليب ثلاثة في نظره، أولا أسلوب الحوار، وثانيا الجدل، وثالثا أسلوب الصراع. وفضل البشري أسلوب الحوار، لكونه يفيد تبادل الآراء بين ذوي الأفكار والمصالح المتنوعة على أساس أن يتفهم كل واحد الآخر، واتجاهه الفكري، والمصالح، وإدراك المشتركات الثقافية والمصلحية بين المتحاورين، ومعرفة الخلاف، وكيفية تعديل المواقف واستيعاب مجالاته ووضع حلول للصالح المشترك، مؤكدا على أن لا يلغي أحد الآخر. ويرى المستشار طارق البشري في أسلوب الجدل محاولة الانتصار على الآخر في قضية معينة، وفيه خصومة وتقليل من وضع الآخر، وفيه نجادل بالتي هي أحسن وبغير التي هي أحسن، أما أسلوب الصراع في نظره هو محاولة كل واحد السيطرة على الآخر وإقصائه، ويصعب معه التعايش المشترك بحسبه. وأضاف خلال مداخلته، في المؤتمر السنوي الخامس للعلوم الإنسانية والاجتماعية للباحثين الشباب الذي ينظمه مركز الدراسات والأبحاث بمؤسسة خالد الحسن، أن الصراع قد يصل إلى الحروب، ومنها الحروب الفكرية، حيث تضرب الحلقات الوسيطة بين الفكر والفكر. ويرجع سبب الصراع الفكري والثقافي والسياسي في نظره إلى عدم إدراك المدركات الجماعية. وبين أن الوصول إليها يتم عن طريق منهج الاستقراء، واعتبره الوسيلة العلمية إلى معرفة الواقع واستخلاص المدركات الجماعية من واقع الحياة ،والاتجاهات الفكرية الموجودة جميعها ،والاتجاهات السياسية، من خلال استخلاص كل هذا ووضعه جنبا إلى جنب، ومعرفة ما هو صواب وما هو أصيل تابت وما هو طارىء مؤقت والقيام بدراسة مستقبلية ونتصور ونتوقع وننظر إلى علاقة الأمور ببعضها حتى نقدر أن نصدر حكما معينا بحسبه. وأكد الفقيه الدستوري أن المجتمع " يتكون من وحدة انتماء جماعية يتوزع فيها أناسه وفق تصنيفات عديدة ، وحدات تتنوع حسب معايير التصنيف الذي يجمع ما يتصفون به من معايير ثقافية ، أو لغوية أوالمهنة أو اللهجة أو الحرفة أو العرق وغيرها ، وأكد أن وحدات التصنيف المذكورة تعتبر جامعة وليست مانعة . وقال عن تصنيف هذه الجماعات "هناك جماعة طبقية موقفها من أساليب الإنتاج الاجتماعي والعمال والفلاحين وما يتفرع عن هذه الفئات، وهناك جماعة ثقافية تتعلق بالموقف الفكري والاعتقاد الديني أو المذهبي أو الطائفة أو الطريقة الصوفية وغيرها، وهناك جماعة إقليمية تتعلق بالوجود الجغرافي وتتعلق بقطر أو حي أو مدينة، وهناك جماعة عرقية تتعلق بالنسب والانتماء لأسرة أو عشيرة أو قبيلة، وهناك جماعة سياسية تتعلق بالخضوع لدولة معينة مواطنة بها أو أجنبية عنها ". وأضاف خلال الندوة التي تنظمها مؤسسة خالد الحسن بتعاون مع كلية الآداب بالرباط وبشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا يوم 24 -25-مارس 2016بكلية الآداب بالرباط ، أن الحديث عن الفرد يستوجب الحديث عن الجماعات التي ينتمي إليها هذا الفرد ، والتي تتشكل من معايير متعددة ولا ينتمي إلى جماعة واحدة بل إلى مجموعات من جماعات لا تحصى، ولا تعد. وخلص المفكر المصري وأحد أعمدة القضاء بمصر من خلال تصنيفه لهذه الجماعات التي ينتمي إليها الفرد إلى القول "الحديث عن المدركات الجماعية ينبغي أن يراعي كل هذه التكوينات الجماعية وقال "ونحن عندما نتكلم عن المدركات الجماعية نتكلم عن علاقات بين جماعات يتداخل أفرادها بعضهم ببعض ويتمايزون بموجب ما يتعلق به كل منهم ، من وصف ينتمي لجماعة أخرى في شتى التصنيفات". واعتبر البشري أن الجماعة السياسية هي واحدة من هذه الانتماءات، ويرى أنه انتماء في نظره يتعين أن يكون قادرا على حمل الوظائف المطلوبة منه ، والجماعة السياسية بحسبه تنشأ بها الدولة التي تدير عموم الجماعات المتداخلة الأخرى والمندرجة في نطاقها وهي تدير الشؤون الحياتية لهذه الجماعات وتتولى الدفاع عنها وعن مخاطر محتملة ،وحفظ التوازنات الداخلية وحفظ الأمن. ويرى أن قوة التماسك التي تجمع هذه الجماعات بعضها ببعض في تقديره تتعلق أولا بوجود الدولة، ونقطة التماسك الثانية داخل مجتمعاتنا بحسبه هي وجود الجماعات الكثيرة المتداخلة مع بعضها البعض ،رغم الاختلاف بينها تتفق في الممكن". يشار إلى أن المؤتمر الوطني الخامس للعلوم الإنسانية والاجتماعية للباحثين وطلبة الدراسات العليا ينظم بتعاون بين كلية الآداب بالرباط وكلية الحقوق بسلا، وبمشاركة كليات الحقوق بمراكش والسويسي ووجدة وفاس، وكليات الآداب في الجديدة وبني ملال ومراكش، وعرف حضور قرابة مائتي طالب من الجامعات المذكورة ومن جامعات بمصر والجزائر وتونس وموريتانيا وعمان.