وهم الاستثمار يطيح بسيدة وابنتها    احتفالات عالمية بعيد ميلاد توأمي الباندا في هونغ كونغ    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    الشرطة القضائية توقف طبيبة بمدينة البئر الجديد متلبسة بتلقي رشوة    إيقاف المتهم الرئيسي في محاولة سطو على وكالة بنكية ببني أحمد.. وإصابة عنصر من الدرك الملكي    شابان ينجحان في العبور إلى سبتة على متن "جيت سكي" للكراء    الملك محمد السادس يصدر تعليماته بإرسال مساعدات إنسانية إضافية لفائدة ساكنة غزة    "غوغل" تضيف تحديثات إلى تطبيق الترجمة    إسبانيا.. توقيف عنصرين موالين ل"داعش" بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    إسبانيا تطيح بشبكة تجنيد دواعش بتعاون استخباراتي مع المغرب        الدرك الملكي بمولاي عبد الله ينقذ قاصراً تائهاً بعد انتهاء موسم مولاي عبد الله    "البيجيدي" يدعو الحكومة إلى استحضار الدستور والاختيار الديمقراطي في إعداد برامج التنمية الترابية    الذهب يستقر قُبيل "جاكسون هول"    مهرجان "أصوات نسائية" يختتم مرحلته الأولى وسط أجواء احتفالية    فاس تواصل جذب السياح وتحقق نموا مستمرا في النشاط الفندقي    الجزائر تتأهل إلى ربع نهائي "الشان"    مقر "المينورسو" بالعيون يتحول إلى وجهة لوفود دبلوماسية بشأن الصحراء    ترامب: أمريكا ضالعة في أمن أوكرانيا    سعد لمجرد يعود لمعانقة الجماهير المغربية عبر منصة مهرجان القنيطرة في سهرة استثنائية        "بي دي اس": وضع أسيدون تحت جهاز التنفس الاصطناعي وحالته الصحية خطيرة رغم استقرارها    ملحمة الخلود ثورة الملك والشعب    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة تنعي الروائي الكبير صنع الله إبراهيم    المغرب.. حين تُحلّق الطائرات محمّلة بالحياة نحو غزة    البكوري ينقذ المغرب التطواني بدعم مالي جديد تبلغ قيمته حوالي مليار سنتيم    سبتة ومليلية تشهد جدلاً حول حظر النقاب.. وفاطمة هامد تعلق    تحذير من موجة حر مصحوبة ب"الشركي" وزخات رعدية ورياح قوية من الاثنين إلى الأربعاء بعدد من المناطق    مسؤول بحماس: الحركة أبلغت الوسطاء بموافقتها على أحدث مقترح لوقف إطلاق النار بغزة    مهرجان الشواطئ يواصل جولته ويشعل مرتيل والناظور والسعيدية    نجم المنتخب الوطني يلتحق رسميا بالدوري السعودي    إنجاز طبي.. خلايا بنكرياسية تُنتج الأنسولين لمريض السكري    أكبر مناورات بحرية في العالم تعزز الشراكة بين المغرب والولايات المتحدة    دراسة علمية تكشف وجود علاقة بين المعدة والصحة النفسية    الأزمة تضرب السوق العقار بالمغرب.. ركود كبير في المبيعات والأسعار ظلت مستقرة    بما في ذلك الناظور.. 19 مدينة مغربية تتجاوز 40 درجة وموجة حر استثنائية مستمرة    دراسة: حماية الحاجز الدموي الدماغي قد تحد من التدهور الإدراكي لدى المسنين    الواجهات الزجاجية للمكاتب تفاقم معاناة الموظفين في ظل موجات الحرارة    احتياطي المغرب من العملات الصعبة يسجل رقما قياسيا جديدا    الهزيمة أمام خورفكان تنهي مسيرة الحسين عموتة مع الجزيرة    المغرب ‬الواثق ‬المطمئن ‬الصامد ‬والجزائر ‬المذعورة ‬المصدومة ‬    لفتيت يوجه الولاة والعمال لإعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية    فتيان الدراجة المغربية يعودون بفضية من ليبيا            "خيرونا" يجهّز عرضًا جديدًا لأوناحي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    دراسة: العنف يرفع خطر إصابة المرأة بأمراض القلب والأوعية    كأس آسيا لكرة السلة: المنتخب الأسترالي يتوج باللقب على حساب نظيره الصيني    الصحافة من بوابة الثقافة في ذكرى رحيل غلاب    "سينما الشاطئ" تحل بطنجة وتحتفي بالإبداع المغربي في الهواء الطلق    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوفاء بالمعروف ومكافأة أهل المعروف
نشر في التجديد يوم 23 - 01 - 2012

الوفاء بالمعروف من الأخلاق الكريمة التي زكاها الإسلام، والتي رغب فيها المسلمين، حتى يكثر المعروف فيما بين الناس، ويُشكر أهل المعروف، وينتبه للمعروف...ويحضرنا هنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال فيه: «من أتى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه»(أبوداود والنسائي).
فالمعروف هو ما يدور معناه غالبا على ما تعارف عليه الناس وعلموه ولم ينكروه، والمنكر، هو ما يدور معناه غالبا على ما جهله الناس واستنكروه وجحدوه... والمعروف أيضا ما أقره وحسنه الشرع والعقل والعرف، والمنكر ما قبحه الشرع والعقل والعرف.
توجد عند المسلمين قناعة راسخة أن فعل الخير وإنتاج المعروف إنما يكون بهدف ابتغاء وجه الله تعالى، مصداقا لقول الله تعالى في سورة الانسان: «إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا» ذهب الإمام القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرآن» لهذه الآية إلى أن معنى «لا نريد منكم جزاء ولا شكورا»: أي مكافأة. ولا شكورا أي ولا أن تثنوا علينا بذلك ; قال ابن عباس: كذلك كانت نياتهم في الدنيا حين أطعموا . وعن سالم عن مجاهد قال : أما إنهم ما تكلموا به ولكن علمه الله - جل ثناؤه - منهم فأثنى به عليهم ; ليرغب في ذلك راغب . وقاله سعيد بن جبير حكاه عنه القشيري. وقيل : إن هذه الآية نزلت في مطعم بن ورقاء الأنصاري نذر نذرا فوفى به . وقيل : نزلت فيمن تكفل بأسرى بدر وهم سبعة من المهاجرين: أبو بكر وعمر وعلي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأبو عبيدة رضي الله عنهم.
وعلى غرار هذه القناعة في التأدب مع الله وإخلاص النيات إليه سبحانه وتعالى في الأعمال والأقوال، يبقى واجب التأدب أيضا مع من أحسن إلينا وقدم إلينا معروفا، هو الآخر مقصود الحديث الشريف: «من أتى إليكم معروفا فكافئوه»، حيث ذهب مجموعة من شراح هذه الحديث إلى مشروعية المكافأة، لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، فالإنسان إذا أحسن إليه ولم يكافئه يبقى في قلبه نوع تأله لمن أحسن إليه، فشرع قطع ذلك بالمكافأة، حتى يتخلص القلب من إحسان الخلق، ويتعلق بالحق.
ان المكافأة هي نوع من الشكر، ومقام عال من مقامات ذكر النعم، وتذكر المُنعِم الذي هو سبحانه وتعالى، فهو الذي سخر بعضَنا لبعض، وجعل بعضَنا يخدم بعضنا، وهذا كله من رحمته وكرمه لهذا الإنسان.
وحتى لا ينقطع حبل المعروف بين الناس، كان الحض والترغيب في مكافأة من أحسن إلينا، إما بمثل ما أحسن به إلينا، أو بالدعاء والثناء له في حالة عدم القدرة. ومقتضى ذلك أنه رأى في نفسه تقصيرا في المكافأة لعدم القدرة عليها، فأحالها إلى الله والتوجه إليه وهو نعم المجازي والمكافئ سبحانه وتعالى. فالمسلم المستقيم لا يكون شاكرا لله حتى يكون معترفا لأهل الفضل، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يشكر الله من لا يشكر الناس (مسند الإمام أحمد)
معروف الوالدين على معروفهما
وردت كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة تحض على طاعة الوالدين وهي أدنَى مراتب برّ الوالدين، وإنّما النّصوص جاءت تأمر وتذكّر بالإحسان إليهما، وتوصِي ببرّهما، وهو قدْرٌ زائد بلا ريب على الطّاعة. إن مكافآة الوالدين والوفاء بمعروفهما، يعني الإحسان إليهما في حياتهما بالمال والجاه والنفع البدني، بمعنى مصاحبتهما بالمعروف، يقول الله تعالى: «وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا» وأما بعد موتهما فتكون مكافآتهما بالدعاء لهما والاستغفار لهما، وإنفاذ وصيتهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا صلة لك بها إلا بهما. وأقول للوالدين جزاكم الله خيرا.
معروف من علمني ورباني
إن مقتضى المكافآة لمن علمني ورباني تكون بالشكر اللساني والدعاء والثناء، وهو أقل ما يقدمه المرء مكافأة لمن أحسن إليه ووفاء لمن علمه حرفا، ورباه وأخذ بيديه في تدرج مسالك التربية والتعليم حتى وصل إلى ما وصل إليه، فالشكر هنا مطلوب، واعتراف بالجميل، ولمن أسدى إلينا معروفا.
وهو بنفس المنطق، نكافئ بلساننا وندعو لكل من وقف وراء ذلك الأستاذ أو المعلم في ذلك القسم أو تلك المدرسة، من إدارة ووزارة ودولة وكل من أعطى جزء من ماله لفائدة خزينة الدولة، فبسبب تعاون هؤلاء جميعا وغيرهم كثير، تعلمت وتربيت... لكل هؤلاء أنا مدين لهم بالشكر والثناء، والاعتراف بجزيل العطاء، وأقول لهم جزاكم الله خيرا.
معروف العامل والمستخدم والموظف
تكون مكافآة هؤلاء بالأجر المناسب لعملهم، وأدائه في وقته، فالوفاء بمعروف هؤلاء الناس تكون بمقابلة معروفهم واتقانهم لعملهم ووظائفهم، بمعروف أكبر وأقوى، لقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في سرعة إعطاء الأجير حقه فقال: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه (ابن ماجة)، دون أن يجحده حقه، ولا أن يبخسه فيه فلا يعطيه إياه كاملا وينقص منه دون حق، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا وأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره (رواه البخاري). ونفس المنطق يفرض نفسه على هذا العامل والمستخدم والموظف بأن يكافئ رب عمله بالإتقان والانجاز الحسن، وألا يغش في عمله، وألا يأخذ رشوة على عمله كيفما كانت صورها ومسمياتها، وأن يسعى في عمله كما يسعى الرجل في حر ماله وعمله، حتى يمككنا أن نقول لهؤلاء جزاكم الله خيرا.
معروف من كانوا في خدمتنا
أجد في نفسي كثيرا من الخلجات التي تجعلني أتنفس الصعداء حينما أتذكر جاري العزيز، وما يقوم به من أعمال في غيبتي ورعايتي لمصالحي في غيابي، وأتساءل مع نفسي ألا يستحق هذا الجار العزيز، أن يكافأ، ولو بالدعاء... وأتذكر ذلك الميكانيكي الذي حينما أذهب إليه لا يبخل علي بنصائحه القيمة، وأشعر معه دائما أنه صادق في عمله وتدخلاته... وتلك الجمعية التي حضنت لي ابني ورعته وصاحبته وأطرته، وسهرت على تربيته ما لم استطع أنا القيام به... وتلك المكتبة التي تفتح أبوابها في وجه العموم طيلة الأسبوع، لكي أتلقى علما وأتزود معرفة... وذلك الصحفي الذي يتكبد العناء ويتعب البدن والعقل في تنوير الرأي العام ويسهم في بناء مجتمعه بطريقته الخاصة...وذلك الرئيس، نعم رئيس المجلس البلدي الذي كان في خدمة سكان جماعته، يتفقد غائبهم، ويمشي في حوائجهم، ويقضي مصالحهم وفق ما تتيحه له الظروف والإمكانات، فشعرت أنه صادق في فعله وقوله... ورئيس الحكومة... لكل هؤلاء أجدهم يستحقون المكافأة بالمعروف، والتواصي معهم بالمعروف، والتواصل معهم بالمعروف، وأفضل معروف عند هؤلاء هو الدعاء لهم والثناء على عملهم، وذكر آثارهم، والنصح لهم... فهذا هو عين المعروف الذي يتعين علينا جميعا أن ننخرط في إنتاجه، وأن نخصص اعتمادات لدعم الاستثمار في صناعة المعروف ورواجه بين الناس حتى يتغلب على المنكر ونوازعه فينا نحن؛ أو في غيرنا...فالوفاء بالمعروف من شيم العظماء والكبراء، والدعاء لهؤلاء من شيم العظماء والكبراء، فنحن نقول لكل من أحسن إلينا ولأولادنا ولمجتمعنا، ولمدرستنا، ومستشفانا، وإدارتنا، ومصنعنا، ولسياساتنا العمومية... جزاكم الله خيرا، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أولى معروفا أو أسدى إليه معروف فقال للذي أسداه جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.