هي رسائل كثيرة حملها الشعب المغربي إلى الشعب الفلسطيني ومنه إلى باقي شعوب العالم وأحراره، وهو ينظم مسيرته التاريخية تضامنا مع شهداء أسطول الحرية وتنديدا باستمرار الحصار الظالم على غزة واحتفاءا بأبطاله ممن شاركوا في القافلة الإنسانية وتجديدا منه للعهد على الانخراط في مسيرة الحرية لفك الحصار، وذلك في ظرفية تاريخية واستثنائية تمر بها قضية فلسطين مغربيا وعربيا وإسلاميا وعالميا. أولى هذه الرسائل حملها اختلاط الأعلام المغربية والفلسطينية في مسيرة الرباط في رسالة تنبيه لكل من راهن على فصل المغرب عن القضية الفلسطينية، ومعه رسالة تذكير بأن نبض الشعب المغربي لا يختلف عن نبض الشعب الفلسطيني، وأنهم جسد واحد في مواجهة العدوان الصهيوني ومواجهة التوطؤ الدولي، وأن القضية الفلسطينة قضية وطنية لا مجال للمزايدات السياسة والفئوية والحزبية الضيقة فيها، وأنها القضية المحركة والموحدة للشعب المغربي التي يعمق من خلالها وطنيته وإنسانيته ضدا على المشروع العنصري والاستعمار الصهيوني. أما ثاني الرسائل، فقد حملتها لمسيرة الرباط المسيرات التي خرجت في العالم، حيث أدت المجرزة الصهيونية إلى يقظة عالمية فاقت في حجمها ومداها أهداف قافلة أسطول الحرية، وأهمها استعادة القضية الفلسطينية لعمقها الإنساني وبعدها العالمي لتصبح عنوانا يلتقي في إطاره كافة أحرار العالم وشرفاؤه، وتقدم بذلك رسالة تنبيه وتذكير لكل من وهن أو تراجع من أن للقضية رجالها ونساؤها في العالم وليس فقط في المغرب أو ي هذا البلد أو ذاك. ثالث الرسائل البليغة كانت الدعوة الصريحة لصيانة وحدة الشعب الفلسطيني والاستلهام من الخروج الوحدوي لكافة مكونات الشعب المغربي وتراجع الشعارات الفئوية لمصلحة الشعارات الجامعة والموحدة التي تعلن رفض الحصار ومناهضة العدوان وإدانة التطبيع، وذلك في لحظة ناذرة من لحظات الإجماع المغربي دون إقصاء لهذا الطرف أو ذاك أو سعي لاستثناء هذه الجهة أو تلك، ذلك أن المغرب مثل غيره من دول المنطقة شهد استهدافا متزايدا لضرب التقارب بين القوميين والإسلاميين خصوصا، و بين مكوناته السياسية والجمعوية والمدنية عموما، وهو استهداف سعى إلى تحجيم موقع القضية الفلسطينية في الأولويات الوطنية، وهو نفسه الاستهداف الذي يتم على مستوى فلسطين وباقي العالم، وكانت مسيرة الرباط ومعها باقي المسيرات العالمية جوابا واضحا عن فشله الذريع. إن الذي نظر أول أمس إلى بكاء كورية في مسيرة سيول تنديدا بالحصار يقف على دليل جديد عن عمق الهزيمة الأخلاقية والحضارية للمشروع الصهيوني، وعلى مدى استفحال إفلاسه التاريخي الذي يجعل من كل اصطفاف إلى جانبه اصطفافا إلى جانب العنصرية والظلم، وكل وقوف ضده وقوفا من أجل العدل والسلام. لقد حقق أسطول الحرية هدفه في تكسير الحصار والانخراط العالمي المكثف بعد مجرزة الحرية عنوان لعهد عالمي في طور التشكل انطلق من غزة وامتد إلى باقي العالم.